البلد دي ماشة وين
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
البلد دي ماشة وين
حيدر المكاشفي
البلد دي ماشة لي وين والحرب حتنتهي متين، سؤالان ظل يصفعني بهما كل من يعلم اشتغالي بالصحافة، ويظن وبعض الظن (ماسورة) أنني بسبب هذه الشغلانة من العالمين ببواطن الحرب والمطلعين على خفايا (الامور)، وهذه الاسئلة وغيرها أصبحت من متلازمات الحياة اليومية في السودان، تواجهك اينما حللت واتجهت في الشوارع والاسواق وفي الأفراح وفي الأتراح، بل وحتى كمدخل تعارف من أناس تلتقيهم لأول مرة.
الشاهد ان البعض يعتقد خاطئاً ان استمرار الحرب حتى الحاق الهزيمة الساحقة بالمليشيا بل وافنائها تماما، هو نهاية لكل اوجاع البلد واسقامها وكوارثها وأزماتها، وان السودان بعد ذلك سيستشرف اوضاعا عامرة بالرخاء والنماء والاستقرار والاعمار، ولكن يغيب عن هؤلاء ان الازمة التي صنعت هذه الحرب، هي في أسها واساسها أزمة سياسية، وان الحرب انما هي نتيجة طبيعية لهذه الأزمة السياسية، وأن الحرب كانت أهم تجليات تلك الأزمة السياسية الخانقة، ولن تزول مشاكل البلاد وازماتها المختلفة وكوارثها إلا بمعالجة الأزمة السياسية، كما لا بد من استصحاب الواقع الحالي بكل تعقيداته وارثه السلطوي الذي ما زال يزيد الأزمة السياسية تصعيداً، واذا ما كنا جادين في حل الازمة السياسية وتجاوزها وصولا لحل كل المشكلات والازمات الاخرى اقتصادية كانت أو أمنية أو اجتماعية وحتى ثقافية، هناك قضيتين أساسيتين لن يتم تجاوز الازمة السياسية دون أن يتحققا، أولى القضيتين هو الوفاق الوطني، ولن يتحقق الوفاق الوطني الا في وجود دولة يشارك الجميع في صناعتها ويعمل على إدارتها الناس بمختلف فئاتهم وأفكارهم ومواقعهم وتعدد رؤاهم فهذا شرط وجوب لن يتم أي علاج لأزماتنا في غيابه، وثاني القضيتين هو التعايش السلمي وهو ما يتطلب إنهاء سيناريو الحروب وإزالة الاحتقان السياسي السائد، ولن يستطيع اقتصاد الوطن المنهك والهش الان أن يتحمل تبعات حرب تبتلع كل إمكانات الدولة المالية فتأكل الحرب الموارد وتطالب بالمزيد، والقتلى يتساقطون والمرافق العامة تدمر وفاتورة الإنفاق الأمني تتصاعد وما زالت الحرب حبلى تلد كل يوم عجيب. ففي حالة الاحتقان والاستقطابات الجارية الآن والتي بلغت مداها، والانقسام الذي ضرب كافة فئات المجتمع، يبقى الاهم اليوم هو البحث عن الحكمة الغائبة حتى الآن، الحكمة المطلوبة لحل أيما مشكلة أو قضية عن طريق التفاوض والتراضي والاتفاق وليس أي أسلوب غيرها، فتلك هي خبرة البشرية ودرس التاريخ وسنته الماضية، فلا أقل من أن نعتبر بها، ولهذا سنظل دعاة تلاحم وتلاق وطني، ولن ندعو لشحن النفوس وازكاء ما يفرق حتى يعم الخراب كل الأنحاء والأرجاء، فحاجة البلاد الآن إلى حكماء يطببون جراحها وليس حكامات يزيدون حريقها بل اطفائيون يعملون على التهدئة لا الشعللة، ويعنَّ لي هنا أن أتساءل ببراءة وطنية خالصة عن مدى إمكانية افتراع طريق ثالث مؤداه، الشعب لا يريد شيئاً غير أن يأتلف الجميع ويلتقوا في رحاب الوطن الكبير، ويجمعوا على كلمة سواء تستوعب الكل بلا إقصاء لكل راغب بصدق وجدية في التغيير ولم يتلوث بفساد ولم تتلطخ يداه بدم، وذلك بأن يتوافقوا على برنامج حد أدنى يلملم شتات البلاد أولاً ويعصمها من الانزلاق إلى مآلات التشرذم والتفتت، التي انزلقت اليها بعض دول الجوار، ويستجيب ثانياً للمطلوبات الأساسية التي طالب بها ثوار ديسمبر وتحتاجها عملية بناء أمة هي بكل المقاييس لا تزال تحت التكوين وبناء دولة تحتاج الكثير حتى تقف على رجليها كتفاً بكتف مع من سبقنها في مجالات التطور والبناء، وهذه مهمة شاقة حتى ولو توافر عليها الجميع بروح النفير دعك من جماعة واحدة مهما ادَّعت من قدرات وملكات، فالحاجة الحقيقية والماسة التي تحتاجها البلاد بأعجل ما تيسر ليست هي – بأية حال – الصراعات والاستقطابات والمكايدات والمماحكات والتكتيكات والتلاعب بالشعارات، بل الحاجة إلى أن نوجد أولاً وطناً متماسكاً بوحدته الوطنية وقوياً ببنيته الأساسية، لا أن ينخرط السياسيون وينغمسوا في صراع وملاسنات حول لا شيء، فما يسود الساحة ويسوّد المشهد الوطني الآن من هرج ومرج واختلافات وانشقاقات حتى بين أهل التوجه الواحد والتنظيم الواحد والحزب الواحد، في الوقت الذي تفتقر فيه البلاد لأبسط الخدمات الضرورية والتي إن وجدت لن يجد الكثيرون المال الذي يوفرها لهم، فذلك لا يبني وطناً بقدرما يهدم حتى القليل الموجود وبرنامج الحد الأدنى المطلوب صياغته والالتفاف حوله ليس شيئاً عصياً إذا ما خلصت النيات وتوفرت العزائم وخلت النفوس من الأطماع الحزبية والتطلعات الشخصية، وليس هو مما يمكن أن يثير حفيظة أحد أو يتسبب في تحفظ جهة، وإنما بالعكس تماماً فهو برنامج يشكل البؤرة التي يلتقي حولها الجميع، فمن ذا الذي يعارض أو يتحفظ على برنامج تقوم سداته على مشاركة الجميع في حكم وإدارة شؤون بلادهم، ويجعل أي مواطن يشعر بأن نظام الحكم القائم يمثله وله فيه نصيب، ولحمته التنمية والنماء والتطور وحل المشاكل التي أضحت مزمنة منذ عهد الاستعمار، واجتثاثها من جذورها، وليس أدلّ على الخيبة التي نعيشها، من هذه المشاكل المتكررة بذات اسمها مع الزيادة المضطردة في حجمها عاماً تلو عام منذ عام الاستقلال والى الآن، وكأنما قدر هذه البلاد أن تظل تراوح مكانها وتدور في حلقة مفرغة، ومن بعد الفراغ من هذه المهمة الوطنية الجليلة والعظيمة فليطبق من شاء البرنامج الذي يشاءه محمولاً بإرادة الجماهير وليس مجنزرات الدبابات، فهل هذا عصي أو عسير أم أنه برنامج طوباوي خيالي مثالي لا حظّ له إلا في دولة من الملائكة؟.
الوسومالحرب السودان المليشيا الهزيمة حيدر المكاشفي خفايا الأمور
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحرب السودان المليشيا الهزيمة
إقرأ أيضاً:
استطلاع رأي يكشف تحولات كبرى في الخريطة السياسية التركية
أنقرة (زمان التركية) – أظهرت نتائج استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة “ORC” للأبحاث تحولات سياسية كبيرة في خمس من أكبر الولايات التركية.
حيث تمكن حزب الشعب الجمهوري المعارض من تعزيز مواقعه على حساب حزب العدالة والتنمية الحاكم. وجاءت هذه النتائج لتكشف عن ديناميكيات جديدة في المشهد السياسي التركي قبيل الانتخابات المحلية المرتقبة.
وسجل الاستطلاع مفاجأة كبيرة في مدينة أضنة، التي كانت تعتبر من أبرز معاقل تحالف “الشعب” المعارض. فقد تمكن حزب الشعب الجمهوري من قلب الطاولة ليتصدر بنسبة 32.5% مقابل 27.4% لحزب العدالة والتنمية. هذا التحول يكتسب أهمية خاصة نظراً لأن أضنة كانت قد صوتت لصالح الحزب الحاكم في انتخابات مايو 2023، مما يشير إلى تغير جوهري في توجهات الناخبين.
وأظهرت نتائج الاستطلاع في ملاطية تطوراً دراماتيكياً، حيث تقلص الفارق الكبير الذي كان لصالح حزب العدالة والتنمية من حوالي 40% في الانتخابات السابقة إلى 12% فقط حالياً. فبينما حصل الحزب الحاكم على 37.1% من الأصوات، جاء حزب الشعب الجمهوري خلفه بنسبة 25%، في مؤشر على تآكل القاعدة الانتخابية التقليدية للحزب الحاكم في هذه المنطقة.
تفوق المعارضة في الولايات الساحلية
حافظ حزب الشعب الجمهوري على تفوقه الواضح في المدن الساحلية الكبرى، حيث سجل:
في إزمير: 44.5% مقابل 21.8% للحزب الحاكم
في أنطاليا: 37.8% مقابل 26.1%
في مرسين: 35.3% مقابل 22.4%
في أضنة: 32.5% مقابل 27.4%.
Tags: "الشعب الجمهورياستطلاع رأيتركياحزب العدالة والتنمية