كتاب مقومات النظرية اللغوية العربية.. قراءة تحليلية دقيقة للتراث النحوي
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
يعد التراث النحوي العربي أحد أبرز إنجازات الحضارة الإسلامية في مجال المعرفة، حيث قدم النحاة العرب تصورات عميقة حول بنية اللغة وآليات اشتغالها، لم تزل تثير اهتمام الباحثين والمشتغلين بالدراسات اللسانية المعاصرة. غير أن هذا التراث غالبا ما يتناول إما بروح تمجيدية تغفل منطلقاته المعرفية، أو من منظور نقدي يستند إلى نماذج تفسيرية مستوردة، مما يفضي إلى اختزاله أو إساءة فهمه.
في هذا السياق، يبرز كتاب "مقومات النظرية اللغوية العربية" للدكتور رمزي منير بعلبكي كمحاولة رصينة لإعادة قراءة التراث النحوي العربي من الداخل، بوصفه نظرية لغوية متكاملة، لا مجموعة من القواعد والمفاهيم المنفصلة المجتزأة، نظرية قائمة على جملة من المفاهيم الكبرى التي وجهت الفكر النحوي العربي.
فالكتاب، الصادر عن دار النشر في الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن سلسلة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يمثل إسهاما معرفيا نوعيا، يهدف إلى إعادة الاعتبار للنظرية اللغوية العربية، من خلال تفكيك مفاهيمها الكبرى، وقراءة أنساقها المنهجية، في ضوء رؤية تحليلية دقيقة، تتجنب الإسقاط وتستنطق النصوص من داخلها.
والمؤلف رمزي منير بعلبكي هو أكاديمي لبناني، حائز درجة الدكتوراه في النحو العربي وعلم الساميات المقارن من جامعة لندن، وحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب عام 2010، يعمل رئيسا لدائرة اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت، وكان أستاذا زائرا في جامعات كامبردج وشيكاغو، وأستاذا مقيما في جامعة جورج تاون، وهو رئيس المجمع العلمي لمعجم الدوحة التاريخي.
إعلانيقع الكتاب في 415 صفحة تتوزع على 7 فصول يتناول فيها فيما يتناوله النظرية النحوية العربية وما تمتاز به من شمول في المادة وتماسك في الأركان.
دعائم النظرية النحويةينطلق المؤلف من فرضية مركزية عنده مفادها أن النحو العربي لم يكن نتاج ملاحظات متفرقة على كلام العرب، بل هو مشروع علمي واع تعاون عليه النحاة العرب، وتطور وتشكل من خلال جهود معرفية تراكمية بنائية منظمة، استهدفت بناء تصور شامل لطبيعة اللغة وعملها حتى شكلت نظرية لغوية متماسكة-وإن لم تدون صراحة- تقوم عليها الممارسة النحوية والمعجمية في القرون الهجرية الأولى.
فالنظرية اللغوية العربية تستوفي -كما يقول الدكتور رمزي بعلبكي- أهم شرطين لازمين لها، هما شمول المادة وسعتها، وتماسك أركانها، وذلك بفضل العناية الفائقة التي أولاها علماؤنا العرب لدراسة الأبعاد الذهنية والسياقية التي تصاحب عملية التواصل بين المتكلم والمخاطب، تلك العناية التي جعلتهم يختبرون قدرة النظرية وكفاءتها في جمل وتراكيب مصنوعة فضلا عن الجمل المنطوقة المستعملة، ويعمل الكتاب على استخلاص معالم هذه النظرية من خلال تحليل أدواتها المعرفية والمنهجية.
ومن هنا تأتي أهمية الكتاب في إعادة النظر إلى هذا المشروع المعرفي العربي من خلال تحليل المفاهيم الخمسة التي عدها المؤلف دعائم النظرية النحوية وقوامها، وهي: العمل والقياس والتقدير والتعليل والأصل.
يعتمد المؤلف في مقاربته منهجا تحليليا دقيقا، يستند إلى قراءة متأنية للنصوص اللغوية التراثية، ويبتعد عن الإسقاطات الخارجية أو التأويلات المتعسفة، فهو لا يفرض على المادة التراثية نماذج تفسيرية جاهزة، بل ينطلق من داخلها، محللا آلياتها ومفاهيمها في ضوء معايير منطقية ولسانية رصينة.
إعلانفالمعالجة الفكرية تأتي مرتبة ومنسقة، حيث يسير التحليل من المفهوم إلى الوظيفة، ومن النص إلى الفرضية، بما يكشف عن وعي منهجي لافت، يميز هذا الكتاب عن غيره من الأعمال التي تناولت التراث النحوي إما بتمجيد غفل أو بنقد يتكئ على نماذج غربية لا تلائم طبيعة المدونة العربية.
ويرى بعلبكي أن النظرية اللغوية العربية بنية فكرية متكاملة تحكمها تصورات معينة عن اللغة، نشأ معظمها في بيئة لغوية شفهية.
ويحوز مفهوم "العمل النحوي" محل الصدارة في هذه المقومات، والعمل عند النحاة مصطلح يشير باختصار إلى التأثير الذي يكون في التركيب الجملي، ويؤدي إلى الأحكام الإعرابية من رفع أو نصب أوجر أو جزم، فالعمل هو إذا الإطار النظري الذي يفسر من خلاله الإعراب والتحولات التركيبية.
ولا يكتفي بعلبكي بتعريفه الظاهري، بل يتتبع جذوره المفاهيمية، مبينا كيف أن النحاة الأوائل تصوروا العلاقات النحوية بوصفها تفاعلات بين عناصر الجملة، تحكمها قوانين داخلية دقيقة، تسند فيها وظيفة نحوية معينة إلى كل مكون في السياق.
فالعمل -كما يراه الدكتور بعلبكي- انعكاس للمنطق الوظيفي الذي انطلق منه النحاة العرب، ثم ينتقل إلى مفهوم "القياس"، موضحا الرؤية التراثية له، فهو ليس مجرد وسيلة لتوليد القواعد، بل أداة عقلية لإدراك التماثل بين الظواهر، مبنية على الاستقراء والتناظر.
ويبين أن النحاة العرب استخدموا القياس وفق قواعد صارمة تخضع الظاهرة لمعايير الانسجام مع النظام الكلي للغة، ويقارن المؤلف بين هذه النظرة التراثية للقياس والنظرة اللسانية الحديثة مظهرا أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين المنهجين على بعد ما بينهما من زمان.
ويأتي الدكتور بعلبكي على "التقدير" بوصفه أحد القضايا والمقومات الأساسية في النظرية اللغوية العربية، فيعرض بوصفه حلا معرفيا لظواهر لا يظهر فيها العنصر النحوي بصيغته الصريحة، واللجوء إلى التقدير لا يكون حينها اعتباطيا أو لسد ثغرة في النظام، بل يأتي نتيجة إدراك دقيق لبنية الجملة ومراميها الدلالية.
إعلانويسير الدكتور بعلبكي في تحليله لهذا المفهوم مبرزا كيف تعامل النحاة مع التراكيب اللغوية بوصفها تمثيلات ظاهرية لبنى أعمق، تستعاد بالتقدير حين تقتضي الحاجة ذلك، وفي هذا السياق، يكشف المؤلف عن عمق النظرة البنيوية للنحاة العرب، وإدراكهم للعلاقة بين المستويات السطحية والمستويات العميقة للجملة، وهو ما يشابه في أساليبه الاستدلالية المناهج اللغوية الحديثة.
ويعرض الدكتور بعلبكي مفهوم "التعليل" ضمن النظرية اللغوية العربية، بوصفه أداة لفهم النظام اللغوي لا مبررا شكليا للقواعد والظواهر، فالتعليل كان أداة منهجية لدى النحاة العرب، تعكس انشغالهم بإبراز الترابط المنطقي بين الظواهر وأسبابها وما بينها من علائق.
يقدم الكتاب رؤية متسقة للطريقة التي بنى بها النحاة قواعدهم، ويبرز كيف أن كل قاعدة نشأت عن حاجة تفسيرية، ترتبط بمستوى معين من التحليل، سواء أكان تركيبيا أم دلاليا أم صوتيا.
لا يغفل الكتاب معالجة العلاقة بين اللفظ والمعنى، فالمعنى إنما كان في مقدمة العوامل التي وضعها النحاة لتوجيه الإعراب، كما يتطرق الكتاب لمسألة الشذوذ في النحو، ويدرس طريقة ضبط النحاة لهذه المسألة، وطريقة تعاملهم معها بمرونة ضمن منطق نسقي، يوازن بين القاعدة والاستعمال، فالنحاة العرب قد طوروا أساليب جعلتهم يدمجون الحالات الخاصة في إطارهم النظري الكلي.
ويأتي الدكتور بعلبكي في كتابه على وصف المدونة اللغوية التي انصرف اللغويون لدراستها وتمحيصها والعمل عليها بعد تضخم المادة اللغوية وانتشار الغريب من الألفاظ في اللغة، مبرزا دور البيئة القبلية، وتواتر الرواية، وصحة النقل في تشكيل قاعدة الاستشهاد، ويتناول أثر الرواية الشفوية في رسم صورة اللغة الفصيحة، مبينا أن هذه العملية لم تكن عشوائية، بل خضعت لمعايير صارمة أسهمت في ضبط المادة وتحقيقها، فتوزعت مهام اللغويين بين جمع ووصف وتحليل وضبط للظواهر اللغوية بعد أن ضبطوا هذه المدونة اللغوية.
إعلانومن أهم ما يسِم تحليلات الدكتور بعلبكي في كتابه هذا أنها تشتمل على قراءة واعية للعلاقة بين التراث واللسانيات الحديثة، إذ لا يقحم مفاهيمها على التراث، ولا يعزل التراث عنها، بل يجري مقارنات مدروسة حين يكون ذلك نافعا، كما في مقاربته بين القياس النحوي العربي والنحو التوليدي. ويحرص على التمييز بين المنهج والنتائج، تفاديا للاختزال أو التشويه.
يمثل هذا العمل مساهمة مميزة في حقل النظرية اللغوية العربية، إذ يعيد للفكر النحوي تقديره بوصفه مشروعا معرفيا متكاملا، يمتلك مفاهيمه الخاصة، وآلياته الداخلية، وقيمه المنهجية.
ويظن أن يفتح هذا الكتاب آفاقا جديدة في قراءة التراث النحوي، واستثماره في تطوير النظرية اللغوية المعاصرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات النحو العربی من خلال
إقرأ أيضاً:
سر سورة يس.. لها 10 عجائب في قضاء الحاجة وفك أشد الكرب
لاشك أن سر سورة يس يعد أحد تلك الكنوز التي يبحث عنها كثيرون، ولا يفوتها لبيب، وحيث إن فضل سورة يس عظيم ، خاصة في قضاء الحوائج، ومن منا ليس له حاجة يتمنى أن يقضيها الله سبحانه وتعالى له وكذلك مغفرة الذنوب ، من هنا تنبع أهمية معرفة المزيد عن سر سورة يس ، بل إنه يمكن القول إن من لا يغتنم سر سورة يس فإنه خسران خسارة لا تعوض.
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، إن سورة يس تكون سببا في قضاء الحوائج هو موضوع مجرب لكن أن تقرأها بنية قضاء حاجة معينة وتتوسل بالقرآن الكريم إلى الله عز وجل.
واستشهد "جمعة" عن سر سورة يس ، بما ورد عن أبي قلابة، قال: "من قرأ يس غفر له، ومن قرأها وهو جائع شبع، ومن قرأها وهو ضال هدي، ومن قرأها وله ضالة وجدها، ومن قرأها عند طعام خاف قلته كفاه، ومن قرأها عند ميت هون عليه، ومن قرأها عند امرأة عسر عليها ولدها يسر عليها، ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة، ولكل شيء قلب، وقلب القرآن يس".
وتعدّ سورة ياسين من سور القرآن الكريم المكية، وعدد آياتها 83 آية، وهي سورة عظيمة تركز على قضية البعث والنشور، وروى في فضل سورة ياسين العديد من الأحاديث المختلف في مدى صحتها، إلا أن جميعها يؤكد على فضل سورة ياسين في مغفرة الذنوب وتكفير السيئات وغير ذلك من الفضائل العظيمة.
ورد أنمن أراد أن يقضي الله حاجته فعليه ان يتوضأ ويحسن الوضوء ويصلى ركعتين صلاة الحاجة، إلا أن هناك أمر آخر وهو سورة يس، حيث علمنا أهل الله أن سورة يس فيها سر لما قرئت له، هكذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكننا لا نجرب مع الله، فنقرأ القرآن كله تقربًا للمولى عز وجل.
وورد فيها أن سورة يس فيها تفريجًا للهموم وقضاءً للحوائج وشفاءً للأمراض ورحمة للأموات وأسرار عظيمة، ولكن لها خصوصية عن باقي سور القرآن الكريم، فالزام يس بيقينك بالإخلاص يعطيك المولى عز وجل ما تحتاجه.
فضل سورة يسورد في الشرع عن فضل قراءة سورة يس وعِظَمِ ثواب قراءتها؛ في نحو ما أخرجه الدارمي والترمذي -واللفظ له- والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ القُرْآنِ يس، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ»، وإنّ أقوى ما جاء في فضل سورة يس ما رواه ابن كثير في تفسيره، قال –صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورًا له»، كما وأخرج الطبراني وابن مردويه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ دَاوَمَ عَلَى قِرَاءَةِ يس كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ شَهِيدًا».
ويتّفق أهل العلم على أنّ القرآن الكريم بكلّ سوره وآياته محضُ خير وبركة، وسورة يس من السور التي رُوي بشأنها روايات كثيرة، وجاء في بعض الروايات أنّ قراءة سورة يس سبب في مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، وما ذلك على الله بعزيز، فعن جندب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «مَن قرَأ يس في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ غُفِر له»، وجاء في رواية أخرى الوصية بقراءتها على من حان أجله من المسلمين؛ فعن معقل بن يسار -رضي قراءة سورة يس على المحتضر لله عنه- عن رسول الله -عليه السلام- أنّه قال: «اقرَؤوا على موتاكم يس».
كما رأى جمهور علماء الأمة ومنهم الشافعية والحنفية والحنابلة أنّ قراءة سورة يس على المحتضر سُنّة، واستدلوا على ذلك بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اقرءوا يس على موتاكُم»، والسبب في استحباب العلماء لقراءة هذه السورة عند المحتضر أنّها تشتمل على التوحيد والمعاد، كما أنّ فيها بشارة للمؤمن الذي يموت على التوحيد بالجنة والعاقبة الحسنة في الآخرة، ومن ذلك قوله- تعالى-: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ»، فسماع هذه الآية فيه بشارة للمؤمن في حال احتضاره، والاستبشار فيه تسهيل لخروج الروح من الجسد.
وجاء في رواية أخرى الوصية بقراءتها على من حان أجله من المسلمين؛ فعن معقل بن يسار -رضي قراءة سورة يس على المحتضر لله عنه- عن رسول الله -عليه السلام- أنّه قال: «اقرَؤوا على موتاكم يس»، كما رأى جمهور علماء الأمة ومنهم الشافعية والحنفية والحنابلة أنّ قراءة سورة يس على المحتضر سُنّة، واستدلوا على ذلك بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اقرءوا يس على موتاكُم»، والسبب في استحباب العلماء لقراءة هذه السورة عند المحتضر أنّها تشتمل على التوحيد والمعاد، كما أنّ فيها بشارة للمؤمن الذي يموت على التوحيد بالجنة والعاقبة الحسنة في الآخرة، ومن ذلك قوله- تعالى-: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ»، فسماع هذه الآية فيه بشارة للمؤمن في حال احتضاره، والاستبشار فيه تسهيل لخروج الروح من الجسد.
ورد فيه أن قراءة القرآن من أفضل العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه فقراءة القرآن على الإنسان بعد وفاته سواء كان ذلك في منزله أو في المسجد أو بعد صلاة الجنازة وقبلها أو عند القبر كل ذلك جائز شرعًا، وهي تهون على الميت في قبره كما أخبرنا بذلك رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، كما أن قراءة سورة يس للميت خاصة تهون عليه في قبره وتنيره، كما تتنزل بها الرحمات والتجليات الإلهية بالمغفرة والرضا من الله عز وجل عليه.
عجائب سورة يسلعل من عجائب سورة يس تأتي أسمائها التي تدل على فضلها ، فقد ذكِر في تفسير الطنطاويّ -رحمه الله- أنّ سورة يس سُميّت بالمعمّة، أو المدافعة، أو القاضية، ووجه المعنى في ذلك أنّها تعمّ صاحبها بخيريّْ الدنيا والآخرة، كما أنها تُدافع عنه وتدفع عنه السوء، وتقضي له حوائجه بأمر الله وفضله، وقد سُمّيت كذلك بحبيب النجّار؛ وذلك لِما جاء في السورة من ذِكر قصة الرجل الذي جاء يسعى من أقصى القرية، وهو حبيب النجّار، وقد ورد ذلك عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-.
ورد في الأثر أن "سورة يس لما قرأت له"، أي أن الشخص الذي يتمنى أو يريد تحقيق شيء معين فليقرأ سورة يس بنية قضاء هذه الحاجة"، كما أن "جميع سور القرآن الكريم فيها بركة وهدى فإذا ما قرأنا أي سورة أو آية بنية تفريج الهم والكرب أو قضاء الحاجة فسوف يستجيب الله"، وقد قال أهل الله تعالى عن سورة يس إنها تقضي الحاجة، فعليكِ بها ولا مانع أن تقرأها في أي وقت ولا يشترط أن تكون ليلة الجمعة".
قد روى الناس حديثًا في فضل سورة يس أنّها لما قرئت له، وقصدوا في ذلك أنّ قراءة سورة يسفيها قضاء للحوائج وتسهيل لها، والحقيقة أنّه لا يجوز نسبة ذلك إلى السنة النبوية، وأقوال العلماء والتابعين لإنكارهم هذا الحديث، ومثال عليهم العلامة السخاوي الذي قال إنّه لا أصل للحديث بهذا اللفظ، وقال ابن كثير في تفسيره أنّ من خصائص فضل سورة يس أنها ما قرأت لشيء أو أمر عسير إلا يسره الله، وهذا القول لا يمكن نسبته إلى الله تعالى أو رسوله –صلى الله عليه وسلم- إنّما ينسب إلى قائله فيقع الصواب والخطأ عليه.