في عصرٍ أصبح فيه العالم بين أيدينا بلمسة شاشة برزت ”العزلة الرقمية”. ورغم أن التكنولوجيا قد قرّبت المسافات، ويسّرت التواصل، إلا أنها حملت معها جانبًا خفيًا من الوحدة والانفصال الاجتماعي.
العزلة الرقمية هي حالة انسحاب الأفراد من التفاعل الاجتماعي الحقيقي لصالح العالم الافتراضي ممّا يؤثر تدريجيًا على حياتهم النفسية والاجتماعية.
ينشأ هذا النوع من العزلة عندما يغرق الشخص في استخدام الأجهزة الذكية ومنصّات التواصل الاجتماعي، أو الألعاب الإلكترونية لدرجة أنه يهمل العلاقات الواقعية. وفي الحقيقة يبدو الأمر مجرد ترفيه، أو وسيلة للهروب من الضغوط اليومية، لكن مع مرور الوقت، تتحول العادة إلى نمط حياة، حيث يبعد الفرد عن التفاعل الإنساني الطبيعي.
هذا الانفصال قد يؤدي إلى تراجع مهارات التواصل، وضعف الروابط الأسرية، وأحيانًا الشعور العميق بالوحدة.
إن تأثير العزلة الرقمية لا يقتصر فقط على الجانب الاجتماعي، بل يمتد أيضًا إلى الصحة النفسية، حيث أن الارتباط بالواقع الافتراضي، يتسبَّب بارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق بين جميع أفراد المجتمع، كما أنه يتزايد الشعور بالحاجة إلى التواجد الرقمي باستمرار مع مقارنة النفس مع الآخرين عبر المنصَّات الاجتماعية، وهذا ما يعزِّز الإحساس بالنقص وعدم الرضا عن الذات. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن التكنولوجيا تقدم فوائد هائلة إذا تم استخدامها بوعي.
والحل يكمن في تحقيق توازن صحي بين العالم الرقمي والعالم الواقعي، و تخصيص أوقات للقاءات العائلية والأنشطة الاجتماعية، وأن تحديد أوقات محددة لاستخدام الأجهزة، يمكن أن يساعد في التقليل من آثار العزلة الرقمية.
و بلا شك أن العزلة الرقمية، تذكير قوي بأن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يحتاج إلى التواصل الحقيقي.
مهما تطورت الوسائل، ستبقى العلاقات الإنسانية المباشرة أساس الصحة النفسية والاجتماعية، والواجب علينا أن نستخدم التكنولوجيا كوسيلة تعزِّز هذه العلاقات لا أن تعيقها.
fatimah_nahar@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
سويسرا ترفع عقوباتها عن سوريا.. خطوة جديدة لفك العزلة الدولية
أعلنت الحكومة السويسرية، اليوم الجمعة، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة تعكس تحولاً ملحوظاً في الموقف الدولي تجاه دمشق، بعد سنوات من العزلة السياسية والاقتصادية.
وأوضحت الحكومة الفيدرالية، في بيان رسمي نُشر على موقع المجلس الفيدرالي، أن القرار يشمل إزالة 24 كياناً سورياً من قائمة العقوبات، من بينها مصرف سوريا المركزي، حيث لن تكون هذه الجهات خاضعة بعد الآن لتجميد الأصول أو القيود المالية.
وأكدت الحكومة أن هذه الخطوة تهدف إلى “دعم تعافي الاقتصاد السوري وتعزيز انتقال سياسي شامل وسلمي”، بحسب ما نقلته وسائل إعلام غربية، ويدخل القرار حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم.
ويأتي هذا التطور في أعقاب إجراءات مماثلة من دول أوروبية، بينها الاتحاد الأوروبي، الذي أعلن في مايو الماضي تخفيف العقوبات على كيانات سورية، بما فيها البنك المركزي، لأسباب إنسانية وسياسية.
كما سبق للولايات المتحدة الأمريكية أن أجرت تعديلات على نظام العقوبات المفروضة على سوريا في الشهر ذاته، بما يتيح تنفيذ تعاملات إنسانية ومالية محددة، في إطار توجه دولي لإعادة دمج سوريا تدريجياً في النظام المالي والاقتصادي العالمي، عقب التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخراً.