عشرات الضحايا بإيران بثاني أيام الحرب وطهران تؤكد إسقاط مقاتلتين ومسيرات
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
شنت إسرائيل اليوم السبت سلسلة هجمات متفرقة على مجموعة من الأهداف في مناطق عدة بإيران، وسط تهديد إيراني بهجمات مدمرة على إسرائيل، وجهود دبلوماسية إقليمية ودولية مكثفة لتلافي مزيد من التصعيد.
وأدت الهجمات الإسرائيلية في إيران إلى مقتل العشرات في أحدث فصول التصعيد العسكري المتبادل بين طهران وتل أبيب، والذي دخل يومه الثاني وسط خسائر بشرية ومادية متزايدة.
ففي محافظة أذربيجان الشرقية، أكد المحافظ بهرام سرمست مقتل 31 شخصا، بينهم 30 جنديا وموظف في الهلال الأحمر، في هجمات إسرائيلية استهدفت 19 موقعا في عموم المحافظة، بينها 12 موقعا في مدينة تبريز.
وأضاف في تصريح للتلفزيون الرسمي أن "الكيان الصهيوني نفّذ اليوم (السبت) هجمات على 19 نقطة مختلفة في عموم المحافظة"، أدت إلى مقتل 30 جنديا، إضافة إلى أحد موظفي الهلال الأحمر، وإصابة 55 شخصا بجروح".
ولاحقا، أعلن الهلال الأحمر الإيراني، السبت، مقتل اثنين من الكوادر الطبية باستهداف إسرائيلي لسيارة إسعاف بمحافظة أذربيجان الغربية الإيرانية (شمال غرب).
وفي وقت سابق، أكدت إيران مقتل 60 مدنيا في استهداف مجمع سكني في طهران، بالإضافة إلى اثنين من قادة هيئة الأركان.
إعلان
حقل بارس
وفي تطور آخر، أكدت وسائل إعلام إيرانية -اليوم السبت- أن حريقا اندلع في حقل بارس الجنوبي للغاز بمحافظة بوشهر (جنوب البلاد) إثر ضربة إسرائيلية للبنية التحتية للطاقة، قبل أن تعلن السلطات الإيرانية لاحقا عن إخماد الحريق.
وأفادت وكالة تسنيم للأنباء بتعليق إنتاج الغاز في جزء من حقل بارس الجنوبي الإيراني، وهو أكبر حقل للغاز في العالم، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي.
ويمثل قصف الحقل تصعيدا كبيرا في الصراع الذي دفع بالفعل أسعار النفط للارتفاع 9% أمس الجمعة، رغم عدم مهاجمة إسرائيل لقطاع النفط والغاز الإيراني في اليوم الأول لحملتها.
ويقع حقل بارس الجنوبي للغاز على الخليج العربي قرب الحدود البحرية مع قطر. وأدى الهجوم إلى اندلاع حريق واسع في المرحلة الرابعة من مصفاة بارس، بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو نُشرت على منصات محلية.
وبحسب مقاطع متداولة، فإن ألسنة اللهب تصاعدت من محيط المصفاة، بعد قصفها بطائرة مسيرة، وسط استنفار واسع لأجهزة الطوارئ.
ولاحقا أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بتفعيل الدفاعات الجوية في محيط بندر عباس، أهم موانئ البلاد الواقع في جنوبها، مع مواصلة إسرائيل ضرباتها على الجمهورية الإسلامية لليوم الثاني.
وقال التلفزيون إنه "تم تفعيل الدفاع الجوي في بندر عباس للتصدي لمسيّرات صغيرة"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
إسقاط مقاتلتين ومسيرات
وأفادت القناة باعتراض "10 مسيّرات إسرائيلية معادية في مناطق مختلفة" من البلاد.
وقبل ذلك، كانت السلطات الإيرانية أكدت إسقاط 3 طائرات مسيّرة إسرائيلية في سماء محافظة قم وسط البلاد.
كما أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن قوات خاصة في الجيش الإيراني ألقت القبض على طيار إسرائيلي بعد إسقاط طائرته، في حين أكد الجيش الإيراني في وقت سابق، أنه استهدف مقاتلة "إف-35" إسرائيلية غربي البلاد، وأن الطيار قفز بمظلته، بينما تستمر الهجمات الإسرائيلية على مناطق مختلفة في إيران.
إعلانوكان الجيش الإيراني أعلن -أمس الجمعة- أن "قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش أصابت ودمرت بنجاح طائرتين مقاتلتين إسرائيليتين من طراز إف-35 وعددا كبيرا من الطائرات المسيّرة".
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، سمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم استباقي وجاء بتوجيهات من المستوى السياسي، في حين أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العملية غير المسبوقة تهدف إلى ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى.
وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، بلغ عدد موجاتها حتى الآن 6، مما أدى -بحسب وسائل إعلام عبرية- إلى مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 201 شخص بجروح متفاوتة، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن حدث خطير جدا في تل أبيب، عقب قصف إيراني استهدف موقعا إستراتيجيا، دون الكشف عن تفاصيل إضافية، بسبب الرقابة العسكرية الصارمة وتعليمات التعتيم المفروضة من قبل الجيش.
والهجوم الإسرائيلي الحالي على إيران يعد الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا واضحا من حرب الظل التي كانت تديرها تل أبيب ضد طهران عبر التفجيرات والاغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح يتجاوز ما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وسائل إعلام حقل بارس
إقرأ أيضاً:
قراءة إسرائيلية في توجه دول الخليج بعد حرب الـ12 يوما مع إيران
سلّط معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، الضوء على توجه دول الخليج بعد حرب الـ12 يوماً بين تل أبيب وطهران، مؤكدا أن المواجهة العسكرية عززت الحضور الخليجي عقب إضعاف إيران، التي هي مصدر قلقها الأمني الأساسي.
وذكر المعهد في ورقة بحثية دورية ينشرها بعنوان "نظرة عليا"، أنه "رغم ذاك فإن دول الخليج ترى أنّ إيران قادرة على إلحاق ضرر جسيم، بل وربما تسريع برنامجها النووي"، مستبعدا أن تُغير السياسة الخليجية تجاه إيران.
وأوضح أنّ "الخليج ينظر بقلق إلى التعزيز النسبي لإسرائيل، لذك تسعى دول الخليج إلى استعادة توزان القوى الإقليمي، عبر اتفاق أمريكي- إيران من شأنه أن يقلل من احتمالية نشوب حرب أخرى"، مضيفا أنّ "الدول الخليجية تعتبر إنهاء الحرب في قطاع غزة شرطًا ضروريًا للمضي قدمًا في التطبيع مع إسرائيل برعاية أمريكية".
وتابع: "لم تكن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل في حزيران/ يونيو 2025، وهي الثالثة بينهما، مفاجأة استراتيجية لدول الخليج. فرغم سعيها لثني الرئيس دونالد ترامب عن دعم ضربة إسرائيلية ضد إيران، إلا أنها في السنوات الأخيرة استعدت لاحتمال نشوب حرب بين الخصمين".
وبيّن أنّ "هذه الاستعدادات كانت سياسية وعسكرية، وشملت جهودًا لتعزيز قدراتها العسكرية الدفاعية، لا سيما من خلال التعاون مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على موقف محايد قدر الإمكان. وكان الهدف من هذا التوازن الدقيق هو إبعاد الدول عن خط النار قدر الإمكان، وهو درس مستفاد من الهجوم الإيراني على المملكة العربية السعودية عام 2019، والذي وقع في ظل التوترات بين إيران والولايات المتحدة".
ولفت المعهد إلى أنه "خلال حرب الأيام الاثني عشر، أعربت جميع الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي عن قلقها من امتداد العنف إلى أراضيها، وأصدرت إدانات شديدة اللهجة ضد إسرائيل، وأكدت على موقفها المحايد".
وأكد أنّ "هذه الإدانات لم تعكس انحيازًا لطهران، بل رغبة واضحة في الحفاظ على أمنها وإرسال رسالة بعدم التدخل"، مشيرا إلى أن "دول الخليج تقع على حدود إيران، ويهدد استمرار الحرب أو تصعيدها باستفزاز هجمات انتقامية إيرانية ضد البنية التحتية الحيوية، مثل منشآت النفط والموانئ ومحطات تحلية المياه داخل أراضيها".
وذكر أن "الحرب اختبرت استراتيجية الانفراج التي انتهجتها دول الخليج مع إيران في السنوات الأخيرة"، موضحا أنه "كان من شأن أي امتداد للصراع إلى أراضيها أن يُعرّض للخطر أجنداتها التنموية الاقتصادية المتسارعة (التي تقودها السعودية - "رؤيا 2030" )، والتي تعتمد بشكل كبير على أمنها واستقرارها المستدامين".
واستكمل قائلا: "نتيجةً لذلك، طلبت دول الخليج من الولايات المتحدة الامتناع عن مهاجمة إيران مباشرةً من أراضيها لتجنب اعتبارها شريكة في الضربة. كما حثّت واشنطن على عدم توسيع هجماتها لتتجاوز المواقع النووية، ودعت إسرائيل إلى تجنب استهداف منشآت النفط الإيرانية، خشية أن تُتيح مثل هذه الأعمال لإيران ذريعةً لضرب منشآتها النفطية".
وتابع: "في الوقت نفسه، طبّقت دول الخليج تدابير أمنية عاجّلة: عززت أنظمة الدفاع الجوي، ونسقت عسكريًا بشكل وثيق مع القوات الأمريكية المتمركزة على أراضيها، ورفعت مستويات التأهب المدني. انطلاقًا من حرصها على أمنها، وفي إطار جهودها الرامية إلى ترسيخ مكانتها كلاعب رئيس في المنطقة، سارعت دول الخليج إلى إطلاق مبادرات دبلوماسية للتوسط بين إيران والولايات المتحدة، بهدف وقف التصعيد".
ونوه إلى أنه "بينما تولت قطر في نهاية المطاف دور الوسيط الرئيسي لوقف إطلاق النار، بفضل الثقة التي تحظى بها من إدارة ترامب والقيادة الإيرانية، ساهمت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أيضًا في خدمة الطرفين من خلال تبادل الرسائل".
وأشار إلى أنه "على عكس ما حدث في عام 2019، عندما شنت إيران هجومًا على البنية التحتية النفطية في السعودية، امتنعت طهران هذه المرة عن إشراك دول الخليج أو استهداف مصالحها الاقتصادية بشكل مباشر، على الرغم من أن الإجراءات ضد إيران كانت أشد وطأة بشكل ملحوظ. كما أكد هذا الضبط على استمرار الانفراج بين إيران ودول الخليج وأهميته من وجهة نظر الأخيرة".
وذكر أن "العمل الإيراني الوحيد داخل دول الخليج كان الهجوم على قاعدة القيادة المركزية في قطر قبل ساعات من وقف إطلاق النار، وقد تم تحذير كل من واشنطن والدوحة مسبقًا. ومن الواضح أن قطر اختيرت كهدف نظرًا لعلاقاتها الوثيقة مع إيران. ومن خلال استيعاب الضربة الرمزية، ساعد الوسطاء القطريون في تسهيل التوصل إلى حل سريع للمواجهة مع تجنب رد فعل انتقامي أميركي، وبالتالي تعزيز مكانة الدوحة في واشنطن".
وأوضح المعهد الإسرائيلي أنّ "القدرات العملياتية والتكنولوجية التي أظهرتها تل أبيب في هجومها على إيران، ذكرت بالفجوة الكبيرة التي لا تزال قائمة بينها وبين دول الخليج"، منوها إلى أنّ "مصادر دبلوماسية خليجية أعربت عن قلقها إزاء قضيتين: تنامي الهيمنة العسكرية الإسرائيلية في المنطقة على حساب ضعف المحور الإيراني، وما يعتبرونه افتقارًا لضبط النفس من جانب إسرائيل في مختلف ساحات المنطقة".
وتابع: "يصور الخطاب الإعلامي في الخليج إسرائيل كقوة مهيمنة صاعدة، ما يُبرز التناقض الحاد بين موقفها العسكري والنهج الأكثر دبلوماسية لدول الخليج"، مبينا أن "دول الخليج ترى أن تصرفات إسرائيل في المنطقة، مثل مواجهتها مع المتمردين الحوثيين في اليمن، قد تُشكل خطرًا عليها أيضًا".
ولفت إلى أنه "منذ انتهاء الحرب، دأبت دول الخليج على دراسة نتائجها، ويطرح السؤال: هل ستعيد تقييم مواقفها تجاه إيران وإسرائيل، في ضوء تفوق إسرائيل الواضح على طهران؟ ورغم إعجابها بالقدرات العسكرية الإسرائيلية، لا تزال دول الخليج قلقة من أي تحولات محتملة في السياسة الإيرانية. فهي تراقب عن كثب استقرار النظام في طهران، وتخشى أن تواجه إيران اضطرابات في أعقاب الضربات التي تلقاها".
وأردف: "بعد سنوات من بناء علاقات مستقرة وإيجابية مع النظام الإيراني، تشعر دول الخليج بالقلق من وصول عناصر أكثر تطرفًا إلى السلطة في إيران، أو من انزلاق الجار الإقليمي إلى حالة من عدم الاستقرار قد تؤثر عليها أيضًا. وقد انعكس هذا القلق في سلسلة مقالات نُشرت في الصحافة السعودية، أعربت عن أملها في أن تؤدي الأزمة الحالية إلى تغيير جوهري داخل النظام - دون تغيير بنيته - وشجعته على التكيف مع روح العصر، مفضلًا التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الشعارات الثورية".
وقال المعهد: "يبدو أن الحرب بين إسرائيل وإيران قد وضعت دول الخليج أمام مفترق طرق: إما مواصلة تحركاتها الحذرة، والتحوط بين طهران وواشنطن، أو "اختيار أحد الجانبين" وتعميق شراكتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، حتى لو جازف ذلك بمواجهة مع إيران. وبغض النظر عن ذلك، ونظرًا للديناميكيات المتطورة، فإن دول الخليج مضطرة لإعادة تقييم توجهاتها الإقليمية وشراكاتها ودورها في تشكيل نظام أمني جديد في الشرق الأوسط".
وختم المعهد بقوله: "لقد كشفت المواجهة بين إسرائيل وإيران عن ضعف إيران العسكري التقليدي، وتفوق إسرائيل العسكري والتكنولوجي في ساحة المعركة. قد يُسهّل هذا الواقع على بعض دول الخليج، وخاصةً السعودية، تعميق علاقاتها مع إسرائيل والمضي قدمًا نحو التطبيع. إلا أن وتيرة هذه العملية ونطاقها سيعتمدان بشكل أساسي على الخطوات التي تستعد إسرائيل لاتخاذها بشأن القضية الفلسطينية، ونهاية الحرب في قطاع غزة".
واستكمل بقوله: "كما كشفت حرب الاثني عشر يومًا عن تناقضات في سياسة دول الخليج: الرغبة في تجنب أن تصبح هدفًا، وفي الوقت نفسه استخدام الوساطة والحياد لتعزيز مكانتها الإقليمية، على النقيض من الحاجة الداخلية والنظامية إلى التزام أمني أمريكي واضح وفعال. عمليًا، تعزز اصطفاف دول الخليج في المعسكر الموالي لأمريكا بعد قرار استخدام القوة العسكرية ضد إيران. ويعتمد أمنها الآن أكثر من أي وقت مضى على استعداد واشنطن للردع والتحرك وفرض الحدود في مواجهة إيران. إن الهجوم الإيراني على قطر، حتى لو كان مدروسا ورمزيا، هو تذكير بضعف دول الخليج في ظل الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي لم يتم حله بعد".