إغناطيوس: هكذا يغير ترامب سياساته حسب الظروف
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالًا للكاتب ديفيد إغناطيوس، قال فيه إن الرئيس دونالد ترامب، في رحلته الخارجية الأولى منذ انتخابه إلى الشرق الأوسط، اقترح في كلمة له بالعاصمة السعودية الرياض وقف العداء المستحكم بين الولايات المتحدة وإيران منذ 46 عامًا.
وقال إن أمريكا ليس لديها "أعداء أبديون"، مشيرًا إلى أن هذا التصريح البسيط سيتردد صداه في الشرق الأوسط، وبخاصة في إسرائيل التي تتعامل مع إيران كعدو قاتل.
وكانت تعليقات ترامب في السعودية تتويجًا لأسابيع مهمة حَرّف فيها السياسات، ومنها سياساته، التي توصّل إلى أن تأثيرها على الواقع الدولي محدود.
وبدأ تراجع ترامب يوم الأحد عندما تنازل في حربه التجارية مع الصين، حيث خفّض التعرفات الجمركية من 145% إلى 30%، تمامًا كما فعل في رسومه الجمركية الأخرى التي أدّت إلى تراجع أسواق المال.
وكما علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" بدقة: "بدأ الرئيس حربًا تجارية مع آدم سميث وخسر". ويرى إغناطيوس أن رؤيته لترامب لا تزال كما هي؛ فهو معطّل وباحث عن صفقات، وطموح لإنهاء النزاعات الدولية وتقوية الاقتصاد الأمريكي.
وربما يكون هادِمًا، كما فعل في الكثير من سياساته المحلية التي استهدفت الجامعات، ومكاتب المحاماة، والأبحاث في مجال الدواء، والوكالات الحكومية، وأي طرف ظهر اسمه على قائمة انتقام ترامب.
وعلى الصعيد الخارجي، يبدو أن الرئيس قد اكتشف القيود التي تفرضها الأسواق المالية عليه، ومقاومة الصين والشركاء التجاريين الكبار، ومخاطر تضييع المال في حرب نتائجها غير قاطعة، إلى جانب تداخل الاقتصاد العالمي واعتماده المتبادل.
ومع وصوله إلى السعودية يوم الثلاثاء، بدا ترامب كوزير أعظم أدخل يده في كل أزمة حول العالم، وبقدرة على تعديل مواقفه.
وفي الوقت الحالي، قدّم نفسه على أنه "حلال مشاكل"، لا كشرطي على العالم. فقد اكتشف مبكرًا، أكثر من أسلافه من الرؤساء الأمريكيين، محدودية القوة الأمريكية، وما يمثله الحلفاء العنيدون.
فكما ورد في تصريحه عن إيران، وأن الأولوية لـ"أمريكا أولًا"، فإن ذلك ينطبق على إسرائيل أيضًا.
وقد لخّص ترامب أسلوبه في الإدارة في كتابه "فن الصفقات" (1987) قائلًا: "أتعامل مع الأمور بتساهل شديد. لا أحمل حقيبة يد، وأحاول ألا أعقد اجتماعات كثيرة. أترك بابي مفتوحًا. لا يمكنك أن تكون مبدعًا أو رياديًا إذا كان لديك هيكل تنظيمي واسع. أفضل أن آتي إلى العمل كل يوم وأرى ما يحدث"، وهذا وصف جيد لأسلوبه المرتجل في السياسة الخارجية اليوم.
ومع ذلك، فلا حدود لشهية ترامب لعقد الصفقات، وليس فقط تريليون دولار كفدية يريدها من السعودية، بل حاولت إدارته التوسط في الأسابيع الماضية بين أوكرانيا وروسيا، ومع حماس والحوثيين في اليمن، والهند وباكستان، ورواندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إلى جانب اللفتة لإيران يوم الثلاثاء.
وحققت استراتيجية ترامب الدبلوماسية في الشرق الأوسط بعض النتائج، فقد استطاع مبعوثه ستيف ويتكوف التفاوض مع حماس للإفراج عن الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر. وأعلن ترامب هذا الشهر عن هدنة مفاجئة مع الحوثيين في اليمن. وبعد وصوله إلى السعودية، أعلن عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ومقابلة الرئيس السوري أحمد الشرع.
ويرى إغناطيوس أن فكرة ترامب "لا أعداء أبديين" متجذّرة في التاريخ الأمريكي، وتعود إلى خطابه الأخير الذي دعا فيه إلى تجنّب "التحالفات المتشابكة"، وتُشبه سياسة "صفر مشاكل" التي تبنتها تركيا سابقًا ودول في المنطقة. ويرى الكاتب أن مواقف ترامب ونائبه جيه دي فانس تتداخل فيها النزعة الدولية التقدمية والانعزالية، وهي بادية أولًا في الحرب التجارية مع الصين. فلدى ترامب ما يشبه الهوس ببناء جدران عالية من التعرفات الجمركية.
وخطط بشكل غير واقعي لتمويل تخفيضاته الضريبية من عائدات هذه التعرفات. وكان التراجع منطقيًا وعمليًا، بالنظر إلى رد فعل الأسواق المالية العالمية، وحتى أعضاء الكونغرس الجمهوريين.
أما الحقيقة الثانية في التداخل بين الرئيس ونائبه، فهي تراجع ترامب عن موقفه من المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين كانوا يهاجمون سفن الشحن في البحر الأحمر. ففي 15 آذار/مارس، وبتصريحاته الطنّانة المعتادة، نشر ترامب تحذيرًا: "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم. يجب أن تتوقف هجماتكم ابتداءً من اليوم. إن لم تتوقفوا، فسيهطل عليكم الجحيم".
لكن "الجحيم" لم يدم سوى شهر واحد. وقد حذّر فانس في اليوم السابق للهجوم الأول قائلًا: "أعتقد أننا نرتكب خطأ. هناك خطر حقيقي ألا يفهم الجمهور هذا الأمر أو لماذا هو ضروري"، وذلك وفقًا لمحادثة على تطبيق "سيغنال" نشرتها مجلة "ذي أتلانتك".
وأطلق ترامب الحملة، لكن، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، طالب بجردة نتائج بعد 30 يومًا، حيث اتضح أن القيادة المركزية الأمريكية أنفقت مليار دولار على الحملة، وأطلقت ذخائر باهظة الثمن على الحوثيين المختبئين في الكهوف.
ومن هنا، أعلن ترامب في 5 أيار/مايو النصر في حملة اليمن، حتى في وقت واصل فيه الحوثيون استهداف إسرائيل. وما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" هو أن ترامب توصّل إلى نتيجة مفادها أن الحرب في اليمن باهظة الثمن، وبدون نتيجة قاطعة، لتكون تورطًا أمريكيًا آخر في المنطقة.
وكان تدخل أمريكا في المواجهة بين الهند وباكستان صورة أخرى عن تغيّر المواقف الأمريكية. فقد كان فانس متشككًا من تورط أمريكا في المواجهة بين الجارتين العدوتين.
وقال فانس لشبكة "فوكس نيوز" يوم الخميس: "لن نتورط في حرب لا تعنينا أساسًا". لكن بنهاية الأسبوع، غيّر فانس وترامب مسارهما. فقد أخذت الحرب بين الهند وباكستان مسارًا تصاعديًا، وشنت الهند هجومًا بالقرب من مجمع نووي باكستاني، وعقدت باكستان مجلس حرب نووي. وتدخل فانس لدى الهند، التي زارها للتو مع زوجته وأطفاله. كما عمل وزير الخارجية ماركو روبيو مع كبار المسؤولين في باكستان. وكانت النتيجة وقف إطلاق نار بوساطة أمريكية.
وتساءل إغناطيوس: هل تجد صعوبة في متابعة "المؤامرة"؟ مجيبًا: تذكّر تعليق ترامب في أيلول/سبتمبر خلال الحملة الانتخابية: "أنا من يقوم بالنسج، هل تعرف ما هو النسج؟ سأتحدث عن ذلك، فهو تسعة أشياء مختلفة تقريبًا، تتكامل معًا بشكل رائع". وقد بدا ذلك حينها مجرد كلام فارغ، لكن السياسة الخارجية الأمريكية ظلّت عالقة ضمن مجموعة من المعايير الثابتة لعقود، وربما حان الوقت لإعادة النظر بها.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية واشنطن ترامب السعودية السعودية واشنطن ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
أكثر من 100 شهيد والاحتلال يغير اسم عدوانه على غزة
ذكرت مصادر طبية في مستشفيات قطاع غزة أن 108 فلسطينيين استشهدوا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على عدة مناطق في القطاع منذ فجر اليوم الأربعاء، بينهم 40 في مدينة غزة، و11 من المجوّعين منتطري المساعدات.
كما أفاد مصدر في مستشفى الشفاء باستشهاد 6 فلسطينيين، وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي لخيمة تؤوي نازحين في محيط منطقة الصناعة، غربي مدينة غزة.
وفي سياق متصل، حمّل المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع الاحتلال الإسرائيلي، والقائمين على ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، المسؤولية الكاملة عن جريمة قتل واستهداف المُجوّعين المدنيين الفلسطينيين في القطاع بشكل ممنهج؛ ودعا إلى فتح تحقيق جنائي دولي عاجل في هذه الكارثة الإنسانية التي مضى عليها شهر، وأحدثت كل هذه الانتهاكات الخطيرة والجسيمة.
ودعا المكتب إلى وقف التعامل مع هذه المؤسسة فورا، واستبدالها بمنظمات إنسانية محايدة، مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ومنظمات دولية وأممية، لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين.
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أنّ مراكز توزيع المساعدات تحولت إلى "مصائد موت جماعي"، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 580 مدنيا فلسطينا، وإصابة أكثر من 4200، وفقدان 39.
"شهادة غزي نجا من قصف على مخيم بخان يونس"#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/O6ZpwatLkP
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) July 2, 2025
المستشفيات المأساة المستمرةمن جانبه، قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة في قطاع غزة، الدكتور مروان الهمص للجزيرة إنّ أغلب الإصابات التي تحدث أمام مراكز توزيع المساعدات تكون في الجزء العلوي من الجسد والرأس.
وحذّر الهمص من أنّ خروج مجمّع ناصر الطبي عن الخدمة في جنوب القطاع سيؤدي إلى كارثة إنسانية حقيقية.
من جهتها، دعت الأونروا إلى تجنب المجاعة في قطاع غزة، واستئناف المساعدات الإنسانية على نطاق واسع دون انقطاع، وبشكل آمن، بموجب آليات الأمم المتحدة، وأضافت الوكالة أن الناس في غزة منهكون، بعد ما يقرب من 660 يوما من الحرب.
إعلانوفي ذات الوقت، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن النظام الصحي في قطاع غزة يواجه خطر التوقف التام بدون الوقود، داعية إلى إدخاله بشكل فوري إلى القطاع.
ويبلغ عدد المستشفيات العاملة في غزة 16 مستشفى تعمل جزئيا، بينها 5 حكومية و11 خاصة، من أصل 38 مستشفى، وفق وزارة الصحة في غزة.
كما تعمل في القطاع 8 مستشفيات ميدانية تقدّم خدمات طارئة على وقع الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين منذ أكثر من عام ونصف.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي يفرض الاحتلال حصار خانقا على القطاع، ويغلق المعابر أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.
الليث المشرئب.. ودعوات للتهجيروفي إطار مخطط التهجير الذي دعا له العديد من الساسة الإسرائيليين، قال وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين أنه تم إنشاء مديرية خاصة في وزارة الدفاع (لتنفيذ مخطط التهجير)، قائلا إنه يجب التركيز على إخراج أكبر عدد ممكن من سكان القطاع طوعا، على حد قوله.
ودعا كوهين للدفع بقوة نحو تنفيذ خطة تهجير فلسطينيي قطاع غزة، قائلا إنه لا يوجد في المستقبل القريب سيناريو لإعادة إعمار القطاع الذي يواجه حرب إبادة متواصلة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأكد تأييده خطة تهجير الفلسطينيين من غزة، مضيفا "هذه خطة يجب دفعها بكل قوة، لا يوجد سيناريو لإعادة إعمار قطاع غزة في المستقبل القريب".
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه هيئة البث الإسرائيلية، أن جيش الاحتلال أطلق اسما جديدا عدوان على القطاع باسم الليث المشرئب.
والإسم الجديد هو تكملة لاسم الحرب الإسرائيلية على إيران، وهو مقتبس من التوراة كعادة اسماء حروب إسرائيل، "شعب مثل الأسد يهبّ ومثل الليث يشرئب".
وهذه هي المرة الرابعة التي يغير فيها الاحتلال اسم عدوانه على القطاع الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. فيما لم تغير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسم المعركة "طوفان الأقصى".