رغم أن الطرق الموازية للطرق العامة والسريعة شيىء من " التخطيط الهندسى والعمرانى" الشديد الأهمية، والتى تعمل النظم الإدارية فى دول العالم على التوسع فى إنشاؤه وتحسين الخدمات عليه وصيانته، والإشارة إلى " عدد الطرق الموازية كإنجاز بشرى " هام مثلما حدث فى نفق (سويسرا – إيطاليا) وهو طريق موازى للطريق البرى بين الدولتين إلا أنهم بإنشائهم لهذا الطريق الموازي " النفق " إحتفلوا وإحتفلنا معهم به.

           إلا أن وجود " أسواق موازية " فى أمور أخري يعتبرشىء من " العبث والخلل " الذى تتداركه المجتمعات وتعمل على إنهائه وإيقافه سواء بالقوانين والتشريعات الجديدة، أو ملاحقته بآليات الأمن والقضاء إن أمكن!!
وعلى سبيل المثال وليس الحصر فقد جربنا وجود " أسواق موازية " وما زالت بعضها موجود ويمثل خطورة وتشوه فى حياتنا الإجتماعية والإقتصادية.
نحن للأسف الشديد نعيش فى " سوق موازية للنقد الأجنبى " حتى بعد إتخاذنا لعدة إجراءات لرفع سعر الصرف " للدولار أمام الجنيه المصرى " ولكن دون دراسة كافية للأسف الشديد!!
مما أوصلنا إلى نتائج بالغة السوء فى سعر الصرف، حيث تعامل البعض مع الدولار على أنه "سلعة" تقتنى ويتم الاتجار فيها، وليست وسيلة لدفع المستحق وخاصة فى الأسواق الخارجية، أمام سلع نستوردها أو خدمات تؤدى هناك خارج الوطن.
ولعل ما تم إتخاذه حتى اليوم من إجراءات ضد سوق الصرافة، والمتعاملون خارج البنوك بالعملة الأجنبية، هى فى حد ذاتها كانت وسيلة من وسائل الحكومة فى حصولها على  " النقد الأجنبى من السوق السوداء " أو ما تعرف بالسوق الحرة، وهى فى حقيقة الأمر ليست حرة على الإطلاق، فهى سوق " موجهة سوق غبية "، " غباء الوحوش مع ضعاف " " الحيوانات الأليفة " !! ولعل ما تتخذه الحكومة يقع تحت بند الإجراءات الأمنية، حيث لم تبادر باتخاذ خطوات إقتصادية وتنسيق بين (النقد والمال) فى الدولة، بشكل ذكى وعالم بأدوات اللعبة أى أننا لم نخرج من الصندوق بسياسات نقدية وماكينة ذكية.
ولذلك فالحلول الأمنية لن تضع نهاية لهذه المهزلة التى يدفع ثمنها الشعب، وأيضًا المسئول السياسى عن البلاد بحكم الدستور والقانون.
ومع وجود هذه " السوق الموازية " فى النقد الأجنبى وسوق الصرف، هناك نشأت            " أسواق موازية " أكثر خطورة على المجتمع، فنعانى من " أسواق موازية " فى (رغيف العيش) فهناك رغيف عيش مدعوم (ومنهوب أيضًا) فى نفس الوقت تدفع الدولة من موازناتها العامة مليارات الجنيهات (هباءًا) ورغيف (عيش حر) يباع كما يحلو للبائع وضع الرقم !
كذلك " سوق موازية " فى الصحة بجانب المستشفيات العامة والجامعية التى تقدم خدمات متواضعة للغاية، هناك مستشفيات وعيادات خاصة تقدم الخدمة بمئات وآلاف الجنيهات للقادرين، وما زلنا نعمل على تشريع يضمن للمصريين تأمينًا صحيًا أسوة بدول العالم، وهناك " أسواق موازية فى التعليم "، حيث مدارس وجامعات حكومية (الميرى) تميزت قديمًا بإمتيازها عن التعليم الخاص  ، وتدهورت لأسباب عديدة فأنشئت " السوق الموازية من مدارس " خاصة وجامعات وتعددت الثقافات بما يهدد الهوية الثقافية المصرية علي أثر وجود مثل " هذه السوق السوداء فى التعليم " !!
وهناك أيضًا " أسواق موازية فى الإسكان " حيث السكن أصبح مهمة من مهام الدولة وهذا غير منطقى، ومع ذلك فهناك نزيف فى " الموازنة العامة للدولة " أمام إلتزامها ببناء إسكان إجتماعى لا يلبى إحتياجات الشعب، "والسوق السوداء" تنتشر فى المجتمعات الجديدة على صورة " فيلل وشقق فاخرة " وغيرها فى حين أن لدينا " مشروع بقانون لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر " يمكن أن يعتمد عليه لإعادة الحياة للإسكان فى "مصر".

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

د.نزار قبيلات يكتب: العربية والموسيقى والشعر

التناغم الحاصل بين الموسيقى واللغة العربية لا ينبع من البنية الصوتية للكلمات وحسب، وذلك وفق رؤية المتذوقين والنقاد الموسيقيين، فهو يكمن في جوهر الكلمة قبل إيقاعها، والشّاهد على ذلك هو قصيدة النثر والشعر الحر والقصيدة السردية...، إذ الإيقاع لم يعد معقوداً في السُّلم الموسيقي القادم من بحور الشعر ومقاماته بل من جوهرهِ الكامن في البنية العميقة للكلمة العربية وقدرتها الإحالية التي تنقل معها المعنى المصاحب نحو مدارات مختلفة من المعاني، محققة بذلك شعريّة تخرج حين القراءة من حدود البنية الصرفية والصوتية الصغرى إلى أقصى حدود الدلالة والمعنى، فالوزن الشعري يفترض الإيقاع المنسجم والمتماسك، وقد يحدث نظمُه على سبيل المثال دون المعنى، فهناك نظم وهناك شعر مقفى، حيث الكلمة العربية بنية مجردة لكنها حين تتواشج في النسق الجمالي تحتاج إلى شاعر يجيد ترويضها وصقلها وغرس المعاني المختلفة فيها رغم وجود الصّوت ورنينه، إذ للكلمة العربية عاطفتها حتى في الحوار اليومي التواصلي، فهي لغة جاهزة للتلحين في أي وقت شاء العازف أو الشاعر أو المغني حملها على الوتر أو النسق الشعري أو حتى على أحجار البيانو...، فالأدوات الموسيقية تسهم في تثوير التعبير العاطفي سواء بالإلقاء الصوتي أم بالعزف على آلة موسيقية ما، أما اللغة العربية وبسبب ميزانها الصرفي والتركيبي فهي جاهزة كذلك الأمر على أن تحمل على الأوتار والأوتار الموسيقية، إذ الآلة الموسيقية وبفضل مهارة العازف قادرة على أن تَحمل اللغة بكافة مستوياتها الصوتية والصرفية والدلالية وتخوض بها في تموج إيقاعي متعدد ومختلف، والسرّ ربما يكمن في التشابه القائم بين الصوت الموسيقي المولود من رحم الطبيعة بحفيف أشجارها وهدير أمواجها وهمسات الطبيعة... ومن الحرف العربي المتشكل بدوره نتيجة محاكاته لبيئة الإنسان وواقعه الحيوي.
فالنقاد لا يصلون للمعنى إلا من خلال الشرط التركيبي للنص، لكن الموسيقيين يصلون للمعنى من خلال انسجام الصوت وبنية الحرف والكلمة والجملة، أما الشعراء فيتدفق المعنى لديهم من الإحساس المرهف بالمعنى في محيطه المجازي ومناسبته الزمانية والمكانية وحاجتهم له، ثمة تكامل إذاً بين الشاعر والموسيقي وشكل النص العربي الذي سمح بتلك العلاقة ببعد فلسفي قبل أن يكون بعداً جمالياً، وهو تكامل يخضع لقانون الجاذبية الذي يتأثر به المستمع كما الشاعر والملحّن.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: جابر جاسم.. أيقونة الزمن الجميل د. نزار قبيلات يكتب: مِن آداب المجلِس إلى ثَقافة السّرعة

مقالات مشابهة

  • كريم وزيري يكتب: صُنع في السماء السابعة
  • ضبط مخالف تعدّى على سياجات التيسية وشرع في الصيد داخل محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر والمصريون !!
  • فحص 65 سائقا خلال حملة لضبط المتعاطين على الطرق السريعة
  • د.نزار قبيلات يكتب: العربية والموسيقى والشعر
  • الحباشنة يكتب..مجلس النواب أمام اختبار ضبط الخطاب وحماية استقرار الدولة
  • قضايا قيمتها 8 ملايين جنيه.. ضربات متتالية ضد تجار العملة الأجنبية
  • الديباني: حكم استئناف بنغازي يُسقط قانونيًا هيئة الانتخابات الموازية التي أنشأها الرئاسي
  • خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق
  • د.حماد عبدالله يكتب: الاستثمار هو الحل !!!