دراسات: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقتل التفكير النقدي لدينا
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
وُجد الذكاء الاصطناعي ليكون عونا للبشر ومساعدا في تحسين الكفاءة وحل المشكلات بحسب ادعاء الشركات التي ترعاه، وبالمقابل قد يجعل هذا الذكاء الاصطناعي في يوم من الأيام البشر عديمي الأهمية، ولكن ليس بالطريقة التي تعتقدها.
فبدلا من أن يصل الذكاء الاصطناعي إلى قدرات تضاهي أو تتفوق على البشر ليحل محلهم، يمكن أن نصبح معتمدين بشكل كبير على هذه الأدوات، وبالتالي ستدهور قدراتنا في التفكير والاعتماد على الذات.
نبدأ بدراسة أجرتها الشركة العملاقة مايكروسوفت بالتعاون مع جامعة كارنيغي ميلون والتي وجدت أنه كلما اعتمد البشر على أدوات الذكاء الاصطناعي لإكمال مهامهم قل التفكير النقدي لديهم وقل اعتمادهم على أنفسهم، وبالتالي يُصبح من الصعب استخدام مهاراتهم عند الحاجة إليها.
واستطلع الباحثون آراء 319 عاملا في مجال معالجة البيانات والمعلومات، وطلبوا منهم تقديم تفاصيل عن آلية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في مكان العمل، كما طُلب من المشاركين تقديم تقارير حول المهام الموكلة إليهم وعن حاجتهم لاستخدام الذكاء الاصطناعي لإكمالها، كما سئلوا عن مدى ثقتهم في قدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بمهامهم وهل هم قادرون على تقييم الناتج النهائي، وما مدى ثقتهم بأنفسهم في إتمام نفس المهمة بدون أي مساعدة من الذكاء الاصطناعي.
إعلانوأظهرت الدراسة أن العمال -الأكثر ثقة بقدرات الذكاء الاصطناعي في إكمال مهامهم- كانوا أقل ميلا للتفكير النقدي في عملهم، مما يفتح الباب أمام الاعتماد الزائد على التكنولوجيا دون مراجعة نتائجها، ومن اللافت أن هذا الأمر كان واضحا بشكل خاص في المهام البسيطة والتي كانت درجة الحرص أقل، وقد حذّر الباحثون من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يؤدي على المدى الطويل لإضعاف مهارات الأشخاص في حل مشكلاتهم بشكل مستقل.
وبالمقابل، عندما كان العمال أقل ثقة في قدرة الذكاء الاصطناعي على إكمال المهمة الموكلة، كانوا أكثر اعتمادا على مهارات التفكير النقدي لديهم، وكانوا واثقين من أنفسهم في تقييم ما أنتجه الذكاء الاصطناعي وتحسينه بمفردهم.
ومن جهة أخرى وجدت هذه الدراسة أن المستخدمين -الذين يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي- تميل نتائجهم إلى أن تكون أقل تنوعا مقارنة بأولئك الذين يعتمدون على أنفسهم. وهذا يتماشى مع المنطق، فإذا كنت تستخدم الذكاء الاصطناعي لإكمال مهمة ما فستكون محدودا بالنتيجة التي يُظهرها لك والتي جاءت بيانات التدريب.
وليست هذه الأدوات آلات أفكار غير محدودة فهي تعمل بما لديها فقط، لذا من المنطقي أن تكون مخرجاتها أكثر تجانسا، وقد كتب الباحثون أن هذا النقص في النتائج المتنوعة يمكن تفسيره على أنه تدهور في التفكير النقدي لدى العاملين.
في دراسة نُشرت في مجلة "سوسايتز" (Societies) أجرى فريق من الباحثين دراسة شملت 666 فردا بعمر 17 سنة وأكثر ينتمون إلى مجموعات سكانية متنوعة، وقامت الدراسة بتقييم مدى استخدام كل منهم لأدوات الذكاء الاصطناعي ثم اختبرت مهاراتهم في التفكير النقدي. وقد وجدت النتائج أن أولئك الذين استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي بكثرة أظهروا قدرات تفكير نقدي متدنية مقارنة بأولئك الذين لم يستخدموها بكثرة أو لم يستخدموها على الإطلاق.
إعلانولم يكن لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي تأثير على التفكير النقدي فقط، بل وصل إلى التحصيل العلمي. ويرجع السبب إلى ظاهرة "التفريغ المعرفي" الذي يشير إلى العملية التي يقوم من خلالها الأفراد بتقليل الجهد العقلي من خلال استخدام أدوات أو تقنيات خارجية، وهذا يؤدي في النهاية إلى تقليل التفكير وحل المشكلات بشكل ذاتي.
وفي دراسة أخرى نشرتها المكتبة الوطنية الأميركية للطب والتي جمعت استطلاع رأي 285 طالبا، وجدت أن 68.9% من الكسل و27.7% من سوء صنع القرار كان نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي، إذ استخدم معظم الطلاب أدوات الذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل البيانات والإجابة عن الأسئلة وأتمتة المهام، وقد وجدت الدراسة أدلة متعددة تدعم حقيقة أن الذكاء الاصطناعي يؤثر سلبا على تنمية مهارات التفكير النقدي والاعتماد على الذات.
وقد نظرت الدراسة لهذا من ناحية طبية وتبين أنه كلما زاد استخدام الناس للآلات مثل "شات جي بي تي" في التفكير نيابة عنهم، زاد اعتمادهم على هذه الآلات. وهذا الاعتماد يؤثر سلبا على عمليات الإدراك في الدماغ، كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على الإجابات بدلا من بذل جهد في التفكير والتجربة سيقلل من "الاحتياطي المعرفي" ويؤثر على الترابط بين خلايا الدماغ السليمة وبالتالي ينتج عنه دماغ أقل مرونة في حل المشكلات والتكيف مع التحديات.
وتقول الدراسة إن إنشاء ترابط بين خلايا دماغك والحفاظ عليه يتطلب استخداما منتظما للأنشطة المحفزة للدماغ مثل تعلم معلومات جديدة ومعالجة المعلومات على مستوى أعمق أو القيام بأي شيء صعب فكريا، ولكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يتخطى كل هذا ويعطي إجابة واحدة دون الحاجة إلى التفكير في السؤال أو المشكلة.
وبدلا من إجراء بحث شامل حول موضوع معين وجمع المعلومات من مصادر متعددة، يُقدم "شات جي بي تي" وغيره إجابة بسيطة ومنظمة وسهلة الفهم، ولكن عندما نعتمد على هذه الإجابات السريعة والسهلة بنقرة زر واحدة فإن خلايا دماغنا تفشل في تكوين ترابطات جديدة ويضيع الكثير منها. ونتيجة لذلك، لا يتطور التفكير النقدي لدينا والذي هو جوهرة مستقبلنا.
إن الخوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على التفكير النقدي لدينا ليس بالأمر الجديد، إذ قال عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ ذات مرة "إن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يعني نهاية الجنس البشري" وللمفارقة فإن هوكينغ كان يستخدم نظاما يعمل بالذكاء الاصطناعي لقول هذا التحذير، ولكن الذي يثير الاهتمام هو أن هذا الكلام حصل عام 2014 قبل انتشار الذكاء الاصطناعي بسنوات.
والجانب المظلم للذكاء الاصطناعي يكمن في التلاعب بالسلوك البشري والذي ينتج عنه قرارات يمكن وصفها بـ"القرارات الخوارزمية" فعندما تتحدث مع الذكاء الاصطناعي فإن إجاباته تأتي على شكل رأي، وهو شيء لا يتشكك فيه الناس غالبا، فثقة توليد المحتوى وأسلوب الكتابة وبنية اللغة التي تشبه بشكل كبير اللغة البشرية كلها تساهم في توليد شعور بوجود إنسان في الطرف الآخر وليس آلة، ونتيجة ذلك لن يتحقق الكثيرون من الحقائق الكامنة وراء المحتوى الذي يتلقونه.
وليكون الأمر واضحا دعونا نعود إلى بضعة عقود مضت، عندما ظهر محرك بحث غوغل -والذي أحدث ثورة في طريقة وصولنا إلى المعلومات، ومثله مثل أي أداة جديدة تختصر حياة البشر- فقد كان له تأثير على قدرتنا العقلية والمعرفية. والجانب المظلم لبحث غوغل آنذاك كان في الاعتماد المتزايد على محركات البحث لتزويدنا بالمعلومات مما يؤثر على كيفية إدراكنا للأشياء.
إعلانوفي دراسة نُشرت في مجلة "ساينس جورنال" (Science Journal) تحت عنوان "الحاسوب في السلوك البشري" وجدت أن الاستخدام المتكرر لمحركات البحث ارتبط بانخفاض مهارات التفكير النقدي وانخفاض القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات وزيادة الاعتماد على محركات البحث للحصول على المعلومات.
وفي دراسة مشابهة نُشرت في مجلة "ساينس دايركت" (Science Direct) تبيّن أن استخدام محركات البحث في الحصول على المعلومات ارتبط بانخفاض المهارات الإبداعية والقدرة على حل المشكلات.
ويكمن الفرق بين بحث غوغل و"شات جي بي تي" في أن الأول يوفر خيارات ونتائج متعددة وقد تكون مختلفة أيضا، وهذا يجبر المستخدمين على البحث العميق والاستكشاف للوصول إلى المعلومة المناسبة، ولكن "شات جي بي تي" يُقدم إجابة واحدة جاهزة لا تتطلب استكشافا أو مصادر، وهذه الإجابة البسيطة سيجدها الكثير من المستخدمين أفضل من البحث في النتائج المتعددة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أدوات الذکاء الاصطناعی مهارات التفکیر النقدی الذکاء الاصطناعی على الذکاء الاصطناعی ی الاعتماد على شات جی بی تی فی التفکیر فی دراسة
إقرأ أيضاً:
تعرف على خطة غوغل التي استغرقت 25 عاما للوصول إلى الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي هو أعظم اختراع في عصرنا الحالي، ولكنه لم يكن ليوجد لولا بنية تحتية قوية يعمل من خلالها. تخيل أنك تتابع بناء ناطحة سحاب لعدة أشهر أو حتى سنوات، لا ترى سوى حفرة كبيرة في الأرض ولا يبدو أن هناك أي تقدّم، ثم فجأة، يظهر الهيكل الحديدي وترفع الأعمدة وتُبنى الجدران بوقت قصير، فالجزء الذي نراه جميعا يستغرق وقتا أقل بكثير من العمل الذي حصل تحت الأرض، لأنه من دون أساسات عميقة، لن يصمد المبنى.
الأمر مشابه تماما في عالم الذكاء الاصطناعي، فهناك أجزاء أساسية تُبنى في الخلفية على مدار سنوات أو حتى عقود، وهي غير مرئية للمستخدمين، لكنها ضرورية لتعمل منتجات الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح.
وبحسب تقرير نشره موقع "بزنس إنسايدر" فإن شركة غوغل تمتلك معظم هذه البنية التحتية، كما أن شركات كبرى مثل مايكروسوفت وميتا وأمازون تمتلك بعضها، أما شركة "أوبن إيه آي" فهي تعمل بوتيرة متسارعة لبنائها، وما زال أمامها طريق طويل لتقطعه، وبالنسبة لشركة آبل فهي تفتقر بشكل كبير لبنية تحتية تُشغل ذكاء اصطناعيا خاصا بها وهو ما يشكل تحديا كبيرا لمستقبلها خاصة فيما يتعلق بهواتف آيفون.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المشاكل التقنية قد لا تكون واضحة دائما لأنها تحدث خلف الكواليس، ولكن هذا العام برزت بشكل لافت عندما اضطرت آبل لتأجيل التحديث الكبير لمساعدها الذكي "سيري"، فالشركة تحاول تغيير "سيري" من جذوره ليتماشى مع عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكنها لم تكن مستعدة.
ويتطلب إصلاح "سيري" بالشكل المطلوب إنشاء بنية تحتية من الصفر، وإن لم تنجح في ذلك فقد تضطر للاعتماد على شركات أخرى منافسة، أو الدخول في صفقات استحواذ باهظة.
كيف استفادت غوغل من بنيتها التحتية لتطوير الذكاء الاصطناعي؟تحتاج آبل إلى الكثير من المكونات الأساسية لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن لفهم الصورة بشكل أوضح، يكفي أن نلقي نظرة على ما بنته غوغل خلال العقود الماضية لتكون جاهزة لمواكبة تقدم الذكاء الاصطناعي.
إعلانعلى سبيل المثال، أطلقت غوغل مؤخرا أداة "فلو" (Flow) وهي أداة ذكاء اصطناعي توليدي تساعد المبدعين على إنتاج فيديوهات احترافية بسهولة، لكن خلف هذه الأداة البسيطة ظاهريا، هناك بنية تقنية ضخمة ومعقدة طورتها غوغل على مدى سنوات، كما أن نموذج "فيو" (Veo) -المخصص لتوليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي، وهو الآن في نسخته الثالثة- لم يكن ليوجد لولا مقاطع فيديو يوتيوب التي تدرب عليها. من يملك يوتيوب؟ نعم، غوغل.
وتملك غوغل أيضا نموذج "جيميناي" روبوت الذكاء الاصطناعي منافس "شات جي بي تي"، بالإضافة إلى نموذج "إميجن" (Imagen) لتوليد الصور وهو في نسخته الرابعة.
ولو بحثنا عن منشأ الذكاء الاصطناعي سنجد أن تقنية لمحول (Transformer) التي ابتكرتها غوغل عام 2017 كانت الحجر الأساس الذي جعل الذكاء الاصطناعي ممكنا، بالإضافة إلى معالجات "تينسور" (Tensor) وهي شرائح متقدمة من غوغل.
ولكن القصة لا تنتهي هنا، فشركة غوغل تمتلك كنزا من البيانات، إذ إنها أرشفت محتويات الإنترنت لعقود، وهي تجمع كميات هائلة من المعلومات من مصادر متعددة، وكل هذه البيانات تُستخدم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر قوة ودقة.
في مقابلة أُجريت عام 2000 تحدث لاري بايج المؤسس المشارك لشركة غوغل عن رؤيته للذكاء الاصطناعي، وقال إن "الذكاء الاصطناعي سيكون النسخة النهائية لغوغل، والذي يفهم ما تريد بالضبط ويعطيك الإجابة الصحيحة"، وأضاف أن "الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على الإجابة عن أي سؤال، لأن كل شيء تقريبا موجود على الإنترنت، أليس كذلك؟".
وذكر أن غوغل كانت تمتلك حوالي 6 آلاف حاسوب لتخزين حوالي 100 نسخة من الإنترنت، وقال بايج مبتسما "الكثير من الحوسبة، والكثير من البيانات التي لم تكن متاحة من قبل، ومن وجهة نظر هندسية وعلمية فإن بناء أشياء للاستفادة من هذا يعد تمرينا فكريا مثيرا للاهتمام، لذلك توقعت أن أكون مشغولا بذلك لبعض الوقت".
ويبدو أنه عندما أصبحت غوغل شركة عامة كمزود لمحرك البحث في عام 2004، كانت بالفعل شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي.
وفي عام 2012، حقق الباحثون طفرة كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي عندما دربوا الحواسيب على التعرف على الأشياء وتصنيفها بمجرد "مشاهدتها"، إذ طور أليكس كريزيفسكي وإليا سوتسكيفر وجيفري هينتون -الذي كان مستشارهم في جامعة تورنتو- تقنية "أليكس نت" (AlexNet)، وأسسوا شركة "دي إن إن ريسيرتش" (DNNresearch) التي اشترتها غوغل عام 2013، مكتسبة جميع حقوق الملكية الفكرية بما في ذلك كود المصدر الخاص بها.
وفي عام 2014، اشترت غوغل شركة "ديب مايند" (DeepMind)، وهي مختبر سري للذكاء الاصطناعي يديره ديميس هسابيس ومصطفى سليمان، وهذه الخطوة ألهمت إيلون ماسك لإطلاق شركة الذكاء الاصطناعي "أوبن إيه آي" كقوة مقابلة تنافس غوغل في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقد مضى على ذلك أكثر من عقد من الزمن، والآن أصبحت "ديب مايند" بقيادة هسابيس جزءا أساسيا من غوغل، وتقود كثيرا من مشاريع الذكاء الاصطناعي المهمة لديها، بينما يدير سليمان مشاريع الذكاء الاصطناعي الكبيرة في مايكروسوفت.
إعلانوقبل مؤتمر "غوغل آي/أو" عام 2016، استعانت الشركة بمجموعة من الصحفيين لتعريفهم بمفهوم "تعلم الآلة" -وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي- وقضى هينتون ورواد الذكاء الاصطناعي الآخرون ساعات وهم يشرحون كيفية عمل هذه التقنية المعقدة، وفي العام ذاته كشفت الشركة عن "تي بي يو" (TPU)، وهي سلسلة من شرائح الذكاء الاصطناعي طورتها داخليا والتي تنافس وحدات معالجة الرسومات من شركة "إنفيديا".
وتستخدم غوغل هذه الشرائح في مراكز بياناتها الخاصة كما تؤجرها لشركات ومطورين آخرين عبر خدمتها السحابية، كما طورت إطار عمل للذكاء الاصطناعي يسمى "تينسورفلو" (TensorFlow) لدعم مطوري تعلم الآلة.
وتُخطط غوغل لإنشاء مراكز بيانات ذكاء اصطناعي بقيمة 75 مليار دولار هذا العام، ولتشغيل كل هذه المراكز أبرمت غوغل مؤخرا صفقات لتطوير 3 محطات نووية لتوفير طاقة كافية تُشغل مراكزها.
في عام 2018، بدا وكأن جهود شركة آبل في مجال الذكاء الاصطناعي قد بدأت تتجه نحو الطريق الصحيح. ففي بداية ذلك العام، جمع كرايج فيديريجي رئيس قسم البرمجيات في آبل كبار موظفيه وأعلن عن تعيين شخصية بارزة جديدة، حيث استقطبت الشركة جون جياناندريا من غوغل ليكون رئيس قسم الذكاء الاصطناعي لديها، والذي كان يدير مجموعات البحث والذكاء الاصطناعي في غوغل، بحسب تقرير من "بلومبيرغ".
ولكن، رغم ذلك ما زالت شركة آبل تفتقر للعديد من العناصر الأساسية أهمها البنية التحتية، فهي لا تدير العديد من مراكز البيانات الكبيرة، وتستعين بمنشآت غوغل من أجل مشاريع مهمة، فعندما يقوم مستخدمو أجهزة آبل بعمل نسخ احتياطية على "آيكلاود"، غالبا ما تُخزن هذه النسخ في مراكز بيانات غوغل، وفيما يتعلق بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي من آبل التي تُشغل "آبل إنتلجنس"، فقد طلبت آبل وصولا إضافيا إلى شرائح "تي بي يو" من غوغل لتنفيذ تدريبات للنماذج.
يُذكر أن آبل تمتلك الكثير من البيانات لكنها حذرة في استخدامها لتطوير الذكاء الاصطناعي بسبب مخاوف تتعلق بخصوصية المستخدمين، وقد حاولت معالجة الذكاء الاصطناعي على الأجهزة مثل آيفون، لكن هذه المشاريع تحتاج إلى قوة حوسبة ضخمة لا توفرها إلا مراكز البيانات.
ومن جهة أخرى كانت آبل بطيئة في جذب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، فلم تسمح للباحثين بنشر الأوراق البحثية علنا أو فرضت قيودا على ذلك، حيث كان ذلك عنصرا أساسيا في استقطاب المواهب الحيوية على مدار سنوات عديدة.