التوظيف في الشركات الصغيرة والمتوسطة.. بين التحديات والفرص
تاريخ النشر: 4th, May 2025 GMT
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
أصدرت وزارة العمل مؤخرا قرارًا يُلزم المؤسسات التجارية التي مرَّ على تأسيسها أكثر من عام بتوظيف مُواطن عُماني واحد على الأقل خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ الإشعار، ويأتي هذا التوجُّه في إطار جهود الحكومة لتعزيز التعمين ورفع معدلات التوظيف في القطاع الخاص، في ظل التحديات المرتبطة بزيادة أعداد الباحثين عن عمل وتغيرات سوق العمل.
ويُمثِّل هذا القرار خطوة إيجابية من حيث المبدأ، خاصةً وأنَّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل أكثر من 96% من إجمالي السجلات التجارية في سلطنة عُمان، وتُعد ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، إلا أنَّ التطبيق الفوري لمثل هذه القرارات قد يفرض تحديات كبيرة على هذه الفئة من الشركات، التي غالبًا ما تكون في مراحل التأسيس أو التوسع وتُعاني من محدودية السيولة والموارد البشرية.
تشير التقديرات إلى أنَّ تكلفة الحد الأدنى لتوظيف مواطن عُماني قد تتجاوز 450 ريالًا عُمانيًا شهريًا، شاملة للراتب الأساسي والاشتراكات التأمينية والتكاليف التشغيلية المُصاحِبة، وهذا العبء المالي قد يكون غير مُمكن أن تتحمله بعض المؤسسات الناشئة، خصوصًا في ظل غياب موظفين بدلاء أو دعم مباشر في مرحلة التوظيف، كما إن بعض الأنشطة التخصصية، مثل التقنية أو الخدمات الفنية، قد تواجه صعوبة في إيجاد كوادر عُمانية مؤهلة؛ مما يضطر الشركات إلى تحمل تكاليف تدريب إضافية أو مواجهة ضعف في جودة الإنتاج.
من جهة أخرى، يوفر القرار فرصًا يمكن استثمارها إذا تم تفعيله بطريقة متدرجة ومتكاملة؛ إذ أطلقت الحكومة عددًا من البرامج المساندة مثل برنامج "فرص" وبرنامج "دعم الأجور"، إلى جانب حوافز للمؤسسات الملتزمة بالتوظيف الوطني مثل الأفضلية في المناقصات الحكومية وتسهيلات التمويل، كما إن تعيين موظفين عُمانيين في المراحل الأولى من نمو المؤسسة يسهم في تعزيز فهم السوق المحلي وتحسين صورة المؤسسة لدى المجتمع وصنّاع القرار.
وعند النظر إلى تجارب دول أخرى، يتضح أن تطبيق سياسات التوطين يتطلب موازنة دقيقة بين التشجيع والالتزام، فعلى سبيل المثال، اعتمدت المملكة العربية السعودية نظام "نطاقات المطور" الذي يربط نسب التوطين بحجم الشركة ونشاطها ويُرافقه دعم مالي مباشر من صندوق "هدف". فيما تبنت الإمارات نموذجًا مرنًا يفرض نسبة توطين سنوية محددة لكن يقرنها بحوافز وإعفاءات ورسوم تنافسية. وفي سنغافورة، فرضت الحكومة رسومًا على تصاريح الأجانب وتوظيف هذه العائدات في برامج تدريب وتأهيل المواطنين، ما مكّنها من تعزيز التوظيف المحلي دون التأثير سلبًا على بيئة ريادة الأعمال.
إنَّ نجاح مثل هذا القرار يتوقف على مرونة تطبيقه وقدرة الحكومة على توفير بيئة ممكنة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سواء عبر برامج دعم مادي مباشر، أو شراكات مع القطاع الخاص لتأهيل الباحثين عن عمل، أو من خلال منح فترات سماح وتدرج في الإلزام حسب حجم النشاط وطبيعة القطاع.
وأخيرًا.. إنَّ المعادلة المُثلى تكمن في ضمان التوظيف الحقيقي لا الرمزي، وتحقيق توازن عادل بين توفير فرص العمل للمواطنين وحماية استمرارية ونمو المؤسسات التي تُشكّل العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يستعرض جهود الوزارة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة أمام لجنة النواب
استعرض علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أمام لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمجلس النواب برئاسة النائب محمد كمال مرعي رئيس اللجنة، الدور الذي تقوم به الوزارة لدعم هذا القطاع الهام.
وأكد الوزير على الاهتمام الكبير الذي توليه الوزارة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والدور الهام لهذا القطاع في تنمية الاقتصاد المصري، كما أشار إلى بعض ما تم من خلال قطاعات الوزارة المختلفة في هذا الشأن.
وأوضح فاروق أنه فيما يتعلق بقطاع تنمية الثروة الحيوانية، فقد حقق مشروع دعم صغار مربي البتلو بالتعاون مع البنك الزراعي والبنك الأهلي نجاحا كبيرا، حيث تم دعم أكثر من 44 ألف مربي بقروض ميسرة تجاوزت قيمتها 9.2 مليار جنيه. كما لفت إلى مشروع تطوير مراكز تجميع الألبان بحافظة إقراض تبلغ 250 مليون جنيه، ومشروع العجلات العشار المحسنة وراثيًا الذي استفاد منه نحو 200 مستفيد بقيمة 25 مليون جنيه.
وقال إنه فيما يتعلق بالجهاز التنفيذي لمشروعات التنمية الشاملة، فقط تم تخصيص نحو 160 مليون جنيه كمنح وقروض ميسرة في مناطق متنوعة مثل شمال وجنوب سيناء ومطروح وحلايب وشلاتين ومحافظات الصعيد، وذلك بالشراكة مع برنامج الغذاء العالمي ووزارة التضامن الاجتماعي، لافتا إلى دور مركز بحوث الصحراء في دعم سكان المناطق الصحراوية من خلال توزيع شتلات الزيتون واللوز ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني بمنح إجمالية بلغت نحو 90 مليون جنيه.
واستعرض الوزير أيضا جهود مشروع دعم الاستثمارات الزراعية (سيل) الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع منظمة الإيفاد، حيث قدم منحًا بقيمة نحو 40 مليون جنيه وفتح خط إقراض بقيمة 585 مليون جنيه من خلال برنامج التنمية الزراعية وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما سلط الضوء على مشروع دعم وتعزيز القدرات التسويقية لصغار المزارعين بالريف (برايم)، والذي يتم تنفيذه ايضا مع منظمة الإيفاد، حيث تم فتح حافظة إقراض بقيمة نحو 1.36 مليار جنيه، استفاد منها نحو 40 ألف مقترض ووفرت 42 ألف فرصة عمل مباشرة.
وقدم الوزير عرضًا تفصيليًا لأنشطة برنامج التنمية الزراعية (ADP)، مشيرًا إلى أن البرنامج يدير حاليًا 8 مشروعات، وبلغ إجمالي القروض الممنوحة منذ بدايته وحتى 30 أبريل 2025 نحو 12.146 مليار جنيه، استفاد منها 437،108 مستفيدًا، حيث حقق البرنامج نتائج إيجابية غير مسبوقة خلال الفترة من يوليو 2024 وحتى أبريل 2025، وبلغت الموافقات على القروض نحو 1.25 مليار جنيه.
وأكد الوزير على أن البرنامج يتيح التمويل بأسعار عوائد تناقصة بسيطة تتراوح بين 5% و11.5%، حيث يتم اتاحة التمويل للشركات المتوسطة والصغيرة والجمعيات الزراعية بانواعها كحد اقصي 8 مليون جنية للنشاط الواحد و12 مليون جنيها مصريا لاكثر من نشاط.
وأوضح أن البرنامج يستهدف تحقيق معدلات نمو في محفظة التمويل تبلغ نحو 47% بتمويل قدره 1.730 مليار جنيه حتى يونيو 2026، كما يخصص 10% من العائد على فائض الأموال المستثمرة لتغطية تكلفة القوافل البيطرية والحملات الإرشادية، حيث بلغت مساهمة البرنامج لهذا الغرض نحو 190 مليون جنيه، بالإضافة إلى مساهمة البرنامج بمبلغ 250 مليون جنيه ضمن منصة تمكين بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لدعم المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة.
وخلال اجتماع اللجنة تم استعراض بعض نماذج لقصص النجاح التي ساهم فيها البرنامج بشكل مباشر، اهمها استصلاح واستزراع الاراضي وزيادة الانتاجية والمبيعات للشركات وانعكاس ذلك علي زيادة توفير فرص العمل.