كان أمام الزعيمين قائمة بالمواضيع التي سيتم مناقشتها خلال الاتصال الهاتفي. عادةً ما تُعدّ مكاتب الرؤساء هذه القوائم وفقًا لأهمية الموضوع، وتُقدَّم تحت عنوان "ملاحظات الاجتماع". كما تُدرج مواضيع أخرى تحت عنوان "إذا تبقّى وقت"، لتُناقش في حال الانتهاء من القضايا ذات الأولوية.

عادةً ما تُبلَّغ المواضيع الحرجة للطرف الآخر مسبقًا، برسالة مفادها: "رئيسنا يعتزم طرح هذا الموضوع بهدف إيجاد حل"، فيتم إعداد إجابات وتحضيرات داخل المكتب المقابل.

أولويات الزعيمين

من الطبيعي أن تختلف الأجندة الأميركية عن التركية، لكن هناك نقاط تقاطع مشتركة في اهتمامات البلدين. الملف الأول على قائمة الزعيمين كان إحياء العلاقات التركية- الأميركية وتعزيزها. فقد كانت العلاقات خلال فترة بايدن متوترة وباردة للغاية، ولم يحدث أي لقاء وجهًا لوجه بين بايدن وأردوغان. كما اتخذت إدارة بايدن عدة قرارات تعارضها تركيا بشدة، مما زاد من تدهور العلاقات.

منذ تسلّمه السلطة، يثني ترامب علنًا على أردوغان، ويؤكد أهمية تركيا ودورها، ويتبادل الطرفان خطوات ومجاملات لإصلاح العلاقات الثنائية.

سفير صديق لتركيا

أثناء مكالمة أردوغان وترامب التي استغرقت نحو ساعة ونصف، وصل السفير الأميركي الجديد إلى أنقرة، وأعلن من المطار عن رغبته في جعل العلاقات بين البلدين "رائعة من جديد".

إعلان

السفير توم باراك، رجل أعمال ملياردير مثل ترامب، يبلغ من العمر 78 عامًا، لكنه نشط وفعّال، ويتمتع بقدرة على إيجاد حلول عملية خارج إطار الدبلوماسية التقليدية. باراك، المسيحي من أصول لبنانية، اتُّهم عام 2021 بممارسة الضغط نيابة عن الإمارات بطرق مخالفة، لكنه بُرّئ لاحقًا. لديه معرفة واسعة بقضايا الشرق الأوسط، وشارك في بعضها سابقًا.

خلال جلسة اعتماد تعيينه في مجلس الشيوخ، شدد على أهمية تركيا بالنسبة للولايات المتحدة والمنطقة، ونال الموافقة بـ60 صوتًا مقابل 36. ومن خلال تصريحاته الأولى بعد وصوله إلى تركيا، أوضح أن تعيينه يُعد أول خطوة ملموسة في سعي ترامب إلى إعادة العلاقات التركية-الأميركية إلى مستوى "استثنائي".

ترتيب الملفات بين الزعيمَين

بعد المكالمة، أعلن كل من أردوغان وترامب من حساباتهما الشخصية ترتيب أولوياتهما. أولوية الزعيمين الأولى كانت تعزيز العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. أردوغان وصف المحادثة بأنها مثمرة ومفيدة، وأوضح أنه طرح قضايا التعاون في الصناعات الدفاعية، والحرب الروسية- الأوكرانية، وسوريا، وغزة.

التركيز على الصناعات الدفاعية مهم؛ إذ سبق أن أخرجت إدارة بايدن تركيا من مشروع مقاتلات إف- 35، وأثارت مشاكل في ملف مقاتلات إف-16، وفرضت بعض العقوبات وفقًا لقانون كاتسا. أردوغان أعاد طرح هذه القضايا.

من أبرز مشاغل تركيا أيضًا، التنافس على النفوذ في سوريا مع إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بمشكلة "قوات سوريا الديمقراطية/ YPG" التي ترفض إلقاء السلاح أو الاندماج مع النظام في دمشق، والتي ترى أنقرة أنها تشكل خطرًا إستراتيجيًا.

إسرائيل تحاول إعاقة نفوذ تركيا في سوريا، حتى لو تطلب الأمر قصف مناطق قرب دمشق. والرجل الوحيد الذي قد يوقفها، بحسب المقال، هو ترامب. كذلك فإن قضية غزة والكارثة الإنسانية فيها كانت ضمن أولويات أردوغان.

إعلان

أردوغان عرض هاتين القضيتين على ترامب وطلب تدخله لكبح إسرائيل، لكن المعلومات تشير إلى أن ترامب تحدّث بإيجابية "توحي بالأمل"، من دون تقديم تعهد واضح.

ترامب يركّز على أوكرانيا

أولوية ترامب القصوى كانت إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية. وربما يسعى من خلالها لنيل جائزة نوبل للسلام، لكن الدافع الحقيقي بحسب المقال هو المعادن الثمينة في أوكرانيا.

لهذا، كان هذا الملف هو الأكثر حضورًا في حديثه مع أردوغان، وقد صرّح ترامب علنًا قائلًا: "أتطلع للعمل معًا في هذا الشأن"، ما يوضح ترتيب أولوياته. لم يأتِ على ذكر سوريا أو غزة في تصريحه.

ترامب يرى أهمية في علاقته بأردوغان نظرًا لعلاقته الوثيقة مع بوتين، ولعلاقات تركيا المتوازنة مع أوكرانيا. ولذلك، يعِد بتحسين العلاقات التركية- الأميركية، لكنه يتجنّب الالتزام بأي موقف تجاه غزة أو سوريا.

فعليًا، سبق أن أعلن عزمه على الانسحاب من سوريا، وكان مستعدًا لقبول نفوذ تركي هناك، لكن إسرائيل عطّلت ذلك عبر نفوذها داخل الإدارة الأميركية.

الاسم الحقيقي للخلاف بين تركيا والولايات المتحدة: إسرائيل

اتخذت تركيا مؤخرًا خطوة مهمة عبر إعلان أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني PKK نيته تفكيك التنظيم والتخلي عن السلاح. ومن المنتظر أن يعلن الحزب التزامه بهذا القرار في مؤتمره القادم.

لكن فرع الحزب في سوريا، وهو YPG، رفض ذلك، كما تجاهل الاتفاق مع دمشق. والسبب الوحيد لهذا الرفض، بحسب النص، هو إسرائيل.

بناءً على طلب من ترامب، أوقفت تركيا عمليتها العسكرية ضد YPG، واشترطت مقابل ذلك أن تتدخل الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من مهاجمة سوريا. لكن ترامب لم يتمكن من التأثير على إسرائيل لا في ملف سوريا ولا في ملف غزة.

وربما تكون السياسات الإسرائيلية هي العقبة الأكثر خطورة في العلاقات التركية- الأميركية. ففي بقية الملفات، هناك توافق كبير بين البلدين. ترامب لا يريد خسارة تركيا التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، وتمتلك أقوى جيوش المنطقة واقتصادًا مؤثرًا.

إعلان

لكن إسرائيل، التي جعلت من الاحتلال والإرهاب سياسة دولة، تفعل كل ما بوسعها لمنع تحسن العلاقات.

ويختم النص بالتأكيد على أن العلاقة لن تتحسن ما دام نتنياهو في السلطة، ويُلمّح إلى أن ترامب ينتظر اللحظة المناسبة لذلك.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العلاقات الترکیة

إقرأ أيضاً:

أردوغان: اكتشاف احتياطي جديد كبير من الغاز الطبيعي في تركيا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، أن تركيا اكتشفت احتياطيا جديدا من الغاز الطبيعي في البحر الأسود سيلبي احتياجات سكانها من الطاقة لأكثر من ثلاث سنوات.
وقال "اكتشفنا 75 مليار متر مكعب (2650 قدم مكعب) من الغاز الطبيعي. وبهذه الكمية، سنوفر احتياجات عائلاتنا لنحو ثلاث سنوات ونصف".
وقدر أردوغان قيمة الاحتياطي بنحو 30 مليار دولار أميركي.

أخبار ذات صلة انتهاء المحادثات بين أردوغان وزيلينسكي في أنقرة تركيا: أردوغان سيحث زيلينسكي على ضرورة وقف إطلاق النار المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي فرنسي: لهذا يجب علينا أن نقترب من تركيا أردوغان
  • أردوغان يشعل تفاعلا بعد فيديو رصد ما فعله بإصبع ماكرون
  • أردوغان يعول على صديقه ترامب في رفع العقوبات العسكرية عن تركيا
  • تركيا على أعتاب ثروة جديدة.. أردوغان يعلن عن اكتشاف غاز ضخم
  • أردوغان: اكتشاف احتياطي جديد كبير من الغاز الطبيعي في تركيا
  • تركيا: أردوغان يعلن عن اكتشاف احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي في البحر الأسود
  • سوريا تطبع العلاقات مع إسرائيل تحت إشراف تركيا
  • أردوغان يكشف عن تغير موقف ترامب بشأن عقوبات كاتسا ضد تركيا
  • أبرز الملفات على طاولة الزعماء في قمة بغداد
  • أوساط إسرائيلية تبدي قلقا من تأثير تركيا في سوريا.. تفرض علينا أثمانا باهظة