"من الميدان إلى الشاشة".. أفلام وثقت ثورتي يناير و30 يونيو في ذاكرة السينما المصرية
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
بين الواقع والدراما، وبين الميدان وعدسة الكاميرا، جاءت السينما المصرية لتوثق أحداث الثورات التي شكّلت مفترق طرق في تاريخ البلاد، تزامنًا مع ذكرى ثورة 30 يونيو، نُلقي الضوء على أبرز الأعمال السينمائية والوثائقية التي تناولت هذه المرحلة، مقدّمة شهادة فنية حية تنبض بالغضب والأمل والتحولات السياسية.
. فيلم وثائقي عالمي لثورة يناير وما بعدها
من أبرز الأفلام الوثائقية التي تناولت الثورة المصرية، يبرز فيلم "The Square – الميدان" من إخراج جيهان نجيم.
يتناول الفيلم أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها من تطورات سياسية حتى 30 يونيو، من خلال قصص عدد من الشباب الذين شاركوا في الاحتجاجات.
ترشّح الفيلم لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي، كما حصد أربع جوائز "إيمي" دولية، ليصبح أحد أهم الوثائقيات التي رصدت الثورة بعيون مصرية ولكن بلغة عالمية.
"18 يوم".. مختارات درامية تحكي الثورة بلغة إنسانيةفيلم "18 يوم" هو مشروع فني شارك فيه عدد من كبار المخرجين المصريين، مثل شريف عرفة ومروان حامد ويسري نصر الله.
يجمع الفيلم عشرة أفلام قصيرة تصور أحداث 18 يومًا من ثورة يناير، كلٌ من منظور مختلف.
عُرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي عام 2011، وعكس تنوع التجربة المصرية آنذاك من خلال شخصيات تمثل كافة أطياف الشعب.
"اشتباك".. أول فيلم روائي يرصد 30 يونيو من الداخلفي عام 2016، قدم المخرج محمد دياب فيلم "اشتباك"، الذي يُعد من أول الأعمال الروائية التي تناولت أحداث ثورة 30 يونيو بشكل مباشر.
تدور أحداث الفيلم داخل سيارة ترحيلات تضم مجموعة من المتظاهرين ذوي التوجهات السياسية المختلفة، لتكشف المشهد المصري المعقد وقتها، عُرض الفيلم في افتتاح قسم "نظرة ما" بمهرجان كان، ولاقى إشادة نقدية واسعة.
"الثورة والغضب".. رصد درامي مباشر لثورة 30 يونيويُعد فيلم "الثورة والغضب" أحد أوائل الأعمال الروائية التي وثقت ثورة 30 يونيو بشكل مباشر. الفيلم لم يحظَ بتوزيع جماهيري كبير، لكنه لفت الأنظار إعلاميًا ونقديًا لجرأته في تناول تلك اللحظة الحساسة، خاصة في ظل الانقسام السياسي الذي صاحبها.
"جواب اعتقال" و"المشخصاتي ٢".. إشارة مباشرة لمرحلة ما بعد الإخوانتناولت بعض الأفلام آثار فترة حكم الإخوان المسلمين وما أعقبها من تغييرات. فيلم "جواب اعتقال" من بطولة محمد رمضان تطرّق بشكل غير مباشر إلى الجماعات المتطرفة والتناقضات السياسية التي عاشها الشارع المصري، أما فيلم "المشخصاتي ٢" للفنان تامر عبد المنعم، فجاء كمحاولة ساخرة توثّق ما جرى منذ ثورة يناير حتى ثورة يونيو، مبرزًا التحولات الدراماتيكية في المشهد السياسي والاجتماعي.
وثائقيات عالمية.. الثورة في عيون الخارجمن بين الأفلام الوثائقية الأجنبية التي اهتمت بالثورة المصرية، يبرز فيلم "Uprising" (2012) الذي عرض شهادات حية وصورًا نادرة من قلب الأحداث، فضلًا عن وثائقي "Egypt: Revolution Interrupted" الذي تناول التبعات السياسية لما بعد الثورة.
هذه الأعمال ساهمت في تقديم الرواية المصرية للجمهور العالمي، وسط اهتمام متزايد بما يحدث في الشرق الأوسط.
المشخصاتي ٢.. كوميديا سياسية ترصد تحولات مصر من يناير إلى 30 يونيوفيلم "المشخصاتي ٢" هو الجزء الثاني من فيلم "المشخصاتي" الذي صدر عام 2003، ويعود فيه الفنان تامر عبد المنعم لتجسيد شخصية "كارو"، الممثل المغمور الذي يجد نفسه في قلب أحداث سياسية كبرى.
صدر الفيلم عام 2016، وجاء محمّلًا برسائل سياسية صريحة، تناولت الفترة الممتدة من ثورة 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013.
يُعتبر الفيلم من أوائل الأعمال السينمائية التي وجّهت انتقادات مباشرة لجماعة الإخوان المسلمين، متناولًا فترة حكمهم بأسلوب ساخر وكوميدي، من خلال مواقف يعيشها "كارو" بعد أن يتورط في تقليد شخصيات عامة، فيجد نفسه في صدام مع السلطة، والجماعات الدينية، والإعلام.
قدم الفيلم شخصيات شبيهة بأسماء سياسية بارزة، وتضمن مشاهد محاكاة ساخرة لمواقف حقيقية حدثت في الشارع المصري، مثل اعتصام رابعة، وحكم الجماعة، ومواقف قادة سياسيين.
تميز "المشخصاتي ٢" بأسلوبه القائم على المحاكاة الساخرة والكاريكاتير السياسي، حيث جسد تامر عبد المنعم شخصيات متعددة، مازجًا بين الكوميديا والدراما السياسية، وقد استوحى الفيلم أسلوب المسرح السياسي، من حيث التفاعل مع الواقع بشكل مباشر، مع تمرير رسائل واضحة للجمهور.
أثار الفيلم عند عرضه حالة من الجدل، إذ اعتبره البعض عملًا جريئًا يعكس نبض الشارع ويهاجم الفساد والتطرف، فيما رآه آخرون عملًا موجّهًا يخدم أجندة سياسية معينة. ومع ذلك، نجح في جذب الانتباه نظرًا لتناوله أحداثًا ما تزال قريبة من الذاكرة.
أفلام ما قبل الثورة.. نبوءات السينما المصريةرغم أنها سبقت الثورة بسنوات، فإن أفلامًا مثل "الكرنك" و"غروب وشروق" قدّمت نماذج من القمع والفساد السياسي، شكّلت وعيًا عامًا لدى الأجيال، وأصبحت مرآة للحقبة التي مهّدت لانفجار الغضب الشعبي.
فعاليات واحتفالات سينمائية بذكرى الثورة
بالتزامن مع ذكرى 30 يونيو، أعلنت الهيئة العامة لقصور الثقافة عن عرض مجموعة من الأفلام الوطنية في قرى الثقافة، بينها فيلم "ثورة 30 يونيو: إرادة شعب"، وذلك ضمن جهود نشر الوعي بتاريخ الأحداث السياسية من خلال الفن.
"Perfumed With Mint".. فيلم حديث يختزل ما بعد الثورةأحدث الأفلام التي تتناول ما بعد الثورة هو "Perfumed With Mint"، الذي عُرض مؤخرًا في لندن، ويقدّم تجربة شاعرية من واقع شاب مصري يعاني من تكرار الخيبات الاجتماعية والسياسية بعد الثورة.
يجمع الفيلم بين السريالية والموسيقى ليجسد حالة من الانكفاء الداخلي، ترمز إلى الإحباط الجمعي في مرحلة ما بعد الحلم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: كان السينمائى احتفالات ثورة 25 يناير الجماعات المتطرفة ثورة 30 يونيو غضب الشعب الأفلام الوثائقية السينما المصرية ثورة 30 یونیو المشخصاتی ٢ بعد الثورة أفلام ا من خلال أحداث ا ما بعد
إقرأ أيضاً:
30 يونيو بعد 12 عاما: انقلاب على الثورة وتكريس لحكم الفرد
تمر اليوم اثنا عشر عاما على ما سُمّي بـ"ثورة 30 يونيو"، الحدث الذي تمّ تسويقه باعتباره "تصحيحا للمسار"، بينما شكّل في حقيقته محطة فارقة في مسار الثورة المضادة، أعادت مصر إلى أحضان الاستبداد، وحكم الفرد، وعسكرة الدولة، وسحقت كل مكتسبات ثورة 25 يناير التي كانت أول محاولة حقيقية لبناء دولة مدنية ديمقراطية.
ثورة 25 يناير خرج فيها الشعب المصري موحّدا للمطالبة بالحرية والعدالة والكرامة، وأسقط رأس النظام، وفتح الباب أمام حلم دولة القانون. أما 30 يونيو، فلم تكن سوى غطاء شعبي مفتعل بالأكاذيب للتمهيد لانقلاب عسكري تم ترتيبه وتنفيذه في 3 يوليو 2013، أعاد قبضة الحكم إلى العسكر، وأغلق باب التحول الديمقراطي، وفتح جحيم القمع والانهيار والانكشاف الوطني.
وبعد 12 عاما.. على الانقلاب أين وصلت مصر؟
كل هذا أدى لانكماش الدور المصري في فلسطين والسودان وليبيا وأفريقيا، وبات نظام السيسي تابعا لقوى إقليمية مقابل المال والمساعدات، مما انتهى لتراجع صورة مصر عالميا في المؤشرات الحقوقية، والحوكمة، والتنمية
- الدولة تُدار بمنطق الفرد الواحد؛ فتم احتكار القرار، وتفكيك مؤسسات الدولة لصالح جهاز واحد يخضع لرئيس غير خاضع للمحاسبة، بعد تدمير الحياة السياسية والحزبية، وتحويل البرلمان إلى ديكور سلطوي، يجري هندسة انتخاباته بمعرفة الأمن الوطني والمخابرات، بعد تعديل الدستور لضمان البقاء الأبدي في الحكم.
- جرت عسكرة السياسة والاقتصاد والإدارة بعد هيمنة الجيش على كل مناحي الحياة: من المدارس والجامعات، إلى الاقتصاد والطرقات والأسواق، في ظل تغوّل الأجهزة الأمنية وتحكّمها في الإعلام، والقضاء، والتوظيف، وتوزيع الثروات.
-حكم الفرد أدى لانهيار اقتصادي كارثي؛ فقد تجاوز الدين الخارجي 160 مليار دولار، في ظل اقتصاد غير منتج، وميزانية تئن من مخصصات خدمة الدين التي تزيد عن أكثر من ثلثي الموازنة المصرية، وليس لتنمية حقيقية أو حماية اجتماعية.
- اتجه العسكر للمشاريع العقيمة التي أهدرت تريليونات من الجنيهات دون عائد على حياة الناس (العاصمة الإدارية، القطار الكهربائي، الأبراج العملاقة).
وكان من نتائج النكبة الاقتصادية انهيار التعليم والصحة والمظلة الاجتماعية: التعليم بات خدمة مدفوعة الثمن، وجرى تفريغ المدارس والجامعات من الكفاءة والمجانية، وتم خصخصة المستشفيات وبيعها للقطاع الخاص، مما حوّل العلاج إلى رفاهية لا يقدر عليها غالبية المصريين؛ فبات أكثر من ثلثي الشعب المصري تحت خط الفقر، بحسب تقديرات محلية ودولية، في ظل تفكك شبكة الحماية الاجتماعية، وتراجع الدعم الغذائي والصحي والسكني لصالح سياسات الجباية والإفقار بعد فرض الضرائب والرسوم في كل الخدمات: التعليم، الكهرباء، المياه، المحروقات، المرور، العلاج، النقل، المواصلات، والارتفاع الجنوني في أسعار الطاقة والوقود والمياه والمواصلات، دون حد أدنى من الدعم أو الحماية؛ فسُحقت الطبقة المتوسطة، وتم تجريف الفقراء، وتوسيع فجوة اللامساواة بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث.
كل ذلك أدى إلى التفريط في السيادة الوطنية والأصول؛ فبيعت جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين رغم الحكم القضائي النهائي بمصريتهما، في مخالفة واضحة للدستور. وتنازل السيسي بشكل منفرد عن حقوق مصر القانونية والتاريخية في مياه النيل بتوقيع اتفاق إعلان المبادئ (2015) الذي شرعن سد النهضة، ومهّد لأزمة مائية كبرى تهدد أمن البلاد ومستقبلها الغذائي.
وكلما حلّت أقساط الديون يبيع النظام أراضي مصر الاستراتيجية مثل رأس الحكمة ورأس بناس لعواصم إقليمية؛ بعقود غامضة تثير التساؤل حول مستقبل الأرض والقرار الوطني.
لم يكن الانقلاب لينجح في تحقيق كل هذه الكوارث إلا بعد تجريف حقوق الإنسان التي تعززت بعد ثورة يناير، فملأ السجون بآلاف المعتقلين السياسيين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، وتفشت جريمة الإخفاء القسري والتعذيب، والقتل خارج القضاء، وانهيار ضوابط المحاكمات العادلة، وتحويل السجون لمقابر بشرية بمنع الزيارات لسنوات عن المئات من السياسيين المنتخبين، وكان من بينهم الرئيس الشهيد محمد مرسي -رحمه الله- والإهمال الطبي المتعمد في السجون. وجرى إغلاق المجال العام تماما، واحتكار الصوت والصورة والرواية الرسمية بعد سيطرته على وسائل الإعلام وتأميمها.
وكل هذا أدى لانكماش الدور المصري في فلسطين والسودان وليبيا وأفريقيا، وبات نظام السيسي تابعا لقوى إقليمية مقابل المال والمساعدات، مما انتهى لتراجع صورة مصر عالميا في المؤشرات الحقوقية، والحوكمة، والتنمية.
ما جرى بعد 30 يونيو خلال الـ12 عاما الأخيرة هو اغتيال بطيء للوطن، اغتيال لاقتصاده، لسيادته، لعدالته، لوعيه، ولحلمه. ومَن لا يرى هذه النتيجة، أو يتجاهلها، فهو شريك إما بالجهل، أو بالتواطؤ، أو بالمصلحة
ما جرى بعد 30 يونيو خلال الـ12 عاما الأخيرة هو اغتيال بطيء للوطن، اغتيال لاقتصاده، لسيادته، لعدالته، لوعيه، ولحلمه. ومَن لا يرى هذه النتيجة، أو يتجاهلها، فهو شريك إما بالجهل، أو بالتواطؤ، أو بالمصلحة. ولا خلاص إلا بالعودة إلى مسار يناير؛ فالطريق إلى إنقاذ مصر يبدأ بالاعتراف بأن ما جرى في 30 حزيران/ يونيو وما تلاه انقلاب كامل على الثورة والمستقبل، وأن العودة إلى مسار يناير ليست رفاهية، بل ضرورة وطنية وتاريخية:
• دولة مدنية ديمقراطية.
• عدالة اجتماعية حقيقية.
• سيادة القانون.
• حكم شعبي لا عسكري.
• اقتصاد منتج لا ممول.
• كرامة للمواطن لا قمع له.
• وطن مستقل القرار لا مرتهن الإرادة.
ولا ثورة إلا ثورة 25 يناير.. وكل ما بعدها كان مجرد انتقام ممنهج من هذا الحلم النبيل.