10 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تأتي قضية تدقيق قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق لتضع هيئة المساءلة والعدالة في قلب نقاش دستوري وقانوني وسياسي حيوي يتعلق بمدى قدرة الدولة على حماية الديمقراطية الناشئة من اختراقات قد تهدد جوهرها.

و أكد رئيس الهيئة باسم البدري في مقال أن عمل الهيئة لا ينطلق من منطلقات سياسية أو ضغوط انتخابية، بل يستند إلى قواعد قانونية صارمة وترسانة دستورية واضحة تنظم مسؤوليات الهيئة وأدوارها في تصفية آثار النظام السابق.

وبهذا المعنى فإن هيئة المساءلة ليست أداة للانتقام السياسي بل جهاز قانوني يراعي حقوق الإنسان والحريات ويحاول التوفيق بينها وبين متطلبات العدالة الانتقالية التي تستهدف عدم عودة ممارسات الأنظمة الشمولية السابقة.

ويمكن اعتبار العدول عن قرارات سابقة قضائية تصحيحًا منهجيًا يعكس نضج المؤسسة القضائية في التعامل مع ملفات معقدة تتطلب دقة ومراجعة مستمرة،

وهو دليل على مرونة القضاء العراقي واحترامه لمبادئ العدالة والإنصاف.

التمييز الدقيق بين العضوية الشكلية والفاعلية الحزبية يمثل خطوة متقدمة في محاربة التسييس والتعميم الذي قد يؤدي إلى إقصاء غير مبرر أو ظلم للمتهمين.

ويؤكد هذا التمييز أن المعايير ليست جازمة أو قاطعة بل قائمة على أدلة ومستندات يمكن الطعن فيها أمام هيئة تمييز قضائية مستقلة، ما يعزز من شرعية القرارات ويمنح المواطنين ثقة في عملية المساءلة.

وأكثر من ذلك، فإن دور الهيئة التمييزية القضائية المستقلة في النظر في الطعون يعكس قوة النظام القانوني العراقي وقدرته على ضبط الإقصاء السياسي، وإرساء قواعد عادلة تتناسب مع روح الدستور العراقي لعام 2005.

استقلال هذه الهيئة وعدم تسييس قراراتها هو ركيزة أساسية لمنع استخدام العدالة الانتقالية كأداة للاستقطاب السياسي أو الانتقام، بل كآلية لتحقيق مصالحة وطنية وحماية الحقوق الدستورية.

وفي هذا الإطار، فإن الهجمات الإعلامية والسياسية على الهيئة تضر بثقة الجمهور في مؤسسات الدولة وتضر أيضاً بعملية الانتقال الديمقراطي التي لا تزال في مراحلها الأولى.

اما عملية تدقيق المرشحين قبل الانتخابات فهي ضمانة حيوية لشرعية المؤسسات السياسية القادمة، وتعبير عن إرادة الدولة في بناء نظام ديمقراطي مستقر يحترم القانون ويحفظ الذاكرة الوطنية دون تأجيج لروح الانتقام أو الانقسام.

وهذه العملية القانونية المحكمة تعكس تقدمًا ملموسًا في تجربة العدالة الانتقالية العراقية التي لم تكن سهلة، إذ تراكمت من ورائها دروس وعبر سياسية وقانونية ينبغي استثمارها لتثبيت أسس الديمقراطية الحقة.

وبهذا تكون هيئة المساءلة والعدالة بمثابة درع دستوري يحمي المشهد السياسي من التدهور ويقنن قواعد التنافس، مؤكدًا أن الاستحقاقات الديمقراطية ليست مجرد انتخابات بل منظومة متكاملة من الإجراءات القانونية التي تضمن نزاهتها.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

مفوضية الانتخابات تستبعد عدداً من المرشحين لتورطهم بجرائم قتل ورشوة واحتيال (وثائق)

مفوضية الانتخابات تستبعد عدداً من المرشحين لتورطهم بجرائم قتل ورشوة واحتيال (وثائق)

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي العراقي:الدين العام لشهر أيار الماضي بلغ (85.50) تريليون ديناراً
  • الرئيس بري ضمانة السلم الأهلي
  • مفوضية الانتخابات تستبعد عدداً من المرشحين لتورطهم بجرائم قتل ورشوة واحتيال (وثائق)
  • هيئة الأفلام تعلن قواعد المشاركة وآلية الترشيح لجائزة الأوسكار لفئة أفضل فيلم دولي 2025
  • رئيس هيئة الدواء: إجراءات قانونية صارمة ضد الصيدليات التي تحتفظ بأدوية منتهية الصلاحية
  • هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت
  • حصري.. البنتاغون يغيّر قواعد الدعم للعراق ويُنهي رواتب البيشمركة مقابل أقوى حزمة تجهيزات عسكرية
  • مرصد بيئي: تركيا قد لا توافق على تجديد زيادة الإمدادات المائية للعراق الشهر المقبل
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ