أكد الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي أن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية "لم تؤتِ أكلها"، مشيرا إلى استمرار العمليات الفدائية رغم التصعيد العسكري الإسرائيلي.

أعلن الإسعاف الإسرائيلي إصابة إسرائيلية بجراح خطيرة في إطلاق نار قرب مستوطنة بروخين غرب سلفيت في الضفة الغربية، مساء أمس الأربعاء، في حين استدعى جيش الاحتلال تعزيزات كبيرة وقوات خاصة وقال إنه يحقق في تفاصيل العملية.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إطلاق النار استهدف سيارة إسرائيلية قرب المستوطنة، مما أدى إلى وقوع إصابتين، إحداهما حرجة للغاية والأخرى خطيرة، وأشارت إلى أن الجيش يجري عمليات تمشيط واسعة "بحثا عن منفذي العملية".

وأوضح الفلاحي خلال فقرة التحليل العسكري أن العمليات لم تتوقف طوال الفترة الماضية وتصاعدت في الضفة الغربية في الفترة الأخيرة، مستشهدا بعملية إطلاق النار قرب مستوطنة سلفيت، والتي وصفتها إذاعة الجيش الإسرائيلي بأنها العملية الرابعة خلال 4 أشهر في المنطقة نفسها.

ويعزو الفلاحي هذا الفشل الإسرائيلي إلى عدة أسباب جوهرية تجعل من الصعب على قوات الاحتلال ضبط الوضع الأمني بشكل كامل، مشيرا إلى صعوبة أن تقوم قوات الاحتلال بضبط الأمور مرة واحدة لأنها تحتاج إلى إمكانيات وقدرات كبيرة جدا.

إعلان

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يعاني أصلا نقصا في القوة البشرية، مما يحد من قدرته على السيطرة الكاملة على الوضع الأمني في الضفة الغربية رغم التصعيد المستمر.

عمليات منفردة

ولفت الخبير العسكري النظر إلى طبيعة هذه العمليات، موضحا أنها تُعد "عمليات منفردة" يستطيع أن يقوم بها أي شخص يتمكن من تنفيذ عمليات إطلاق مباشرة، ثم بعد ذلك الانسحاب.

وهذا النمط من العمليات، كما يشرح الفلاحي، يتميز بأن التخطيط والتجهيز لا يحتاج إلى إمكانيات كبيرة جدا بحيث يمكن أن تُكشف هذه العملية من خلال المتابعات الاستخباراتية، حيث يمكن لشخص واحد أن يرتب عملية الإطلاق بطريقة ذكية بحيث لا يتم التوصل إليه.

وانطلاقا من هذه الخصائص، لفت الفلاحي إلى أن عمليات الذئاب المنفردة التي تقوم بها فصائل المقاومة في مناطق مختلفة هي أكثر نجاحا من العمليات الجماعية، معللا ذلك بأنها "تأخذ حيزا بسيطا من المعلومات ولا تخص إلا شخصا واحدا أو شخصين"، مما يجعل اكتشافها والوقاية منها أمرا بالغ الصعوبة بالنسبة لأجهزة الأمن الإسرائيلية.

وردا على التساؤل حول تكرار العمليات في نفس المناطق رغم الإجراءات المشددة، تطرق الخبير العسكري إلى هذه الظاهرة اللافتة، قائلا: في بعض الأحيان هذه العمليات عندما تتكرر في منطقة تأخذ الأجهزة الأمنية العديد من الاحتياطات، ولكن تبقى ثغرات حاصلة في هذه المناطق يمكن أن تُستغل.

وفسر هذا الأمر بوجود افتراض خاطئ بأن الإجراءات الأمنية التي تُتخذ في هذه المناطق تكون مشددة ولن تفكر المقاومة في العودة إليها، وهو ما يخلق "فرصة غير متوقعة" يمكن أن تنفذ منها فصائل المقاومة لتنفيذ عمليات أخرى، مستغلة عنصر المفاجأة.

وأشار الفلاحي إلى استمرارية هذه العمليات رغم أن العملية العسكرية الإسرائيلية مازالت مستمرة إلى اليوم، في الوقت الذي تركز فيه قوات الاحتلال جهودها بشكل مكثف على مناطق محددة كمخيم جنين، مما يعكس فشلا واضحا في إستراتيجية الاحتلال الأمنية على امتداد الضفة الغربية.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الضفة الغربیة قوات الاحتلال

إقرأ أيضاً:

تكتيكات أمنية إسرائيلية جديدة خلال اقتحام الضفة الغربية

جنين- 6 أيام قضاها رسمي صبيحات (50 عاما) وعائلته خارج منزلهم في بلدة رمانة بمدينة جنين شمال الضفة الغربية بعد أن طردهم جنود الاحتلال الإسرائيلي منه واستولى عليه وحوله لنقطة عسكرية.

صبيحات واحد من 11 عائلة طردت من منازلها خلال الأسبوع الماضي، بعد أن استولى عليها جيش الاحتلال لأيام خلال اقتحامه بلدة رمانة والقرى المجاورة.

ويصف صبيحات تلك الأيام بـ"الصعبة" ويقول "اضطررت لترك منزلي لعدوي، ونزحت مؤقتا إلى منزل آخر، لكني شعرت بمعاناة أهلنا في مخيم جنين وكذلك في غزة ممن فقدوا منازلهم ولا يمكنهم العودة إليها".

ويضيف "وجدنا أثاث المنزل محطما بعد عودتنا، الأبواب والنوافذ والأجهزة الكهربائية، وبعض المنازل سرق منها مصاغ ذهبي، وفقد آخرون مبالغ مالية".

فرض السيادة

وعن اللحظات الأولى من اقتحام الجنود للبلدة وإجبار عائلته على مغادرة المنزل قسرا، دون السماح لها بأخذ أي شيء منه، يقول صبيحات للجزيرة نت "لحظة الاقتحام، كنت خارج المنزل ولكن الضابط الإسرائيلي هاتف ولدي الكبير، وطالبه بالخروج والعائلة خلال 3 دقائق فقط، وسط طرق عنيف من الجنود لباب المنزل، فخرجت عائلتي ونزحنا إلى منزل شقيقي في الطرف الآخر من البلدة".

وبهذا، كانت رمانة تتعرض لأحد أكبر الاقتحامات التي مرت عليها خلال الأشهر الستة الماضية منذ بدء عملية "السور الحديدي" العسكرية على مخيم جنين، وخلال وقت قصير أخلى الجيش الإسرائيلي 11 منزلا وحولها لثكنات عسكرية.

وبحسب الأهالي وسكان المنطقة، فإن جيش الاحتلال كان يحاول إخلاء معسكراته القريبة من تلك القرى لحماية جنوده من ضربات الصواريخ الإيرانية.

في حين تعززت آراء باستغلال إسرائيل لما يحدث من حربها الممتدة ضد غزة، والمخيمات، ولبنان، واليمن وسوريا، وإيران، لفرض خطتها بالسيادة الأمنية على الضفة وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية، وتحويل المدن والقرى إلى مناطق خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال.

خلال اقتحام جنود الاحتلال مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس (الأناضول)

وفيما كانت حملات الجيش الإسرائيلي، منذ 2021 تقوم على سياسة "جز العشب" وهو لفظ تستخدمه المخابرات الإسرائيلية وتقصد به ملاحقة أي مقاوم والقضاء عليه، فإن تحولا كبيرا طرأ على تعامل الاحتلال الأمني في الضفة مع مجيء وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يقوم على فرض السيادة اليهودية فقط، في أرض "يهودا والسامرة" كما يصفها سموتريتش وقادة المستوطنين في الحكومة الإسرائيلية.

إعلان

ويرى الباحث في مركز الدراسات الإسرائيلية وليد حبَّاس أن إسرائيل خلال عقدين من الزمن مررت فكرة أن إيران هي رأس الأفعى في العنف القائم في المنطقة، وأن أذرعها امتدت للضفة الغربية عبر المقاومة التي برزت في المخيمات والقرى الفلسطينية، وأيضا عبر حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، وبالتالي يجب القضاء عليها لضمان عدم خراب الشرق الأوسط.

ويقول حبَّاس للجزيرة نت إن هناك مئات القرى والتجمعات الفلسطينية في الضفة تتاخم المستوطنات أو جدار الفصل أو طريق التفافي، ولذا فإن حرب إسرائيل هي مع الفلسطيني بشكل عام بكل أماكن وجوده، وباختلاف الوقت ستجد إسرائيل مبررات لإكمال هذه الحرب.

وكثفت قوات الاحتلال عمليات التوغل إلى بلدات وقرى جنين، وبشكل متزامن، حيث اقتحمت بلدات جبع وميثلون وعنزة ورمانة وجلبون ويعبد وعانين وغيرها، واستمر بها لنحو أسبوع، وسيطر على منازل فيها.

جيش الاحتلال يحوّل منازل فلسطينية إلى ثكنات عسكرية ويدمّر محتوياتها (مواقع التواصل) اقتحام وعنف

وبعد يوم من اقتحام رمانة، توغل الاحتلال إلى قرية نزلة زيد جنوب جنين، وحوَّل منزليْ وجدي فضل وحسن البري إلى نقاط عسكرية بعد طردهم منها.

وقال رئيس مجلس القرية عزيز زيد للجزيرة نت إن جنود الاحتلال نكَّلوا بأصحاب المنازل، حيث احتجزوا أحدهم وقيّدوا يديه، ووضع أحد الجنود حذاءه العسكري على رأسه، واعتقلوا الابن الأكبر لوجدي فضل أثناء دراسته لامتحانات الثانوية العامة التي يؤديها هذه الأيام، وعصبوا عينيه، واقتادوه لأطراف القرية واحتجزوه لعدة ساعات، وأغلقوا المدخل الغربي للقرية والشارع الرئيسي فيها، إضافة إلى صيدلية وبقالة تقع في المنطقة ذاتها.

وفي قرية عانين (غرب جنين) طرد الاحتلال 5 عائلات من منزلين يعودان للشقيقين أسامة ونضال ياسين، وبحسب مجلس قروي عانين فقد أجبر الاحتلال العائلات الخمس (نحو 50 فردا) على ترك بيوتهم، طوال 5 أيام، وهي فترة اقتحام القرية، بينما نشر الجنود الحواجز في شوارع القرية وأعاقوا حركة المركبات والمواطنين واستجوبوهم.

ويلاحظ أن عمليات الجيش الإسرائيلي لم تقتصر على بلدات وقرى محافظة جنين، بل امتدت لبعض قرى رام الله ونابلس وسلفيت.

ووفق مختصين، فإن هناك تحولا في السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الوضع بالضفة الغربية بشكل عام، ففي حين كانت الاقتحامات السابقة تقوم على مبدأ "الدخول السريع والخروج السريع" بهدف تنفيذ اعتقالات محددة ثم الانسحاب، تشهد اليوم نمطا مختلفا يتسم بالتمركز الطويل، وتحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية، وإطلاق عمليات مفتوحة تمتد لأيام.

قوات الاحتلال تحوّل منزل عائلة الشهيد باسم التكروري في حي جامعة الخليل إلى ثكنة عسكرية، وتطرد سكانه منه دون السماح لهم بأخذ أي من ممتلكاتهم. pic.twitter.com/H5lT2OEw9v

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 15, 2025

تكتيكات أمنية

ويقرأ المختص في الشأن الإسرائيلي ياسر منّاع هذا التحول بوصفه انتقالا من تكتيكات أمنية إلى سياسات تهدف للسيطرة المستدامة على الحيز المدني الفلسطيني، عبر خلق حالة استنزاف يومي وتعطيل الحياة الطبيعية في تلك القرى.

إعلان

ويؤكد منّاع للجزيرة نت أن هذا التغيير هو بهدف رسم "خارطة سياسية-أمنية" جديدة في الضفة، تتجاوز رد الفعل الأمني إلى رسم وقائع ميدانية ثابتة.

ويضيف أن "المقصود هنا ليس فقط ملاحقة المقاومين، بل إعادة تشكيل البيئة السكانية والجغرافية بما يتيح للإدارة المدنية الإسرائيلية والمستوطنين هامش تحكم أوسع، سواء عبر التهجير البطيء أو تقويض البنية الاجتماعية للمجتمعات الفلسطينية".

ويتابع أن ما نشهده ليس مجرد "أمن"، بل مشروع إعادة تموضع إستراتيجي طويل الأمد لا سيما في المناطق المصنفة إسرائيليا "ج" و"ب".

وبشأن ارتباط تزايد النشاط الأمني في قرى الضفة خلال المواجهة الإسرائيلية مع إيران، يرى منّاع أن ذلك في قراءة أمنية ترى في الضفة جبهة مرشحة للاشتعال في أي لحظة.

ويقول إن "العقيدة الأمنية الإسرائيلية في هذه الحالة تُبنى على قاعدة (الوقاية الاستباقية)، أي ضرب المحيطات السكانية القريبة من التجمعات العسكرية أو الطرق الالتفافية، خشية تحولها إلى بيئة حاضنة لهجمات مباغتة في حال توسعت دائرة المواجهة".

ويضيف منّاع أن "إسرائيل لا تنفصل أبدا في تعاملها الأمني عن مشروعها السياسي، ما نراه حاليا من أنماط جديدة في السلوك العسكري، خاصة في شمال الضفة ووسطها، هو جزء من خطة أمنية-مدنية لخلق مناطق فراغ سلطوي، تمهيدا لإعادة هندسة السلطة الفلسطينية أو حتى تجاوزها في بعض المناطق".

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تحذّر من مصادرة الاحتلال الإسرائيلي أراضي في الضفة الغربية
  • خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
  • قيادي بحماس: الاحتلال يضخّم إنجازاته وتصعيد المقاومة قرار وسيستمر
  • الرئاسة الفلسطينية تحذّر من توسيع عمليات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة
  • اقتحامات وتفجيرات.. الاحتلال يواصل اعتداءاته على الضفة الغربية
  • خبير عسكري: المقاومة في غزة تتفوق وتربك جيش الاحتلال
  • خبير عسكري: الاحتلال يزيد ضغط عملياته بغزة مع احتمالية الذهاب لصفقة
  • تكتيكات أمنية إسرائيلية جديدة خلال اقتحام الضفة الغربية
  • خبير عسكري: عمليات المقاومة تعيق تقدم جيش الاحتلال داخل غزة
  • خبير عسكري: المقاومة تقوم بعمليات نوعية ومتكاملة بين الفصائل