تعافي القطاع الصحي في ولاية الخرطوم وتحديات الحرب
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
الخرطوم- بعد أن توقفت أصوات المدافع في شوارع العاصمة الخرطوم، بدأت مستشفياتها في مواجهة التحديات التي يعاني منها القطاع الصحي لإعمار ما دمرته الحرب.
وكان الجيش السوداني قد اتهم قوات الدعم السريع، بعد اندلاع المواجهات في أبريل/نيسان 2023، باتخاذ العديد من المستشفيات ثكنة عسكرية، منها مستشفى الدايات بمدينة أم درمان والشعب والأسنان بالخرطوم، مما أدى إلى خروجها وغيرها عن الخدمة وتوقفها عن تقديم الرعاية الصحية للمرضى، خاصة تلك التي تقع تحت نطاق سيطرة الدعم السريع.
ونتيجة للمواجهات العسكرية في العاصمة السودانية، تضررت العديد من مراكز تقديم الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات، وخلفت وراءها آلاف الضحايا ليصبح القطاع في حالة يرثى لها.
وتتسارع الخطى يوما بعد آخر لإعادة تأهيل المؤسسات الصحية في الولاية وإعمار ما لحق بها من خراب ودمار وصفته وزارة الصحة في الخرطوم بالممنهج والمخطط له من قبل الدعم السريع.
وبحسب تصريحات وزير الصحة المكلف بولاية الخرطوم فتح الرحمن محمد الأمين، فإن القطاع الصحي بالعاصمة تعافى بصورة كبيرة بعد أن كانت قوات الدعم السريع قد دمرت ما يقارب 256 مركزا صحيا بمحليات الولاية السبع.
وأضاف للجزيرة نت أن الجهود المبذولة من قبل الشركاء في وزارة الصحة الاتحادية والمنظمات والمبادرات المجتمعية أدت إلى تسريع عمليات إعادة تأهيل هذه المراكز. وأشار إلى تشغيل أكثر من 196 مركزا للرعاية الصحية و30 مستشفى تعمل بطاقتها الكاملة، وما تبقى من أخرى يعمل بصورة جزئية، وستُؤهّل وفقا للخطة الموضوعة خلال شهر.
أما بخصوص تحديات التأهيل وإعادة الإعمار التي تشهدها مستشفيات العاصمة، يرى محمد الأمين أن الوزارة قادرة على تجاوزها. ويوضح أن جهود تعافي المستشفيات والقطاع الصحي في الولاية أحرزت تقدما ملحوظا بفضل الدعم المستمر من قبل وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية ومجتمعية، وستسهم في تحسين الخدمات الطبية التي يحتاجها المرضى وستكون مُرضية لهم.
إعلانوفي ظل الصعوبات التي واجهتها الولاية في فترة الحرب من تدمير للبنية التحتية ونهب المعدات الطبية من قبل ما وصفها الوزير بالمليشيا، برزت جهود المنظمات المحلية والدولية "كشعاع أمل من بين أنقاض المباني" لتأهيل القطاع الصحي، حيث انعكس دورها بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة في تدريب الكوادر الطبية وتقديم الدعم اللوجستي، مما أسهم في استعادة كثير من مستشفيات الخرطوم لعافيتها وعزز من قدرتها على تقديم رعاية أفضل للمرضى.
تفاؤلمن جانبه، يقول مدير مستشفى ابن سينا التخصصي محمد إدريس عكاشة -للجزيرة نت- إنه متفائل بتطوير الخدمات الصحية وعودتها بشكل أفضل بعد دعم وتدخل العديد من المنظمات والجهات وحتى من قبل المواطنين، من خلال جهود النظافة والمحافظة على البيئة التي شهدتها المؤسسات الصحية بولاية الخرطوم.
وتتمثل حاجة هذا القطاع في المرحلة الحالية -بحسب عكاشة- في عودة الكوادر والكفاءات الطبية التي غادرت البلاد نتيجة الحرب، نظرا للدور المهم الذي يمكن أن يقدموه للنهوض بخدمات الرعاية الصحية.
من جهتها، تحكي الطبيبة فاطمة بابكر اختصاصية أمراض النساء بمستشفى "النو" فصول معاناتها التي عايشتها في فترة الحرب قبل إحكام الجيش السوداني سيطرته على العاصمة الخرطوم، وتقول -للجزيرة نت- إنه رغم عمليات القصف التي استهدفت المستشفى فإنها فضلت البقاء ومواصلة عملها.
وتضيف أن المستشفى كان الأقرب لسكان محليتي أم درمان وكرري وذلك ما جعلها تعمل ساعات طويلة في ظروف وصفتها بالحرجة، إذ إنهم في بعض الأحيان يقومون بتحويل المرضى إلى عيادات خارج ولاية الخرطوم بسبب محدودية الإمكانات وتوقف العديد من المستشفيات داخل الولاية.
تحسن الخدماتوتؤكد فاطمة أن القطاع الصحي يشهد تعافيا بنسبة كبيرة عما كان عليه في السابق، وأنه يحتاج إلى تضافر الجهود وعودة الكوادر الطبية، و"إلى وقت أطول حتى يتعافى بصورة كاملة".
من ناحيته، يقول محمد الريح، الذي كان نازحا في ولاية البحر الأحمر وعاد إلى الخرطوم مؤخرا بعد إصابته بالملاريا، للجزيرة نت، إنه كان يتخوف من عدم وجود مركز صحي بالحي الذي يقطنه في منطقة الفتيحاب وفقا لما شاهده من دمار أثناء رحلة عودته إلى منزله، ووصف الأمر بالمفاجئ له فور وصوله وتلقيه الخدمة الطبية اللازمة في المركز الصحي، فلم يكن يتوقع أن المراكز الصحية تعمل بصورة طبيعية.
وعادت مستشفيات عدة إلى الخدمة بعد توقفها أكثر من عامين جراء الحرب وشهدت تحسنا في تقديم خدماتها الطبية، منها مستشفى أم درمان التعليمي، ومستشفى الخرطوم التعليمي، ومستشفى إبراهيم مالك، ومركز الشعبية جنوب، بالإضافة إلى مستشفيات ومراكز رعاية صحية أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات القطاع الصحی الدعم السریع للجزیرة نت العدید من من قبل
إقرأ أيضاً:
السودان يواجه كارثة «الكوليرا».. أكثر من 2300 إصابة جديدة و21 وفاة في يوم واحد
أعلنت وزارة الصحة السودانية تسجيل 2345 إصابة جديدة بمرض الكوليرا، بينها 21 حالة وفاة، ليصل إجمالي الإصابات إلى 96,681 حالة منذ أغسطس 2024، فيما بلغ عدد الوفيات 2408 في جميع الولايات السودانية البالغ عددها 18 ولاية.
وجاءت غالبية الإصابات في منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غرب السودان، حيث يواجه سكان الولاية أوضاعًا إنسانية صعبة تتفاقم بفعل النزاع المستمر وانتشار الكوليرا.
وفي ولاية شمال كردفان، أدت الأوضاع الأمنية المتدهورة إلى نزوح آلاف السكان نحو مدينة الأبيض عاصمة الولاية، التي تستقبل أعدادًا كبيرة من النازحين، بينهم أكثر من 600 أسرة ونحو 30 ألف شخص من قرى شمال بارا وأطرافها، وفق ما أفاد مفوض العون الإنساني بالولاية محمد إسماعيل.
وأشار إسماعيل إلى استمرار تدفق النازحين من مناطق الخوي وجنوب الأبيض وبارا، في ظل غياب الأنشطة العسكرية في القرى المستهدفة. كما ذكرت مصادر محلية نزوح سكان قرية أم زين، الواقعة على بعد 50 كيلومتراً شرقي الأبيض، مشياً على الأقدام أو عبر الدواب، هرباً من تفاقم الأوضاع.
يونيسف تحذر من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أطفال السودان
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” من تدهور متسارع وغير مسبوق في الأوضاع الإنسانية في السودان، مع تركيز خاص على معاناة الأطفال الذين يواجهون الجوع، المرض، والعنف، في ظل نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الغذاء، الرعاية الصحية، والمياه النظيفة.
وقال شيلدون يت، ممثل “يونيسف” في السودان، إن الوضع يزداد سوءًا بسرعة تهدد حياة ملايين الأطفال، مشيرًا إلى أن حرمانهم من أبسط ضروريات الحياة يعرضهم لخطر كارثي قد يؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها لجيل كامل.
وأكد أن المشكلة ليست في نقص الموارد، بل في فشل المجتمع الدولي في التحرك العاجل والحاسم.
وتأتي هذه التحذيرات عقب زيارة ممثل المنظمة لولايتي الجزيرة والخرطوم، اللتين استعادتهما القوات الحكومية من قوات الدعم السريع، حيث خلفت الأخيرة دمارًا واسعًا في البنية التحتية المدنية، ما أثر بشكل كبير على الخدمات الأساسية.
وأظهر تقييم أممي صادر في 12 يوليو ارتفاعًا هائلًا في حالات سوء التغذية الحاد الوخيم، بنسبة 174% في الخرطوم، و683% في ولاية الجزيرة، بالرغم من تحسن نسبي في الوضع الأمني وفتح بعض سبل الوصول الإنساني.
الإمارات ترفض مزاعم سلطة بورتسودان وتعتبرها مناورات هزيلة لتبرير فشل جهود السلام
أعلنت دولة الإمارات رفضها القاطع للاتهامات التي صدرت عن سلطة بورتسودان، والتي تزعم تورط أبو ظبي في النزاع الدائر في السودان من خلال دعم جهات مسلحة.
ووصفت الإمارات هذه الادعاءات بأنها مناورات إعلامية هزيلة تهدف إلى صرف الانتباه عن مسؤولية السلطة المباشرة في استمرار الحرب الأهلية التي تجاوزت عامين، وإفشال جهود السلام الإقليمية والدولية.
وأوضحت الإمارات أن هذه المزاعم تفتقر لأي دليل، مؤكدة أن قرارات وآليات دولية، منها حكم محكمة العدل الدولية الذي رفض الدعوى المقدمة من سلطة بورتسودان ضد الإمارات، بالإضافة إلى تقرير فريق الخبراء الدولي، لم تشر إلى أي دليل يدين أبو ظبي.
وأكدت أبو ظبي أن سلطة بورتسودان لا تمثل الحكومة الشرعية للسودان ولا تعبر عن إرادة شعبه، ودعت المجتمع الدولي لتعزيز دعم العملية السياسية بقيادة مدنية بعيدة عن الصراعات المسلحة.
وشددت الإمارات على أن الاتهامات الموجهة لها تهدف إلى عرقلة مسار السلام والتنصل من المسؤوليات الأخلاقية والقانونية والإنسانية لإنهاء النزاع، مؤكدة التزامها الكامل بدعم وقف إطلاق النار وحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، والعمل مع شركائها لإيجاد حل شامل ومستدام يضمن استقرار السودان وأمنه.
البرهان يؤكد استمرار المعارك في الخرطوم والفاشر ضد قوات الدعم السريع
أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، أن الخرطوم شهدت معارك كبيرة، مشيرًا إلى أن قوات الدعم السريع لم تغادر المدينة بسهولة.
وقال في كلمة له إن الجيش قدم عشرات آلاف الشهداء في سبيل استعادة الخرطوم، مؤكداً ضرورة تقديم الخدمات الأمنية للمواطنين والعمل على إخلاء العاصمة من مظاهر فوضى انتشار السلاح.
وأضاف البرهان أن المعارك في مناطق الفاشر وكردفان لا تزال مستمرة حتى طرد التمرد، مشددًا على أن المواجهات ضد ميليشيا الدعم السريع مستمرة بهدف إعادة النازحين إلى منازلهم.
وشدد على دور الشرطة كشريك أساسي في بناء الدولة والحفاظ على مقدراتها، معلناً توجيهه بضبط حمل السلاح في الخرطوم.
وتشهد السودان حرباً بين الجيش وقوات الدعم السريع اندلعت في 15 أبريل 2023، وأثرت بشكل كبير على الخدمات والأوضاع المعيشية، مع تفاقم أزمة النزوح داخلياً وخارجياً، في ظل فشل الوساطات العربية والأفريقية والدولية في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.