أَخاكَ أَخاكَ إِنَّ من لا أَخاً لَه
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
كلنا نعرف هذه الأبيات التي أنشدها الشاعر (مسكين الدارمي):
أَخاكَ أَخاكَ إِنَّ من لا أَخاً لَه
كساعٍ الى الهيجا بغير سلاحِ
وإِن ابن عم المرء فاعلم جناحُه
وَهَل ينهضُ البازي بغير جناح
ربما كانت هذه هي الصورة السائدة لرابطة الأخوة في القرون الماضية، لكننا اصبحنا نتعامل اليوم مع تصنيفات جديدة لروابط أسرية وعشائرية هشة توزعت على الفئات التالية:-
. وفئة تنصر الاخ المظلوم ولا تنصر الأخ الظالم، وهي فئة قليلة متعقلة متمسكة بقواعد العدل والإنصاف. تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر. . وفئة ثالثة اختارت الدفاع عن الإخوان بالكلمات والاحتجاجات الصوتية وما إلى ذلك من المواقف التي تختفي فيها الأفعال وترتفع فيها وتيرة الأقوال. . وفئة رابعة اختارت الصمت المطبق، وكأن الأمر لا يعنيها ولا يخصها، فاكتفت بالوقوف موقف المتفرج، واحيانا تنظر إلى المشهد من ابعد المسافات. . وفئة خامسة ألغت روابط الأخوة، واختارت الوقوف مع الشامتين والساخرين والمستهزئين وسارت في ركاب حملاتهم المغرضة. . وفئة سادسة تضم جماعة تعمدوا الاساءة، واعلنوا الحرب ضد شقيقهم، فاختاروا التحريض ضده والانتقام منه، على الرغم من انه لم يكن سيئا معهم، بل كان من اقوى الداعمين لهم، وفي طليعة المدافعين عن حقوقهم، لكنهم خذلوه، وتنكروا له، واعلنوا عليه الحرب بكل الأسلحة الغادرة. .
فما أصعب الطعن في الظهر من الأخ وابن الاخ وابن الأخت. لا ريب ان هذا النوع من الطعن هو أقسى من غدر الزمان والأيام. وأن أبشع أشكال الخيانة هي عندما تأتيك من أناس لا تتوقع منهم شيئاً سوى السند والأمان. ولكن اشدها قسوة وبشاعة عندما تأتيك الطعنات من الأخ الخسيس والنذل والتافه الذي لا قيمة له بين الناس. .
كلمة اخيرة: تعلمت بعد خذلان موجع. أن لا أحد يحفظ سري كما كنتُ أرجو، وأن البوح باب للخذلان، مهما كانت العلاقة الاخوية عميقة. أخفيت كل ما يؤلمني، وصرت أبتسم بصمت. وأنا أحمل فوق قلبي آلاف الانكسارات. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
محاولة اسقاط فكرة الدولة والهوية
ان كان هناك بصيص أمل في ان نستعيد الدولة والهوية ، التي تفككت بسبب قوى الصراع، من مناطق وسلالات وقبائل ورايات (اعلام)، حتى جعلت من الوطن خرقة بالية يتنازعها الجميع، فجريمة اعتقال الشيخ الكازمي إمام وخطيب مسجد ساحة المنصورة، فجر يوم الخميس، بطريقة واسلوب المافيا( العصابات) لا توحي ان من امر باقتحام المسجد في وقت الصلاة الفجر رجل دولة، ولا القوة المقتحمة تمثل أمن الدولة.
الحقيقة ان الدولة اغتيلت بتشكيلات عسكرية لا تمثلها، ولا تواليها، بل تمثل من يدفع لها ومن شكلها بتشكيل مناطقي قبلي ومذهبي، أي تشكيل عسكر القبيلة والمذهب، وعسكرة القبيلة يأتي في اطار ضرب مفهوم الدولة المدنية التي ينشدها العامة من الناس، فالقبيلة مثخنة بالثأر، والمذهب مبتلى بالاختلاف، وعسكرتهما لغرض ترسيخ حالة الثأر الاجتماعي والسياسي الذي اتخذ من القبيلة وسيلة حسم معاركه القديمة مع الاخر، وهذا ما شهدناه في التصفيات الجسدية منذ الاستقلال حتى حرب 94م ، واتت حرب 2015م لترسخ الصراع العقائدي صراع المذاهب.
كل هذا من اجل اغتيال الدولة، بشواهد ان الشرعية التي كانت تحكم برئيس منتخب، صارت اليوم تحكم بثمانية رؤوس، تمثل القوى العسكرية المسيطرة على الاراضي، وهي الارضي الذي يتم اعدادها لتقسيم اليمن لكنتونات ضعيفة وهشة، بدون سلاح يحمي سيادتها، وبدون قرار وطني يعزز من مكانتها بين الدول، والهدف كنتونات مغتصبة، تديرها قوى مرتهنة للمغتصب، والهدف هي الارض البكر وما تحمله في باطنها من ثروة.
يمكن القول ان الحرب مع الحوثي انتهت، لتتحول لحرب في مواجهة فكرة الدولة اينما كانت، وفكرة وحدة الصف و وحدة الامة، هذه الحرب لا تحتاج لغير اعلام يروج للمزيد من الصراع المناطقي والمذهبي ، ليحول البلد لمناطق وهويات متناحرة، وهذا ما يحتاج لناشطين يعرفون من اين تؤكل كتف الوطن، والنتيجة انقسام مجتمعي حاد، وصراع بيني مدمر، انتج لنا لوبي من اللصوص والمنتفعين والفاسدين، ومجتمع مسحوق وناس محبطة، ومجتمع مدني مروّض، يتلقى الصفعة تلو الصفعة دون ان يوحد كلمته في مواجهة ما يحدث، ويشكل نخبة تؤمن بالوطن وحدته وسيادته، حتى صار الوطن يباع قطعة قطعه في سوق العمالة والارتزاق.
بدأ السقوط عندما سقطت راية الوطن، وكلا بدأ يبحث في الماضي عن بقايا راية منتهية الصلاحية ، وعندما سقط الوعي الوطني ليستبدل بالوعي المناطقي ، وثقافة الكراهية والعنصرية ، لتعرض الارض للبيع( خذوا الجنوب تبعكم ونبصم لكم بالعشر)، وعندما تم اقصاء كل مسؤول وطني رفض الانخراط في البيعة، ورفع راية السيادة، واستبدل بمسؤول تمرد على الدولة، وتماهى مع صفقة بيع الوطن، من تسليم الجزر وتعطيل المرتكزات الاقتصادية، وتشكيل تشكيلات عسكرية تتقاسم الارض وايرادات الدولة وتفرض الجبايات والاتاوات، ولا تعترف بمؤسسات الدولة ومصب ايراداتها البنك المركزي، حتى صار كل من تماهى مع المؤامرة مسؤولا تنفيذيا وسياسيا، يعيش واسرته خارج الوطن في نعيم الفساد والمال الحرام، والناس في الداخل تصارع الفقر والجوع والمرض، تصارع الحمى والظمأ.
عندما تحول السلاح من رمز لتحرير الارض، لأداة لاحتقار الدولة ، وحماية الاطماع والفاسدين والمرتزقة، عندما اصبح بعض رجال الامن مجرد كلب حراسة لكبار الناهبين وبياعي الارض والعرض.
بعد ان ضاقت الحياة بالناس وبلغت القلوب الحناجر، كان لابد لهم ان يتظاهروا رافضين لسياسة التجويع، والفشل المؤسسي وغياب الخدمات الضرورية، والمطالبة بحقوقهم المكفولة، وكان المتوقع ان تجد تلك التظاهرات صدى، والذي حدث انها قمعت، وتصدى لها رجال الامن والتشكيلات التي يفترض انها في خدمة الشعب ، مما يؤكد انها تشكيلات لا وطنية، وجدت من اجل ان تحمي الاطماع وادوات الارتزاق والتبعية، تحمي الفساد والناهبين للثروة وبياعي الارض، وتضرب بيد من حديد من يصرخ وجعا مما يحدث، وتدوس على الفقراء والجياع.
مع التأكيد ان ارادة الجماهير لا تقهر، وان بدأت التظاهرات صغيرة لكنها مؤثرة ستكبر وتكبر حتى تصير طوفان جارف، سيجرف كل هذا العبث وادواته المصطنعة، طوفان لن يستطيع ايقافه لا سلاح ولا طقم ولا مدرعة عسكرية، ولا ونان وهراوة، كلها ستسقط امام غضب الجماهير ، كما قال ابو قاسم الشابي
(إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.. ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي • ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ)
فلن تنفع كل تلك المظاهر المسلحة والاقتحامات للبيوت والمساجد والاسواق، بل ستكون وابلا على اصحابها ،وسيكون النظام والقانون هو السائد، وكلا سيتحسس رقبته حينما يأتي الانصاف وان غدا لنظارة لقريب