في تطور خطير يعكس هشاشة الاستقرار الإقليمي في جنوب آسيا، شنت الهند في الساعات الأولى من صباح اليوم  الأربعاء ، هجوماً صاروخياً مفاجئاً استهدف مناطق داخل الأراضي الباكستانية، في خرق واضح لخط وقف إطلاق النار بإقليم كشمير المتنازع عليه.

ويأتي هذا الهجوم في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الدولتين النوويتين عقب حادث إرهابي وقع قبل أسابيع، وأثار مخاوف من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.

ورغم دعوات المجتمع الدولي لضبط النفس، تشير المعطيات الميدانية والتحليلات الاستراتيجية إلى تصعيد غير مسبوق يُهدد بإعادة إشعال فتيل صراع مدمر، قد يتجاوز حدود كشمير ويهدد الأمن العالمي.

ويستعرض هذا التقرير أبعاد التصعيد العسكري، والردود المتبادلة، والمواقف الدولية، إلى جانب سيناريوهات الحرب المحتملة بين نيودلهي وإسلام آباد.

الهجوم الهندي ورد باكستاني فوري

شنت القوات الهندية في ساعة مبكرة من يوم الأربعاء هجوماً صاروخياً مفاجئاً ، استهدف تسع مواقع في منطقتي جامو وكشمير الخاضعتين للسيطرة الباكستانية. ووفقاً للجيش الهندي، فإن القصف استهدف "بنى تحتية إرهابية"، دون المساس بمنشآت عسكرية، مؤكداً أن الهجوم كان "محسوباً وغير تصعيدي"، كما وصفته الحكومة الهندية. وأضاف الجيش الهندي في بيان له عبر منصة "إكس": "تم تحقيق العدالة".

من جهته، أعلن الجيش الباكستاني، أن الهجوم أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين وإصابة 43 آخرين، نافياً بشدة الادعاءات الهندية.

 وأكد وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، أن المناطق التي تعرضت للقصف كانت "مدنية بالكامل"، مشيراً إلى أن "الهجوم كان جباناً وغير مبرر".

عقب ذلك، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، بدء رد عسكري انتقامي، تلاه قصف متبادل على طول خط وقف إطلاق النار في إقليم كشمير، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد الاشتباكات الدموية التي لطالما ميّزت العلاقة المتوترة بين البلدين.

خلفية الأزمة المتجددة

يعود التصعيد الحالي إلى هجوم إرهابي وقع بتاريخ 22 أبريل الماضي في منطقة باهالجام الواقعة ضمن الجزء الهندي من كشمير، أسفر عن مقتل 26 سائحاً. وجهت نيودلهي أصابع الاتهام إلى جماعة "مقاومة كشمير" المدعومة –بحسبها– من باكستان، وهو ما نفته إسلام آباد جملة وتفصيلاً، مقترحة التعاون في تحقيق دولي محايد.
غير أن الهند قررت المضي في التصعيد، بطرد دبلوماسيين باكستانيين وإغلاق أحد المعابر الحدودية الحيوية، بالإضافة إلى تعليق العمل باتفاقية "نهر السند" التي تنظم تقاسم المياه بين البلدين.

وجاء الرد الباكستاني بالمثل، حيث قامت بطرد دبلوماسيين هنود وإغلاق حدودها ومجالها الجوي أمام الطائرات الهندية، فضلاً عن تعليق التجارة الثنائية.

ولطالما كان إقليم كشمير ساحة مفتوحة للمواجهات العسكرية، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، إذ خاضا ثلاث حروب كبرى – معظمها بسبب النزاع على هذه المنطقة.

السيناريوهات المحتملة لتطور الصراع

1.    الحرب الرمزية

بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإن تطور الوضع إلى حرب شاملة بين الهند وباكستان يبقى احتمالاً ضعيفاً في ظل توازن الردع النووي بين الطرفين. ويرجّح المركز أن المواجهة ستبقى ضمن "حرب رمزية" تقتصر على ضربات جوية واشتباكات محدودة على طول خط السيطرة في كشمير، دون اللجوء إلى غزو بري أو عمليات واسعة النطاق.

ويضيف المركز أن امتلاك البلدين ترسانة نووية ضخمة يجبر كلاً منهما على تجنب أي مغامرة قد تؤدي إلى دمار شامل، ويؤكد أن الضغوط الدولية والداخلية ستعمل على كبح أي تصعيد شامل.

2.    الحرب الشاملة

مع أن الردع النووي يبقى عاملاً قوياً، يحذر محللون من أنه لم يمنع في الماضي وقوع مواجهات عنيفة بين البلدين. ففي عام 1999، اندلع صراع كارغيل رغم القدرات النووية، ما يدل على إمكانية انزلاق الأوضاع نحو حرب محدودة.

ويشير خبراء إلى أن تحول الصراع إلى "حرب شاملة" قد يحدث فقط إذا تعرض أحد الطرفين لهزيمة ميدانية كبرى تدفعه إلى اتخاذ قرارات متطرفة.

3.    الخيار النووي

يبقى خيار استخدام الأسلحة النووية الأكثر رعباً في سيناريوهات التصعيد. ويؤكد خبراء غربيون أن الهند وباكستان لن تلجآ إليه إلا إذا شعرت إحداهما بأن هزيمتها وشيكة، مشيرين إلى أن مثل هذا الخيار سيُستخدم فقط إذا "دُفِع الطرف إلى الجدار".

من جانبه، يقول مؤيد يوسف، زميل مركز بيلفر للأبحاث ومستشار الأمن القومي الباكستاني السابق، إن جنوب آسيا تُعدّ "أخطر بؤرة نووية محتملة في العالم"، محذراً من أن أي صراع خارج السيطرة قد ينتهي بكارثة نووية.

مواقف القوى الدولية

الولايات المتحدة

منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الحكم في يناير الماضي، اتسمت السياسة الأمريكية بالابتعاد عن التورط المباشر في النزاعات الدولية. واكتفى ترامب بالتعليق على التوتر الهندي–الباكستاني قائلاً: "سوف يتدبرون الأمر بأنفسهم بطريقة أو بأخرى".
ورغم تحفظ واشنطن، أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي أن وزير الخارجية ماركو روبيو أجرى محادثات مع نظيريه في الهند وباكستان، وحثهما على فتح قنوات التواصل لخفض التوتر.

الصين

أعلنت بكين تأييدها لموقف باكستان، وأكد وزير الخارجية وانج يي دعم بلاده لإسلام آباد ومساعدتها في حماية سيادتها، داعياً في الوقت ذاته إلى ضبط النفس وإجراء تحقيق مستقل في هجوم باهالجام.

روسيا

أبدت روسيا قلقها من تطور الأوضاع، وأعرب المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن أمل موسكو في أن تُخفض الدولتان التوتر. وقد عرض وزير الخارجية سيرجي لافروف وساطة بلاده، رغم أن روسيا تظل المورد الأكبر للأسلحة للهند.

الاتحاد الأوروبي

أعربت المفوضية الأوروبية عن قلقها البالغ من التوتر المتصاعد، داعية الطرفين إلى التفاوض. وجرى بالفعل اتصالات دبلوماسية بين مسؤولين أوروبيين ونظرائهم في نيودلهي وإسلام آباد.

توقيت التصعيد.. دلالات دولية وإقليمية

وفق مركز "جلوبال كونفليكت تريكير"، فإن التصعيد الحالي يأتي في لحظة إقليمية ودولية حرجة. ففي جنوب آسيا، لا تزال كشمير بؤرة توتر دائمة، بينما يمثل ملف المياه مصدر توتر إضافي في ظل تغيّر المناخ والضغط على الموارد.

أما دولياً، فقد كشف هذا التصعيد مدى هشاشة الاستقرار النووي العالمي، حيث تتشتت جهود القوى الكبرى بين نزاعات مختلفة، بينما تظل منطقة جنوب آسيا دون ضغط دبلوماسي متكامل يضمن التهدئة.

رغم المؤشرات الميدانية المقلقة، يرى معظم الخبراء أن خيار الحرب الشاملة –خصوصاً النووية– لا يزال مستبعداً في الوقت الحالي، ما لم تُدفع إحدى الدولتين إلى حافة الهزيمة. إلا أن استمرار الاشتباكات وغياب المبادرات السياسية الجادة يُبقي الأوضاع مفتوحة على احتمالات متعددة، ما يفرض على المجتمع الدولي تحركاً عاجلاً لوقف الانزلاق نحو هاوية لا تُحمد عقباها.

طباعة شارك الهند باكستان الهند وباكستان كشمير

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهند باكستان الهند وباكستان كشمير الهند وباکستان جنوب آسیا

إقرأ أيضاً:

تصعيد عسكري.. دوي انفجارات في باكستان والهند تتهم إسلام آباد بالتقدم نحو حدودها

أعلنت الطوارئ الباكستانية، السبت، عن سقوط 13 قتيلا و 50 جريحا في قصف هندي على الشق الباكستاني من كشمير، كما وردت أنباء عن سماع دوي انفجارات في بيشاور شمال غرب باكستان وفق وكالة "رويترز".

اقرأ ايضاًتطورات الحرب.. الهند أعلنتها وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات

بدورها، أشارت المتحدثة باسم القوات الجوية الهندية، فيوميكا سينغ، في مؤتمر صحافي، السبت، إلى أن بلادها لاحظت تحريك الجيش الباكستاني قواته إلى مناطق متقدمة، "ما يشير إلى نية هجومية لتصعيد الوضع بشكل أكبر".

من جانبه، أعلن الجيش الباكستاني، السبت، بدء هجومه المضاد على الهند، وسط تصعيد غير مسبوق منذ سنوات بين الجارتين النوويتين، حيث شنت الهند هجوما عنيفا على مواقع في الباكستان.

وبحسب الجيش الباكستاني فقد تم استهداف منشأة تخزين صواريخ وقواعد جوية هندية بمناطق مختلفة.

بينما أوضح مسؤولون عسكريون هنود أن القوات الباكستانية حاولت تنفيذ توغلات جوية في 36 موقعاً، وفق ما نقلت "نيويورك تايمز"، عبر نحو 400 طائرة بدون طيار.

بموازاة ذلك، أفادت وكالة "رويترز" أن الباكستان شنت هجوما إلكترونيا واسعاً اخترق معظم المواقع الإلكترونية الهندية.

ومن بين المواقع الإلكترونية التي تم اختراقها: وكالة تحقيقات، وشركة اتصالات، وعدد من الشركات وجمعية موظفي الإشراف الفني البحري لعموم الهند.

وطالت الهجمات الإلكترونية شركة هندوستان للملاحة الجوية المحدودة، وقوات أمن الحدود. كما تم تسريب بيانات من هيئة تحديد الهوية الفريدة الهندية. وتتضمن البيانات المسربة أيضًا معلومات من القوات الجوية الهندية، ولجنة الانتخابات في ماهاراشترا، وجهات أخرى، وفق وسائل إعلام باكستانية.

بالإضافة إلى ذلك، تم اختراق أكثر من 2500 كاميرا مراقبة.

من جهته، أكد الجيش الهندي في منشور على إكس، السبت، أنه "تم رصد العديد من الطائرات بدون طيار المسلحة وهي تحلق فوق مدينة أمريتسار" مشيراً إلى أن "تصعيد باكستان السافر بالهجوم بمسيرات وغيرها من الذخيرة مستمر على طول الحدود الغربية".

وجاءت تلك التطورات الميدانية التي وصفت بغير المسبوقة منذ عقدين، بعدما أعلن المتحدث العسكري باسم الجيش الباكستاني، أحمد شريف شودري، ليل الجمعة السبت، أن الهند "شنت هجوما صاروخيا استهدف قواعد "نور خان ومريد وشوركوت" الجوية.

فيما أعلن الجيش الهندي أمس أن باكستان "حاولت تنفيذ عمليات توغل بمسيّرات في 36 موقعا بنحو 300 إلى 400 طائرة بدون طيار"،. فيما قال الجيش الباكستاني إنه أسقط "77 مسيرة" أطلقتها الهند على أراضيه منذ ليل الأربعاء-الخميس.

ومنذ الهجوم الدامي الذي أودى بحياة 26 شخصا في مدينة باهالغام السياحية، بإقليم كشمير الذي يتنازع البلدان السيادة الكاملة عليه منذ تقسيمه عند الاستقلال عام 1947، يوم 22 أبريل الماضي، تصاعد التوتر بين الجارتين النوويتين.

اقرأ ايضاًحدث أمني خطير.. إصابة جنود إسرائيليين بحي الشجاعية في غزة

إذ اتهم الجانب الهندي إسلام آباد برعاية منفذي الهجوم، في حين نفت باكستان الأمر جملة وتفصيلا.

 

المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند تصعيد عسكري.. دوي انفجارات في باكستان والهند تتهم إسلام آباد بالتقدم نحو حدودها حدث أمني خطير.. إصابة جنود إسرائيليين بحي الشجاعية في غزة نصائح الشعر المجربة والمضمونة لعروس 2025 عصير لزيادة الأنوثة أجمل ما قيل عن الأردن في عيد الاستقلال الأردني Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • تصعيد عسكري مع الهند.. باكستان تغلق مجالها الجوي بشكل مؤقت
  • تصعيد عسكري.. دوي انفجارات في باكستان والهند تتهم إسلام آباد بالتقدم نحو حدودها
  • وزير الدفاع الباكستاني ينفي وجود أي تحرك نووي للجيش
  • 13 قتيلا و 50 مصابا بالقصف الهندي على الجزء الباكستاني من كشمير  
  • تصعيد عسكري بين الهند وباكستان: إغلاق مطارات وتعبئة حدودية هندية
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: الهند وباكستان صراع نووي محتمل
  • تجدد التصعيد بين الهند وباكستان.. اشتباكات دامية في كشمير وإسقاط مسيّرة هندية في لاهور
  • الخارجية الهندية: أي تصعيد عسكري من باكستان لن يبقى دون رد
  • نُذر حرب شاملة.. ودعوات دولية للتهدئة.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان يهدد بـ«كارثة نووية»
  • شتاء نووي يهدد الأرض: كيف يمكن لحرب بين الهند وباكستان أن تجلب المجاعة والتجمّد للعالم؟