باريس - وام
في أعقاب قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 5 مايو 2025، برفض الدعوى التي تقدمت بها سلطة بورتسودان ضد الإمارات العربية المتحدة، بزعم تورطها في «دعم إبادة جماعية» في إقليم دارفور، سلط خبراء فرنسيون الضوء على سلامة الموقف القانوني لدولة الإمارات، الذي استند على أسس صلبة من القانون الدولي، وتحديداً في ما يتعلق بتحفظها على المادة 9 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.

وتُعد المادة 9 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) هي المادة التي تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص في النظر في النزاعات بين الدول حول تفسير وتطبيق الاتفاقية. لكن دولة الإمارات، عند انضمامها إلى الاتفاقية، أبدت تحفظاً صريحاً على هذه المادة، مؤكدة أنها لا تقبل الاختصاص التلقائي لمحكمة العدل الدولية في النزاعات المتعلقة بالاتفاقية. وهذا التحفظ يعتبر مانعاً قانونياً لاتخاذ ذلك الإجراء، ما يفقد الدعوى أساسها القانوني وأركانها الشرعية. هذا التحفظ يعكس نهج الدولة في الحفاظ على سيادتها القضائية، مع التأكيد على التزامها الكامل بأهداف الاتفاقية في منع الإبادة الجماعية. ولم تكن دولة الإمارات استثناء في التحفظ على هذه المادة، فقد اتخذت 15 دولة موقفاً مماثلاً لأسباب تتعلق بالسيادة الوطنية. من بين هذه الدول: الولايات المتحدة والهند والفلبين والبحرين وسنغافورة وماليزيا.

وقد أكد العديد من الخبراء الفرنسيين أن هذا التحفظ يتماشى مع أحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (1969)، التي تسمح للدول بإبداء تحفظات على مواد معينة من الاتفاقيات الدولية، ما لم تكن هذه المواد تشكل جوهر الاتفاقية أو تعارض موضوعها وغرضها. ولأن المادة 9 ليست من المواد الجوهرية المرتبطة بالتجريم أو منع الجريمة نفسها، فإن التحفظ عليها لا يُعد باطلاً من الناحية القانونية.
وأشار الخبراء الفرنسيون إلى أن دولة الإمارات «اعتمدت مقاربة قانونية منضبطة»، وأن المحكمة لم تجد في ملف القوات المسلحة السودانية ما ينقض الحصانة التي يمنحها تحفظ المادة 9.
وقال جان بول لوبلان، أستاذ القانون الدولي في جامعة السوربون: «هذا القرار يثبت أن التحفظات القانونية التي تُبنى بشكل دقيق تكون فاعلة أمام المحاكم الدولية. دولة الإمارات كانت ملتزمة في تعاملها مع القانون الدولي منذ انضمامها للاتفاقية».

من جهتها، أكدت كلير دوما نائبة المركز الأوروبي للسلام وحل النزاعات ومقره باريس، وهي متخصصة في قضايا النزاعات الدولية، أن قرار المحكمة يشكل سابقة قانونية مهمة، ويكرّس مبدأ سيادة الدولة في ما يتعلق بالتحفظات القانونية المعترف بها دولياً، كما أنه يرسل رسالة للدول التي تسعى إلى استخدام القضاء الدولي كأداة سياسية، مفادها أن الإجراءات الشكلية والالتزام بالقانون هما مفتاح النجاح في هذا الصدد.
وأضافت:«هذه نتيجة طبيعية لدولة تفهم طبيعة النظام القانوني الدولي، وتضع أساساً دبلوماسياً وقانونياً لمواقفها.
واعتبرت نائبة رئيس المركز الأوروبي للسلام وحل النزاعات، أن قرار محكمة العدل الدولية برفض دعوى القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات يمثل «ليس فقط انتصاراً قانونياً لدولة الإمارات، بل أيضاً تثبيت لمبدأ احترام سيادة الدول ورفض توظيف القضاء الدولي كأداة ضغط سياسي».

وأضافت «من الواضح أن المحكمة أرادت أن تُرسل رسالة مفادها أن الادعاءات ذات الطابع السياسي، حتى وإن صيغت بلباس قانوني، يجب أن تستوفي المعايير الإجرائية والاختصاصية الصارمة المعمول بها دولياً. وقد نجحت دولة الإمارات في تفكيك الطابع القانوني المزعوم للدعوى، عبر تقديم ملف قوي يستند إلى تحفظها القانوني على المادة 9 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية».
وأشارت إلى أن المحكمة، برفضها الدخول في جوهر الاتهامات، «عملياً برّأت دولة الإمارات من تهمة التدخل أو التورط في الشأن السوداني»، موضحة أن المحكمة «لم تجد في نص الدعوى ما يثبت خرقاً للالتزامات الدولية، لا في المضمون ولا في الشكل».
وشددت دوماً على أن هذا القرار «يعيد التوازن إلى منطق استخدام القضاء الدولي»، ويدفع نحو «عدم تسييس المحاكم الدولية، أو استغلالها لتصفية الحسابات الدبلوماسية أو الإعلامية».
وأكدت المتخصصة الفرنسية أن «الانتصار القانوني لدولة الإمارات في لاهاي يعزز صورتها كدولة تحترم الشرعية الدولية، وتدير سياساتها الخارجية ضمن أطر قانونية، حتى في وجه اتهامات ذات طابع سياسي وحقوقي معقد».

كما لفتت إلى أن هذا الانتصار سيمنح دولة الإمارات «مساحة أوسع للتحرك الدبلوماسي والإنساني في المنطقة، بعدما أكدت المحكمة عدم تورطها في دعم أي أعمال إبادة أو خرق للاتفاقيات الدولية»، وهو ما يعزز «موقع دولة الإمارات كلاعب دولي مسؤول، يحترم القانون».
وسلطت الضوء على أن هذا القرار يشكل سابقة قانونية مهمة، ويكرّس مبدأ سيادة الدولة في ما يتعلق بالتحفظات القانونية المعترف بها دولياً. كما أنه يرسل رسالة للدول التي تسعى إلى استخدام القضاء الدولي كأداة سياسية، مفادها أن الإجراءات الشكلية والالتزام بالقانون هما مفتاح النجاح في هذا المجال.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات محكمة العدل الدولية الإبادة الجماعیة القانون الدولی دولة الإمارات القضاء الدولی العدل الدولیة أن المحکمة المادة 9 أن هذا

إقرأ أيضاً:

3 حالات يحق فيها للمالك طرد المستأجر بقانون الإيجار القديم

تضمنت المادة الثانية من قانون الإيجار القديم الجديد إلزام جميع المستأجرين بإنهاء عقود الإيجار الخاصة بالأماكن المؤجرة لغرض السكن بعد مرور 7 سنوات من تاريخ بدء العمل بالقانون، في حين تنص على انتهاء عقود الأماكن المؤجرة لغير غرض السكن بعد خمس سنوات، ما لم يتفق الطرفان على إنهائها قبل انقضاء تلك المدة.

ويعكس هذا النص تحولًا قانونيًا جوهريًا نحو وضع سقف زمني واضح لعقود الإيجار القديمة، بما يتيح للمالك استرداد وحدته بعد فترة محددة دون الدخول في نزاعات قضائية طويلة، وفي الوقت ذاته يمنح المستأجر مهلة كافية لترتيب أوضاعه أو البحث عن بديل مناسب.نقيب أطباء الأسنان يعلن رفضه تعديلات قانون الإيجار القديمالمصرى للدراسات الاقتصادية يناقش تعديلات الإيجار القديم فى ندوة غدالو مستأجر شوف هتدفع كام بقانون الإيجار القديم 2025آليات جديدة لتشكيل اللجنة المختصة بتصنيف أماكن الإيجار القديم.. اعرفها

شروط الإخلاء قبل انقضاء المدة القانونية

أشارت المادة السابعة من القانون نفسه إلى الحالات التي يجوز فيها إخلاء المكان قبل انتهاء المدة المنصوص عليها في المادة الثانية، وذلك دون الإخلال بالأسباب الأخرى الواردة في المادة 18 من قانون رقم 136 لسنة 1981، وتشمل الحالات التالية:

ترك المكان مغلقًا لمدة تزيد على سنة دون وجود مبرر مقبول، سواء من المستأجر الأصلي أو من امتد إليه العقد.امتلاك المستأجر أو من امتد إليه العقد لوحدة أخرى (سكنية أو غير سكنية) تصلح للاستخدام في ذات الغرض الذي تم تأجير الوحدة الحالية من أجله، وبالتالي تنتفي الحاجة للوحدة المؤجرة.في حالة الامتناع عن الإخلاء بعد تحقق الشروط، يكون من حق المالك أو المؤجر التقدم إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة بطلب أمر طرد الممتنع عن الإخلاء، دون أن يتعارض ذلك مع المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى قانوني.للمستأجر الحق في رفع دعوى

ينص القانون أيضًا على أن المستأجر أو من امتد إليه العقد يملك حق اللجوء إلى القضاء ورفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة وفقًا للإجراءات التقليدية، وذلك إذا رأى أن هناك مبررًا للطعن على قرار الإخلاء.

لكن، وبشكل واضح، فإن رفع هذه الدعوى لا يوقف تنفيذ أمر قاضي الأمور الوقتية بشأن الطرد، أي أن المالك يمكنه استصدار أمر بالإخلاء فور تحقق إحدى الحالات الثلاث المشار إليها، حتى لو بادر المستأجر لاحقًا باللجوء إلى القضاء.

وكانت قد أعلنت لجنة الإسكان بمجلس النواب، بالاشتراك مع لجنتي الإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية، الموافقة رسميا على مشروع قانون جديد لتعديل أحكام الإيجار القديم، المقدم من الحكومة، في خطوة تستهدف إعادة التوازن بين المالك والمستأجر، وفقًا لمستجدات الواقع الاقتصادي.


يأتي ذلك في أعقاب تقديم الحكومة تعديلات جديدة تتعلق بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، سواء لغرض السكنى أو لغير السكنى، وفقًا للقوانين السارية منذ عقود طويلة، أبرزها القانون رقم 49 لسنة 1977، والقانون رقم 136 لسنة 1981.

سريان القانون على عقود السكني وغير السكني

ينص مشروع القانون الجديد على سريان أحكامه على الأماكن المؤجرة لغرض السكنى، وكذلك الأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى، وذلك بموجب القانونين رقم 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، واللذَين ينظمان العلاقة بين المالك والمستأجر.

اقرأ أيضًا:

الإيجار القديم في ثوبه الجديد| نهاية تدريجية للعقود و15% زيادة سنوية بالأجرةرئيس إسكان النواب: موافقة نهائية على تعديلات قانون الإيجار القديمحقيقة إسراع الحكومة في استكمال قانون الإيجار القديم لتطوير وسط البلدرئيس "إسكان النواب": الشقق المغلقة بالإيجار القديم تُعاد لمالكها بعد عامإنهاء العقود خلال مدد محددة

تحدد المادة الثانية من مشروع القانون أن عقود الإيجار للأماكن الخاضعة لأحكامه، والمخصصة للسكنى، تنتهي بعد مرور 7 سنوات من تاريخ سريان القانون. 

أما العقود الخاصة بالأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى، فتنتهي بعد 5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون، ما لم يتم الاتفاق بين الطرفين على إنهائها قبل ذلك.

لجان الحصر وتقسيم المناطق

تنص المادة الثالثة على تشكيل لجان حصر بقرار من المحافظ المختص، تكون مهمتها تقسيم المناطق التي بها أماكن مؤجرة للسكنى، إلى ثلاث فئات: مناطق متميزة، ومناطق متوسطة، ومناطق اقتصادية.

وتتم عملية التقسيم بناءً على عدة معايير، من بينها الموقع الجغرافي، ومستوى البناء، ونوعية المواد المستخدمة، ومتوسط مساحات الوحدات، والمرافق المتوفرة، وشبكات الطرق ووسائل المواصلات، إضافة إلى القيمة الإيجارية السنوية للعقارات المبنية طبقًا لقانون الضريبة العقارية رقم 196 لسنة 2008.

ويصدر رئيس مجلس الوزراء قواعد عمل هذه اللجان، على أن تُنهي أعمالها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ بدء سريان القانون، مع إمكانية تمديد الفترة بقرار من رئيس مجلس الوزراء مرة واحدة فقط.

 ويصدر المحافظ المختص قرارًا بنتائج عمل اللجنة، وينشر في الوقائع المصرية ويُعلن في وحدات الإدارة المحلية.

تعديل القيمة الإيجارية للمساكن

بحسب المادة الرابعة، تُحتسب القيمة الإيجارية القانونية الجديدة للأماكن المؤجرة لغرض السكنى، ابتداءً من أول شهر بعد بدء سريان القانون، بواقع عشرين ضعف القيمة الإيجارية القانونية الحالية، في المناطق المتميزة، على ألا تقل عن 1000 جنيه شهريًا.

 أما في المناطق المتوسطة والاقتصادية، فتكون بواقع عشرة أمثال القيمة الإيجارية، على ألا تقل عن 400 جنيه في المناطق المتوسطة، و250 جنيهًا في المناطق الاقتصادية.

ويلتزم المستأجر أو من امتد إليه العقد بسداد مبلغ شهري مؤقت قدره 250 جنيهًا إلى حين انتهاء لجان الحصر من أعمالها.

بعد ذلك، يُطالب بسداد الفروق المستحقة، إن وُجدت، على أقساط شهرية توازي عدد الشهور التي استحقت عنها.

تعديلات الإيجار لغير السكنى

توضح المادة الخامسة أن القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى، ستصبح خمسة أمثال القيمة السارية ابتداءً من أول شهر بعد بدء سريان القانون.

زيادة سنوية في الإيجار

كما نصت المادة السادسة على أن تزداد القيمة الإيجارية السنوية للمساكن والأماكن غير السكنية بنسبة 15% سنويًا، بشكل دوري، بما يحقق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر.

أولوية تخصيص وحدات بديلة

تتيح المادة الثامنة للمستأجر أو من امتد إليه العقد تقديم طلب لتخصيص وحدة بديلة، سواء كانت سكنية أو غير سكنية، إيجارًا أو تمليكًا، من الوحدات المتوفرة لدى الدولة، شرط تقديم إقرار بالإخلاء وتسليم الوحدة الحالية.

 وتمنح الأولوية في التخصيص للفئات الأولى بالرعاية، وعلى رأسهم المستأجر الأصلي وزوجه ووالداه، ممن امتد لهم العقد.

ويصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بقواعد تلقّي الطلبات والبت فيها خلال شهر من تاريخ سريان القانون، كما تمنح الدولة أولوية في تخصيص وحدات بديلة عند الإعلان عن توفرها، مع مراعاة موقع الوحدة القديمة ودرجة الزحام.

إلغاء القوانين السابقة

تنص المادة التاسعة على إلغاء القوانين أرقام 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، و6 لسنة 1997، وذلك بعد مرور سبع سنوات من تاريخ سريان القانون الجديد، كما يُلغى أي نص قانوني يتعارض مع أحكامه.

بدء سريان القانون

تختتم المادة العاشرة بأن القانون يُنشر في الجريدة الرسمية، ويبدأ العمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

أبرز التعديلات الجوهريةانتهاء عقود الإيجار القديمة خلال 5 إلى 7 سنواتمضاعفة القيمة الإيجارية إلى 10 و20 ضعفًازيادة سنوية بنسبة 15%حالات محددة للإخلاء الفوريإعطاء أولوية في تخصيص وحدات بديلة للمستأجرين طباعة شارك قانون الإيجار القديم الإيجار القديم عقود السكني وغير السكني لجان الحصر القيمة الإيجارية للمساكن زيادة سنوية في الإيجار

مقالات مشابهة

  • من التوبيخ إلى التأهيل.. إجراءات قانونية تحمي الطفل وتمنع العقاب الجنائي
  • محمد بن زايد: الإمارات تدعم جميع الإجراءات التي تتخذها قطر للحفاظ على سيادتها
  • قانون الإيجار القديم 2025 .. شوف هتدفع كام في الشهر
  • رزيق يبحث مع خبراء صندوق النقد الدولي تطور السياسة التجارية وآفاق الإنفتاح الإقتصادي
  • هل يجوز الترشح في أكثر من دائرة بانتخابات مجلس الشيوخ؟.. القانون يحسم الجدل
  • العراق يعيد فتح أجوائه أمام حركة الملاحة الجوية الدولية
  • شروط خاصة الاستقطاع أي مبالغ من مرتب العمال.. تفاصيل
  • الإمارات: الاستهداف الإيراني لقطر انتهاك صارخ ومخالف للقانون الدولي
  • 3 حالات يحق فيها للمالك طرد المستأجر بقانون الإيجار القديم
  • عدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى المنتجة ليلى الشبح بتهمة سب وقذف هند عاكف