أعاد الهجوم المسلح الذي شهده إقليم كشمير، وأسفر عن سقوط ضحايا، تسليط الضوء على النزاع الحدودي المزمن بين الهند وباكستان، المستمر منذ عام 1947، وسط تحذيرات من اتساع رقعة التوتر وازدياد احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية بين الجانبين.

وفي مؤشر على تباين موازين القوى، يضع تصنيف "Global Firepower" الهند في المرتبة الرابعة عالميًا ضمن أقوى الجيوش، فيما تحتل باكستان المرتبة الثانية عشرة.

كما يظهر تفوق الهند العددي بوضوح، إذ يبلغ عدد أفراد جيشها نحو 1.5 مليون عنصر، مقابل 650 ألفًا في صفوف القوات المسلحة الباكستانية.

وتعكس الأرقام فجوة واضحة في الإنفاق الدفاعي، حيث خصصت الهند ما يقارب 75 مليار دولار للميزانية العسكرية خلال العام المالي 2024، مقارنة بـ7.6 مليار دولار فقط خصصتها باكستان.

وفيما يتعلق بالقوة الجوية، تمتلك الهند أسطولًا يضم 2229 طائرة حربية، متقدمة بذلك على باكستان التي تملك 1399 طائرة. أما على صعيد السلاح النووي، فتُقدّر الترسانة الهندية بنحو 180 رأسًا نوويًا، مقابل 170 رأسًا بحوزة باكستان، وفقًا لبيانات جمعية العلماء الذريين في الولايات المتحدة، في ظل استمرار البلدين بعدم الاعتراف رسميًا بامتلاك هذا النوع من الأسلحة الاستراتيجية.


القوات البرية الهندية 
تُعد الهند من بين الدول التي تمتلك واحدة من أكبر القوات البرية على مستوى العالم، حيث تشمل قدراتها نحو 4 آلاف و201 دبابة قتال وأكثر من 149 ألف مركبة عسكرية متنوعة، بالإضافة إلى 100 مدفع ذاتي الحركة، و3 آلاف و975 مدفعاً مقطوراً، و264 راجمة صواريخ، وفقاً لبيانات منشورة.

ويمثل أسطول الدبابات الهندي محوراً رئيسياً في الاستراتيجية العسكرية البرية للبلاد، إذ يضم نحو 3 آلاف و700 دبابة قتال رئيسية، من بينها الدبابة المحلية "أرجون"، إلى جانب دبابات "T-90 وT-72" الروسية الصنع.

ورغم أن بعض الطرز الهندية قد تُعد أقل تطوراً مقارنة بنظيراتها الغربية، إلا أن الكم العددي والانتشار الجغرافي الواسع يعكسان الطموحات الدفاعية المتزايدة للهند في ظل بيئة جيوسياسية شديدة التعقيد.

طموح  نحو الاكتفاء الذاتي
تُجسّد دبابة "أرجون" المساعي الهندية لتطوير قدراتها الدفاعية محلياً، إذ تمثل دبابة قتال رئيسية من الجيل الثالث، طُوّرت بإشراف منظمة البحث والتطوير الدفاعي (DRDO) عبر برنامج متعدد المراكز البحثية، انطلق في آذار/مارس 1974.

وقد أثمرت جهود التطوير عن إنتاج نسخ مطورة من الدبابة، أبرزها "Arjun Mk1A"، التي دخلت مرحلة الإنتاج بعد اجتيازها اختبارات التكامل في عام 2019، ونسخة "MkII" المستقبلية، التي تُصمم لتكون دبابة خفيفة الوزن مزودة بتقنيات استشعار متقدمة، تشمل أنظمة كهروضوئية وأخرى تعتمد على الليزر عالي الطاقة.


ورغم اعتماد "أرجون" جزئياً على تكنولوجيا أجنبية، بما في ذلك التصميم الذي تعاونت فيه الهند مع الشركة الألمانية "كراوس-مافي" المصنعة لدبابة "Leopard 2"، فإن نحو 70% من مكوناتها يجري تصنيعها محلياً. ومع ذلك، ما زالت بعض الأجزاء الأساسية مثل المحرك وناقل الحركة والمدفع تُستورد من الخارج.

تسليح متكامل وحماية متقدمة
تتميز دبابة "أرجون" بمدفع رئيسي عيار 120 ملم محلي الصنع، يستخدم ذخائر خارقة للدروع وأخرى شديدة الانفجار، إلى جانب مدفع رشاش محوري عيار 7.62 ملم ومدفع رشاش علوي عيار 12.7 ملم مخصص للدفاع ضد الطائرات والمركبات المعادية.

وتحمل الدبابة ما يصل إلى 39 قذيفة محفوظة في حاويات خاصة بعيداً عن طاقم التشغيل، مما يعزز السلامة في حال تعرض الدبابة للاستهداف. كما تخضع قذائف مضادة للمروحيات للتطوير في إطار مساعي تعزيز القدرات الدفاعية الجوية للدبابة.

القوة البرية الباكستانية
رغم الفارق العددي مع خصمها الهندي، تمتلك باكستان قوة برية فعالة ومتنوعة، تشمل نحو 2627 دبابة قتال رئيسية، وأكثر من 17 ألف مركبة عسكرية، إلى جانب 662 مدفعاً ذاتي الحركة، و2629 مدفعاً مقطوراً، و600 راجمة صواريخ، بحسب بيانات موثوقة.

وتسعى باكستان إلى تعزيز قدراتها البرية من خلال دمج التكنولوجيا الحديثة في ترسانتها، لا سيما في مجال الدبابات، حيث تحتفظ بمزيج من النماذج المحلية، أبرزها دبابة "خالد"، وأخرى مستوردة من شركاء استراتيجيين، وفي مقدمتها الدبابة الصينية "VT4"، التي تُعد من أبرز دبابات الجيل الثالث في الخدمة لدى الجيش الباكستاني.


درع باكستاني مدعوم بالتقنية الصينية
تُعد دبابة "VT4" من أبرز الإضافات الحديثة إلى سلاح المدرعات الباكستاني، وهي دبابة قتال رئيسية طُوّرت خصيصاً للتصدير من قبل شركة "NORINCO" الصينية، وتجمع بين تصميم متطور وتقنيات حديثة لمواجهة التهديدات في الحروب عالية الكثافة.

وقد تم الكشف عن "VT4" لأول مرة في معرض الدفاع الدولي "Eurosatory" عام 2012، وبدأت باكستان استلام دفعاتها الأولى من هذه الدبابة في نيسان/أبريل 2020، من خلال شركة "Inner Mongolia First Machinery Group"، التابعة لـ NORINCO.

وتتميز VT4 بتسليح قوي يشمل مدفعاً أملس عيار 125 ملم مزوداً بغطاء حراري ونظام لاستخراج الدخان، يُغذّى بواسطة محمل آلي يسع 22 قذيفة، ويتيح معدل إطلاق يصل إلى 8 طلقات في الدقيقة. ويمكن للدبابة حمل ما يصل إلى 38 قذيفة من ذخائر متنوعة، بما في ذلك قذائف خارقة للطاقة الحركية (APFSDS)، ورؤوس شديدة الانفجار (HE)، وذخائر مضادة للدروع (HEAT).

كما تم تزويد الدبابة بمدفع رشاش محوري عيار 7.62 ملم، إلى جانب محطة سلاح عن بعد مزودة بمدفع رشاش ثقيل عيار 12.7 ملم، ما يمنح طاقم الدبابة قدرة فعالة على الاشتباك مع الأهداف الأرضية والجوية على حد سواء.

ومن أبرز مزايا "VT4" هي قدرتها على إطلاق الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، بما في ذلك الصاروخ الروسي "9K119 Refleks"، الذي يصل مداه إلى 5 كيلومترات، ما يُعزز من قدرتها على ضرب الأهداف المدرعة من مسافات آمنة.


سلاح الجو الهنديتُعد القوة الجوية أحد أبرز أركان التفوق العسكري الهندي، إذ تمتلك نيودلهي أسطولاً جوياً يضم 2229 طائرة، من بينها 513 مقاتلة حربية، تتقدمها الطائرات الروسية من طراز "SU-30"، والمقاتلات الفرنسية "رافال M"، التي توصف بأنها منافس قوي لطائرات الجيل الخامس.

وكان قائد القوات الجوية الهندية السابق، المارشال آر كيه إس بهادوريا، قد وصف في تصريحات سابقة مقاتلات "رافال" بأنها "أقوى نظام تسليحي" في ترسانة الهند الجوية، مشيراً إلى أن مجرد وصول أول دفعة من هذه الطائرات دفع الصين إلى نشر أربع مقاتلات من طراز "J-20" كإجراء مضاد.

وتندرج "رافال" ضمن فئة مقاتلات الجيل الرابع والنصف، وهي طائرة متعددة المهام ثنائية المحرك، ذات تصميم دلتا الجناح، وتنتجها شركة داسو للطيران الفرنسية. وتبلغ سرعتها القصوى 1.8 ماخ، مع مدى طيران يتجاوز ألف كيلومتر. وتتميز بقدرات إلكترونية متقدمة تمنحها وعياً ظرفياً عالياً، مع أنظمة دفاعية متطورة تعزز قدرتها على البقاء في بيئات قتالية معقدة.

وتتضمن تجهيزاتها الأساسية رادار "RBE2 AESA" النشط الممسوح إلكترونياً، ونظام التحذير من التهديدات، إلى جانب منظومة "SPECTRA" للحرب الإلكترونية. كما زوّدت بمحركين توربينيين من طراز "SNECMA M88"، يوفران قدرة عالية على الطيران بسرعات فوق صوتية دون الحاجة إلى استخدام الحارق اللاحق باستمرار.

وفي نسختها الهندية، خضعت "رافال" لـ13 تعديلاً خاصاً، شملت تحسينات في أنظمة الرادار والتشويش، وإضافة خوذات عرض متطورة لتمكين الاستهداف البصري المباشر، مع تزويدها بأنظمة تحذير راداري محسّنة، وقدرات للتشغيل من قواعد جوية مرتفعة.


ولتوسيع نطاق عملياتها، تم دمج صواريخ "BrahMos" الأسرع من الصوت لتعزيز القدرة على تنفيذ ضربات بحرية، بالإضافة إلى تكاملها مع صواريخ جو-جو من طراز "Astra وBrahMos NG". كما أضيفت إمكانيات اتصال متقدمة عبر الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات الهندية، ما يمنح الطائرة قابلية تنفيذ مهام متعددة بمرونة عالية.

وتُعدّ مقاتلات "رافال" منصة مثالية لحمل أسلحة متنوعة تشمل صواريخ جو-جو، وصواريخ موجهة جو-أرض، وأخرى مضادة للسفن، على رأسها صاروخ "Meteor" الأوروبي الموجه بالرادار النشط، والذي يتجاوز مداه 100 كيلومتر، ويمنح الطائرة قدرة كبيرة على فرض السيطرة الجوية ضد أهداف سريعة وذات قدرة عالية على المناورة.

سلاح الجو الباكستاني
تتمتع القوات الجوية الباكستانية بأسطول جوي متنوع يضم 1399 طائرة حربية، من بينها 328 مقاتلة، تتوزع بين مهام الاعتراض، والتفوق الجوي، والطائرات المسيّرة. ومن أبرز الطرازات العاملة في الخدمة: "إف-16 فايتينغ فالكون" الأميركية، و"جيه إف-17 ثاندر" الصينية-الباكستانية الصنع، إضافة إلى مقاتلات "ميراج III ميراج 5" الفرنسية، والطائرة الصينية الحديثة "J-10C".

وتُعد "F-16" فالكون واحدة من أبرز مقاتلات باكستان، حيث تجمع بين خفة الوزن وتعدد المهام، مع قدرة على تنفيذ عمليات جو-جو، والاعتراض، وحتى إطلاق الأسلحة النووية التكتيكية. وتتميز الطائرة بقدرتها العالية على المناورة، ويُسلّح طرازها الباكستاني عادة بمدفع داخلي عيار 20 ملم، وصواريخ جو-جو بعيدة المدى.

وتشغل باكستان حالياً طراز "Block 15 F-16A/B"، المزود برادار مطور من نوع "APG-66"، يوفر قدرة على فرز الأهداف ضمن التشكيلات الضيقة، مع زيادة في مدى الكشف بنسبة تصل إلى 20% مقارنة بالإصدارات الأقدم. كما تدعم هذه النسخ استخدام صواريخ "AIM-7 Sparrow"، إلى جانب الذخائر الذكية مثل قنابل "Paveway" الموجهة بالليزر، والصاروخ الفرنسي "AS-30".


كما تستثمر باكستان في القدرات المحلية من خلال المقاتلة الخفيفة "جيه إف-17 ثاندر"، التي تُعد ثمرة شراكة بين مجمع الطيران الباكستاني PAC وشركة تشنغدو الصينية. وتتميّز الطائرة بقدرات قتالية متعددة المهام في جميع الظروف الجوية، مع إلكترونيات طيران متقدمة، وأنظمة تحكم محوسبة، وقدرة على استخدام أسلحة دقيقة ومتطورة.

ويُشغّل سلاح الجو الباكستاني حالياً 7 أسراب من مقاتلات "جيه إف-17"، التي أثبتت فعاليتها في المهام القتالية متوسطة ومنخفضة الارتفاع، مع قدرة عالية على المناورة، وخفة حركة تتيح لها الصمود في البيئات القتالية المعقدة.

وتُجهّز المقاتلة "جيه إف-17" بمجموعة متنوعة من الذخائر تشمل: صواريخ جو-جو قصيرة وطويلة المدى (منها ما يتجاوز مدى الرؤية)، صواريخ جو-سطح مضادة للسفن والإشعاع، أسلحة موجهة بالليزر، قنابل خارقة للتحصينات، ومدفع مزدوج عيار 23 ملم، ما يجعل منها منصة قتال مرنة وحديثة.

القدرات الصاروخية الهندية
شهد العام الماضي زخماً كبيراً في التجارب الصاروخية الهندية، إذ نفذت نيودلهي ما لا يقل عن 14 تجربة صاروخية شملت صواريخ باليستية وكروز وأخرى فرط صوتية، في مؤشر على تسارع وتيرة التحديث العسكري.

وفي مطلع عام 2024، أعلنت الهند نجاحها في اختبار صاروخ "أجني V" الباليستي العابر للقارات، المزود بتقنية المركبات متعددة الرؤوس الحربية القابلة لإعادة التوجيه (MIRV)، وهي تقنية متقدمة تتيح استهداف عدة أهداف مستقلة برأس صاروخي واحد.


وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، عززت الهند مكانتها بين القوى الصاروخية العالمية من خلال اختبار صاروخ فرط صوتي بعيد المدى، لتنضم إلى مجموعة محدودة من الدول التي تمتلك هذا النوع من التكنولوجيا المتقدمة.

كما أجرت نيودلهي اختباراً لصاروخ "K4" الباليستي المُطلق من الغواصات (SLBM)، ونشرته على متن الغواصة "INS Arighaat". كذلك، اختبرت نسخة مطورة من صاروخ كروز "Nirbhay" الذي يبلغ مداه نحو ألف كيلومتر، وتعدّه عنصراً أساسياً في قوة الصواريخ المتكاملة الهندية الحديثة.

في المقابل، أجرت باكستان تجارب على منظومة "فاتح-2"، وأعادت اختبار صاروخ "شاهين-2" الذي يصل مداه إلى ألفي كيلومتر، في خطوة تهدف إلى رفع دقته وتعزيز مرونته التشغيلية. وقد أثارت هذه الأنشطة الباكستانية ردود فعل أمريكية تمثلت بفرض واشنطن عقوبات على برنامج الصواريخ الباكستاني، بذريعة تطوير صواريخ قادرة على الوصول إلى الأراضي الأمريكية، وهو ما نفته إسلام آباد بشدة.

رأس الحربة الهندي "Agni-V"
يُعد صاروخ "Agni-V" من أبرز مكونات الترسانة النووية الهندية، إذ يتجاوز مداه الاف كيلومتر، ويُصنف ضمن فئة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBM). وتمكّنه تقنية MIRV من تجاوز أنظمة الدفاع الصاروخي للخصوم، عبر نشر رؤوس حربية متعددة تستهدف مواقع منفصلة ضمن دائرة صغيرة.

ويتيح هذا النوع من الصواريخ للهند تعزيز قدرتها الهجومية عبر خيار "الضربة الأولى"، بما يغيّر طبيعة عقيدتها النووية التقليدية القائمة على "عدم البدء بالاستخدام". وقد دفع هذا التطور بباكستان إلى التحذير من تحول الهند نحو استراتيجية ضربة استباقية شاملة، ما ينذر بإعادة تشكيل التوازن الاستراتيجي في جنوب آسيا.

أما على صعيد صواريخ كروز، "فيبرز Brahmos PJ-10"، وهو نتاج مشروع مشترك بين منظمة البحث والتطوير الدفاعي الهندية DRDO وشركة ماشينوسترويينيي الروسية، أُطلق عام 1998. ويستند تصميم الصاروخ إلى النموذج الروسي "3M55/SS-N-26؛، ويجمع بين القدرة التدميرية العالية والسرعة الكبيرة، التي تتراوح بين 2.0 و2.8 ماخ، ما يصعّب اعتراضه ويعزز فعاليته الهجومية.


الترسانة الصاروخية الباكستانية
تمثل القدرات الصاروخية الباكستانية حجر الزاوية في استراتيجيتها الدفاعية، إذ تسعى إسلام آباد من خلالها إلى موازنة كفة التفوق العسكري التقليدي الذي تتمتع به نيودلهي.

وتضم الترسانة الباكستانية مزيجاً من الصواريخ الباليستية المتنقلة قصيرة ومتوسطة المدى، إلى جانب جهود حثيثة لتعزيز قدراتها في مجال صواريخ كروز، ضمن إطار تطور متسارع يستند إلى دعم فني كبير من الصين، وتعاون تقني مع كوريا الشمالية وإيران.

أولى خطوات باكستان "أبابيل"
في كانون الثاني/يناير 2017، كشفت باكستان عن صاروخ "أبابيل"، وهو أول صاروخ باليستي متوسط المدى أرض-أرض ثلاثي المراحل يعمل بالوقود الصلب. ويصل مداه الأقصى إلى 2200 كيلومتر، ويشترك في خصائصه التقنية مع صواريخ باكستانية أخرى مثل "شاهين-2"و"شاهين-3"، إضافة إلى الصاروخ الصيني "CSS-7" قصير المدى.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن باكستان بدأت منذ عام 2010 تطوير تقنية المركبات متعددة الرؤوس الحربية القابلة لإعادة التوجيه (MIRV)، بدعم صيني، بهدف تزويد "أبابيل" برؤوس حربية متعددة قادرة على إصابة أهداف منفصلة بدقة عالية. وعلى الرغم من عدم التحقق رسمياً من امتلاك "أبابيل" لهذه التقنية حتى الآن، إلا أن مصادر متعددة تؤكد إمكانية تزويده برؤوس نووية أو تقليدية، ما يجعله من أبرز أدوات الردع الباكستانية في مواجهة التهديدات المتزايدة.

الوصول لعمق الخصم "شاهين-3"
يُعد "شاهين-3" أبرز صاروخ باليستي متوسط المدى في الترسانة الباكستانية، ويعمل بالوقود الصلب عبر مرحلتين. ويصل مداه إلى نحو 2750 كيلومتراً، ما يتيح له الوصول إلى أبعد النقاط في الأراضي الهندية، بما في ذلك جزر أندامان ونيكوبار الواقعة في خليج البنغال، والتي تشكل نقاط تمركز استراتيجية للهند.

وظهر "شاهين-3" لأول مرة في عرض عسكري عام 2016، وسط تكهنات تفيد بأن باكستان تسعى إلى تزويده بتقنية "MIRV"، كرد مباشر على توجهات الهند لتعزيز قدراتها في مجال الدفاع الصاروخي. ووفقاً لتصريحات الجنرال خالد كيدواي، الرئيس السابق لهيئة الخطط الاستراتيجية الباكستانية، فإن تطوير هذا الصاروخ يهدف صراحة إلى تحقيق القدرة على استهداف جزر أندامان، مؤكداً بذلك الطبيعة الموجهة للتوازن الاستراتيجي بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا.


القوى البحرية الهندية
تتمتع الهند بتفوق بحري واضح على جارتها باكستان، إذ تحتل المرتبة السادسة عالمياً من حيث القوة البحرية، مقارنة بالمرتبة السابعة والعشرين لإسلام آباد، وفقاً لموقع Defense Arabia.

ويمتد أسطول الهند البحري إلى 293 قطعة بحرية، تشمل حاملتَي طائرات، و13 مدمرة، و14 فرقاطة، و18 كورفيتاً، و18 غواصة، إلى جانب 135 سفينة دورية، ما يمنح نيودلهي حضوراً قوياً في المحيط الهندي ومياهه الحيوية.

وفي إطار تعزيز أحد أركان ثالوثها النووي، دشّنت البحرية الهندية مؤخراً أول غواصة من الجيل التالي قادرة على حمل صواريخ باليستية نووية، هي الغواصة INS Arighat، والتي رغم التأخر في إدخالها الخدمة، تُعد نقلة نوعية في مساعي الهند لتحديث قدراتها الاستراتيجية.

الغواصة النووية "Arighat"
الغواصة "INS Arighat"، وهي ثاني غواصة هندية تعمل بالطاقة النووية، تُعد من بين أخف غواصات الصواريخ الباليستية في العالم، إذ لا تتجاوز إزاحتها 6 آلاف طن تحت الماء، وتعمل بمفاعل نووي بقدرة 83 ميجاواط.

ورغم أن غواصات من فئة "Borei" الروسية أو "Typhoon" السوفيتية تتفوق عليها من حيث الحجم والطاقة، إلا أن "Arighat" تمثل خطوة حاسمة في مشروع الهند النووي البحري، خاصة أنها تحمل حتى 12 صاروخاً باليستياً قصير المدى من طراز K-5، بمدى يبلغ 750 كيلومتراً، أو 4 صواريخ باليستية متوسطة المدى من طراز K-4، بمدى يصل إلى 3500 كيلومتر.

ورغم محدودية مدى صواريخ غواصات "Arihant" مقارنة بالغواصات النووية الأخرى، إلا أن الهند تخطط مستقبلاً لتسليح هذه الغواصات بصواريخ باليستية عابرة للقارات، في إطار سعيها لتحقيق الردع النووي الكامل من البحر.

ويُشار إلى أن الغواصة INS Arihant، التي سبقت "Arighat"، اعتُبرت في البداية تصميماً انتقالياً بُني لتجربة المفاهيم النووية البحرية، وهو ما يجعل "Arighat" أول غواصة استراتيجية محسنة في هذا المشروع.


وتعمل الهند حالياً على بناء غواصتين إضافيتين من فئة "Arihant"، ومن المتوقع أن تُزوّدا بصواريخ "K-4"، بينما تحتفظ "Arighat" بصواريخ "K-5". وعلى الرغم من توجه نيودلهي نحو التصنيع المحلي، إلا أن الجزء الأكبر من أسطولها البحري لا يزال يعتمد على تصميمات روسية، وتشير تقارير إلى نية الهند اقتناء غواصات هجومية روسية من فئة "Akula" تعمل بالطاقة النووية، لتعزيز قدراتها تحت سطح البحر.

وفي السياق النووي، تبقى باكستان والاحتلال الإسرائيلي الدولتين النوويتين الوحيدتين اللتين لا تمتلكان غواصات صواريخ باليستية، بالرغم من اعتمادهما على صواريخ كروز نووية تُطلق من غواصات تقليدية تعمل بالديزل والكهرباء.

القوى البحرية الباكستانية
في ظل التفوق البحري الهندي، تحتفظ باكستان بترسانة بحرية متواضعة نسبياً، إذ تحتل المرتبة السابعة والعشرين عالمياً من حيث القوة البحرية، بحسب موقع Defense Arabia. ويضم أسطولها 121 قطعة بحرية، من بينها 9 فرقاطات، و9 كورفيتات، و8 غواصات، إضافة إلى 69 سفينة دورية.

من “غازي” إلى “خالد”
تعود بدايات سلاح الغواصات في البحرية الباكستانية إلى عام 1964، عندما اشترت إسلام آباد أول غواصة لها من الولايات المتحدة من فئة "Tench" بعد تحديثها، وأطلقت عليها اسم “غازي”. وتبع ذلك تعزيز الأسطول بثلاث غواصات فرنسية من طراز "Daphne"، شكلت نواة القدرة الباكستانية تحت سطح البحر.

مع اقتراب غواصات “دافني” من نهاية عمرها التشغيلي في مطلع التسعينيات، تعاقدت البحرية الباكستانية مع شركة "DCN International" الفرنسية لشراء ثلاث غواصات حديثة من طراز "Agosta 90B"، في خطوة تهدف إلى تحديث قدراتها بأقل تكلفة تشغيلية، نظراً لتوفر قطع الغيار ووجود خبرة سابقة في التعامل مع هذا الطراز.

وتُعد غواصة “خالد” (PNS Khalid)، التي تسلمتها البحرية الباكستانية عام 2001، أبرز غواصاتها الهجومية. وهي غواصة تعمل بالديزل والكهرباء، بهيكل مزدوج، وتُشغَّل بطاقم من 36 فرداً، بينهم 7 ضباط. وتتميز بتسليحها بـ 4 صواريخ "SM-39 Exocet" المضادة للسفن، إلى جانب 4 أنابيب طوربيد عيار 21 بوصة، قادرة على إطلاق ما يصل إلى 20 طوربيداً أو صاروخاً.

وقد تم بناء غواصة “خالد” في فرنسا، بينما صُنعت غواصتا “سعد” (S-138) و“غازي” (S-139) محلياً في حوض بناء السفن الباكستاني بمدينة كراتشي، بمشاركة تقنية فرنسية. ودخلت “سعد” الخدمة عام 2002، في حين أضيفت “غازي” إلى الأسطول في كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته، وكانت مزودة بنظام دفع مستقل (MESMA) يعمل بالأوكسجين السائل، ما رفع قدرتها على البقاء تحت الماء لأربعة أضعاف عند سرعة 4 عقد.

وفي خطوة لتعزيز حضورها البحري الإقليمي، تسلمت باكستان في حزيران/يونيو 2024 السفينتين الحربيتين “بابور” و”هونين”، بالتزامن مع توليها قيادة قوة المهام متعددة الجنسيات (CTF-150) المعنية بتأمين الملاحة في بحر العرب وخليج عمان وخليج عدن.

كما شهد صيف 2024 انضمام السفينة “PNS Hunain” إلى الأسطول الباكستاني، وهي من صنع هولندي، ويبلغ طولها نحو 98 متراً بقدرة إزاحة تصل إلى 2600 طن. وتتميز بسرعة إبحار تصل إلى 25 ميلاً بحرياً، وقدرات متعددة المهام تشمل عمليات الأمن البحري والمهام غير الحربية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية كشمير الهند باكستان الصينية الصين باكستان روسيا الهند كشمير المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البحریة الباکستانیة صواریخ بالیستیة تعزیز قدراتها صواریخ جو جو قدرتها على بما فی ذلک عالیة على قادرة على إلى جانب من بینها قدرة على یصل مداه من خلال یصل إلى من طراز من أبرز شاهین 3 من بین إلا أن التی ت من فئة

إقرأ أيضاً:

ما هي صواريخ إيران الفرط صوتية التي ترعب إسرائيل؟

كانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحًا بقليل بتوقيت القدس المحتلة فجر اليوم الأربعاء الموافق 18 يونيو/حزيران 2025، عندما انتبه المستوطنون الإسرائيليون من سكان حيفا -الذين لم يذق معظمهم النوم بسبب صفارات الإنذار المستمرة- إلى دوي يشبه دوي الرعد.

ما سمعوه في الحقيقة لم يكن إلا أحدث رشقة صواريخ إيرانية انطلقت لتخترق طبقات الغلاف الجوي بسرعة تقترب من 2 كيلومتر في الثانية الواحدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"الجيل الخامس" يقود أخطر حرب لإيران ضد إسرائيلlist 2 of 2لماذا تطلق إيران صواريخها الباليستية ليلا؟end of list

أعلن التلفزيون الإيراني أن الصواريخ التي استخدمها الحرس الثوري لأول مرة هي صواريخ "فتّاح"، وأن هذه هي المرحلة الحادية عشرة من عملية الوعد الصادق 3، وأن الصواريخ هذه المرة "غير قابلة للاعتراض".

صاروخ فتاح الإيراني (الجزيرة)

 

بهذا كشفت وكالة تسنيم الإيرانية عن تصعيد نوعي في المواجهة بين إيران وإسرائيل مقارنةً بالغارات السابقة. وأشارت الوكالة إلى أن هذه الصواريخ تتمتع بسرعات فائقة وقدرات تدميرية عالية، تُمكّنها من تجاوز أقوى منظومات الدفاع الجوي.

وفي بيان نقلته الوكالة، حذّر الحرس الثوري الإيراني من أن الضربات القادمة "ستشهد استخداما أوسع للصواريخ الفرط صوتية"، ليضع العالم أمام مشهد مفتوح على احتمالات التصعيد ما لم تتوقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية.

لذلك نحتاج البحث عن إجابات لأهم الأسئلة: ما هي الصواريخ الفرط صوتية؟ وما أنواعها؟ وما الذي يميزها عن منظومات الصواريخ الأخرى؟ وما نوعية ترسانة الصواريخ الفرط صوتية التي تملكها إيران؟

الصواريخ الفرط صوتية

تقنيا، يُعرَّف مصطلح "فرط صوتي" بأنه كل سرعة تتجاوز 5 ماخ (6125 كيلومترا في الساعة)، أي خمسة أضعاف سرعة الصوت. وعند هذه السرعات الهائلة، تفرض الفيزياء وقائع جديدة؛ أبرزها الحرارة الشديدة الناجمة عن اندفاع الصاروخ أو المركبة عبر طبقات الغلاف الجوي الكثيفة.

هذه الحرارة، إلى جانب قوى أخرى تتفرد بها بيئة الطيران الفرط صوتي، تضع مصممي تلك المركبات أمام تحديات هندسية ضخمة. فابتكار مركبات جوية قادرة على تحمل هذه الظروف يتطلب مواد تصنيع متطورة، وأنظمة دفع متقدمة، واستثمارات كبيرة.

إعلان

لذا، يظهر هنا سؤال مُلح: ما الذي يجعل الصاروخ "فرط صوتيا" فعلا؟

في البداية، ينبغي التأكيد أن السرعة وحدها ليست كافية لتعريف الصاروخ "الفرط صوتي".

فعلى مدى التاريخ، تجاوزت كثير من الصواريخ الباليستية حاجز 5 ماخ في إحدى مراحل رحلتها، وبعضها بلغ أكثر من 20 ماخ خلال الصعود أو العودة عبر الطبقات العليا للغلاف الجوي، مثل الصواريخ الباليستية الحديثة العابرة للقارات، التي تحلق غالبا بسرعات عالية. ومع ذلك، لا يصلح تصنيف الصواريخ الباليستية التقليدية كأسلحة "فرط صوتية" بالمفهوم الحديث.

 

حيث يكمن الفرق الجوهري في القدرة على المناورة، والزمن الذي يقضيه الصاروخ بسرعات فرط صوتية ضمن الغلاف الجوي. إذ يتفق كثير من الخبراء، مثل أعضاء تحالف الدفاع الصاروخي الأميركي والمجلس الروسي للعلاقات الدولية، على أن السلاح الفرط صوتي الحديث يجمع بين سرعة تتجاوز 5 ماخ وقابلية للمناورة الأفقية والعمودية أثناء الطيران الجوي.

هذه القدرة على المناورة تجعل اعتراض الصواريخ الفرط صوتية أصعب للغاية من اعتراض الصواريخ الباليستية ذات المسارات الثابتة.

أنواع الصواريخ الفرط صوتية

تنقسم الصواريخ الفرط صوتية إلى نوعين رئيسيين، يتميز كل منهما بخصائص واستخدامات محددة. أولهما صواريخ كروز الفرط صوتية، وهي تعمل بالطاقة طوال رحلتها، وتحافظ على سرعة فرط صوتية مستقرة غالبا على هوامش الغلاف الجوي.

وتتيح لها محركاتها المتطورة التحليق لمسافات طويلة على ارتفاعات منخفضة أو متوسطة، مع قابلية عالية للمناورة لتفادي منظومات الدفاع الجوي.

أما النوع الثاني فهو المركبات الانزلاقية الفرط صوتية، التي تُطلق غالبا من على رؤوس الصواريخ الباليستية، فترتفع إلى طبقات عالية من الغلاف الجوي، ثم تنفصل وتنزلق نحو الأرض بسرعات فرط صوتية.

وتكمن ميزتها في قدرتها على تغيير مسارها أثناء الطيران، مما يُعقّد من عملية اعتراضها، على خلاف الرؤوس الحربية التقليدية التي تتبع أقواسا متوقعة تُسهل من قدرة أنظمة الدفاع الجوي على استهدافها.

ما يميزها؟

بالنسبة لأي صاروخ باليستي تقليدي، حتى وإن تجاوز سرعة الصوت، فإن رادارات العدو ليست مضطرة إلى تتبعه بدقة لحظة بلحظة، بل يكفيها أن تراقب مساره لحظة انطلاقه ومن ثم تكون قادرة على التنبؤ بمساره، إذ إنه يظل ثابتا منذ لحظة الإطلاق ولا يتغير.

ينطلق الصاروخ في مسار قوسي واسع، يغادر طبقات الغلاف الجوي نحو الفضاء، ثم يعود ليخترق الغلاف الجوي من جديد قبل أن يصيب هدفه. هذا المسار المتوقع يتيح للرادارات المعادية حساب نقطة الاصطدام بدقة، ومن ثم تفعيل منظومات الدفاع وفق هذا التصور المسبق.

لذلك، فكما ذكرنا، فالسرعة وحدها ليست بطاقةَ دخولٍ إلى نادي الصواريخ الفرط صوتية. ما يميّز الأسلحة الفرط صوتية الحديثة هو قدرتها على الطيران المستمر المناور داخل الغلاف الجوي في منطقة مرتفعة أكثر من مدى صواريخ باتريوت، ومنخفضة أكثر من رادارات الإنذار المبكر، مع قدرة على تنفيذ مراوغات غير متوقّعة.

بذلك يصبح الصاروخ قادرا على تجاوز الصواريخ الدفاعية الاعتراضية بسرعة تفوقها، إلى جانب تخطي مناطق تغطية الرادارات المعادية، والالتفاف حول العوائق أيا كان نوعها سواء جبالا أو مباني أو غيرها.

إعلان

الميزة الثانية، وربما الأهم، أن الصاروخ الفرط صوتي يستطيع تغيير اتجاهه إلى مسارات منخفضة قريبة من سطح الأرض، محافظا على سرعته الهائلة. ونتيجة لذلك، فإن رادارات الإنذار المبكر المعادية لا تلتقط إشارات التحذير إلا قبل فترة وجيزة جدا من وصول الضربة، حتى يكاد الوقت بين اكتشاف الصاروخ وتفعيل الدفاعات الأرضية يكون أقصر من الزمن اللازم لوصول الصاروخ إلى هدفه، مما يجعل الاستجابة شبه مستحيلة تقريبا.

مع ذلك، يظل تطوير صواريخ فرط صوتية فعّالة من أعقد التحديات التقنية في التسليح الحديث. إذ يتطلب إنتاج مركبات قادرة على تحمل الحرارة الهائلة، والحفاظ على الاستقرار الهوائي ونقل حمولة فعالة، تقدما علميا وتجريبيا متواصلا.

ولهذا، وبعد عقود من البحث، لا تزال قلة من الدول تملك قدرات حقيقية أو تجريبية في هذا المجال، وهي تقتصر على أربعة دول هي روسيا والولايات المتحدة والصين وإيران.

صاروخ فتّاح 1

ذكرت إيران رسميا امتلاكها صاروخين يحققان معايير السلاح الفرط صوتي التي ذكرناها. وقد طورهما الحرس الثوري الإيراني بالاعتماد على تكنولوجيا الصواريخ الباليستية التي تستخدم الوقود الصلب، مع تعديلات تمنحهما القدرة على المناورة والحفاظ على السرعات المرتفعة.

أول هذين الصاروخين، ويحمل اسم "فتّاح 1"، كُشف عنه في يونيو/حزيران 2023 كأول صاروخ فرط صوتي إيراني، وهو بداية دخول إيران لهذا النادي الحصري. وحسب التصريحات الإيرانية، يمكن لصاروخ "فتّاح 1" أن يصل إلى سرعات تتراوح بين 13 و15 ماخ، وبمدى يبلغ نحو 1400 كيلومتر.

ويُصنف بوصفه صاروخا باليستيا متوسط المدى مزودا بمركبة عودة مناورة، أي رأس حربي قادر على تعديل مساره بشكل موجّه أثناء التحليق.

يتكون الصاروخ من قسمين؛ الجزء الأول يتألف من محرك أساسي يبلغ طوله 10 أمتار، ويمتلك القدرة على دفع الصاروخ بسرعة فائقة داخل الغلاف الجوي وخارجه، وينفصل عن الرأس الحربي على مسافة مئات الكيلومترات من الهدف المنشود.

أما الجزء الثاني، الذي يبلغ طوله 3 أمتار و60 سنتمترا، فهو الجزء الذي يحمل الرأس الحربي الموجّه ويحتوي على محرك كروي وفوهة متحركة تمكنه من المناورة في كافة الاتجاهات.

وتبدأ مهمته بعد انفصال الجزء الأول أي قبل بلوغ المنطقة الخاضعة لتهديدات العدو، فيشرع بالدوران والمناورة ضمن مسار معقد في اتجاهات وارتفاعات مختلفة للإفلات من منظومات الدفاع الجوي.

ويعتمد الصاروخ في التوجيه على نظام الملاحة بالقصور الذاتي مع إمكانية التحديث عبر الأقمار الاصطناعية، كما هو الحال في العديد من الصواريخ الإيرانية الحديثة، ويتيح ذلك تصحيح المسار أثناء الطيران.

يتميز صاروخ "فتّاح 1" بأنه يعمل بالكامل بالوقود الصلب، مما يمنحه ميزة سرعة التحضير للإطلاق مقارنة بصواريخ الوقود السائل. وتظهر التسجيلات الرسمية لحظة الكشف عن الصاروخ بحضور قيادات الحرس الثوري والرئيس الإيراني في يونيو/حزيران 2023، مع الإشارة إلى إجراء تجارب طيران له في وقت سابق من العام نفسه.

وبحسب التسلسل الزمني الرسمي، أُعلن عن تطوير "فتّاح 1" أول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 خلال فعالية بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة العميد حسن طهراني مقدم، الذي يُعرف اليوم بأنه أبو البرنامج الصاروخي الإيراني.

وقد صُوِّر الصاروخ في الإعلام الإيراني كقفزة نوعية في تكنولوجيا الصواريخ، مع التأكيد على أنه موجّه بدقة "ولا يمكن تدميره بصاروخ آخر" بفضل قدرته على المناورة على ارتفاعات ومسارات متغيّرة. كما تدّعي إيران أن بإمكانه تجاوز أكثر منظومات الدفاع الجوي تطورا في الولايات المتحدة وإسرائيل.

The domestically-developed hypersonic missile "Fattah", #Iran IRGC's most recent achievement, was unveiled on Tuesday morning (June 6) in the presence of President Ebrahim Raisi. pic.twitter.com/wzwUTRR3ez

— IRNA News Agency (@IrnaEnglish) June 6, 2023

إعلان صاروخ فتّاح 2

أعلنت إيران أيضا عن إصدار متطور يحمل اسم "فتّاح 2″، وكشفت عن هذا الطراز في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 خلال معرض القوة الجوفضائية للحرس الثوري بحضور المرشد الأعلى علي خامنئي. وخلال مراسم الكشف عنه، شدد المسؤولون الإيرانيون على أن "فتّاح 2" منتج محلي بالكامل وإنجاز تقني فريد.

تشير التقارير الرسمية وآراء المحللين إلى أن الهيكل الخارجي للصاروخ يشبه النسخة الأصلية منه، لكن الحرس الثوري أعاد تصميم رأسه الحربي ليغدو رأسا انزلاقيا مزودا بمحرك صغير مستقل. بهذا يصبح صاروخ "فتّاح 2" منظومة ذات مرحلتين: الأولى عبارة عن معزز دفع صلب مشابه للمستخدم في نسخة "فتّاح 1″، والثانية رأس حربي متخصص فرط صوتي ينفصل بعد الإطلاق وينزلق بسرعة عالية نحو الهدف.

وتفيد المعطيات المتاحة بأن الرأس الحربي في صاروخ "فتّاح 2" مزود بمحرك صاروخي صغير يعمل بالوقود السائل في قاعدته، ويمنح الرأس دفعة أخيرة فور الانفصال، ثم يواصل انزلاقه بسرعات فرط صوتية عبر الغلاف الجوي.

إيران تقول إنه بإمكان صاروخ فتاح 2 التغلب على أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطورا (الصحافة الإيرانية)

 

وبهذا، يصبح من النوع الثاني الذي ذكرناه "المركبات الانزلاقية الفرط صوتية"، وهي مركبة تُطلق عبر صاروخ، ثم تنفصل لتناور وتنزلق بسرعة تتجاوز 5 ماخ.

ولا تتوافر حتى الآن بيانات رسمية كثيرة عن الأداء الميداني لصاروخ "فتّاح 2″، غير أن بعض المحللين، استنادا إلى تصريحات إيرانية، يقدّرون سرعة الرأس الحربي أثناء مرحلة الانزلاق بما يتراوح بين 5 و10 ماخ، وتشير بعض التحليلات الأخرى إلى أن رقم "10 ماخ" ظهر في بعض المصادر، لكن من غير الواضح كم يدوم الحفاظ على هذه السرعة. لكن الواضح أنه صُمم ليحلق دائما بسرعات تتجاوز 5 ماخ.

أما المدى، فقد ألمحت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن النسخة الجديدة قد يتخطى مداها النسخة الأصلية البالغ 1400 كيلومتر ليصل إلى حدود 1500 إلى 1800 كيلومتر، رغم وجود تقديرات مستقلة ترى أن المحرك لم يتغير جوهريا، مما يرجح بقاء المدى قريبا من 1400 كيلومتر.

يستمر نظام التوجيه في هذه النسخة أيضًا بالاعتماد على الملاحة بالقصور الذاتي مع إمكانية تحديث المسار، ويحمل الرأس الحربي شحنة تقليدية مماثلة لتلك المستخدمة في "فتّاح 1".

وتكمن ميزة "فتاح 2" الجوهرية في رأسه الحربي الانزلاقي القادر على المناورة، مما يسمح بتغيير المسار خلال الهبوط، وضرب الأهداف من اتجاهات غير متوقعة وبسرعة عالية. هذا النوع من الرؤوس الحربية يشكل تحديا ضخما أمام منظومات الدفاع الصاروخي، لأنه لا يتبع مسارا باليستيا تقليديا يمكن التنبؤ به.

وفي أبريل/نيسان 2024، وفقًا لمعلومات نشرتها قناة "برس تي في" الإيرانية الرسمية، نجح الحرس الثوري الإيراني في استخدام صاروخ "فتّاح 2" عمليا حين استهدف بنجاح بنى تحتية عسكرية إسرائيلية حساسة.

وأكدت شبكة "إيه بي سي نيوز"، نقلا عن مسؤول أميركي، أن الضربة أصابت قاعدتين جويتين في إسرائيل، وتعرضت قاعدة "نيفاتيم" الجوية لأضرار كبيرة. وشملت الأهداف بنية تحتية حيوية، من بينها طائرة نقل عسكرية ومدرج للطائرات ومنشآت تخزين.

وبالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن تواصل إيران مساعيها لتطوير صواريخها الفرط صوتية وسط تقارير تشير إلى توجهات نحو إصدارات بمدى أطول يتجاوز 1400 كيلومتر أو برؤوس حربية أثقل وزنا. كما قد تسعى إلى دمج أنظمة توجيه متطورة أو تطبيق تقنيات تصغير حديثة بهدف رفع كفاءة الأداء وتحسين قدرات المناورة والدقة في إصابة الأهداف.

في النهاية، هل ستحسم الصواريخ الفرط صوتية الحرب؟ الإجابة ستكون لا على الأرجح، فالحروب تُخاض بالتحالفات واللوجستيات، والتوقيت قد يكون أهم العوامل! فهذه الصواريخ ستحدد إيقاع الحرب لأن الإسرائيليين، الذين كان لديهم ساعات في السابق لتوقع أي تهديد أو الرد عليه، صاروا يحتاجون إلى دقائق، والآن قد لا تسعفهم الثواني.

مقالات مشابهة

  • إنزاجي: علينا مواجهة سالزبورج بنفس القوة التي كنا عليها أمام ريال مدريد
  • باكستان ترشح دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام
  • الهند: لن نعيد العمل بمعاهدة مياه نهر السند مع باكستان
  • الأزمة الدبلوماسية تتصاعد.. الهند تعلن تعليق معاهدة مياه السند مع باكستان
  • حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع بين باكستان والهند؟
  • نيودلهي لن تعيد العمل بمعاهدة نهر السند وستحرم باكستان من مياهه
  • باكستان ترشح ترامب لـنوبل بعد تدخله لوقف الحرب مع الهند.. الأخيرة نفت الوساطة
  • باكستان ترشح ترامب لجائزة نوبل للسلام تقديرًا لدوره في نزع فتيل التصعيد مع الهند
  • باكستان ترشح ترامب لجائزة نوبل للسلام لدوره في وقف التصعيد مع الهند
  • ما هي صواريخ إيران الفرط صوتية التي ترعب إسرائيل؟