إسرائيل تسعى لإعادة احتلال قطاع غزة: أية خيارات أمام الفلسطينيين؟
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
في مواجهة خطة إسرائيلية لتوسيع الحرب واحتلال غزة مجدداً، لا يملك الفلسطينيون سوى خيارات محدودة: الصمود في ظروف قاتلة، والنزوح داخل قطاع منهار، أو مواجهة التهجير القسري المحتمل. ومع انسداد الأفق، تتحول النجاة في المكان إلى خيار المواجهة الأخير. اعلان
في ضوء قرار التوسّع الإسرائيلي الجديد في العمليات العسكرية داخل غزة، والمصحوب بتصريحات رسمية تتحدث صراحة عن نية "احتلال" القطاع من جديد كما عبّر عنها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام واقع بالغ التعقيد: استمرار الحرب من جهة، وإعادة تعريف وجودهم في المكان بوصفه عبئاً أمنياً تُراد إزاحته.
في هذا السياق، لا تأخذ الأسئلة حول خيارات الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع طابعاً وجودياً مباشراً، يتجاوز الأفق السياسي أو القانوني، وتلخصه الأسئلة التالية: كيف يمكن للمدني الفلسطيني أن يتفادى الموت والجوع؟ وما هي خيارات النجاة داخل قطاع تُعاد هندسته ليُصبح غير قابل للعيش؟
منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، تعرضتالبنية التحتية المدنية في القطاع إلى دمار هائل بفعل القصف العنيف، كما أن إسرائيل ضربت مراراً مواقع نزوح صنّفتها هي نفسها على أنها "مناطق آمنة"، ما أدى إلى مقتل أكثر من 52 ألف فلسطيني ثلثاهم من النساء والأطفال وإصابة ما يزيد على 118 ألفاً بحسب وزارة الصحة في غزة. حيث قُتل كثيرون من هؤلاء في مواقع كانوا قد لجأوا إليها بعد التهجير القسري من مناطقهم الأصلية.
بهذا المعنى، تحوّلت فكرة "الفرار" داخل القطاع من محاولة للنجاة إلى مفارقة قاتلة: الفلسطيني يُجبر على التحرك تحت القصف، ولا يجد مكانا يستقرّ فيه. إذ لم يعد هناك مركز أو هامش، ولم يعد من الممكن التنبؤ بما يشكل ملاذاً آمناً بسبب القصف الإسرائيلي المستمر.
سيناريوهات البقاءيمكن اعتبار القطاع اليوم عبارة عن حيّز مغلق ومحاصر من كل الجهات. ففي الشمال دمار هائل مسح المنطقة من على وجه الأرض أو يكاد، وفي الوسط تفكك كامل للبنى التحتية الخدمية، أما في الجنوب -حيث تُوجَّه موجات النزوح الأخيرة- فتلوح الحملة العسكرية الكبرى القادمة.
وفي ظل هذه المعطيات، تتقلص خيارات المدنيين الفلسطينيين إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
الخيار الأول: التمركز في جيوب مجتمعية مؤقتة في الجنوب
رغم هشاشة البنية في الجنوب المدمّر، يسعى كثير من السكان إلى إنشاء أشكال بدائية من التجمعات الآمنة (سواء في مدارس، أو أراضٍ خالية، أو مبانٍ مهدّمة) على أمل أن تردع الكثافة المدنية القصف الإسرائيلي. هذا الخيار يحمل في طياته عنصر تضامن مجتمعي قوي، لكنه مؤقت وهش للغاية، ولا يصمد أمام الضربات الجوية أو الاجتياح البري المرتقب. كما أنه يزيد من احتمالات انتشار الأوبئة وسط شحّ الغذاء والدواء.
وقد شهدت الأشهر الماضية، خصوصاً بعد تجدد الحرب، قصفاً مباشراً لخيام النازحين وسقوط ضحايا كثر من بينهم، وهو ما تم توثيقه مراتٍ عديدة في الفيديو.
الخيار الثاني: التحرك المستمر كتكتيك للنجاة
يعتمد بعض الفلسطينيين خيار التحرك المستمر داخل القطاع (ما يشبه "الترحال القسري") تفادياً لأن يُستهدفوا في نقطة ثابتة. غير أن هذا الخيار يستنزف الموارد بسرعة، ويتطلب قدرة جسدية ومادية لا يملكها الجميع، خصوصاً العائلات، والمرضى، وكبار السن. كما أنه يتحوّل إلى عبء نفسي مدمر، ويُفقد الأسر القدرة على الحفاظ على الحد الأدنى من النظام أو الحماية.
Relatedشاهد: مؤيدون لفسلطين يعرقلون مراسم إحياء الذكرى الثمانين لتحرير هولندا من النازيةلماذا يفقد جنود الاحتياط الإسرائيليون الرغبة في العودة إلى القتال بقطاع غزة؟الصين وفرنسا تنتقدان بشدّة قرار إسرائيل توسيع العمليات العسكرية وخطة احتلال غزةالخيار الثالث: الاحتماء بالأنفاق أو المناطق المهدّمة سابقًا
في ظل انعدام البدائل، لجأت بعض العائلات إلى الاحتماء بالمناطق التي قُصفت سابقًا، ظناً منها بأنها لن تُستهدف مجددًا. ويعبّر هذا الخيار يُعبّر عن منطق اليأس الكامل: أن تصبح البقعة التي سبق أن دُمّرت مكانًا "أكثر أمانًا" من غيرها. لكنه أيضاً يعكس انهيار منطق الحماية التقليدي، ويُحوّل الفضاء الفلسطيني إلى متاهة من الرعب.
المعركة من أجل الطعاموإلى جانب خطر الموت بالقصف، يواجه المدنيون معركة موازية لا تقلّ فتكًا وهي المجاعة الزاحفة. فمع الحصار المتواصل منذ أكثر من شهرين، باتت المواد الغذائية نادرة إلى حد الانقراض. وخرجت المخابز خرجت عن الخدمة، وتعطلت شبكات المياه معطلة، وانقطعت إمدادات الوقود. وتتحدث المنظمات الإنسانية عن أطفال يموتون ببطء، ورضّع لا يجدون حليباً، وأمهات يتقاسمن فتات الخبز مع أسرهن.
ورغم قوته التاريخية، بات المجتمع المدني الغزي في حالة تفكك وظيفي. إذ لم يعد بالإمكان إجراء عمليات توزيع منتظمة، أو ضمان حد أدنى من العدالة الغذائية. ومع كل موجة نزوح جديدة، تُفقد المناطق القليلة القادرة على الاحتواء قدرتها على التنظيم.
وفي ظل انسداد الأفق الإقليمي والدولي، وغياب أي خطة إنقاذ حقيقية، يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة خطة واضحة: إفقادهم القدرة على الحياة داخل غزة تمهيدًا لإخراجهم منها.
Relatedاحتجاجات في إسرائيل بعد إعلان الحكومة عن خططها للاستيلاء على كامل قطاع غزةحتى بعد رحيله... سيارة البابا فرنسيس في خدمة أطفال غزةوزير التراث الإسرائيلي: "اقصفوا مخازن الغذاء في غزة.. عليهم أن يجوعوا حتى يغادروا القطاع"ومع أن الخيار الأخلاقي والسياسي والوطني الغالب لدى الفلسطينيين هو البقاء والصمود كما تشير مواقفهم، إلا أن معادلة الجوع والموت قد تدفع بعضهم إلى خيار الخروج القسري، إن فُتحت المعابر لاحقًا تحت عنوان "الإجلاء الإنساني". وهو ما يوصل إلى النتيجة التي دفع الرئيس الأمريكي باتجاهها حين أطلق فكرة "ريفييرا غزة"، والتي تقوم على إخراج الفلسطينيين من القطاع والسيطرة عليه.
وبنتيجة ما يحدث، يُدفع الفلسطينيون نحو التهجير ليس عبر القرارات العسكرية فحسب، بل عبر خلق بيئة حياتية مستحيلة، تجرّ إلى الانفصال عن الأرض كضرورة بيولوجية لا سياسية.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة الضفة الغربية هجمات عسكرية إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة الضفة الغربية هجمات عسكرية قطاع غزة إسرائيل دونالد ترامب بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة الضفة الغربية هجمات عسكرية الرسوم الجمركية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة برلين سوريا
إقرأ أيضاً:
“الديمقراطية”: المطروح حول حكم أمريكي لغزة احتلال يرفضه الشعب الفلسطيني
يمانيون../
اعتبرت “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”، اليوم الخميس، أن ما جرى تناقله عن مشروع تتولى فيه الإدارة الأميركية حكم قطاع غزة لمدة طويلة بعد الانسحاب الصهيوني من أجل نزع سلاح المقاومة وإعادة هندسة القطاع لضمان “أمن العدو”، احتلال آخر يرفضه الشعب الفلسطيني.
وقالت الجبهة في بيان: إن “المطروح هو استعمار آخر، واحتلال آخر، يرفضه شعبنا، أياً كان الاسم الذي يحمله، كما أن شعبنا لا يحتاج إلى من يدربه على إدارة شؤونه وبناء دولته الوطنية”.
وأضافت “لدى شعبنا في الوطن والشتات من الوعي والإدراك والنضج السياسي والخبرات المؤسساتية ما يمكن من بناء الدولة الفلسطينية المستقلة، رئيسها فلسطيني، ورئيس حكومتها فلسطيني، وكذلك وزراؤها، وأعضاء مؤسساتها الوطنية، التشريعية، القضائية، والأمنية وغيرها، وهو ليس بحاجة إلى استيراد نماذج استعمارية جديدة، مغلفة بالكلام المعسول والوعود الفارغة”.
وحذرت “الديمقراطية” مما تخطط له الإدارة الأميركية من مشاريع تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني ومستقبله، وعلى الأخص فصل القطاع عن الضفة لتهديم أسس الدولة المستقلة وتدميرها.
وأردفت “لم يعد مقبولاً أن تعيش الحالة الفلسطينية حالة سكون ورهان على الخارج لرسم مستقبل شعبنا ودولتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة، كذلك لم يعد مفيداً الآن، كما في السابق، إتباع سياسة التنازلات المجانية، بما فيها شيطنة سلاح المقاومة وشيطنة المقاومة نفسها باعتبارها إرهاباً، وزرع الألغام أمام إنهاء الانقسام كالاشتراط بالتزام اتفاق أوسلو وإتباع ما يسمى المقاومة السلمية”.
وأكدت الجبهة الديمقراطية أن “الوقائع باتت أكثر من دامغة، وإن كثيراً من الألغام باتت تحيط بمشروعنا الوطني”.
وتابعت “آن الأوان – وقبل فوات الأوان – من أجل خطوات فاعلة، من بينها إطلاق حوار وطني شامل على أعلى المستويات، باعتباره السبيل إلى الوصول إلى توافقات سياسية تصون قضيتنا وشعبنا وأرضنا، وكذلك تشكيل حكومة وفاق وطني تكون هي المسؤولة عن إدارة قطاع غزة كما الضفة، بعد الانسحاب الصهيوني من القطاع”.