في الأسابيع الأولى من رئاسة "دونالد ترامب" الثانية بدت موسكو وواشنطن على الطريق الصحيح لإعادة إطلاق علاقاتهما الثنائية. لم يكن هناك أى إشارة إلى وجود تصادم مباشر بينهما، بل على العكس تماما بدا الأمر في بعض الأحيان كما لو أن "بوتين"، و"ترامب" يسيران في نفس المسار. ففي فبراير الماضي انحازت أمريكا إلى روسيا في الأمم المتحدة في مواجهة قرار أوروبي يدين عدوان روسيا على أوكرانيا.
أكثر من ذلك رأينا أن إدارة "ترامب" تمارس ضغوطا على "كييف" لا على "موسكو"، وتثير خلافات مع حلفاء أمريكا التقليديين مثل كندا والدانمارك. وفي خطاباتهم ومقابلاتهم التلفزيونية انتقد المسؤولون الأمريكيون بشدة حلف الناتو والقادة الأوروبيين. وكان كل هذا بمثابة عزف موسيقى لاستمالة الكرملين. وفي هذا الصدد، وفى مارس الماضى قال عالم السياسة "بلوخين" من مركز الدراسات الأمنية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم: "إن أمريكا الآن لديها قواسم مشتركة مع روسيا أكثر مما لدى واشنطن مع بروكسل أو كييف". وقد صرحت صحيفة "إزفيستيا" بأن "الترامبيين ثوريون، و أنهم خربوا النظام ولا يمكن دعمهم إلا في هذا الأمر ألا وهو: أن وحدة الغرب لم تعد قائمة، ومن الناحية الجيوسياسية لم يعد هناك أى تحالف. لقد دمر الترامبيون التوافق عبر الأطلسي بسرعة وبخطوات ثابتة". وفى هذا الوقت تحديدا انتظمت زيارات "ستيف ويتكوف" مبعوث "ترامب" لروسيا، إذ قام بأربع زيارات لها خلال شهرين تقريبا حيث أجرى محادثات مع "فلاديمير بوتين"، الذى أهداه صورة للرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" ليأخذها معه إلى البيت الأبيض. وقيل بأن " ترامب" تأثر بشدة بهذه المبادرة. غير أن " ترامب" لم يكن يتطلع إلى مجرد لوحة من موسكو، بل أراد من "بوتين" أن يوقع على وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط في أوكرانيا، وهو ما لم يحدث.
ومن منطلق الثقة لدى "بوتين" في أن قواته تمسك بزمام المبادرة في ساحة المعركة يتردد في وقف القتال رغم ادعائه بأن موسكو ملتزمة بالحل الدبلوماسي. ولهذا السبب تزايد إحباط " دونالد ترامب" من الكرملين. وفى الأسابيع الأخيرة أدان هجمات روسيا المتواصلة على المدن الأوكرانية، ووصفها بأنها مقززة ومخربة، واتهم " بوتين" بـ"عدم الجدية" حول أوكرانيا. وفى الشهر الماضى أعلن "ترامب" عن مهلة نهائية للرئيس "بوتين" مدتها خمسون يوما لإنهاء الحرب مهددا بفرض عقوبات ورسوم جمركية، وتم خفضها لاحقا إلى عشرة أيام. ومن المقرر أن تكون المهلة قد انتهت. ورغم ذلك وحتى الآن لا توجد أى مؤشرات على أن الرئيس "بوتين" سيخضع لضغوط واشنطن.
ولكن ما حجم الضغط الذي يشعر به الرئيس "بوتين"؟
يعتقد أنه نظرا لأن " دونالد ترامب" غيّر العديد من المواعيد النهائية بطريقة أو بأخرى، فلا يعتقد أن " فلاديمير بوتين" سيأخذه على محمل الجد، ولهذا فالمتوقع أن يقاتل "بوتين" لأطول فترة ممكنة ليستمر هذا إلى أن تعلن "أوكرانيا" وهى تخاطب روسيا قائلة: "بأن العملية أوشكت على الانتهاء"، وتضيف:"لقد تعبنا، ونحن على استعداد لقبول شروطكم". وهنا يُسدل الستار على معارك روسيا في أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير 2022.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دونالد ترامب
إقرأ أيضاً:
لقاء بوتين وترامب.. مشاركة أوكرانيا "مطلب أوروبي"
أكدت دول شمال أوروبا والبلطيق، الأحد، أن المفاوضات بشأن إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا لا يمكن أن تعقد إلا في ظل وقف لإطلاق النار، وأنه لا ينبغي اتخاذ "أي قرارات" من دون مشاركة كييف.
ويلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في ولاية ألاسكا الأميركية، الجمعة المقبل في محاولة لوضع حد للحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، رغم صدور مواقف أوكرانية وأوروبية تحذر من استبعاد كييف من المفاوضات.
وأصدر زعماء الدنمارك واستونيا وفنلندا وايسلندا ولاتفيا وليتوانيا والنروج والسويد بيانا مشتركا أعلنوا فيه "دعمهم الثابت لسيادة أوكرانيا واستقلالها وسلامة أراضيها".
وفي حين رحب الزعماء بمبادرة ترامب "للمساعدة في إنهاء هذه الحرب"، أكدوا أيضا على ضرورة مشاركة أوكرانيا وأوروبا في المحادثات.
وأضافوا "يجب أن يتمتع شعب أوكرانيا بحرية تقرير مستقبله. لا يمكن رسم طريق السلام من دون صوت أوكرانيا".
وشدد زعماء دول شمال أوروبا ودول البلطيق على أن "لا قرارات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا، ولا قرارات بشأن أوروبا من دون أوروبا".
وأشاروا إلى أن "المفاوضات لا يمكن أن تُجرى إلا في سياق وقف إطلاق النار"، مؤكدين مواصلة بلدانهم تقديم الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا وتطبيق "الإجراءات التقييدية" ضد روسيا.