استعراض المبادرات ذات الأولوية لتشغيل المواطنين بالقطاع الصحي
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
مسقط- العُمانية
استعرض معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط، مع سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية، الرئيس التنفيذي للمجلس العُماني للاختصاصات الطبية رئيسة اللجنة، أبرز المبادرات ذات الأولوية في مجال التشغيل بالقطاع الصحي.
ويأتي هذا اللقاء في إطار تعزيز سبل التعاون المشترك بين محافظة مسقط وبين لجنة حوكمة التشغيل بالقطاع الصحي؛ بما يسهم في تفعيل المبادرات التي تفتح آفاقًا للتوظيف والتعمين في القطاع بمحافظة مسقط وفق مستهدفات "رؤية عُمان 2024".
وناقش الاجتماع مبادرة توظيف أطباء الأسنان، والمُرمِّزين الطبيين، والصيادلة، إلى جانب مبادرة إعادة تأهيل بعض خريجي المؤسسات الأكاديمية الصحية إلى تخصصات أخرى مقاربة، من خلال تطوير مهاراتهم بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل، كإعادة تأهيل خريجي تخصص إدارة المؤسسات الصحية لمُرمِّزين طبيين. وجرى خلال اللقاء التعريف بلجنة حوكمة التشغيل في القطاع الصحي، التي تُعنى بقياس الاحتياج من الكوادر الطبية والصحية، وتحديد الأعداد المطلوبة لسوق العمل، واستحداث وتنفيذ المبادرات الرامية إلى استدامة مؤشرات التشغيل، وضمان استقرارها في القطاع الصحي.
وتطرق اللقاء إلى بعض المبادرات التي تعد فرصة مرنة للاستفادة من الكفاءات الوطنية كمبادرة العمل الحر، مع التأكيد على ضرورة التنسيق مع مختلف الجهات في القطاع الصحي الحكومي ومؤسسات القطاع الخاص.
ويعكس اللقاء حرص محافظة مسقط على تعزيز التكامل بين المؤسسات الحكومية، ودعم المبادرات الوطنية بالشراكة مع الجهات ذات الاختصاص.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: القطاع الصحی فی القطاع
إقرأ أيضاً:
هل تكشف الاستقالات الجماعية لطبيبات ووفاة أخريات عن أزمة للقطاع الصحي في مصر؟
أشعلت استقالات جماعية لطبيبات مقيمات في قسم أمراض النساء والتوليد بجامعة طنطا، مركز محافظة الغربية، جدلاً واسعاً في مصر، بعدما تحوّلت إلى قضية رأي عام سلّطت الضوء على أوضاع العمل القاسية داخل المستشفيات الجامعية، وأعادت فتح ملف نزيف الكفاءات الطبية وهجرة الأطباء.
وتُعد طنطا تاسع أكبر المدن المصرية٬ وثالث مدن الدلتا من حيث المساحة والسكان، وجدت نفسها فجأة في قلب نقاش وطني حول بيئة العمل في القطاع الصحي، بعد أن تحولت استقالات الطبيبات إلى ما يشبه بـ"صرخة إنذار" ضد نظام صحي بات يئنّ، تحت ضغط نقص الكوادر وسوء الإدارة، ناهيك عن تحذيرات من أن الأزمة قد تمثل حلقة جديدة في سلسلة هجرة العقول المصرية إلى الخارج.
منشورات تكشف المستور
بدأت القصة مع سلسلة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، كتبتها طبيبات شابات من القسم ذاته، يحكين فيها تفاصيل حياتهن اليومية التي وصفنها بأنها "غير آدمية".
الطبيبة رنين جبر، التي كانت ثامن المستقيلات من دفعة تضم 15 طبيباً مقيماً، تحدثت عن عمل متواصل يمتد إلى 72 ساعة دون نوم أو راحة، واضطرارها للنوم على الأرض أو على أسرّة المرضى، وحرمانها من أبسط الحقوق الإنسانية، بما في ذلك التقدم لدرجة الماجستير أسوة بزملائها في أقسام أخرى.
وقالت: "قصرت في حق نفسي وأهلي وصحتي وربّي.. وفي النهاية، قالوا لنا بالحرف: وجودكم غير مرحب به، وقدّموا استقالاتكم".
أما الطبيبة هايدي هاني، التي عملت 9 أشهر قبل أن تقدم استقالتها، فوصفت التجربة بأنها "منزوعة الإنسانية والاحترام"، مؤكدة أنّ: "توقيع الجامعة على استقالتها كان: إفراجاً حقيقياً". فيما روت واقعة استدعائها في الرابعة فجراً لرعاية مريضة غير طارئة، ما يعكس، بحسب قولها، غياب المعايير المهنية في إدارة العمل.
من جانبها، أشارت الطبيبة سارة مطاوع، إلى ما وصفتها بـ"انتهاكات حقوق أساسية مثل عدم السماح بتناول الطعام أو أداء الصلاة في أوقات العمل، ووجود ما يعرف بـ"البانش" كعقاب جماعي مرهق لأي اعتراض على ظروف العمل".
تحرك إداري ونقابي
الضجة الإعلامية دفعت رئيس جامعة طنطا، محمد حسين، إلى عقد اجتماع طارئ مع وفد من الطبيبات، تعهد خلاله باتخاذ إجراءات لتحسين بيئة العمل، منها تقليل ساعات المناوبات، ونقل وحدة النساء إلى مستشفى تعليمي جديد. كما أعلنت الجامعة تشكيل لجنة عاجلة لبحث الأزمة.
في المقابل، أصدرت نقابة الأطباء المصرية، بياناً، أعربت فيه عن "قلق بالغ" من الأحداث الجارية، مؤكدة أنها قد تواصلت مع إدارة الجامعة، وطالبت بفتح تحقيق عاجل؛ مشددة في الوقت نفسه، على أنّ: "توفير بيئة تدريب إنسانية ومحترمة للأطباء هو ركيزة أساسية لإصلاح المنظومة الصحية".
وعلى الرّغم من أنّ بعض الطبيبات عدلن لاحقاً عن استقالتهن، إلا أن القضية كشفت عن نمط متكرر في مستشفيات الجامعات المصرية، خاصة في المحافظات، حيث قلة الأطباء المقيمين وزيادة الأعباء عليهم.
لكن الأزمة الأعمق وفق المراقبين هي هجرة الأطباء من مصر بوتيرة متصاعدة٬ فنتيجة لبيئة عمل الأطباء المهينة٬ اتجه الآلاف منهم إلى الهجرة للخارج٬ وتشير أرقام النقابة إلى أن 4621 طبيباً استقالوا من القطاع الحكومي في عام 2022، فيما هاجر نحو 7 آلاف طبيب شاب في عام 2024 وحده. وتقدّر النقابة أن هناك نحو 120 ألف طبيب مصري يعملون حالياً خارج البلاد.
إلى ذلك، تكشف الأرقام فجوة مقلقة٬ حيث لدى مصر 9 أطباء فقط لكل 10 آلاف مواطن، وهو أقل من نصف المعدل الذي توصي به منظمة الصحة العالمية (22 طبيباً لكل 10 آلاف).
رد الحكومة.. وتصريح مثير للجدل
في محاولة لطمأنة الرأي العام حول زيادة هجرة الأطباء، أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في وقت سابق٬ خططاً لزيادة عدد خريجي كليات الطب من نحو 10 آلاف حالياً إلى 29 ألفاً سنوياً خلال ست سنوات.
لكن تصريحاته بشأن الهجرة أثارت جدلاً واسعاً، إذ قال: "إذا هاجر منهم 7 أو 8 آلاف طبيب سنوياً، فهذا شيء جيد.. يعود بالنفع على الدولة عبر تحويلات المصريين بالخارج".
تصريحات مدبولي، اعتبرها البعض اعترافاً ضمنياً بعجز الدولة عن توفير بيئة عمل جاذبة للأطباء، وتحويل الأزمة إلى فرصة اقتصادية قصيرة الأمد، رغم تأثيرها السلبي على جودة الرعاية الصحية.
وفقاً لنقابة الأطباء والمركز المصري للحق في الدواء، تتعدد أسباب هجرة الأطباء أو استقالتهم، أبرزها: (تدني الأجور مقارنة بتكاليف المعيشة - بيئة عمل مرهقة وغير آمنة، مع غياب الحماية من الاعتداءات المتكررة من بعض ذوي المرضى - نقص الإمكانيات الطبية، ما يضع الأطباء في مواجهة مباشرة مع غضب المرضى وأهاليهم - قلة فرص التدريب والتطوير المهني - تدهور جودة الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية).
كما أشار مركز إنسان للدراسات الإعلامية إلى أن ما يناهز 7 آلاف طبيب يهاجرون سنوياً بسبب "الإجراءات التعسفية"، بينما يستقيل نحو 10 آلاف طبيب من وظائفهم الحكومية للعمل في القطاع الخاص.
وجهات الهجرة.. وأرقام صادمة
تظل الدول الخليجية الوجهة المفضلة للأطباء المصريين، إلى جانب أوروبا وأمريكا الشمالية. حيث تشير بيانات القوى العاملة في بريطانيا إلى ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إليها بأكثر من 200 في المئة بين 2017 و2021، لتصبح مصر ثالث أكبر مصدر للأطباء في الشرق الأوسط بعد الأردن والسودان.
هذا النزيف البشري يهدّد بترك المستشفيات المصرية في حالة عجز مزمن، خاصة في التخصصات الدقيقة، كما يؤثر على خطط الدولة لتطوير القطاع الصحي، مهما ارتفعت أعداد الخريجين الجدد.
ليست قضية استقالات طبيبات طنطا حادثة معزولة، بل مرآة لأزمة ممتدّة في القطاع الطبي المصري، حيث تتقاطع ظروف العمل القاسية مع ضعف الحوافز وانعدام الأمان المهني. ومع استمرار هجرة الأطباء، يتزايد الضغط على من يبقون في الخدمة، ما يهدد بتفاقم الدائرة المفرغة من الاستقالات والنزيف البشري.