إلى أين تسير تونس بين الجبهة الديمقراطية والتوافق 2 وبين تصحيح المسار؟
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
لفهم الوضع التونسي بعد "تصحيح المسار" ونجاحه في إعادة هندسة المشهد السياسي بصورة جذرية سيكون من السهل أن نقول -مثل أغلب الأصوات المعارضة- بأن مشروع الرئيس الذي يرفع شعار "لا عودة إلى الوراء" ليس في الحقيقة إلا ارتكاسة نسقية إلى الوراء، المتمثل في لحظتي الحكم الدستورية والتجمعية، مع اختلافين رئيسين في مستوى نمط "الشرعية" وفي مستوى انتفاء الحاجة إلى "حزبٍ حاكم".
إن الإجابة الموضوعية عن هذين السؤالين -أو على الأقل الإجابة الأكثر تخففا من الانحيازات التأكيدية- ستكون حسب رأينا هي الأقدر على فهم الوضع الحالي، وعلى بناء قراءة استشرافية له. وهي إجابة غير ممكنة إلا بالخروج من ضيق الاستفهام المجازي (أي السؤال الذي ينطلق بكل صيغه من معرفة مسبقة بالجواب أو لا يطلب الجواب أصلا) إلى سعة الاستفهام الحقيقي، أي ذلك السؤال الذي يطلب المعرفة ويقرّ بالجهل، فيتحول بالتالي إلى آلية من آليات تعديل نسق الذات الفردية أو الجماعية وتغيير مواقفها تجاه من يشبهونها ومن يختلفون عنها جزئيا أو جذريا.
التجاوز الجدلي للخلافات البينية داخل المعارضة والقدرة على تذويب خلافاتها أو تحييدها مرحليا ما زال أفقا أقرب إلى الاستحالة منه إلى الإمكان على الأقل في المدى المنظور
وإذا ما نظرنا إلى واقع المعارضة التونسية الآن-وهنا، فإننا لن نتردد في القول بأنها ما زالت غير واعية بأن محصول سؤالها الفرعي أو المشتق (ما العمل للخروج من الوضع الحالي؟) مرتبط شرطيا بسؤال أصلي لا يبدو أن الإجابات عنه إلى حد هذه اللحظة قد تجاوزت منطق الانحياز التأكيدي أو الاستفهام المجازي (ما الذي حصل منذ الثورة، وما هو دورنا الحقيقي فيه بعيدا عن المزايدات والاداعاءات الذاتية، وبعيدا عن شيطنة السلطة وسرديتها السياسية وكأنهما "طفرة" وليستا نتيجة مسار انتقالي مأزوم بنيويا؟).
رغم أننا لا ننكر وجود نوع من الخلخلة الجزئية في السرديات السياسية المرتبطة باستراتيجتي الاستئصال الناعم والاستئصال الصلب من جهة أولى، وباستراتيجية التوافق "اللاّ مشروط" مع المنظومة القديمة من جهة ثانية، فإننا لا نملك ذلك التفاؤل الذي يحكم العديد من الشخصيات العامة في الحقل السياسي وفي وسائل التواصل الاجتماعي. فوجود بعض الأصوات الناقدة للصراع الهوياتي ضد الإسلاميين ودوره في إفشال الانتقال الديمقراطي وبناء مشترك مواطني، وكذلك وجود بعض الأصوات النهضوية أو القريبة منها والمنتقدة للتوافق 1 مع حركة نداء تونس ومِن ورائه المنظومة القديمة، كل ذلك لا يعني أن بنية العقل السياسي في الجهتين قد تغيرت، خاصة إذا ما استحضرنا أنّ "مركز القرار" فيهما ما زال بعيدا عن التماهي مع تلك الأصوات المعزولة وذات التأثير المحدود. وهو ما يعني أنّ التجاوز الجدلي للخلافات البينية داخل المعارضة والقدرة على تذويب خلافاتها أو تحييدها مرحليا ما زال أفقا أقرب إلى الاستحالة منه إلى الإمكان على الأقل في المدى المنظور. ولو استعرنا مصطلحا كلاميا تراثيا لقلنا مع المعتزلي النظّام إننا في النواة الصلبة للمعسكرين معا (معسكر العائلة "الحداثية" أو "التقدمية" أو "الديمقراطية" ومعسكر "التوافق" وما يدور في فلكه) أمام "حركة اعتماد"، أي حركة الجسم في محلّه.
إذا ما أردنا أن نفهم الدلالة السياسية العميقة لـ"حركة الاعتماد"، فإن علينا أن نطرح السؤالين التاليين باستلهام الفيلسوف الفرنسي روسو باعتباره أحد آباء "التنوير" ومن المنظرين الكبار لقاعدة "الإرادة العامة": أولا، هل خرجت "العائلة الديمقراطية" من منطق الإقصاء النسقي للنهضة إلى دائرة الاعتراف المبدئي بحقها في تمثيل جزء من "الإرادة العامة" (باعتبارها مجموع اختلافات الإرادات الخاصة، وباعتبارها لا تمثل مجموعة هويات وتمثل "البحث عن عمومية تتضمن الاختلافات")؟ وهل تجاوزت دعاوى تمثيل "إرادة الجميع" وحاولت أن تمارس الفعل السياسي في إطار "صمت الأهواء"، تلك الأهواء المؤسسة للاستعلاء المعرفي والسياسي والمكرّسة لمنطق الصراع الوجودي؟ (انظر كتاب روح الأنوار لتزفيتان تودوروف لفهم كيف أصبح خطاب "التنوير" نفسه انقلابا على روح التنوير وتحويل وجهة لقيمه داخل الفضاء الأوروبي، ومن باب أولى داخل السرديات التابعة أو "المُتونسة" لتلك القيم). ثانيا، هل يوجد لدى النهضة خيار حقيقي يتجاوز التوافق مع النواة الصلبة للمنظومة القديمة والتطبيع مع أذرعها الوظيفية في إطار "تنازلات مؤلمة" مستأنفة، أي في سياق موازين قوى لا تمتلك النهضة القدرة على تعديلها بصورة "منصفة" لوزنها الانتخابي وعمقها الشعبي؟
لقد حرصت الآلة الدعائية للمنظومة القديمة خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي على ربط خيار "التوافق" بحركة النهضة. وهي استراتيجية اتصالية فعّالة نجحت في جعل النهضويين أنفسهم- بل حتى أغلب المشتغلين بالشأن العام- يختزلون التوافق في خيارات النهضة دون سواها. وإذا ما حاولنا التحرر من استراتيجيات التزييف والدمغجة فإننا سنجد أن التوافق كان خيار جميع الفاعلين منذ المرحلة التأسيسية. فماذا يمكن أن نسمّي مخرجات "الدستور" والهيئات الدستورية وغير الدستورية إذا لم تكن مخرجات "توافقية"؟ وماذا نسمي" الجبهة الشعبية" إذا لم تكن هوية توافقية"؟ بل كيف نسمي "العائلة الديمقراطية" إذا لم تكن توافقا على أرضية اللائكية وعلى التعارض الوجودي مع حركة النهضة والتطبيع مع ورثة المنظومة القديمة؟ وماذا نسمي خيار "الانتخاب المفيد" لمرشح "التجمعيين الجدد" المرحوم الباجي قائد السبسي؟ وماذا نسمي الحزام البرلماني للرئيس الذي دفع نحو تعفين المشهد البرلماني والساسي في إطار "توافقات" علنية وضمنية مع قصر قرطاج؟ وماذا نسمي احتفاء أغلب "الديمقراطيين" بإجراءات "تصحيح المسار" إذا لم تكن انتظارا لتوافقات جديدة مع السلطة بشرط إقصاء حركة النهضة؟ وأخيرا كيف يمكن فهم "تصحيح المسار" ذاته إذا لم يكن في جوهره "توافقا" بين مشروع الرئيس وبين حاجة النواة الصلبة للمنظومة القديمة ورعاتها الإقليميين والدوليين؛ على إغلاق فاصلة "الربيع العربي" -أي إمكانية الحكم المشترك بين الإسلاميين والعلمانيين- في دولته الأم؟
لن نجانب الصواب إذا ما سلّمنا بمنطق القائلين بأن "تصحيح المسار" لا يختلف عن التوافقات السابقة في النوع بل في الدرجة: التوافقات السابقة كانت تحتاج إلى أكثر من "شريك" بحكم منطق الديمقراطية التمثيلية" وتعدد الأجسام الوسيطة ومراكز القوى -المسنودة شعبيا- ولكن التوافق الحالي لا يحتاج إلا لشريك واحد وفره "تصحيح المسار" وجعله يستغني عن الأحزاب وباقي الأجسام الوسيطة إما باستهدافها أو بإضعافها وتحييدها
منذ المرحلة التأسيسية، كانت تونس في الحقيقة أمام توافقات تتحرك في اتجاهات مختلفة ولغايات متناقضة، ولكنها جميعا لا تستغني عن "المنظومة القديمة" ونواتها الصلبة. وهو واقع يجب استحضاره لفهم هشاشة الانتقال الديمقراطي ومخرجاتها "المُمأسسة"، بل لفهم نجاح "تصحيح المسار" باعتباره التوافق الأمثل في السياق الإقليمي والدولي الراهن. ولذلك لن نجانب الصواب إذا ما سلّمنا بمنطق القائلين بأن "تصحيح المسار" لا يختلف عن التوافقات السابقة في النوع بل في الدرجة: التوافقات السابقة كانت تحتاج إلى أكثر من "شريك" بحكم منطق الديمقراطية التمثيلية" وتعدد الأجسام الوسيطة ومراكز القوى -المسنودة شعبيا- ولكن التوافق الحالي لا يحتاج إلا لشريك واحد وفره "تصحيح المسار" وجعله يستغني عن الأحزاب وباقي الأجسام الوسيطة إما باستهدافها أو بإضعافها وتحييدها.
ولا شك عندنا في أن "الجبهة الديمقراطية" (أي التوافق على أساس إقصاء النهضة، أي تفعيل منطق التناقض الرئيس والتناقض الثانوي بصورة ضمنية)، و"التوافق 2" (أي التوافق على أساس تعديل شروط المنظومة القديمة بصورة سطحية تسمح بوجود النهضة شريكا أقليا داخل الحقل السياسي القانوني، وخارج المقاربة الأمنية-القضائية للصراع الأيديولوجي) ليسا في النهاية أقدر على تعديل موازين القوة مع السلطة من استراتيجية الاستئصال الصلب التي ما زالت تعتمدها الكثير من أطياف المعارضة "التجمعية الجديدة" (بقيادة الحزب الدستوري الحر) وبعض الفصائل اليسارية والقومية (مثل الوطد الموحد والتيار الشعبي). فكل هذه السرديات لا تمثل بديلا مقنعا لعموم المواطنين ولا تطرح أيضا أي بديل جماعي يتجاوز العودة إلى مربع ما قبل 25 تموز/ يوليو 2021.
وإذا كان "التوافق" شرطا ضروريا لحكم تونس ولبناء حقل السياسي طبيعي، فإن الإشكال ليس في التوافق في ذاته، بل في ارتهانه لمنظومة الاستعمار الداخلي، وبالتالي في نبذه لأي توافق ضد تلك المنظومة. وهي حقيقة تصرّ كل القوى السياسية على الرمي بها داخل دائرة "اللا مفكر فيه" أو المقموع في سردياتها، ولكنها حقيقة تجعل أي تغير في واجهة السلطة أمرا ثانويا لا تحدده المعارضة بقدر ما تفرضه النواة الصلبة للمنظومة القديمة حسب احتياجاتها السياقية، وحسب المعادلات الإقليمية والدولية المؤثّرة في صناعة القرار السيادي التونسي.
x.com/adel_arabi21
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء التونسي الديمقراطية النهضة تونس النهضة ديمقراطية ايديولوجي قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتقال الدیمقراطی تصحیح المسار إذا لم تکن إذا ما
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء: كان هناك تعمد للخلط بين قناة السويس كممر ملاحي وبين المنطقة الاقتصادية والأراضي التي نعمل على تنميتها
استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، عقب اجتماع مجلس الوزراء، بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الذين حضروا المؤتمر، مُنوهاً إلى حضور كل من وزير التموين والتجارة الداخلية، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والمشرف على مكتب وزير البترول والثروة المعدنية، لمُناقشة عدد من الموضوعات المهمة جداً التي تهم الرأي العام والمواطن المصري.
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي حديثه، بالإشارة إلى احتفالية عيد العمال، قائلاً: في بداية هذا الأسبوع تشرفنا بوجود الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في احتفالية عيد العمال من مدينة السويس الباسلة، وافتتاح مصنع مهم جداً في صناعة قضبان السكك الحديدية التابع لشركة السويس للصلب، وفي خطاب سيادته الذي ألقاه في هذه المناسبة، أكد فخامته حرص الدولة وتقديرها الكامل للعامل المصري، وأعلن سيادته التوقيع على إصدار قانون العمل الجديد، كما وجه الحكومة بمجموعة كبيرة من التكليفات وكلها في صالح العامل المصري، واليوم في اجتماع مجلس الوزراء، كلفت مُباشرةً وزير العمل مع الوزراء المعنيين بالبدء الفوري في تنفيذ تكليفات الرئيس وعرضها على المجلس لاعتمادها وتوضع حيز التنفيذ.
وتابع رئيس الوزراء قائلاً: هذا الموضوع كان مهمًا جداً الإعلان عنه لكم بأننا بدأنا فوراً في تنفيذ تكليفات الرئيس في هذا الأمر.
وانتقل الدكتور مصطفى مدبولي بحديثه عن الشأن الداخلي، مُشيراً إلى لقائه هذا الأسبوع مع رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، مٌوضحاً أن هذا البنك يعد أحد أهم مؤسسات التمويل الدولية، مُضيفاً أن مصر تُعد من أكبر الدول الشريكة مع هذه المؤسسة في مشروعات التنمية والتمويل، كما تعتبر الدولة الأولي في الشراكة مع هذا البنك في منطقة جنوب وشرق البحر المتوسط، وثالث دولة من حيث حجم الشراكة والتمويل مع البنك على المستوي العام بعد تركيا وأوكرانيا، لافتًا إلي أن المحفظة مع هذا البنك تصل إلى 13.8 مليار يورو، مُضيفاً في هذا الصدد، أن 80% من هذه التمويلات تخص القطاع الخاص، وبالتالي فإنه الدولة ليست هي من تأخذ هذه القروض وإنما مؤسسات القطاع الخاص التي تنمو بصورة كبيرة، ويتاح لها هذا التمويل الميسر، كما أن الدولة تساعد في هذا الأمر لتمكن القطاع الخاص من الانطلاق في كل المجالات المختلفة، مثل الطاقة والصناعة والبنية الأساسية والمشروعات الخدمية المختلفة المهمة جداً التي يقوم البنك على تمويلها.
وأضاف رئيس الوزراء قائلاً: أكدت رئيسة البنك استمرار تمويل البنك لمصر وتحديداً للقطاع الخاص، وما أود الإشارة إليه هنا، أنه خلال العام الحالي فإن 98% من التمويل مُوجه للقطاع الخاص، وهو ما أود التأكيد عليه، ونحن كدولة نعمل على هذا الأمر بصورة كبيرة جداً لدفع عجلة التنمية وعودة القطاع الخاص للريادة في مجال التنمية الاقتصادية.
وحول برنامج الطروحات الحكومية، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى الاجتماع الذي تم عقده مؤخراً وتم خلاله استعراض ما تم إنجازه منذ بدء عمل اللجنة المعنية بهذا الملف وحتى هذه اللحظة، مُنوهًا إلى أن الدولة نجحت على مدار الفترة السابقة في إجراء 21 صفقة في 11 قطاعًا بقيمة إجمالية 6 مليارات دولار، مُوضحاً أن هذه الصفقات لا تشمل الصفقة الخاصة برأس الحكمة، كما استعرض الاجتماع الإجراءات والخطوات المخطط تنفيذها خلال الفترة القادمة، دفعًا لهذا الملف المهم، والتوافق على التوقيتات المُختلفة للطرح للعديد من المشروعات خلال الفترة القادمة.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن المجموعة الاقتصادية استعرضت خلال اجتماعها خلال هذا الأسبوع مُختلف شواغل الوضع الاقتصادي العام العالمي، وتأثيره على الاقتصاد المصري، مُشيراً إلى أنه تم خلال الاجتماع استعراض السيناريوهات المُحتملة للتعامل مع الأزمات العالمية، هذا إلى جانب استعراض مُختلف المُؤشرات الخاصة بالاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة، والتي أظهرت تحركًا كبيرًا في الاتجاه الإيجابي، وهو شيء جيد، بالرغم من مختلف التحديات التي تواجه الدولة المصرية، مُنوهًا إلى التقرير الصادر من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، الذي يُلخص مُختلف الإجراءات الإصلاحية التي طبقتها الدولة المصرية على أكثر من عامين، تلك الإجراءات التي عنيت بإقرار العديد من الإصلاحات النقدية وسعر الصرف، وتعزيز التنافسية والحياد التنافسي، ودعم القطاع الصناعي، والإجراءات الأخرى لتحسين مناخ الاستثمار، فضلًا عن إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية، وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، مُؤكدًا الاستمرار في تطبيق مُختلف تلك الإجراءات بقوة، بما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات والترويج لها.
وخلال المُؤتمر الصحفي، تطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى ما أثير حول توقيع عقد بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومجموعة موانئ أبوظبي، لتطوير وتشغيل منطقة صناعية ولوجستية شرق مدينة بورسعيد، وقال رئيس الوزراء: بالرغم من أن الفعالية كانت مُذاعة على الهواء مباشرة، حيث تم عرض تفاصيل الموضوع بالكامل، إلا أنه من خلال مُتابعتي الشخصية لكل ما يثار على مواقع التواصل الاجتماعي وجدنا نوعًا من البلبلة، حيث أثيرت بعض الأقاويل حول أن هذه الاتفاقية تمكن بعض الكيانات من التحكم في ممر قناة السويس الملاحي، وأن تتحكم في الموانئ الملاحية، إلا أنه يمكن التفرقة هنا بين هيئة قناة السويس المعنية بالممر الملاحي، ولدينا أيضًا الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لتنمية مناطق قناة السويس المُختلفة، مثل السخنة، ومنطقة شرق بورسعيد، ومنطقة أبو خليفة ووادي التكنولوجيا بالإسماعيلية، وغيرها من المناطق الأخرى المُختلفة.
وفي السياق نفسه، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الدولة المصرية كانت غير مُستفيدة بصورة مُباشرة من قناة السويس أو بصورة جيدة، ولا تعظم الاستفادة من الممر الملاحي لقناة السويس المسئولة عنه هيئة قناة السويس، والأمر كان يقتصر على مرور السفن ويتم تحصيل رسوم، لذلك يتم العمل على تنمية المناطق الواقعة على جانبي القناة فقط، في أكبر منطقتين هما: السخنة، ومنطقة شرق بورسعيد، وذلك من خلال تنفيذ أنشطة صناعية وخدمية وأنشطة لوجستية، عن طريق اجتذاب استثمارات خارجية مُباشرة، وهو ما يمثل نجاحًا لأي دولة تنجح في جذب استثمارات أجنبية مُباشرة؛ لإقامة المصانع، وتشغيل أبناء البلاد، وتُنتج وتُصدر، وهو ما تقوم به الحكومة بالفعل، فنحن نشهد بصفة أسبوعية توقيع عقود جديدة في هذه المنطقة المهمة جدًا.
وفيما يتعلق بالاتفاقية التي أثير حولها بعض اللغط، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي، أنها تعني بعقد بنظام المطور الصناعي الذي يحصل على منطقة ليس بها مرافق أو بنية أساسية، ليبدأ في إدخال المرافق وإجراء البنية الأساسية، ثم بعد ذلك يقوم بتقسيمها وبناء المصانع والمنشآت الأخرى، وعقب ذلك يقوم بتشغيلها ويجتذب شركات عالمية لتشغيل هذه المنشآت، مُتسائلاً: هل هذا العقد هو الوحيد من نوعه المتوافر لدينا؟، مُجيبًا بالنفي، فهناك في السخنة وشرق بورسعيد يوجد 14 مطورًا صناعيًا بنفس هذا النظام، كما يوجد بجانب هذه المنطقة شركة شرق بورسعيد للتنمية الصناعية حصلت على قطعة أرض تقوم حاليًا بتنميتها بنظام المُطور الصناعي، وقد بدأت مرحلتها الأولى، مُشددًا على أن كل ما تقوم به الحكومة في هذا الإطار هو تشجيع القطاع الخاص؛ سواء المصري أو الأجنبي للاستثمار وينفذ مشروعات استثمارية، وتشغيل الشباب المصري، وكل ذلك يأتي في إطار تعظيم الاستفادة من المناطق حول الممر الملاحي ولا علاقة لهذه الإجراءات بالممر نفسه، فنحن نعمل على تنمية أراض فضاء بدون مرافق ونعمل عليها عن طريق مطور صناعي وإنشاء مصانع لتشغيل آلاف المصريين، وتسهم في تعزيز الاقتصاد المصري.
ولفت رئيس الوزراء إلى نقطة مُهمة في هذا الإطار، وهي أن قانون المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لا يمنح الأرض بنظام التمليك بل بنظام حق الانتفاع، وبالتالي العقود التي يتم إبرامها تكون بنظام عقود حق الانتفاع فقط.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي قائلاً: كان من المهم توضيح هذا الأمر.. لأننا شعُرنا بوجود نقاش ولغط أثير حول هذا الأمر، وكان هناك تعمد للخلط بين قناة السويس كممر ملاحي وبين المنطقة الاقتصادية والأراضي التي نعمل على تنميتها حول هذا الممر.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه في إطار جُهود مصر لاجتذاب استثمارات خارجية وأجنبية مباشرة، فقد استعرضت المجموعة الاقتصادية خلال اجتماعها الأخير، إجراءات تنظيم منتدى مصري ـ أمريكي، يتم التجهيز له، ليعقد بنهاية شهر مايو الجاري، والذي يجتذب عددًا كبيرًا من الشركات الأمريكية العملاقة، حيث يتم حالياً دعوة رؤساء مجالس إدارات كبرى الشركات الأمريكية، للقدوم والتعرف على فرص الاستثمار المتاحة والواعدة في مصر، بهدف جذب استثمارات أجنبية مباشرة، بما يُساهم في دعم الاقتصاد الوطني.