قيادي بحماس: الاحتلال يضخّم إنجازاته وتصعيد المقاومة قرار وسيستمر
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المرداوي، إنّ ما أعلنه جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بشأن "إحباط بنية تحتية واسعة" للمقاومة في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة يندرج في إطار حملة ممنهجة من الاعتقالات المستمرة بحق كوادر الحركة، معتبرا أن المقاومة ستبقى خيارا إستراتيجيا لا غنى عنه.
وأوضح المرداوي -في مقابلة مع الجزيرة- أنّ الاعتقالات الأخيرة طالت أفرادا سبق أن اعتقلوا عدة مرات، ومكثوا فترات طويلة في السجون الإسرائيلية، وتعرضوا لتعذيب شديد، ومع ذلك لم يتراجعوا عن طريق المقاومة، بل واصلوا جهادهم دفاعا عن الأرض والمقدسات.
وكان الشاباك قد أعلن عن تفكيك ما قال إنها خلايا تابعة لحماس واعتقال أكثر من 60 شخصا ومصادرة أسلحة، مشيرا إلى أنهم متورطون في عمليات نفذت خلال السنوات الماضية، بينها هجوم عام 2010 أوقع 4 قتلى إسرائيليين، وآخر قُرب القدس عام 2023 أدى لمقتل جندي.
وشدد المرداوي على أن استمرار الاحتلال في ارتكاب المجازر في قطاع غزة، وإطلاق يد المستوطنين في الضفة الغربية، يستدعيان تصعيدا في العمل المقاوم، لافتا إلى أنّ قرى مثل كفر مالك والمغير وترمسعيا ومحيط نابلس تتعرض لاعتداءات متواصلة، تشمل حرق المنازل والقتل، وكلها تجري تحت حماية الجيش الإسرائيلي وبرعاية مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتشهد الضفة الغربية تصعيدا غير مسبوق منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث تنفذ قوات الاحتلال عمليات اقتحام يومية، يصاحبها قمع للمواطنين وتنكيل بالمعتقلين، وسط اعتداءات متكررة من المستوطنين.
وأضاف المرداوي أن إسرائيل دأبت على تضخيم إنجازاتها الأمنية لتغطية إخفاقاتها العسكرية والاستخبارية، مؤكدا أن المقاومة في الضفة الغربية لم تتوقف رغم الظروف المعقدة، وأن ما أعلنه الاحتلال في الخليل لا يعدو كونه حلقة في سلسلة متواصلة من الصراع.
إعلان لا سبيل سوى المقاومةوأشار إلى أن حملات الاعتقال الواسعة، وما سبقها من مداهمات وعمليات تنكيل وتهجير، لن تكسر إرادة الفلسطينيين، الذين يدركون أن لا سبيل لدحر الاحتلال سوى بمقاومته بكل الوسائل الممكنة، مؤكدا أن المواجهة ستبقى مستمرة حتى نيل الحرية والاستقلال.
وخلال الأسابيع الماضية، صعّد الاحتلال من هجماته في الخليل وطولكرم وجنين، وفرض حصارا خانقا على عدد من المخيمات، كما نفذ عمليات تفجير لمنازل، أدت إلى سقوط شهداء وجرحى، في حين استمرت اعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية في الأغوار والضفة.
وقال المرداوي إن القبضة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية شديدة، وإن الاحتلال يحكم السيطرة عبر تقطيع أوصال المدن، وتجنيد عشرات آلاف المستوطنين المسلحين، مشيرا إلى وجود تباين مؤسف في الأولويات بين السلطة الفلسطينية والمقاومة، ما يضعف التنسيق الشعبي في بعض المناطق.
ومع ذلك، شدد القيادي في حماس على أن الفلسطينيين أثبتوا قدرتهم على تجاوز التعقيدات الميدانية، والالتفاف على إجراءات الاحتلال، مستدلا بتجربة معتقلين سابقين قضوا سنوات خلف القضبان، وتعرضوا لتعذيب جسيم، ورغم ذلك نجحوا في مواصلة العمل المقاوِم من تحت الرادار الإسرائيلي.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن شهر مايو/أيار الماضي وحده شهد 415 اعتداءً من قبل المستوطنين، شملت تدمير ممتلكات واقتلاع أشجار وتجريف أراض وهجمات مسلحة، ضمن سياسة ممنهجة لتهجير الفلسطينيين وفرض واقع استيطاني جديد.
وأكد المرداوي أن قرار المقاومة ليس تكتيكا عابرا بل هو نهج دائم، وأن الشعب الفلسطيني ماضٍ في نضاله مهما كانت التضحيات، "لأن دحر الاحتلال لا يتحقق بالتمنّي، بل بالمواجهة المستمرة حتى تحقيق النصر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
تكتيكات أمنية إسرائيلية جديدة خلال اقتحام الضفة الغربية
جنين- 6 أيام قضاها رسمي صبيحات (50 عاما) وعائلته خارج منزلهم في بلدة رمانة بمدينة جنين شمال الضفة الغربية بعد أن طردهم جنود الاحتلال الإسرائيلي منه واستولى عليه وحوله لنقطة عسكرية.
صبيحات واحد من 11 عائلة طردت من منازلها خلال الأسبوع الماضي، بعد أن استولى عليها جيش الاحتلال لأيام خلال اقتحامه بلدة رمانة والقرى المجاورة.
ويصف صبيحات تلك الأيام بـ"الصعبة" ويقول "اضطررت لترك منزلي لعدوي، ونزحت مؤقتا إلى منزل آخر، لكني شعرت بمعاناة أهلنا في مخيم جنين وكذلك في غزة ممن فقدوا منازلهم ولا يمكنهم العودة إليها".
ويضيف "وجدنا أثاث المنزل محطما بعد عودتنا، الأبواب والنوافذ والأجهزة الكهربائية، وبعض المنازل سرق منها مصاغ ذهبي، وفقد آخرون مبالغ مالية".
فرض السيادةوعن اللحظات الأولى من اقتحام الجنود للبلدة وإجبار عائلته على مغادرة المنزل قسرا، دون السماح لها بأخذ أي شيء منه، يقول صبيحات للجزيرة نت "لحظة الاقتحام، كنت خارج المنزل ولكن الضابط الإسرائيلي هاتف ولدي الكبير، وطالبه بالخروج والعائلة خلال 3 دقائق فقط، وسط طرق عنيف من الجنود لباب المنزل، فخرجت عائلتي ونزحنا إلى منزل شقيقي في الطرف الآخر من البلدة".
وبهذا، كانت رمانة تتعرض لأحد أكبر الاقتحامات التي مرت عليها خلال الأشهر الستة الماضية منذ بدء عملية "السور الحديدي" العسكرية على مخيم جنين، وخلال وقت قصير أخلى الجيش الإسرائيلي 11 منزلا وحولها لثكنات عسكرية.
وبحسب الأهالي وسكان المنطقة، فإن جيش الاحتلال كان يحاول إخلاء معسكراته القريبة من تلك القرى لحماية جنوده من ضربات الصواريخ الإيرانية.
في حين تعززت آراء باستغلال إسرائيل لما يحدث من حربها الممتدة ضد غزة، والمخيمات، ولبنان، واليمن وسوريا، وإيران، لفرض خطتها بالسيادة الأمنية على الضفة وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية، وتحويل المدن والقرى إلى مناطق خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال.
وفيما كانت حملات الجيش الإسرائيلي، منذ 2021 تقوم على سياسة "جز العشب" وهو لفظ تستخدمه المخابرات الإسرائيلية وتقصد به ملاحقة أي مقاوم والقضاء عليه، فإن تحولا كبيرا طرأ على تعامل الاحتلال الأمني في الضفة مع مجيء وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يقوم على فرض السيادة اليهودية فقط، في أرض "يهودا والسامرة" كما يصفها سموتريتش وقادة المستوطنين في الحكومة الإسرائيلية.
إعلانويرى الباحث في مركز الدراسات الإسرائيلية وليد حبَّاس أن إسرائيل خلال عقدين من الزمن مررت فكرة أن إيران هي رأس الأفعى في العنف القائم في المنطقة، وأن أذرعها امتدت للضفة الغربية عبر المقاومة التي برزت في المخيمات والقرى الفلسطينية، وأيضا عبر حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، وبالتالي يجب القضاء عليها لضمان عدم خراب الشرق الأوسط.
ويقول حبَّاس للجزيرة نت إن هناك مئات القرى والتجمعات الفلسطينية في الضفة تتاخم المستوطنات أو جدار الفصل أو طريق التفافي، ولذا فإن حرب إسرائيل هي مع الفلسطيني بشكل عام بكل أماكن وجوده، وباختلاف الوقت ستجد إسرائيل مبررات لإكمال هذه الحرب.
وكثفت قوات الاحتلال عمليات التوغل إلى بلدات وقرى جنين، وبشكل متزامن، حيث اقتحمت بلدات جبع وميثلون وعنزة ورمانة وجلبون ويعبد وعانين وغيرها، واستمر بها لنحو أسبوع، وسيطر على منازل فيها.
وبعد يوم من اقتحام رمانة، توغل الاحتلال إلى قرية نزلة زيد جنوب جنين، وحوَّل منزليْ وجدي فضل وحسن البري إلى نقاط عسكرية بعد طردهم منها.
وقال رئيس مجلس القرية عزيز زيد للجزيرة نت إن جنود الاحتلال نكَّلوا بأصحاب المنازل، حيث احتجزوا أحدهم وقيّدوا يديه، ووضع أحد الجنود حذاءه العسكري على رأسه، واعتقلوا الابن الأكبر لوجدي فضل أثناء دراسته لامتحانات الثانوية العامة التي يؤديها هذه الأيام، وعصبوا عينيه، واقتادوه لأطراف القرية واحتجزوه لعدة ساعات، وأغلقوا المدخل الغربي للقرية والشارع الرئيسي فيها، إضافة إلى صيدلية وبقالة تقع في المنطقة ذاتها.
وفي قرية عانين (غرب جنين) طرد الاحتلال 5 عائلات من منزلين يعودان للشقيقين أسامة ونضال ياسين، وبحسب مجلس قروي عانين فقد أجبر الاحتلال العائلات الخمس (نحو 50 فردا) على ترك بيوتهم، طوال 5 أيام، وهي فترة اقتحام القرية، بينما نشر الجنود الحواجز في شوارع القرية وأعاقوا حركة المركبات والمواطنين واستجوبوهم.
ويلاحظ أن عمليات الجيش الإسرائيلي لم تقتصر على بلدات وقرى محافظة جنين، بل امتدت لبعض قرى رام الله ونابلس وسلفيت.
ووفق مختصين، فإن هناك تحولا في السياسة الإسرائيلية في التعامل مع الوضع بالضفة الغربية بشكل عام، ففي حين كانت الاقتحامات السابقة تقوم على مبدأ "الدخول السريع والخروج السريع" بهدف تنفيذ اعتقالات محددة ثم الانسحاب، تشهد اليوم نمطا مختلفا يتسم بالتمركز الطويل، وتحويل المنازل إلى ثكنات عسكرية، وإطلاق عمليات مفتوحة تمتد لأيام.
قوات الاحتلال تحوّل منزل عائلة الشهيد باسم التكروري في حي جامعة الخليل إلى ثكنة عسكرية، وتطرد سكانه منه دون السماح لهم بأخذ أي من ممتلكاتهم. pic.twitter.com/H5lT2OEw9v
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 15, 2025
تكتيكات أمنيةويقرأ المختص في الشأن الإسرائيلي ياسر منّاع هذا التحول بوصفه انتقالا من تكتيكات أمنية إلى سياسات تهدف للسيطرة المستدامة على الحيز المدني الفلسطيني، عبر خلق حالة استنزاف يومي وتعطيل الحياة الطبيعية في تلك القرى.
إعلانويؤكد منّاع للجزيرة نت أن هذا التغيير هو بهدف رسم "خارطة سياسية-أمنية" جديدة في الضفة، تتجاوز رد الفعل الأمني إلى رسم وقائع ميدانية ثابتة.
ويضيف أن "المقصود هنا ليس فقط ملاحقة المقاومين، بل إعادة تشكيل البيئة السكانية والجغرافية بما يتيح للإدارة المدنية الإسرائيلية والمستوطنين هامش تحكم أوسع، سواء عبر التهجير البطيء أو تقويض البنية الاجتماعية للمجتمعات الفلسطينية".
ويتابع أن ما نشهده ليس مجرد "أمن"، بل مشروع إعادة تموضع إستراتيجي طويل الأمد لا سيما في المناطق المصنفة إسرائيليا "ج" و"ب".
وبشأن ارتباط تزايد النشاط الأمني في قرى الضفة خلال المواجهة الإسرائيلية مع إيران، يرى منّاع أن ذلك في قراءة أمنية ترى في الضفة جبهة مرشحة للاشتعال في أي لحظة.
ويقول إن "العقيدة الأمنية الإسرائيلية في هذه الحالة تُبنى على قاعدة (الوقاية الاستباقية)، أي ضرب المحيطات السكانية القريبة من التجمعات العسكرية أو الطرق الالتفافية، خشية تحولها إلى بيئة حاضنة لهجمات مباغتة في حال توسعت دائرة المواجهة".
ويضيف منّاع أن "إسرائيل لا تنفصل أبدا في تعاملها الأمني عن مشروعها السياسي، ما نراه حاليا من أنماط جديدة في السلوك العسكري، خاصة في شمال الضفة ووسطها، هو جزء من خطة أمنية-مدنية لخلق مناطق فراغ سلطوي، تمهيدا لإعادة هندسة السلطة الفلسطينية أو حتى تجاوزها في بعض المناطق".