يمن مونيتور/ قسم الأخبار

أعلنت نقابة الصحفيين اليمنيين رفضها القاطع لمحاكمة الصحفي محمد المياحي أمام المحكمة الجزائية المتخصصة (الاستثنائية) التابعة للحوثيين، والتي من المقرر أن تبدأ جلساتها يوم الاثنين المقبل، وذلك بعد قرابة ثمانية أشهر من اختطاف الحوثيين له على خلفية قضية مرتبطة بحرية الرأي.

وأكدت النقابة في بيان صادر اليوم، الخميس 10 مايو 2025، أن هذه المحاكم “لا تضمن أدنى معايير العدالة”، معتبرةً محاكمة المياحي اعتداءً صريحاً على حق التعبير وحرية الصحافة.

وأشارت إلى أن المحاكم الاستثنائية تُجرد الصحفيين من ضمانات الدفاع العادل، حيث تُستخدم – وفقاً لخبرات سابقة – لتجريم العمل الصحفي وإصدار أحكام قاسية، وصل بعضها إلى الإعدام، دون تمكين المحامين من أداء دورهم الطبيعي في المنافسة القانونية.

ودعت النقابة المنظمات الدولية المعنية بحرية الإعلام، وعلى رأسها الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب، إلى التحرك العاجل للتضامن مع المياحي والضغط لإطلاق سراحه وكافة الصحفيين المحتجزين تعسفياً في اليمن.

كما جددت مطالبتها بالإفراج عن الزملاء وحيد الصوفي ونبيل السداوي (المحتجزين لدى جماعة الحوثي)، والصحفي ناصح شاكر (المختطف لدى الحزام الأمني في عدن).

وحذّرت النقابة من أن استمرار استخدام القضاء الاستثنائي لمحاكمة الصحفيين يُعمق أزمة حرية التعبير في البلاد، ويُشكل سابقة خطيرة لاستهداف المهنيين تحت ذرائع قانونية فضفاضة.

وأكدت تضامنها الكامل مع المياحي وزملائه، معربةً عن استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم القانوني والمهني.

يُذكر أن المياحي كان قد اختُطف من قبل جهات غير معلنة قبل ثمانية أشهر، فيما تُصنف منظمات دولية اليمن في ظل سيطرة الحوثيين على معظم شمال البلاد، كواحدة من أخطر البيئات على العمل الصحفي بسبب انتهاكات متصاعدة من جميع أطراف النزاع.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: اقتصاد الصحفي المياحي الصحفيين اليمنيين اليمن

إقرأ أيضاً:

هل ترى شيئا؟ لا تقل شيئا: حملة “مدري”.. تجريم الحوثيين للحقيقة

ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”

كتبته: فاطمة أبو الأسرار محلل أول، مركز واشنطن للدراسات اليمنية

المصدر: Arab Gulf States Institute in Washington

في السادس من مايو/أيار، أعلنت عُمان أنها توسطت في وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والمتمردين الحوثيين في اليمن. وفي غضون ساعات، أعلن الرئيس دونالد ترامب أن الحوثيين – الذين استهدفتهم حملة جوية أمريكية منذ منتصف مارس/آذار – قد “استسلموا”. ولكن داخل اليمن، واصل الحوثيون فعل ما يفعلونه دائمًا في لحظات الضغط – تشديد السيطرة، وليس تخفيفها. لم يكن هناك بيان عام ولا اعتراف بالتنازل. من خلال حملة مدري، وهي عبارة عامية يمنية تعني “لا أعرف”، حوّل الحوثيون غياب المعلومات إلى مبدأ حاكم. في حرب تكون فيها الروايات قوية مثل الأسلحة، فإن مدري ليست تراجعًا. إنها أكثر أشكال المقاومة فعالية للنظام.

كما هو الحال مع المؤسسة الدينية في إيران أو سلالة كيم في كوريا الشمالية، يدرك الحوثيون أن السلطة تعتمد على احتكار السرد. فعندما يتمكن المواطنون من توثيق الأحداث بشكل مستقل، يفقد النظام سيطرته على السرد. لا يقتصر الأمر على إدارة الرأي العام فحسب، بل يشمل أيضًا منع وقائع أخرى من الظهور. إن حملة الحوثيين “مدري” تُحوّل المواطنين اليمنيين إما إلى مشاركين متواطئين في إنكار جماعي أو أعداء للدولة.

خبراء يعلقون على اتفاق ترامب والحوثيين.. أسوأ تحدٍ للحكومة وتنسيق خليجي أوسع (ذا اتلانتك).. اتفاق “أمريكا أولا” مع الحوثيين يكشف شكل السياسة الخارجية لإدارة ترامب هندسة التجهيل القسري

لسيطرة الحوثيين على المعلومات جذورٌ عميقة في تاريخ اليمن. فقد قمع الإمام يحيى، ملك اليمن بين عامي 1918 و1948، التعليمَ العلماني، وحصره في التعليم الديني. لم تكن هذه مجرد سياسة تعليمية، بل كانت خطوةً استراتيجيةً في الحكم لعزل اليمنيين عن الأفكار الخارجية. عندما أسس أحمد نعمان مدرسةً لتعليم الرياضيات في ثلاثينيات القرن الماضي، وُصفت مدرسته بأنها “غير إسلامية” ووُضعت تحت إشراف ديني. وقد حافظ هذا التضييق المتعمد على المعرفة على نفوذ النخبة الزيدية – وهي سابقة تاريخية لحملة الحوثيين “مدري” اليوم على وعيّ المواطنين.

بالنسبة لقيادة الحوثيين المُسيطرة، فإن السلاح الأكثر تهديدًا ليس بالضرورة الصاروخ المُوجّه، بل الهاتف الذكي المدني. كل صورة مُلتقطة تُخاطر بكشف الهوة بين الخطاب الثوري والواقع، كاشفةً عن مخابئ أسلحة في الأحياء السكنية، وتحويل المساعدات الإنسانية إلى المقاتلين بينما يتضور المدنيون جوعًا، أو أنماط الحياة المُترفة للقادة في ظل الانهيار الاقتصادي في اليمن.

ما بدأ بتوجيهاتٍ مُهموسة لتجنب مناقشة الغارات الجوية الأمريكية تحوّل إلى سياسةٍ مُتشدِّدة. في 17 مارس/آذار، أصدر وزير الإعلام الحوثي، هاشم شرف الدين، توجيهًا بثلاثة محاور أساسية: أولًا، حظر نشر أي صور للغارات الجوية الأمريكية؛ ثانيًا، حظر مشاركة معلومات عن ضحايا هذه الغارات، بما في ذلك حتى أسماء الضحايا؛ وثالثًا، قيود على تحديد المواقع المتضررة من العمليات العسكرية. في الوقت نفسه تقريبًا، ضخّم الإعلامي الموالي للحوثيين هذه الرسالة، مُعيدًا صياغة “لا أعرف” على أنها ليست مجرد حماية ذاتية، بل واجب وطني.

 

تسليح الصمت

في 20 أبريل/نيسان، أخطأ صاروخ حوثي هدفه، وسقط في سوق مزدحم بمديرية شعوب بصنعاء، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة أكثر من 30 آخرين وإلحاق أضرار بالمنازل المجاورة. ووفقًا لمصادر متعددة، أُطلق الصاروخ من موقع دفاع جوي يسيطر عليه الحوثيون غرب العاصمة. وبدلًا من تحمّل المسؤولية، شنّ الحوثيون حملة قمع. وأُلقي القبض على أكثر من 30 مواطنًا يُشتبه في تصويرهم للأحداث. في البداية، لم تُشر وسائل الإعلام الرسمية إلى الانفجار أو الخسائر البشرية، لكن لاحقًا، ألقت وزارة الصحة التابعة للحوثيين باللوم في الانفجار على غارة جوية أمريكية.

تشير تقارير أيضًا إلى أن الحوثيين بدأوا بقمع مراسم جنازات موتاهم، وهي حساباتٌ جنونيةٌ تُعتبر فيها الاعتراف بالخسارة أمرًا خطيرًا، إذ يُنظر إليه على أنه يُعطي الولايات المتحدة معلوماتٍ قيّمة. وبعيدًا عن السيطرة المحلية، تُعدّ هذه استراتيجيةً لمكافحة التجسس لتعقيد التقييمات الأمريكية والإقليمية. ويهدف إسكات المعزين إلى ترهيب الأحياء، وتقليل فعالية ضربات العدو المُثبتة.

ومع ذلك، حين يطالب النظام ب”مدري”، يرد بعض اليمنيين بسخرية، محولين العبارة المُملاة إلى تحريفٍ خاص. على مواقع التواصل الاجتماعي، يطرح اليمنيون أسئلةً تُجيب على نفسها: “من اختلس رواتب الموظفين؟” مدري. “من حوّل الأحياء إلى مستودعات أسلحة؟” مدري. “من يستجيب لطهران، لا للشعب؟” مدري.

دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على البنية التحتية للحوثيين في صنعاء باليمن 6 مايو 2025. رويترز / حرب السرد

حملة الحوثيين “مدري” هي حربٌ سرديةٌ مُعدّةٌ لطمس الحقائق، وتضليل المحللين، وتقويض المساءلة على المستوى الدولي. فمن خلال قمع الصور، ومنع الجنازات، وكتم الشهادات المباشرة، يسعون إلى الهيمنة ليس فقط على الخطاب المحلي، بل أيضًا على الانطباعات في واشنطن والرياض وبروكسل. يُشكّل هذا التلاعب بالواقع تحديًا مباشرًا للحكومات والمنظمات التي تسعى إلى الاستجابة بفعالية للصراع.

تتوافق حملة الحوثيين “مدري” بشكل جيد مع حملة الاعتقالات السابقة والمستمرة التي استهدفت موظفي الأمم المتحدة، والمستمرة منذ منتصف عام 2024، واتهاماتهم الأخيرة بوجود ” شبكة تجسس أمريكية-إسرائيلية ” مزعومة، زعموا أنها متغلغلة في المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة. وبينما ركّز الحوثيون، من خلال حملة الاعتقالات والإجراءات ضد شبكة التجسس المزعومة، على نزع الشرعية عن الجهات الخارجية الموثوقة ومكافحة التجسس، فإن هذه الأهداف تدعم جهود حملة “مدري” لإعادة صياغة المشاهدة الأساسية للأحداث على أنها تجسس موجه من الخارج.

بالنسبة لصانعي السياسات الأمريكيين، الدرس واضح: الغارات الجوية وحدها لن تُغير سلوك الحوثيين. ينبغي على واشنطن دمج حرب السرديات في استراتيجيتها العسكرية للحفاظ على الأصوات والشهادات اليمنية التي يسعى الحوثيون إلى إسكاتها. هذا يعني الاستثمار في شبكات تحقق قوية مفتوحة المصدر، قادرة على توثيق الغارات والانتهاكات آنيًا، مع دعم الصحفيين والمدنيين المحليين في الوقت نفسه من خلال الشراكات، والمساعدات الطارئة، والمنصات الآمنة. لا يُمكن قياس النجاح بغياب الأدلة؛ لذا ينبغي على صانعي السياسات تطوير أطر تقييم تأخذ في الاعتبار التعتيم الاستراتيجي للحوثيين على المعلومات.

حملة مدري هي استراتيجية ممنهجة للتعمية القسرية. لكن مع هوسهم بالسيطرة، نسي الحوثيون أقدم قاعدة في التاريخ: ما إن يطلب النظام من الناس ألا يراقبوا، حتى يبدأ الجميع بالمراقبة.

مقالات مشابهة

  • نقابة الصحفيين ترفض محاكمة "المياحي" أمام محكمة استثنائية وتطالب بإطلاق سراحه
  • وزارة الثقافة: حرية التعبير الفني والفكري مصانة في الدستور
  • “الصحفيين الإماراتية” تعقد اجتماع جمعيتها العمومية العادية
  • محامٍ يكشف عن أول جلسات محاكمة الصحفي المياحي في صنعاء
  • بيان صادر عن نقابة الصحفيين الأردنيين
  • أزمة وقود في مناطق سيطرة الحوثيين تعقّد معاناة اليمنيين
  • أبو السمن يتفقد سير انتخابات “المهندسين” ويُدلي بصوته فيها
  • مصر ترحب بوقف إطلاق النار في اليمن وتأمل أن ينعكس إيجابا على حرية الملاحة
  • هل ترى شيئا؟ لا تقل شيئا: حملة “مدري”.. تجريم الحوثيين للحقيقة