بسم الله الرحمن الرحيم
الضيوف الكرام، دونَ تخصيصٍ ودونَ ألقاب،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
ها أنتم معنا في هـذه الأمسيّةِ، أيّها الأعزاء لنقتسم مشاعـر الحُزن في رحيل رمزٍ من رموزِ السُّــودان السّـامقة، وفي غيابِ نجم ٍ بثَّ شعاعاً أصيلاً في سَماءِ الابداعِ الســوداني. رحلَ في نهاية سبتمبر من العام الماضي شاعرنا الذي سـطع نجـمه في الشِّعر منذ سنوات ستينات القـرن الماضي، ثمّ دبلوماسـياً مثَّل بلاده عربيـاً وأفريقـيـاً، كما مثلها في أوروبا وآســيا والولايات المتحدة، بأصـدقِ ما يكون التمثيل.


لـقـد أثرَى الرّاحل المُقـيــم ســاحات الأدبِ والفكرِ في السُّــودان بإسـهامات أهَّلـتـه ليحتلّ فيها مكانا مرموقـاً، فجعلَ مِـن ابداعـِـه الشِّـعـريِّ صـــوتاً يُحــدّث عـن هُــوُيّـةِ أمَّـتـهِ، إذ لفـتَ الأنظــار إلى عـمـيقِ تجذُّرِ انتمائها افريقياً وعربياً، تاريخاً وجغرافـيا. ثم كان كـتـابُه غـيـرُ المسبوْقِ عن أصــول الفكـر الســوداني، هـو "مانيفسـتو" إبداعـه الذي حـرَّك ميــاه الابداع الفكـري والأدبـي باخـتـراقات جريئـة، وبمشــاركة مـن بعض شــعـراءٍ مِـن جيـله فـي السّـودان، بمـا عُـرف بمدرســــة "الغابة والصحراء"، تيــاراً يستصحب جذور الانتماء إلى السّودان الوطن، بصلابة أعوادِ الغاب ونعومـةِ رملِ الصَّحـارى.
الأعزاء الضيوف،
مَـن اشــترَى تشـريفكم لـنا وحضوركم، قـد اشــترى فـرحـاً بحُزن أو اشـترى بالحُزن فرحـاً مُسـتداما. تلـك استعارة من صيــاغات الرَّاحل المُقـيم، مبثوثة لامعـة في شعره ونظمه، بل وأكثر في نثره الذي سنفاجئ بهِ مُحبَّي كتاباته، روايةً تعتّقـتْ-ربَّما لتطيْبَ في خِبـاءِ العامِـريّة - لأكثر من ثلاثيـن عـاما. لقـد تركَ لنا فــي رحـيـله السَّــرمديِّ، ما يزيد ابداعه تنـوُّعاً وابهاراً وادهاشـاً، هــديةً هيَ روايتُـهُ المُدهـشة "آخــرُ العنابِسـة"، وهي بين أيديكم..
أيّها الأعزّاء الكرام،
هَيَ ظروف ٌ قاسـية تلك التي أبعدتْ شاعرَنا وسفيرَنا الرّاحل، عن أمَّـتـهِ التي تغـنَّى لهـا بأجـوَدِ شِـعـرٍ وأجملِ نشـــيدٍ، وبإخــلاصٍٍ ووفـاءٍ كالـذي خَـدم بهِ دبلـوماسـية بلاده بمهنيةٍ واقـتـدار. ضيَّقَ عليهِ نظامٌ سلطويّ شموليٌّ غاشِـم، فـنزحَ نزوْحاً قـسريّاً إلى الولايات المتحدة، ليقـيم فيها لنحو ثلاثين عـاما حسـوْما. لكنّهُ آثر العـودة للوطـن الذي أحبّْ وقد تناهشتهُ أصــابعٌ وأنيـابُ فاستعصى علـيه الوصــول إلــيه فارتضى أرض الكنانة مهبطاً ومقاما.
أيّها الضّيوف الكرام،
إنّ اجتماعَنا هـنا هو للاحتـفاء والتكريم، والتذكير بمـآثر الرَّاحلِ المُقيم محمد المكي وابداعاته الثرّة، فـنزيد تعـريفـاً بها لجيلٍ ناهـضٍ في السّـودان ومصـر وفي عالمنا العـربي، ومِن حقّهم عـلينا ووفاءاً له، أنْ نُلقيَ إضــاءاتٍ عـنهُ وشهادات تليقَ بمقامـهِِ وبإبداعِـه. سـتسمعون خلال هذه الفعالية وتشــاهدون أنماطُـاً ممّـا ترك الرّاحلُ ونمـاذج مـِن ابداعـِهِ: نثره وشــِعـره وَغـنائيـاته، يقدمها شـبابٍ ناهِضٍ، جـاءَ مِـن صُلب أمّـتـهِ التي تغنّى بعظمتها الرّاحل المُقـيم.
ولعلَّ ما أثلج صدورنا أنْ تلاقتْ فعاليتُنا لتكريمِ روحِ الرَّاحلِ وابداعـهِ، مع إخوتِنا في وادي النيل في نقابة اتحاد كتاب مصر، ولفيفٍ مِن شُعرائها وإعلامييها، فهُـم منّا ونحنُ منهم، وشاركونا بقلوبٍ صافية وصادقة تأبين وتكريم أديبنا الرّاحل.
أودُّ ختاما أيّها الأعزاء، تقـديمَ الشّـكرِ للأسـرةِ المكلومة، وللسـيّدة الجلـيـلة رفـيقة مســيرته، ولأرومَـة الرّاحـل ِ في عروْسِ الرِّمال، ولمَن دعَـمَ وأسهَمَ، وأبرزهم "سوداني"- الاتصالات، ومركز التسامح في الدّقي بالقاهرة الذي استضاف كلَّ اجتمــاعات اللجنـة العلـيا. أمَّا الجامعة الأمريكيـة في القـاهـرة، فإنَّ منّـا لـقـادتها ومســاعديهم، كامل الامتنان للمَكْـرَمةِ التي طوّقـوا بـها أعـنـاقـنــا بإتاحتهـم أكبـر صالاتها لاسـتضافة هذه الفعاليـة. ويمتـدََّ التقــدير لأفراد من السُّـفراء المتقاعـدين، وسِـــواهم مِمَّـن هََـزّ رحيلُ الرّاحـلِ رحمهُ الله، صمـيم وجــدانهم. وللشّــابات وللشّــبَّان اللائي في لجـنــتي وقـد أخلصــوا البــذلَ والعطاءَ، كثير تقديري، ثمَّ لكلِّ مَن جمعتهم مَحبّـةُ الرَّاحـل مِـن أدبــاءٍ وفـنانيــن ومطــربيـن وموســيقييـن ومسـرحييـن وتشكيلييـن ومخــرجيـن، آملاً أن يكون في بذلهـم وعروضهم ما ينـال الرِّضـا.
والسّلام على الرّاحل المقيم في عليائه، ثمّ السلام عليكم أنتم ورحمة الله تعالى.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الر احل

إقرأ أيضاً:

لقطات نادرة تظهر تجمع المصلين في الحرم المكي قبل 51 عامًا.. فيديو

خاص 

استعرض مقطع فيديو جميل تجمع المصلين حول الحرم المكي قبل 51 عامًا.

وأظهر المقطع تجمع المصلين حول الحرم المكي، وهم يرتدون ملابس الإحرام ويؤدون الصلاة في محيط الكعبة المشرفة.

وكما أظهر الفيديو تنقل المصلين داخل الحرم، وسط أجواء تتميز بالراحة والسكينة والإيمان.

والجدير بالذكر أن هذا الفيديو عالي الجودة تم تصويره تحديدًا عام 1394هـ – 1974م.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/05/mNyI9imyHAK98c70.mp4

مقالات مشابهة

  • لقطات نادرة تظهر تجمع المصلين في الحرم المكي قبل 51 عامًا.. فيديو
  • بالصور.. اجتماع اللجنة العليا لمهرجان المسرح المصري لمناقشة تفاصيل الدورة الـ 18
  • مدير مطار صنعاء: تم نقل الفوج الأول من حجاج بيت الله الذي يضم 247 حاجا عبر مطار صنعاء الدولي
  • لتعزيز سبل التعاون .. رئيس البحوث الزراعية يلتقي السفير الأوزبكستاني بالقاهرة
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس إريتريا بذكرى الاستقلال
  • عدد ركعات صلاة الضحى.. اعرف سر رقم 360 الذي يعادلها
  • اللجنة العليا لمهرجان المسرح المصري تعقد اجتماعها لمناقشة تفاصيل الدورة 18
  • وفيات الجمعة .. 23 / 5 / 2025
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • ابراهيم هنأ رؤساء البلديات والمخاتير: نأمل عملًا جدّيًا في خدمة المواطنين