لجريدة عمان:
2025-06-25@11:42:10 GMT

يوتوبيا... وأسرار صندوق النجاح

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

«قد يلجأ الناس إلى مدينة يظنّون أنّها فاضلة لتعويض ما فاتهم، ولكن الكمال غير موجود فـي الوجود» هذه هي الكلمة التي ثبّتها الكاتب أسامة السليمي فـي دليل عرض (يوتوبيا) الذي قدّمته جماعة خشبة المسرح ضمن فعاليات مهرجان جامعة ظفار للمسرح، وجاءت لتحمل الكثير من المفاتيح التي ننطلق منها لقراءة العرض الذي أخرجه محمد الحمداني، وأوّل هذه المفاتيح عنوان العرض (يوتوبيا)، فمنذ أن رسم إفلاطون عوالم (المدينة الفاضلة)، شغلت الفلاسفة والمفكّرين والأدباء، وناقشوها فـي أعمالهم الإبداعية، وكتبهم،

فالمجتمعات المثالية تبقى تسكن فـي أذهانهم، وتقيم فـي مدن الأحلام، وغالبا ما يلجأون إليها هربا من الواقع، كلما ضاقوا به، بحثا عن الأفضل، من هنا تبدأ مسرحية (يوتوبيا)، فالمهرجون يجرّبون حظّهم فـي هذه المدينة، بعد أن فشلوا فـي إثبات قدراتهم فـي مدينتهم -مدينة الفشل-، طمعا بالنجاح، يتقدّمهم (بهلوان) الذي لا يمتلك موهبة، وزوجته (مريوشة) المتقلّبة المزاج التي تحاول السيطرة على زوجها، وإثبات نفسها، أمام (دلدوحة) المسؤولة عن استقبال المهرجين الجدد و(ضحاكة) المسؤولة عن تدريبهم، ويستهل (بهلوان) المشهد الأول بالحديث عن العروض السابقة التي قدّمها ولم تنل نصيبا من النجاح، بل إن الجمهور رماه بالطماطم والعلب الفارغة، والسبب برأيه،

أن الفلاسفة صعب إرضاء أمزجتهم، وما دامت خيوط الإبداع بأيديهم، لذا أعلنوا حربا عليه وبقية المهرّجين وكما يرى، أن العروض التي يقدّمها الفلاسفة لا أحد من عامة الناس يفهمها، فهي موجهة للنخب، لذا وجدوا من الأفضل لهم مغادرة تلك المدينة، والقدوم إلى المدينة الفاضلة، ليجرّبوا حظّهم فـيها، والواضح أن المؤلف يعكس بهذا المشهد معاناة الممثلين الذين يقدّمون عروضا جماهيرية أمام النُخب المثقفة، فلن يحصلوا على اعتراف بمواهبهم، فـي المهرجانات، بل غالبا ما يهاجمهم النقّاد والأكاديميون،

ويتحدّثون عنهم من علوّ شاهق، ويوصفون ما يقدمونه من عروض بالإسفاف، وهذا يجعلهم يبحثون عن مدينة تحتضنهم، وتعوّضهم عن فشلهم، وتلك المدينة ستكون بالنسبة لهم (فاضلة) لأنهم يقطفون فـيها ثمار النجاح، وينالون السعادة التي يحلمون بها، وفـي المشهد الثاني الذي جاء تعبيريّا، يحمل المهرّجون صندوقا وحين يفتحونه يقفزون من الفرح، فذلك الصندوق لم يكن سوى صندوق النجاح الذي سرقوه ليستمدوا منه طاقة النجاح الأبدي فـيقسمون «سنصون المدينة ونحافظ على نجاحاتها وممتلكاتها وأن نفدي الصندوق بأرواحنا.

. الصندوق أمانة من الفن المقدس.. تعيش يوتوبيا.. تعيش مدينة الفن المقدس»، فهذا الصندوق يختلف عن صندوق (باندورا) فـي الميثولوجيا الإغريقية الذي حمل شرور البشرية وحين خالفت (باندورا) أو صاحبة العطايا، الوصايا وفتحت الصندوق بدافع الفضول خرجت الأمراض والأوبئة والأحقاد، فملأت العالم، فـيما حمل صندوق النجاح، للمهرّجين أسرار النجاح الذي يحلمون به بعد أن أطالوا المكوث فـي مدينة الفشل، وضمن هذا السياق الفانتازي تتواصل الأحداث،

ويطلبون من الصندوق ممثلين ناجحين وتصيبهم المفاجأة عندما يدخل عليهم فجأة (بهلوان) و(مريوشة)، فـيرحّبون بالقادمين من مستنقع الفشل البعيد، وحين يفكران بتقديم عرض جديد يدركان أنّ الموازين تختلف فـي المدينة الفاضلة، وتتغيّر المقاييس، وقبل البدء يُذكّر (بهلوان) الجميع بصندوق النجاح المسروق من المستقبل، فهو ينطوي على جميع الأسرار التي يحتاجون إليها فـي رحلة النجاح، لكن سرعان ما داهمهم الشعور بالخيبة، فالصندوق لم يسعفهم، ولم يصدقوا (بهلوان) فالصندوق لا يختلف عن سواه من الصناديق، ويحتدم الصراع، وتقول (مريوشة) لسكّان المدينة «أنتم لا تختلفون عن الوحوش الخارجية التي تهدّم الأحلام وتغتصب الطموح»، وسألتهم: «المدينة الفاضلة بمن؟ أين الفضل الذي تتكلّمون عنه؟»، وتتفاجأ بأن الصندوق قد سُرق،

ولكن من السارق؟ يجيب الكاهن «السارق منكم وفـيكم أتى من البعيد الفاشل وعاش معكم ليسرقكم» ولم يكن السارق سوى (بهلوان)، وحين يعترف بفعلته ويُسجن ويقدّم للمحاكمة، يدخل فـي مساومة على الحكم، وينجح، ويقرّر جميع المهرجين تعيين (بهلوان) ملكا عليهم، لأن الألعاب كلها صارت فـي حوزته بعد سرقة الصندوق، وبهذا المشهد ينتهي العرض الذي جمع بين الفانتازيا والمقولات الفلسفـية، والتأملات،

والمفارقات الساخرة، واللعب على الخشبة بخفّة، ورشاقة، فتحوّلت إلى سيرك مهرّجين، وساعد العزف الحي والمؤثرات الصوتية فـي إضفاء جماليات سمعية على العرض، ومن خلال الأداء الحركي، عبّرت أجساد الممثلين عن الكثير من المضامين، وخصوصا محمد الحمداني الذي أدّى دور (بهلوان) وبشاير البادي التي أدت دور (مريوشة) إلى جانب بقية فريق العرض: الغالية اليعربية، أشجان الصبحية، ملهم الرواحي، أسعد عبدالرب،

ونجح المخرج محمد الحمداني فـي توزيع المجاميع على الخشبة، ورسم المشاهد، وتحريك قطع الديكور ضمن مساحات محسوبة بدقة، وأسهمت الإضاءة فـي تعميق أبعاده الدلالية، فقطف العرض جائزة أفضل إضاءة، مثلما قطف جائزة أفضل نصّ، وأفضل إخراج، وأفضل ممثلة (بشاير البادي) وأفضل عرض متكامل فـي المهرجان الذي كشف لنا من خلال هذا العرض وسواه العديد من الطاقات الشابة الموهوبة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المدینة الفاضلة

إقرأ أيضاً:

صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يصدر تقريره الثامن للاستدامة

صراحة نيوز- أعلن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عن إصدار تقريره الثامن للاستدامة للعام 2024، مواصلاً بذلك نهجه المؤسسي في الإفصاح الطوعي والشفافية حول الأداء الاستثماري وأثر الصندوق التنموي، وتعزيز ثقافة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) في إدارة أموال مشتركي ومتقاعدي الضمان الاجتماعي.

وبيّن رئيس الصندوق الدكتور عزالدين كناكريه، أن إصدار هذا التقرير لسنوات متتالية يجسّد التزام الصندوق بمسار مؤسسي راسخ، يربط الاستثمار بالكفاءة، والحوكمة بالثقة، ويضع التنمية المستدامة في صميم قراراته الاستراتيجية، وذلك من خلال تطبيق ممارسات استثمارية مسؤولة تستند إلى معايير الاستدامة، وتطوير نموذج مؤسسي يربط العائد المالي بالأثر الاجتماعي والبيئي. وأكد أن الصندوق يواصل القيام بدوره الوطني كمؤسسة استثمارية كبرى تُسهم في تحفيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل نوعية، وتعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية، بما يخدم تطلعات الأجيال القادمة.

وأضاف أن التقرير يعكس جهود الصندوق خلال عام 2024 في مواءمة أنشطته الاستثمارية والتشغيلية مع أولويات التنمية المستدامة، من خلال تضمين أهداف ومؤشرات قياس تتماشى مع الخطة الاستراتيجية للصندوق، وتدعم الأثر المجتمعي والمؤسسي والبيئي لأنشطته المختلفة.

ويستعرض التقرير النموذج الاستثماري المستدام للصندوق، والذي يركّز على تحقيق التوازن بين العائد المالي والبعد التنموي، من خلال تنويع القطاعات المستهدفة والتوسع في الاستثمارات طويلة الأجل ذات الأثر المجتمعي والاقتصادي. ويعزز هذا التنوع القطاعي والجغرافي مرونة الاقتصاد الوطني، ويسهم في تطوير بيئة أعمال جاذبة، ويرسّخ دور الصندوق كمؤسسة تدير أموال المشتركين والمتقاعدين بكفاءة ونزاهة، وفقًا للمعايير الفضلى للحوكمة والاستثمار المسؤول.

ويُبرز التقرير جهود الصندوق في تطوير رأس المال البشري وتعزيز البنية المؤسسية، من خلال الاستثمار في بناء القدرات، ورفع كفاءة الكوادر، وتمكين المرأة في مواقع القيادة. كما يستعرض التقدم المحرز في التحول الرقمي ضمن الاستراتيجية الوطنية، بهدف أتمتة الإجراءات وتعزيز الحوكمة وفعالية الخدمات. ويغطي التقرير محاور تشمل الأداء المالي، والأثر المجتمعي والاقتصادي، والتوزيع الجغرافي والقطاعي للاستثمارات، ما يمنح أصحاب العلاقة رؤية شاملة لمسارات التأثير المؤسسي للصندوق.

ويعكس التقرير نضوج تجربة الصندوق في الإفصاح الطوعي وتعزيز الحوكمة، بما يعزز المساءلة ويبني الثقة مع أصحاب العلاقة. ويؤكد كذلك استمرار الصندوق في تطوير أدواته المؤسسية وتعميق شراكاته، بما يعزز مكانته كمؤسسة وطنية ذات أثر تنموي مستدام، تُسهم في بناء اقتصاد أكثر مرونة وعدالة، يحفظ حقوق الأجيال الحالية ويخدم تطلعات المستقبل.
ويمكن الاطلاع على التقرير كاملاً عبر الموقع الإلكتروني للصندوق: www.ssif.gov.jo

مقالات مشابهة

  • عبد المولى: صندوق الإعمار أنجز مشاريع بجودة عالية.. وسنحاسب عند أول خلل أو انحراف
  • هيئة الرقابة ومكافحة الفساد توقّع مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة
  • «السوق المالية» توافق على طرح وحدات صندوق الإنماء لأسهم سوق نمو
  • مدير صندوق مكافحة الإدمان: أكثر من 34 ألف متطوع يشاركون في نشر الوعي بمخاطر المخدرات
  • صندوق تنمية المهارات يختتم برنامج الثقافة التنظيمية وتعزيز الأداء
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية
  • صندوق الأزمات المصرفية.. آلية قانونية جديدة لحماية النظام المالي من الانهيار
  • تعزيزًا لتنوّع موارد تمويله.. صندوق الاستثمارات العامة يؤسس برنامجًا عالميًا للأوراق التجارية
  • صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يصدر تقريره الثامن للاستدامة
  • صندوق الاستثمارات العامة يؤسس برنامجه الأول للأوراق التجارية