كيف تعيد ميزة المهام في شات جي بي تي تشكيل علاقتنا مع الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي قفزات هائلة في السنوات الأخيرة، ولكن التفاعل مع هذه النماذج ظل محصورًا في نطاق الأوامر النصية والاستجابات المحدودة.
ومع التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، تسعى الشركات إلى تحسين التفاعل بين المستخدمين والأنظمة الذكية، مما يجعل التجربة أكثر سلاسة وكفاءة.
وتأتي ميزة المهام في "شات جي بي تي" لتحدث تحولًا في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، إذ تتيح للمستخدمين تخصيص التجربة وفقًا لاحتياجاتهم الفعلية، مما يجعلها بمنزلة تغيير جوهري في العلاقة بين الإنسان والآلة.
تتيح ميزة المهام للمستخدمين إنشاء مهام مخصصة تتجاوز المحادثة التقليدية وتخصيص طريقة استجابة الذكاء الاصطناعي بناءً على احتياجات معينة، مثل توليد تقارير مخصصة، أو أداء مهام إدارية، أو تقديم استشارات تقنية، أو حتى تبسيط عمليات معقدة، مثل تحليل البيانات.
وتتيح الميزة جدولة الإجراءات أو التذكيرات أو التحديثات لكي تجري تلقائيًا. وبدلاً من انتظارك حتى تطلب ذلك، يستطيع "شات جي بي تي" الآن إرسال تذكيرات إليك بشكل استباقي أو تنفيذ مهام في أوقات محددة.
وتستطيع إعطاء "شات جي بي تي" مطالبة تحتوي الإجراء الذي تريد أن يتخذه "شات جي بي تي" ومتى تريد حدوثه، وعندما يحين الوقت المحدد، فإن "شات جي بي تي" يولد رسالة جديدة في الدردشة بناءً على مطالبتك.
إعلانوعلى سبيل المثال، يمكنك جدولة ذلك لإرسال ملخص يومي للأخبار إليك، أو تذكيرك بالتواريخ المهمة، مثل الاجتماعات أو أعياد الميلاد، أو مساعدتك في ممارسة مهارة جديدة، مثل تعلم لغة.
لا تعد ميزة المهام مجرد أداة للتذكيرات، بل إنها أداة لتعزيز الإنتاجية تتكيف مع احتياجاتك. وتستطيع من خلال الميزة توفير الوقت عبر أتمتة المهام الروتينية، مثل التحديثات اليومية أو التذكيرات المتابعة.
ويمكنك المحافظة على التنظيم وعدم تفويت الأحداث المهمة أو المواعيد النهائية. كما أنها مساعدة استباقية، إذ يعمل "شات جي بي تي" وفقًا لجدولك الزمني، حتى عندما تكون غير متصل بالإنترنت.
وتوفر الميزة استخدامات متعددة، سواء للعمل أو الحياة الشخصية أو التعلم، حيث يمكن لميزة المهام التعامل مع كل ذلك.
كيف تغير ميزة المهام طريقة التفاعل مع الذكاء الاصطناعي؟أصبح من الممكن الآن أن يعمل "شات جي بي تي" أداة متخصصة تلبي احتياجات المستخدم بطريقة دقيقة. وبفضل هذه الميزة، أصبح من الممكن تلقائيًا تنفيذ المهام المتكررة، مما يقلل الوقت المستغرق في العمليات الروتينية.
وتجعل الميزة الجديدة التفاعل أكثر طبيعية وفعالية، حيث يصبح "شات جي بي تي" قادرًا على فهم سياق المهمة وتنفيذها بناءً على الإعدادات المحددة، دون الحاجة إلى إعادة الشرح أو إعادة ضبط التوجيهات في كل مرة.
إعلانوتساعد هذه الميزة في تحسين تجربة المستخدم في التطبيقات الذكية والمواقع الإلكترونية، حيث يمكن تهيئة "شات جي بي تي" للعمل مساعدا افتراضيا متخصصا حسب المجال.
التأثير في الاستخدامات اليوميةالأعمال والإدارة
استخدام ميزة المهام لأتمتة التقارير الإدارية، وتحليل البيانات المالية، وتقديم ملخصات لاجتماعات العمل. تساعد في تحسين كفاءة فرق العمل من خلال تبسيط عمليات التواصل الداخلي وتقديم دعم أسرع وأكثر تخصيصًا.التعليم والتدريب
تخصيص مهام تعليمية وفقًا لمستوى الطالب، مثل إعداد دروس مخصصة أو تلخيص المواد الدراسية. تساعد في تقديم اختبارات تدريبية تفاعلية، مما يعزز تجربة التعلم الذكي.التسويق وإنشاء المحتوى
تسهيل إنشاء حملات تسويقية مخصصة من خلال توليد أفكار إبداعية بناءً على بيانات العملاء. تحسين إستراتيجيات كتابة المحتوى من خلال تقديم اقتراحات تلقائية متوافقة مع تحسين محركات البحث (SEO).البرمجة وتطوير البرمجيات
استخدام الميزة لإنشاء تعليمات برمجية تلقائية تتماشى مع متطلبات المشاريع. تحسين تصحيح الأخطاء البرمجية من خلال تحليل التعليمات البرمجية واقتراح حلول مخصصة.الرعاية الصحية والاستشارات الطبية
تقديم دعم فوري للأطباء من خلال تحليل بيانات المرضى واقتراح مسارات علاجية مخصصة. تحسين استجابات الدردشة الطبية من خلال تهيئة "شات جي بي تي" لتقديم معلومات دقيقة ومحددة بناءً على سيناريوهات شائعة.رغم أن ميزة المهام تقدم مزايا مفيدة، فإن هناك بعض القيود في الوقت الحالي، إذ لا يمكنك استخدام الصوت مع المهام، مما يعني أنه لا يمكنك إنشاء مهمة بمجرد السؤال بصوت عالٍ.
ولا يمكنك أيضًا تحميل أي ملفات، مثل المستندات أو الصور، التي يمكن لميزة المهام الوصول إليها. كما أنه من غير الممكن الوصول إلى أي "جي بي تي" (GPT) مخصصة باستخدام المهام.
إعلانويمكنك إنشاء مهام باستخدام "جي بي تي فور أو" (GPT-4o) فقط، وليس من الممكن حاليًا إنشاء مهمة يمكنها استخدام نموذج آخر لأداء الإجراء المطلوب.
ومع ذلك، فإن أكبر قيد هو أنك مقيد بحد أقصى قدره 10 مهام. وبمجرد الوصول إلى 10 مهام، فإنك بحاجة إلى حذف مهمة قبل أن تتمكن من إنشاء المزيد.
وتتوفر ميزة المهام حاليًا عبر الويب و "آي أو إس" و "أندرويد" و "ماك أو إس"، ولكنها غير متوفرة بعد عبر "ويندوز".
ولا تتكامل ميزة المهام في الوقت الحالي مع التطبيقات الخارجية، مثل "جيميل"، مما يعني أنه يتعين عليك نقل التذكيرات أو المهام يدويًا لتحقيق رؤية على مستوى الفريق.
ولا شك في أن التذكيرات في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية، وإذا واجه خادم "شات جي بي تي" فترة توقف أو إذا كان هناك خلل في تسليم الإشعارات، فقد يعني ذلك تفويت المواعيد النهائية.
وعندما تجدول المهام داخل "شات جي بي تي"، فإنك تشارك التفاصيل الشخصية أو المهنية مع نظام الشركة.
طرق عملية لاستخدام المهامتستطيع ميزة المهام أن تجعل حياتك اليومية أكثر تنظيمًا وإنتاجية. وإليك بعض الطرق العملية لاستخدامها:
الحياة الشخصية
تذكيرات للمناسبات الخاصة، مثل "ذكّرني بذكرى زواجي الخميس المقبل". العادات اليومية، مثل "أرسل لي اقتباسًا تحفيزيًا كل صباح في الساعة 7 صباحًا". الصحة والعافية، مثل "ذكّرني بشرب الماء كل ساعتين".العمل
إدارة المشاريع، مثل "أعلمني بالمواعيد النهائية للمشروع كل يوم جمعة في الساعة 10 صباحًا". تسجيلات دخول الفريق، مثل "ذكّرني بالاستعداد للاجتماع الأسبوعي كل يوم اثنين في الساعة 9 صباحًا". تخطيط المحتوى، مثل "قم بصياغة تحديث لتقويم محتوى التواصل الاجتماعي في اليوم الأول من كل شهر".التعلم
ممارسة اللغة، مثل "علمني ثلاث عبارات إسبانية جديدة يوميًا". تطوير المهارات، مثل "أرسل لي تمارين الترميز كل عطلة نهاية أسبوع". المعرفة العامة، مثل "تلخيص أهم الأخبار في مجال الذكاء الاصطناعي كل مساء". إعلانفي الختام، تمثل ميزة المهام قفزة نوعية في تفاعل المستخدمين مع الذكاء الاصطناعي، حيث تتيح تجربة أكثر تخصيصًا وكفاءة. ومن زيادة الإنتاجية إلى تحسين خدمات العملاء وتبسيط المهام اليومية، تفتح هذه الميزة آفاقًا جديدة في مختلف المجالات.
ومع ذلك، لا تخلو هذه الميزة من التحديات، مثل الحاجة إلى الضبط الدقيق للمهام ومراعاة قضايا الخصوصية. ومع استمرار تطور هذه الميزة، قد نشهد تفاعلات أكثر تعقيدًا بين البشر والذكاء الاصطناعي، مما يمهد الطريق لنماذج أكثر قدرة على التعلم الذاتي والتكيف مع المستخدمين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی شات جی بی تی هذه المیزة من الممکن المهام ا من خلال مهام فی
إقرأ أيضاً:
هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو».
نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025.
تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية.
يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين.
بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس.
يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية.
كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة.
كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة.
أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان.
مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه.
كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع.
نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ
لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب.
ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى.
لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة.
فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية.
نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس.
وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب.
رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة.
ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية.
كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده.
على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني