رأى محللون سياسيون، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صار عبئا في دولة الاحتلال حتى على حزبه الليكود، في ظل تزايد الضغوط الأميركية غير المباشرة لتغييره، نظرا لفشله في إدارة الحرب على قطاع غزة وتدهور علاقاته مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

يأتي ذلك تزامنا مع صفقة الإفراج عن الجندي الأميركي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر، إذ كشفت اتصالات مباشرة بين الإدارة الأميركية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن عدم لعب إسرائيل أي دور فاعل، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى حجم التوتر بين واشنطن وتل أبيب في هذه المرحلة.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور لقاء مكي، أن الخلاف الأميركي الإسرائيلي مهم في هذه اللحظة، لكنه لن يغير في الأمد المتوسط طبيعة الدعم الأميركي لإسرائيل، إلا أنه قد يدفع نحو البحث عن مخرج لأزمة نتنياهو، الذي أصبح عبئا حتى على حزبه.

وأوضح مكي خلال مشاركته في برنامج مسار الأحداث، أن نتنياهو يدرك حجم الضغوط عليه، لذا يسعى إلى الخروج بأقل قدر من الخسائر بتصعيد القصف على غزة، لتقديمه إنجازا شخصيا ودرءا لاتهامات الخضوع للضغوط الأميركية، خصوصا في ظل نرجسيته التي تجعله يتشبث بموقعه مهما كانت التكاليف.

إعلان

من جانبه، أشار الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إلى أن إسرائيل بدت اليوم وكأنها "الولاية الـ51" للولايات المتحدة، في ظل الإذعان الذي أبدته لإرادة واشنطن، متحدثا عن حالة صدمة داخل إسرائيل من الطريقة التي تم بها تسليم الجندي الأميركي دون مشاركة إسرائيلية.

وقال جبارين خلال مشاركته في ذات البرنامج، إن خطاب نتنياهو الأخير في مؤتمر "جي إن إس" الذي عقد بالقدس انهار اليوم بالكامل، لا سيما مزاعمه عن معركة وجودية مع إيران وأن حماس جزء منها، في حين أن واشنطن أوضحت له أن المسار مختلف، ما شكل ضربة مباشرة لزعيم الليكود أمام جمهوره ونخبته السياسية.

لحظة حساسة

وفي هذا الإطار، أوضح الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر، أن الإفراج عن عيدان جاء في لحظة بالغة الحساسية، حيث يبحث ترامب عن إنجاز في المنطقة وسط تدهور صورة إسرائيل عالميا، وظهور الاحتلال كعبء أخلاقي حتى على حلفائه.

وأشار شاكر في حديثه لمسار الأحداث إلى أن هذه الخطوة قد تمثل فرصة لإعادة تحريك المسار التفاوضي من خارج مقاربة نتنياهو وسرديته، رغم أن لا شيء مضمون حتى الآن، لكن الرسائل التي بعثتها واشنطن عبر الصفقة تؤشر على بداية مسار جديد لا يلعب فيه نتنياهو دور البطولة.

وفي وقت بدا فيه المشهد احتفائيا في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية، أشار مكي إلى أن عملية الإفراج عن عيدان دون مقابل، كانت خطوة ذكية من حماس لكسب نقاط دعائية وأخلاقية، عبر التأكيد على الفرق بين احتفاظها به إنسانيا وبين القتل اليومي الذي تمارسه إسرائيل في غزة.

وأضاف أن نتنياهو يدرك، أنه يواجه لحظة حرجة، وأن بقاءه في الحكم لم يعد مضمونا، خصوصا في ظل ضغوط من داخل حزب الليكود نفسه، حيث بدأت تبرز أصوات تطالب بالتفكير في مرحلة ما بعد نتنياهو، وتنتقد تحوّل الحزب إلى رهينة لعائلة واحدة.

إعلان

وأكد جبارين، أن أزمة نتنياهو لا تكمن في واشنطن أو غزة، بل داخل الليكود ذاته، مشيرا إلى أن مقارنات تُطرح اليوم بين وضعه الحالي وما واجهه قادة سابقون مثل أرييل شارون ومناحيم بيغن وإسحاق شامير حين أُبعدوا عن قيادة الحزب بعد تحولات مشابهة.

وقال جبارين، إن هناك مقالات وتحركات داخلية في الليكود تعكس قناعة بأن استمراره في الزعامة سيضعف الحزب ويزيد من أعبائه، خصوصا في ظل الفضائح والاتهامات بالفساد التي تلاحق مسيرته السياسية.

السقف التفاوضي

وفي مقابل ذلك، يرى شاكر أن مطالب حماس في بياناتها الأخيرة، من وقف دائم لإطلاق النار إلى رفع الحصار وتبادل الأسرى، تمثل السقف التفاوضي الذي تسعى إليه، رغم أن تحقيقه يتطلب تغيرات كبيرة في المعادلات السياسية والعسكرية القائمة.

ولفت إلى أن الاحتلال لم يحقق إنجازا ميدانيا جوهريا حتى الآن، رغم شهرين من القتل والتجويع، موضحًا أن المقاومة لا تزال فاعلة ميدانيا، وهو ما تعكسه طريقة تسليم عيدان ذاتها، بما تحمله من رسائل ضمنية عن إخفاق إسرائيل في تأمين جنودها.

وأشار إلى أن صورة عيدان، وهو يرفض لقاء نتنياهو تعبّر عن أزمة ثقة داخل إسرائيل، كما أنها قد تُثني مزدوجي الجنسية من الالتحاق بالجيش الإسرائيلي في المستقبل، ما يضيف عبئا جديدا إلى القيادة الحالية.

في المقابل، قال مكي، إن التناقض في التصريحات الإسرائيلية بشأن موقف ترامب من الحرب على غزة يعكس حالة ارتباك داخل إسرائيل، مؤكدا أن ما هو ثابت أن ترامب لا يحب نتنياهو، ويعتبره عبئا سياسيا يسعى إلى التخلص منه قبل زيارته المرتقبة للمنطقة.

وأضاف أن نتنياهو خذل ترامب مرارا، ولم يحقق أي اختراق في ملف غزة رغم منحه فرصة طويلة لذلك، وهو ما جعل ترامب يشعر بأن استمرار دعم نتنياهو يسيء إلى صورته هو شخصيا ويضعف أوراقه أمام حلفائه في الإقليم.

إعلان

أوراق ضغط ترامب

وفي السياق ذاته، قال جبارين، إن واشنطن تملك أوراق ضغط كبيرة لم تستخدمها بعد، من الدعم العسكري إلى الغطاء الدبلوماسي، مشيرا إلى أن قدرة نتنياهو على قيادة ملف التطبيع مع الدول العربية هي محل شك، في ظل نفور متزايد منه داخل وخارج إسرائيل.

بدوره، حذر شاكر من أن نتنياهو قد يقدم على تصعيد كبير في غزة هربا من الضغط المتزايد عليه، مؤكدًا أن التكلفة الإنسانية وصلت حدا غير مسبوق، وأن بقاء الاحتلال على هذا النحو يعكس لحظة قلق إستراتيجية داخل المؤسسة الإسرائيلية.

وأشار إلى أن ترامب نفسه، قد يتحرك بمفاجآت تقلب الطاولة، خصوصًا أنه لم يعد يرى في إسرائيل ورقة رابحة كما في السابق، ما يدفعه إلى تعزيز علاقاته بدول الإقليم من بوابة الملفات الإنسانية والصفقات، وليس من خلال تبني موقف نتنياهو المتصلب.

ورأى مكي أن زيارة ترامب المرتقبة قد تكون لحظة مفصلية، خصوصا وأن واشنطن ترى أن التخلص من نتنياهو قد يفتح الباب لمرحلة جديدة في العلاقة مع الشرق الأوسط، في ظل سلوك متزن من عواصم عربية ترى فيها واشنطن شركاء أكثر استقرارا من الحكومة الإسرائيلية الحالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أن نتنیاهو حتى على إلى أن

إقرأ أيضاً:

متخصص في الشأن الإسرائيلي: نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس

قال محمد الليثي، الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "خوض معارك من أجل بقاء إسرائيل" تعكس محاولة واضحة لإنقاذ نتنياهو، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى لتقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي كبطل في مواجهة التحديات، سواء في غزة أو إيران، لتأمين مستقبله السياسي.

وأضاف الليثي، في مداخلة هاتفية على قناة "إكسترا لايف"، أن ترامب حاول سابقًا إخراج نتنياهو من مأزق الحرب في غزة، لكنه اصطدم بتعقيدات أبرزها احتجاز حركة حماس لعدد من الأسرى الإسرائيليين، ما حال دون إعلان إسرائيل الانتصار الكامل كما كان يتمنى نتنياهو والتيار اليميني المتطرف المسيطر على حكومته.

وأوضح أن الداخل الإسرائيلي لم يمنح نتنياهو نقاطًا كثيرة عقب المواجهة مع إيران، إذ وُجهت له انتقادات واسعة بسبب توقيت وشكل العملية العسكرية، وكذلك بسبب القصور في حماية الداخل الإسرائيلي من الصواريخ الإيرانية، على الرغم من ادعاء التفوق التكنولوجي الدفاعي.

مسئول أممي: المحاكم الدولية على علم بانتهاكات نتنياهو في غزةنتنياهو: أشكر ترامب على دعمه الهائل لي ولإسرائيلنتنياهو يبحث وقف الحرب .. وترامب يقترب من "صفقة غزة الكبرى" تشمل الرهائنترامب يُشعلها : أنقذنا إسرائيل وسنُسقط محاكمة نتنياهوترامب يدعو لإلغاء جميع القضايا بحق نتنياهو

وأشار الليثي إلى أن الضربة الإسرائيلية والأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية لم تسفر عن تدمير كامل للبرنامج النووي، بل اقتصر تأثيرها على تأجيله فقط، لافتًا إلى أن عدداً من المحللين الإسرائيليين شككوا في فاعلية هذه الضربات، خاصة بعد أن أعلن ترامب نفسه استهداف ثلاث منشآت فقط بقنابل خارقة.

وفيما يخص الوضع في قطاع غزة، اعتبر الليثي أن القطاع أصبح منسيًا على المستوى الدولي، رغم ما يشهده من تصعيد، في ظل تركيز العالم على المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية، مضيفًا أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تنفذ خطة متطرفة تتجاهل الجوانب الإنسانية، بينما يتراجع الاهتمام العالمي مقارنة بما حدث عند سقوط صواريخ إيرانية على الداخل الإسرائيلي.

وبشأن مستقبل نتنياهو، رأى الليثي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يحاول كسب الوقت لحماية مستقبله السياسي، خاصة مع الضغوط القضائية التي يواجهها، لافتًا إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن قضايا الفساد تندرج في إطار محاولة دعمه.

وعن احتمالات التوصل إلى صفقة بشأن غزة، قال الليثي إن نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وهو ما ترفضه الحركة، مما يطيل أمد الأزمة، مضيفًا: "نتنياهو لا يتحرك بمفرده، بل تُحركه أطراف داخل اليمين المتطرف، ولن يذهب لأي اتفاق دون أن يظهر بمظهر المنتصر".

وختم بالقول إن هناك رهانًا على الجهود الدولية، وعلى رأسها الجهود المصرية، لإنهاء التصعيد والتوصل إلى حلول تحفظ الأرواح وتعيد الاستقرار.

طباعة شارك نتنياهو ترامب أمريكا إسرائيل حماس إيران

مقالات مشابهة

  • ملفا غزة وسوريا - قناة إسرائيلية تكشف هدف زيارة نتنياهو إلى واشنطن
  • نتنياهو يزور واشنطن يوليو المقبل لبحث تطورات العدوان على غزة وإيران
  • تصريحات ترامب حول محاكمة نتنياهو تُحيي نقاش القانون الفرنسي الإسرائيلي.. ما هو؟
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يرهن وقف حرب غزة بهذا الأمر
  • نتنياهو يسعى للقاء ترامب في واشنطن للاحتفال بالقصف المشترك على إيران
  • موقع أميركي: المرشح لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يثبت أن إسرائيل "نمر من ورق"
  • متخصص في الشأن الإسرائيلي: نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس
  • متخصص في الشأن الإسرائيلي: ترامب يملك خطة واضحة لإنقاذ نتنياهو
  • هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟
  • ستيف بانون: حكومة نتنياهو كذبت على ترامب وتُهدد دعم إسرائيل في واشنطن