صراحة نيوز ـ بقلم النائب الكابتن زهير محمد الخشمان

في زمن تداخلت فيه الحقائق بالشائعات، وغابت المعايير الأخلاقية أمام سطوة التضليل الرقمي والمصالح الضيقة، برزت حملة تشكيك ممنهجة تستهدف الدور الأردني الأصيل في نصرة غزة، محاولةً ضرب الثقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين، والنيْل من مؤسسات الدولة الأردنية، وفي مقدمتها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي لطالما كانت ذراعًا إنسانيًا صادقًا في وجه الكوارث والصراعات.

إن ما يتم تداوله من اتهامات باطلة حول تقاضي الأردن “رسوم عبور” على المساعدات المتجهة إلى القطاع ليس مجرد كذب يُروّج، بل مشروع إساءة يستهدف طعن أحد أنظف المواقف وأكثرها أخلاقية في المنطقة. الأردن، الذي فتح أجواءه وموارده ومطاراته وحدوده، لم ينتظر شكرًا من أحد، ولم يسأل عن العرق أو الدين أو اللغة حين أنقذ، وأسعف، وشارك في ترميم جراح المنكوبين.

ما يجهله البعض، أو يتجاهله عمدًا، هو أن دعم الأردن لغزة ليس موقفًا طارئًا ولا حملة علاقات عامة، بل هو امتداد لهوية سياسية وإنسانية وثقافية لا تقبل التفريط بفلسطين، ولا بالموقف العربي تجاه قضيتها المركزية. إنها عقيدة رسّخها التاريخ، وثبّتها الأردنيون، قيادةً وشعبًا، في كل محطة.

ومن قلب هذا الالتزام، كانت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حاضرة كما كانت دومًا، تنسق، وتُرسل، وتنقل، وتسند. ولأنها تعمل في الظل، ولأنها لا تصرخ بمنجزاتها، تجرّأ البعض على الطعن بها، متناسين أن هذه الهيئة نقلت آلاف الأطنان من الإغاثة إلى غزة، وجهّزت المستشفيات الميدانية، وكانت في عمق الميدان في الوقت الذي انشغل فيه الآخرون بالحسابات السياسية.

ولعل أبرز ما ميّز هذه المرحلة هو التحرك الملكي المباشر بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي لم يكتفِ ببيانات الإدانة، بل أمر بسلسلة من عمليات الإنزال الجوي العسكري في أجواء غزة، نُفذت عبر سلاح الجو الملكي، رغم كل التحديات اللوجستية والسياسية. لقد عبّر جلالته، كما اعتدناه، عن موقف سياسي وإنساني واضح: “فلسطين ليست ورقة تفاوض، بل قضية وطنية أردنية، ولا نقايض في إنسانية شعبها تحت الحصار والقصف”.

وإلى جانب جلالته، برز سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي لم يكن مجرد ناقل لرسائل الدولة، بل كان مبادرًا، حاضرًا، ومتبنيًا للقضية بروح شابة مسؤولة، نقلت موقف الأردن إلى المحافل الدولية بلغة حديثة، صادقة، ومؤثرة، أكد فيها أن الدفاع عن الفلسطينيين ليس خيارًا بل التزامًا نابعًا من قيم العدالة والحرية.

وإذا كنا نتحدث عن الأداء الأردني، فلابد من وقفة مع القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، الذي جسّد مبدأ “الجيش لخدمة الوطن والأمة”، فكان على رأس فرق الإسناد والإنزال الجوي، ونفذ مهامًا حساسة، وفتح ممرات آمنة للمساعدات، دون ضجيج إعلامي. الجيش الأردني اليوم لا يحمي حدود الدولة فقط، بل يدافع عن ضمير الأمة وكرامة الإنسان.

أما الخدمات الطبية الملكية، فقد أثبتت مرة أخرى أنها ليست مجرد مؤسسة صحية، بل قوة إنسانية متكاملة. إذ عملت على تجهيز شحنات الأدوية والمستلزمات الطارئة، وأرسلت الفرق الطبية، وأسهمت في الإشراف على المستشفيات الأردنية الميدانية داخل غزة. لقد كان الطبيب الأردني في هذه الأزمة، جنديًا بقلب إنساني، لا يغادر مكانه حتى يؤمّن رعاية حقيقية لكل مصاب.

هذه المنظومة الأردنية المتكاملة، من قيادة عليا، وجيش، وخدمات طبية، وهيئة إغاثية، ومجتمع متضامن، لم تكن لتُستهدف بهذه الحملة لولا تأثيرها وفاعليتها. إن هذه الحملة تسعى لاختراق جدار الثقة بين الأردن والشعب الفلسطيني، لكنها تصطدم بحقيقة بسيطة: أن من يعمل لأجل الناس لا يحتاج إلى تبرير، وأن من يعطي لا يُسأل عن حسابات المال، بل يُشكر على نُبل الفعل.

إن التشكيك اليوم لا يضعف من موقف الأردن، بل يكشف غيرة أولئك الذين تخلفوا عن نصرة غزة. والمؤسف أن بعض هذه الادعاءات صادرة من جهات تواطأت بالصمت، أو باعت مواقفها تحت الطاولة، وتحاول اليوم أن تُلبس الأردن ثوبًا ليس له.

إننا نقول لهؤلاء: الأردن كان وما زال صاحب الموقف الأعلى، والأكثر ثباتًا، والأكثر أخلاقًا في هذا الإقليم. وكل محاولة لتشويهه، لن تزيده إلا تماسُكًا. ومن أراد أن ينافس الأردن في دعم فلسطين، فليُقدّم الفعل لا الاتهام، والدواء لا الافتراء.

وفي النهاية، تبقى الحقيقة واضحة: الأردن لم يطلب شيئًا من أحد مقابل دعمه لغزة، لا مالًا، ولا شهرة، ولا صفقة سياسية. الأردن قدّم ما يقدّمه الشرفاء… وهو مستمر، رغم حملات التشكيك، ورغم كل الضجيج، لأن ما يربطه بفلسطين، ليس موسمًا، بل مصيرًا مشتركًا وحلمًا عربيًا لا ينكسر.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام موقف ا

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. هل ظلم الحكم برشلونة لصالح إنتر وما سر التشكيك بنزاهة التحكيم؟

أثارت بعض القرارات التحكيمية لمباراة إنتر ميلان ضد برشلونة صخبا وجدلا واسعين وهجوما على الحكم وصل إلى حد التشكيك في وجود مؤامرة لإخراج الفريق الإسباني من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، الجزيرة نت تتناول بالتحليل الفني أهم القرارات التي أثارت جدلا.

واقتنص إنتر الإيطالي بطاقة التأهل إلى نهائي دوري الأبطال بعد فوزه المثير على برشلونة 4-3 بعد التمديد لشوطين إضافيين، ليفوز بمجموع المباراتين 7-6 (مباراة الذهاب انتهت بالتعادل 3-3).

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مباشر مباراة سان جيرمان ضد أرسنال (2-1) بنصف نهائي دوري أبطال أوروباlist 2 of 2المباريات الأكثر غزارة تهديفية بمراحل خروج المغلوب في أبطال أوروباend of list

ورغم وجود 3 مطالبات بضربات جزاء لبرشلونة، كان الاحتجاج الأبرز لجماهير الفريق عبر مواقع التواصل الاجتماعي على مخالفة مزعومة قبل هدف التعادل 3-3 لإنتر في الوقت بدل الضائع من الشوط الثاني، حيث تقول جماهير برشلونة إن هناك مخالفة من دومفريس مهاجم إنتر الذي ضرب جيرارد مارتن لاعب برشلونة في قدمه وأسقطه أرضا قبل أن يمرر الكرة التي سجل منها الهدف، رغم أن الفيديو يوضح أن اللاعب سقط بعدما اصطدم بقدمه اليسرى بساق منافسه اليمنى بشكل تشوبه المبالغة والتمثيل للحصول على مخالفة.

توضح الإعادات أن لاعب إنتر لمس بالفعل ساق لاعب برشلونة، ولكن هل كل لمسة أو التحام مخالفة؟ بالطبع لا، لأن العبرة بمدى قوة اللمس وتأثيره، وهنا لا يوجد أي تأثير وإلا سقط اللاعب أو تأثر مباشرة ولم ينتظر حتى صدم قدمه بساق منافسه، كما أن الحالة قريبة من الحكم المساعد الأول، والحكم كذلك كان قريبا، ثم إن تقنية الفيديو راجعت الحالة بعد تسجيل الهدف ولو وجدت أي شبهة لراجعت الحكم فيها.

 

وكان احتساب ركلة جزاء لصالح إنتر ميلان في الدقائق الأخيرة من الشوط الأول واحدا من أبرز القرارات التي أثارت خلافا في الرأي حتى بين المحللين وخبراء التحكيم.

إعلان

واحتسب الحكم البولندي سيمون مارتشينياك ركلة جزاء لإنتر ميلان بعد تدخل من باو كوبارسي مدافع برشلونة على لاوتارو مارتينيز بعد العودة لتقنية الفيديو، وهو قرار لاقى انتقادا من الفرنسي أرسين فينغر المدرب السابق لأرسنال بسبب الطريقة التي تم فيها استخدام "الفار".

وقال فينغر "أعارض تماما احتساب مثل هذا النوع من ركلات الجزاء، وأعارض أيضا استخدام تقنية الفيديو بالحركة البطيئة. بسرعة اللعب الطبيعية كان تدخلا رائعا".

وأوضح "انظروا إلى ما يفعله لاوتارو. هو يعلم أنه لن يسجل فمال بجسده نحو كوبارسي، لقد بحث عن ركلة الجزاء. في رأيي، لم يتخذ الحكم القرار الصحيح، من أول ما وصل إلى الكرة؟ هذا ما يهمني. كوبارسي لعب على الكرة أولا، والباقي قام به لاوتارو".

ومن جهته ألمح الحكم الإسباني السابق ماتيو لاهوز إلى صحة قرار مارتشينياك، في حين جزم مواطنه إيتورالدي غونزاليس بأحقية إنتر ميلان بالحصول على ركلة جزاء.

وقال لاهوز "لقطة من الصعب رؤيتها بالعين المجرّدة، وكاميرا واحدة فقط أظهرت أنها ركلة جزاء، ولهذا وُجدت تقنية الفيديو".

أما إيتورالدي فحلّل اللقطة بالقول "قدم كوبارسي اصطدمت أولا بقدم لاوتارو لذلك فهي ركلة جزاء، هذه اللقطة صعبة للغاية. احتجت 3 إعادات حتى أراها بوضوح، لاعب إنتر ميلان تصرف بذكاء حيث إنه لم يسدد بل انتظر تدخل المدافع".

تشالهان أوغلو يسجل الهدف الثاني لإنتر من ركلة جزاء احتسبت عقب مراجعة تقنية الفيديو ⚽️????#دوري_أبطال_أوروبا | #إنتر | #برشلونة pic.twitter.com/B8DmTYM5bB

— beIN SPORTS (@beINSPORTS) May 6, 2025

الرد على فينغر ولاهوز

الحقيقة أن فينغر حلل الكرة بعين المدرب وغفل عن أن قانون كرة القدم لا يحاسب اللاعب على وضع جسده بين الكرة واللاعب لأنه أمر يحدث كثيرا في كرة القدم، وإلا أصبحت اللعبة مثل الكرة الطائرة لا تلامس فيها، ولكن يحاسب على التدخل غير القانوني ضد اللاعب، ووضعت المادة 12 (الأخطاء وسوء السلوك) معايير وأسباب الأخطاء، ومنها أن اللاعب إذا لعب الكرة أولا ثم حدث الالتحام الجسدي الطبيعي فلا توجد مخالفة، ولكن إذا عرقل أو ركل اللاعب قبل الكرة فهذه مخالفة وقد تكون هناك عقوبة إدارية أيضا إذا كان هناك تهور أو استخدام لقوة زائدة، وكوبارسي نفسه يعلم ذلك، لكن وجود قدم مارتينيز بينه وبين الكرة جعله يرتكب مخالفة عرقلة قدم مارتينيز قبل لعب الكرة.

إعلان

أما لاهوز، رغم أنه حكم دولي سابق، فموقفه معروف باعتباره إسبانيا ويساند ممثل بلده في البطولة، كما أنه كان حكما كثير الأخطاء والشطط وتسبب في كثير من الأزمات التحكيمية حتى فترة قريبة، وقد كان بعضها سببا في إجباره على اعتزال التحكيم.

التراجع عن ضربة جزاء لامين جمال

وذهب لاهوز أيضا في معرض انتقاده للحكم إلى وجود ركلة جزاء لصالح لامين جمال لعرقلته من قبل مختاريان لاعب إنتر ميلان، التي احتسبها الحكم في البداية وأشار إلى علامة الجزاء، قائلا إن جمال تمت عرقلته خارج المنطقة ثم داخلها، ومنهم من ذهب إلى أن تقنية الفيديو هي من ألغت قرار الحكم بداعي أن العرقلة حدثت خارج منطقة الجزاء.

ولكن الحقيقة أن قانون كرة القدم يحاسب على المخالفة الأولى التي احتسبها الحكم الذي اعتقد أنها كانت داخل المنطقة، لكنه تأكد من خلال تقنية الفيديو أنها من الخارج، وهو ما أوضحته الصور، علما بأن حكام تقنية الفيديو لا يستطيعون فرض أي قرار على الحكم إلا في حالات التسلل أو خروج الكرة خارج الملعب لأنها حالات لا رأي فيها وتعتمد على القياسات وليس الاجتهاد.

عرقلة لامين جمال بدأت خارج المنطقة واستمرت حتى داخلها (الفرنسية) ضربة جزاء غير محتسبة لبرشلونة

الغريب أن جماهير برشلونة تكاد تغفل عن إبراز القرار الوحيد الذي أخطأ فيه الحكم بالفعل في بداية الشوط الثاني عندما أمسك باستوني منافسه لامين جمال بوضوح من كتفه داخل منطقة الجزاء، ومرت اللعبة دون أن يتوقف اللعب حتى لمراجعتها.

وهذه المخالفة إذا احتسبت ضربة جزاء كانت كفيلة بتغيير النتيجة المثيرة التي أهلت إنتر للمباراة النهائية وأطاحت ببرشلونة.

والحقيقة أن الهجوم على التحكيم تجاوز بكثير هذا الخطأ، وذلك سببه خسارة برشلونة وخروجه من نصف النهائي، إضافة إلى شعبيته الكبيرة حتى على مستوى المحللين.

لالحكم تغاضى عن احتساب ضربة جزاء للامين جمال (الفرنسية)

مقالات مشابهة

  • غزيون: موقف الأردن بدعم صمودنا غير قابل للتشكيك
  • غزّيون يُقدّرون جهود الأردن ويرفضون التشكيك بدوره الإنساني الداعم
  • “أطباء بلا حدود”: الفلسطينيون يُقتلون جماعيًا وغزة بلا مساعدات منذ مارس
  • ارتفاع الصادرات الأردنية إلى أميركا بنسبة 8% وتسجيل فائض تجاري بـ151 مليون دينار
  • الاعلام الرسمي ….اين السرديه الاردنيه
  • بالفيديو.. هل ظلم الحكم برشلونة لصالح إنتر وما سر التشكيك بنزاهة التحكيم؟
  • أجواء “ملتهبة” في الأردن…كتلة هوائية حارة ترفع درجات الحرارة إلى مستويات صيفية مبكرة
  • فيتنام وغزة.. مقارنة بين مقاومتين
  • قطر ومصر ترفضان التشكيك في جهود الوساطة.. استمرار محاولات وقف الحرب