الاقتصاد نيوز — بغداد

 

بسام رعـد / باحث اقتصادي

ماهو تحالف أوبك بلس

تحالف أوبك بلس هو تحالف بين منظمة الدول المصدرة للنفط ( أوبك ) التي تاسست عام 1960 وتتكون من 12 دولة منتجة للنفط حالياً مع مجموعة من الدول المنتجة للنفط التي لا تنتمي لمنظمة أوبك ( عشر من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم من خارج منظمة أوبك وهي روسيا وأذربيجان والبحرين وبروناي وماليزيا وكازاخستان والمكسيك وعمان والسودان وجنوب السودان ).

 وتم تأسيس التحالف في عام 2016 بهدف تنسيق وتوحيد السياسات النفطية بين الدول الأعضاء لتأمين التسعير للمنتجين، والإمدادات للمستهلكين، والعائد على رأس المال للمستثمرين .

الأهمية 

تسيطر أوبك على 40% من إمدادات النفط العالمية، و80% من الاحتياطي العالمي، ومع "أوبك بلس" فهما تسيطران على 55% من الإمدادات عالميا، و90% من الاحتياطي (1) . 

وبما أن النفط سلعة استراتيجية  " أحد الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي " فإن قرارات أوبك بلس تؤثر بشكل مباشر على أسعار السلعوالخدمات العالمية مما ينعكس على التضخم ، التجارة العالمية ، الصناعات العالمية وبالذات صناعة السيارات والنقل الجوي .

وعليه فان تحالف أوبك بلس له تاثيرات على الدول النفطية المنتجة :-

- الاستقرار في الإيرادات النفطية من تنظيم مستويات الإنتاج وبالتالي تحقيق استقرار أسعار النفط مما يضمن دخولاً ثابتة للدول المنتجة .

- زيادة القدرة على التخطيط طويل المدى فالتحالف يوفر أدوات استجابة فعالة للازمات النفطية . وكما معلوم فان الدول التي تعتمد على النفط كأحد المصادر الرئيسية للايرادات تستفيد من تخفيض التقلبات في الأسعار الناتجة عن الزيادة أو النقص في المعروض النفطي .

الدعوات الاقتصادية للأنسحاب 

في الآونة الأخيرة برزت تصريحات من بعض الأطراف السياسية والاجتماعية وخبراء في مجال الاقتصاد يرون أن بقاء العراق في تحالف أوبك بلس غير مفيد ويحد من قدرته على زيادة انتاجه النفطي ، مما يؤثر سلبا على ايراداته المالية . وهولاء يرون ان الانسحاب قد يتيح للعراق فرصة لزيادة الإنتاج الى 6 ملايين برميل يوميا مما يؤدي الى زيادة الصادرات النفطية وتقليل العجز المالي وتعزيز الاقتصاد الوطني .

الموقف الرسمي 

أكد وزير النفط العراقي حيان عبدالغني في تصريح لوكالة الانباء العراقية بتاريخ 12 أيار 2024 "وزارة النفط تؤكد التزامها باتفاق خفض الإنتاج في أوبك"، لافتا الى أن "الوزارة حريصة على تعاون الدول الأعضاء والعمل على تحقيق المزيد من الاستقرار في السوق النفطية العالمية من خلال الاتفاق على برامج الخفض الطوعي".

وأضاف أن "العراق يؤكد دوره في مجموعة أوبك+ وبالتالي يحرص على الالتزام بالاتفاق" (2) . 

وفي تصريح آخر لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع أوردته صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 28 تشرين الأول 2024 أكد " أهمية الشراكة مع مجموعة «أوبك بلس»؛ بهدف الحفاظ على استقرار وتوازن أسواق النفط العالمية، والتزام العراق بما جرى الاتفاق عليه في إطار المجموعة، بما في ذلك التخفيضات الطوعية والتعويض عن الزيادة في الإنتاج، وذلك وفق الجدول المحدّث الذي قدمته وزارة النفط إلى منظمة أوبك " (3) . 

التحديات والمخاطر 

رغم أن هناك فوائد محتملة لانسحاب العراق من التحالف. إلا أن الانسحاب سوف يواجه تحديات ومخاطر عديدة وفي مقدمتها تقادم البينة التحتية النفطية وعدم تنوع المنافذ التصديرية وقلة التخصيصات الاستثمارية بالإضافة إلى التزام العراق بشراكات طويلة المدى مع الشركات الأجنبية ضمن عقود جولات التراخيص النفطية ، كما ان خروج العراق من تحالف أوبك بلس قد يؤثر على التوازنات الجيوسياسية للعراق ويضعف العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع الدول الأعضاء بالتحالف . 

الانسحاب من تحالف أوبك بلس سوف يترتب عليه العديد من المخاطر الاقتصادية والسياسية سواء على المدى القريب أو البعيد وفيما يلي ابرزها :

1- تقلب أسعار النفط عالمياً  : حيث يؤدي انسحاب العراق الى زيادة في الإنتاج النفطي مما يعني زيادة المعروض النفطي مما يسهم في انخفاض أسعار النفط عالميا نتيجة تخمة المعروض .

وانخفاض أسعار النفط يؤثر مباشرة على إيرادات النفط خاصة ان اكثر من 90% من إيرادات الموزانة تعتمد على النفط .

2- تحديات فنية : العراق لا يزال يعاني من تقادم ومحدودية البنية التحتية (أنابيب ، منشآت التخزين، موانئ) . فبالتالي، من دون التنسيق مع تحالف أوبك بلس قد يصعب عليه ضبط الإنتاج وتصديره بفعالية .

3- توتر العلاقات مع دول تحالف أوبك بلس :

الانسحاب قد ينظر إليه كخطوة غير تعاونية خصوصا من دول مثل روسيا والسعودية حيث تمثل هاتان الدولتان دورا محوريا في تحالف أوبك معاً ويمكن لهما التاثير بشكل كبير على أسواق النفط . كما حصل في 20 نيسان 2020 حيث انهارت أسعار النفط الى " السالب " أي ان المشتري يحصل على النفط الخام ومعه أموال أيضا بعد زيادة الإنتاج الى اقصى حد من قبل السعودية وروسيا نتيجة عدم التوصل الى اتفاق حول الحصص الإنتاجية (4) .

هذا التوتر قد يمتد ليشمل العلاقات التجارية والسياسية ويقلل من الدعم الإقليمي والدولي للعراق . 

4- الضغوط الداخلية واهتزاز الأسواق المحلية : قرار الانسحاب اذا نتج عنه أزمات مالية نتيجة انخفاض الإيرادات قد يستخدم كورقة ضغط سياسي داخلية من قبل بعض الأطراف . كما ان تقلب الإيرادات النفطية قد يؤثر سلبا على موازنة الدولة ويؤدي الى ارتفاع التضخم وتذبذب أسعار الصرف للعملة الوطنية.

قد تزداد على المدى القصير اذا زاد الإنتاج ، لكن مع مخاطر انخفاض السعر

الاستقرار الاقتصادي

استقرار افضل نتيجة تنسيق السياسات

تقلب اقتصادي محتمل بسبب أسعار النفط المتغيرة

القدرة الإنتاجية

محدودة بسبب التزام الحصص

حرية لزيادة الإنتاج ، لكن العراق قد لا يملك البنية التحتية الكافية حالياً.

القرار السياسي الداخلي

أقل اثارة للجدل بين الكتل السياسية

قد يثير انقسامات داخلية بين مؤيدين ومعارضين .

من المقارنات أعلاه يكون بقاء العراق في تحالف أوبك بلس افضل عندمايكون الهدف الاستقرار طويل الأمد كون الأسعار تحتاج الى دعم من خلال توزيع الحصص الإنتاجية .

أما الانسحاب فسوف يكون مفيداً إذا استطاع العراق تحقيق عوائد أعلىوفي حال كان السوق العالمي بحاجة لكميات أكبر مما يعطي للعراق فرصة لسد الفجوة بشرط أن يكون لدى العراق مشاريع جاهزة لزيادة الإنتاج . 

بافتراض أن العراق زاد إنتاجه الى 6 ملايين برميل يوميا يمكن إن نَحسب العوائد اليومية والشهرية والسنوية ونٌقارنها بسيناريوهات مختلفة لأسعار النفط.

المعطيات 

الإنتاج 6000000 برميل / يوم 

سَنحسب عند 3 أسعار مختلفة للبرميل :

70 دولار ( سعر منخفض ) .

85 دولار ( سعر متوسط ) .

100 دولار ( سعر مرتفع ) . 

حساب الإيرادات المتوقعة

سعر البرميل

الايراد اليومي

الايراد الشهري

الايراد السنوي

70 دولار 

420 مليون دولار

12,6 مليار دولار

153,3 مليار دولار

85 دولار 

510 مليون دولار

15,3 مليار دولار 

186,1 مليار دولار

100 دولار 

600 مليون دولار

18 مليار دولار 

219 مليار دولار 

ملاحظة : الحسابات تقريبية وافترضت تصدير كامل الإنتاج ولم تشمل كلفة الإنتاج أو الفرق بين النفط الثقيل والخفيف العراقي .

الملاحظات المهمة لحساب الإيرادات المتوقعة :-

- هذه الأرقام مغرية خصوصا في حال ارتفعت الأسعار ، لكن : 

أ- العراق قد لا يستطيع تصدير كامل الـ 6 مليون برميل بسبب محدودية البنية التحتية ومنافذ التصدير .

ب- كلما زاد العرض عالميا أنخفض السعر ، يعني لو انسحب العراق وأغرق السوق ممكن السعر ينخفض وينحدر الى 50 دولار أو اقل وهذا يقلل من الربح .

- التكلفة الفنية والبيئة حيث ان زيادة الإنتاج بهذا الشكل يتطلب استثمارات مالية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات ناهيك عن الوقت المطلوب إضافة الى زيادة الإنتاج يعني زيادة الضرر البيئي .

عموماً يمكن التوضيح أكثر من خلال عمل مقارنة بين سيناريو البقاء في أوبك بلس بحصة الإنتاج الحالية وسيناريو الانسحاب وزيادة الإنتاج الى 6 مليون برميل / باليوم .

المعطيات 

كلفة انتاج برميل النفط حالياً : 9 دولار (5) .

سعر النفط المرجعي : 85 دولار ( سعر متوسط وواقعي) .

صافي الربح / برميل = 85 – 9 = 76 دولار / برميل .

الحصة الإنتاجية الحالية للعراق في أوبك بلس تقريبا : 4 مليون برميل /يوم .

الحصة الإنتاجية المحتملة بعد الانسحاب : 6 مليون برميل / يوم 

المقارنة التفصيلية

الحالة 

الإنتاج اليومي 

صافي الربح/ برميل

صافي الربح اليومي

صافي الربح الشهري

صافي الربح السنوي 

الالتزام بأوبك بلس

4 مليون برميل

76 دولار

304مليون دولار

9,12 مليار دولار

110,9 مليار دولار

الانسحاب من أوبك بلس

6 مليون برميل

76 دولار

456مليون دولار

13,68مليار دولار

166,4 مليار دولار

 

الفرق بين السينا ريوهين

البند

فرق الربح ( انسحاب –بقاء )

يومياً

+152 مليون دولار

شهرياً

+4,56 مليار دولار

سنوياً

+ 55,5  مليار دولار

 

التقييم الاستراتيجي

إيجابيات الانْسحاب اقتصادياً

- ممكن ان تزاداد الإيرادات السنوية بأكثر من 55,5 مليار دولار .

- هذه الزيادة تمثل فرصة لسد العجز وتمويل مشاريع الينية التحتية والخدمات .

مخاطر الانسحاب 

- أسعار النفط قد تنخفض اذا زاد العرض مما يقلل الأرباح المتوقعة .

- انسحاب العراق قد  يزعزع علاقته مع دول كبرى في أوبك بلس .

- احتمال محدودية المنافذ التصديرية والبنية التحتية في العراق لتصدير 6 مليون برميل فعلياً .

ومن أجل تقييم مخاطر انسحاب العراق من أوبك بلس اقتصاديا ، فلنتوقع ان أسعار برميل النفط أنخفضت الى 60 دولار بسبب وفرة المعروض لكن استقرت الطاقة التصديرية بحدود 6 مليون برميل يومياً .

المعطيات الحالية 

- الإنتاج اليومي 6 مليون برميل يوميا

- سعر البرميل 60 دولار

- كلفة الإنتاج 9 دولار 

- صافي الربح / برميل = 60-9 = 51 دولار / برميل

يمكن حساب صافي الأرباح في هذا السيناريو

الفترة

صافي الربح بالدولار(51 دولار *6 مليون برميل )

يوميا

306 مليون دولار

شهرياً

9,18 مليار دولار

سنويا

111,69 مليار دولار

بمقارنة صافي الربح مع حالة الالتزام بأوبك بلس عند سعر النفط المرجعي 85 دولار / برميل 

السيناريو

الربح السنوي

بقاء العراق في أوبك بلس 

110,9 مليار دولار

انسحاب العراق من أوبك بلس وانخفاض السعر الى 60 دولار /برميل 

111,7 مليار دولار

النتيجة : بالرغم من العراق زاد انتاجه بنسبة 50 % أكثر بعد الانسحاب ، الان النتيجة أظهرت الربح متقارب جدا في كلا السيناريوهين . وهذا يوضح ان سعر البرميل أهم من كمية الإنتاج .

الاستنتاج النهائي

البقاء في أوبك بلس يوفر استقرارا وربحا مشابها بدون المخاطرة بأسعار منخفضة . كما ان العراق لا يمتلك قدرة حقيقة على الحفاظ على سعر مرتفع للبرميل بعد الانسحاب مما يعني ان الربح الإضافي يتبخر بسرعة وفي حالة انهيار الأسعار الى ما دون 60 دولار فان الانسحاب من تحالف أوبك بلس سيؤدي الى خسارة كبيرة . حيث ان الانسحاب بدون تنسيق مع الدول المنتجة للنفط يعني فقدان نفوذ التاثير على السوق وفي حالة فقدان السيطرة على الأسعار فان العراق سيكون أقل ربحا واكثر هشاشة اما تقلبات السوق وعند سعر 40 دولار للبرميل فان زيادة الإنتاج لا تنقذ العراق من المصاعب المالية .

السعر العالمي اهم من الكمية ، وزيادة الإنتاج ليست دائما أفضل استراتيجية والحل الأفضل اقتصاديا هو الحفاظ على استقرار الأسعار ( من خلال أوبك بلس) والتفاوض على رفع حصة العراق الإنتاجية بشكل تدريجي بدل الخروج واغراق السوق . فالنفط ليس سلعة محلية بل هو سلعة عالمية والسوق العالمي لا يتسامح مع الفوضى في المعروض وينخفض السعر بسرعة اذا اختلت التوازنات كما ان العراق لا يتملك مصدات مالية ( صناديق سيادية ) مثل السعودية لامتصاص صدمات انخفاض أسعار النفط . 

لقد اثبت التجارب خلال الفترة الماضية أن أوبك بلس توفر آلية فعالةلضبط الإنتاج العالمي وتوفير التوازن بين العرض والطلب في السوق . وهذا يساعد في ضمان ان العراق سيحقق إيرادات ثابتة على المدى الطويل بدلا من المخاطرة بانخفاض كبير في الأسعار . 

ختاما فإن الانسحاب من تحالف أوبك بلس يبدو مغرياً في الورق عند ارتفاع الأسعار لكنه يحمل معه مخاطرة كبيرة بانهيار السوق وتحمل تكلفة اقتصادية عالية . وعليه فان البقاء في أوبك بلس ليس مجرد خيار اقتصادي بل هو قرار استراتيجي يعزز من استقرار أسعار النفط في أسواق النفط ويضمن إيرادات مستدامة للبلاد .

 

 


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار انسحاب العراق زیادة الإنتاج أسعار النفط ملیون دولار ملیار دولار ملیون برمیل برمیل یومیا فی أوبک بلس صافی الربح ان العراق العراق من من خلال کما ان

إقرأ أيضاً:

هل ينشئ العراق مصفاة نفط في طرابلس اللبنانية؟.. وما جدواها؟

أثار النائب العراقي المعارض للحكومة، مصطفى سند، جدلا في الأوساط العراقية، بعد حديثه عن توجيه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، لإنشاء مصفاة نفط في مدينة طرابلس اللبنانية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي نفته جهات حكومية.

وتواصلت "عربي21" مع خبراء نفط عراقيين، والذين تباينت آراؤهم حول جدوى خطوة الحكومة، خصوصا أنها تتعلق ببلد غير نفطي ولا تربطه مع العراق أي حدود مباشرة، والتي تأتي بعد أيام من زيارة وفد لبناني رفيع إلى بغداد ضم وزير الطاقة جو صدي.

"دعم اللبنانيين"

ونشر النائب سند على حسابه في "فيسبوك" الأربعاء، وثائق من وزارة النفط العراقية، تتحدث دعم وإسناد شعب لبنان، وذلك بإنشاء مصفاة نفط في طرابلس، بطاقة إنتاج 70 ألف برميل يوميا، يتم تغذيتها عن طريق ناقلات النفط أو الحوضيات، لحين إنشاء أنبوب مقترح.

الأنبوب النفطي المقترح وطاقته 1 مليون برميل يوميا، يمتد من البصرة جنوب العراق إلى حديثة غربا، باتجاه بانياس السوري، ومنه إلى حمص ثم طرابلس لتغذية المصفاة الجديدة، حسب الوثيقة الرسمية التي نشرها النائب العراقي وتاريخها 27 نيسان/ أبريل الماضي.

وقبل نشر سند الوثائق واكتفائه بالحديث عن الموضوع، رد مستشار رئيس الوزراء العراقي، فادي الشمري، عبر منصة "أكس" الاثنين، ووصف ما يُتداول من أخبار حوّل نية "بناء مصفاة عراقية" خارج البلاد بأنه يثير الاستغراب، ويأتي سياق الروايات المختلقة بطريقة "هوليودية".

وأضاف الشمري أن إنشاء المصافي أو أي مشاريع كبرى في خارج البلاد ليس قرارا سهلا قابلا للتنفيذ ويتم تجاهل أن مثّل هكذا مشاريع استراتيجية هي من صلاحيات مجلس الوزراء وتخضع لدراسات معمّقة من الوزارات المختصة والتي قد تمتد لسنوات.



ولفت مستشار السوداني إلى أن "الاستثمار في مصافٍ خارجية أو مشاريع البتروكيمياويات وغيرها هو استثمار اقتصادي سياديّ تلجأ إليه دول كبرى بناءً على دراسات جدوى دقيقة تستحضر فيه الكلف وآليات التسويق والقرب من دول الاستهلاك وغيرها من الأمور الفنيّة".

وحاولت "عربي21" الحصول على تعليق رسمي من لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي، وذلك بالاتصال المتكرر على العديد من أعضائها، لكنها لم تفلح في ذلك.

"حبر على وقع"

تعليقا على ذلك، قال الخبير النفطي العراقي، حمزة الجواهري لـ"عربي21" إن "الموضوع لم يطرأ على مسامعي من قبل، وأن طرحه أمر مستغرب"، متسائلا في الوقت ذاته عن أسباب عدم تشييده في العراق، لأنه "لا يوجد خط نفط يذهب إلى طرابلس".

وأوضح الجواهري أن "إنشاء مصفاة في طرابلس، يعني العراق سينقل نفط إلى هناك، بالتالي يجب دراسة مثل هذه الخطوة، وقد تكون لها جدوى اقتصادية، لأن مثل هذه المسائل تبحث في التفاصيل".

وأشار إلى "وجود تجارب استثمارية خارجية في قطاع النفط بمختلف دول العالم، لكن ثمة أسواق يمكن أن تنح فيها مثل هذه المشاريع، مثلا الصين، لأن هناك يوجد سوق له".

واستدرك الجواهري قائلا: "لكن أين سوق المشتقات النفطية في لبنان، لأن إنشاء مصفاة تعني إنتاج مشتقات، وليس مثلما يتصور البعض أنه خط تصدير نفط خام مثل الواصل إلى ميناء جيهان التركي وبانياس السوري لتصديره عبر البحر الأبيض المتوسط".

وشدد الخبير النفطي على "ضرورة أن تجرى دراسة جدوى للمشروع، لأنه لا يوجد أنبوب نفطي واصل إلى لبنان، ولا توجد سوق للمشتقات النفطية، ولا البيئة آمنة هناك، أو ثمة اتفاقية دولية موقعة مسبقا بين البلدين مسجلة في الأمم المتحدة لإنشاء مصفاة نفط في طرابلس".

واستبعد الجواهري أن "يرى النور مصفاة طرابلس حاله كحال خط أنبوب البصرة- ألعقبة الأردني، وكذلك أنبوب كركوك- بانياس السوري، لأن عندما يتم إنشاء مصفاة لابد من وجود نفط هناك، خصوصا مع بلد مثل لبنان، لا تربطه بالعراق حدود مباشرة".

ونوه الخبير إلى "زيارة وفد وزاري لبناني إلى بغداد قبل أيام، وكان من بينهم وزير الطاقة والمياه (جو صدي)، وبالتالي ربما يكون قد طرح موضوع مصفاة طرابلس من باب المجاملة للضيف الزائر، وبالتالي يصبح الأمر كله عبارة عن حبر على ورق".



ويأتي الحديث عن إنشاء مصفاة في طرابلس اللبنانية، بالتزامن مع توجه العراق لإعادة تأهيل خط أنبوب كركوك- بانياس، لنقل النفط عبر الأراضي السورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما حمله رئيس المخابرات، حميد الشطري، إلى السلطات السورية الأسبوع الماضي.

"مشروع استثماري"

وفي المقابل، رأى الخبير الاقتصادي العراقي، صلاح العبيدي لـ"عربي21" أن "العراق يفكر في إيجاد أكثر من منفذ لصادراته النفطية، حتى لا يُحصر في الزاوية إذا حدثت مشكلة، كالتي حصلت لأنبوب النفط الواصل إلى ميناء جيهان التركي، وتوقف منذ آذار 2023".

وفيما يتعلق بمصفاة طرابلس، قال العبيدي إن "الأمر له بعدين، الأول طرح في سياق مساعدات للبنانيين من نفط البصرة، كما يحصل مع الأردن عبر بيع النفط بأسعار تفضيلية، لذلك أثير الجدل حول هذا الموضوع، والثاني من يُطرح من جانب استثماري".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن "المشروع إذا كان استثماريا، على غرار المزارع الكثيرة التي يمتلكها العراق في تايلند منذ عهد النظام العراقي السابق، فالأمر مشروع وطبيعي جدا، لأن الكثير من البلدان لديها مشاريع خارج نطاقها الجغرافي وتعود عليها بمنافع اقتصادية كبيرة".

وأشار العبيدي إلى أن "طرابلس لديها ميناء حيوي ومطل على البحر الأبيض المتوسط، وتربطنا علاقات تاريخية مع لبنان، بالتالي إذا قارناه بالمنفذ السوري (بانياس) ربما يكون الأول واقعه أفضل على اعتبار أن الأخير ينقصه العامل الأمني غير المتوفر حاليا".



وأكد الخبير أن "تنفيذ مشروع مصفاة طرابلس يقف على ما تفرزه الانتخابات البرلمانية المقبلة، لأن الحكومة الحالية بحكم المنتهية مع دخول البلد ضمن دائرة السباق الانتخابي، بالتالي الكثير من القضايا تثيرها المعارضة ضد رئيس الوزراء الحالي الذي يشارك في الانتخابات أيضا".

 ولفت إلى أن "الحكومة الجديدة وسياستها سيتكون لها حساباتها، فإذا كانت قد تشكلت من كفاءات وجر تقديم مصلحة العراق، فإنه قد تمضي في تنفيذ هذا المشروع الاستثماري (مصفاة طرابلس)".

وأردف: "إذا جاءت حكومة تحمل عقلية تفكر بالطريقة نفسها التي أدير بها البلد مدة 20 عاما، فإن الكثير من المشاريع الاقتصادية لن ترى النور، لأنهم حولوا البلد إلى بقرة حلوب ببيع النفط وأخذ الإيرادات بدون تفكير اقتصادي واستراتيجية ورؤية اقتصادية".

مقالات مشابهة

  • أكثر من مليار دولار قيمة الصادرات النفطية إلى تركيا خلال الاربع سنوات الماضية
  • العراق يصدر منتجات نفطية الى تركيا بأكثر من 1.5 مليار دولار
  • أكثر من 1.5 مليار دولار قيمة صادرات العراق النفطية الى تركيا
  • النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ منتصف أبريل
  • واردات النفط الأمريكية من 4 دول عربية تتجاوز 14 مليون برميل
  • السفير الروسي:أكثر من (20) مليار دولار قيمة الاستثمارات الروسية النفطية في العراق
  • استقرار أسعار النفط
  • هل ينشئ العراق مصفاة نفط في طرابلس اللبنانية؟.. وما جدواها؟
  • بـ20 مليار دولار.. روسيا توسع حضورها في نفط وغاز العراق