التخطيط: حافظنا على موقعنا كأكبر دولة عمليات للأوروبي لإعادة الإعمار
تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، كلمة مصر بالجلسة العامة لمجلس محافظي البنك؛ وذلك خلال مشاركتها بأعمال الاجتماعات السنوية الـ 34 للبنك ومنتدى الأعمال لعام 2025 الذي انعقد خلال الفترة من 13 إلى 15 مايو بالمملكة المتحدة.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، استمرار الشراكة الوثيقة بين جمهورية مصر العربية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بما يعكس السياق العالمي والأولويات الاستراتيجية الوطنية، حيث يعد البنك الأوروبي شريكًا تنمويًا وأحد أهم بنوك التنمية متعددة الأطراف، التي تعمل مع مصر لتمكين القطاع الخاص، وتعزيز المرونة ودفع التحول الأخضر.
وقالت إنه على مدار العام الماضي، حافظت مصر على موقعها كأكبر دولة عمليات للبنك في منطقة جنوب وشرق المتوسط (SEMED) للسنة السابعة على التوالي، وهو ما يعد دليلًا على قوة الشراكة، والتحول الكبير الذي يشهده الاقتصاد المصري، في إطار استمرار الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية.
وأشارت «المشاط»، إلى تبني مصر أجندة إصلاح اقتصادي شاملة تهدف إلى وضع أسس اقتصاد أكثر ومرونة وشمولية، حيث تعكس هذه الأجندة رؤية وطنية جديدة تهدف إلى تعميق دور القطاع الخاص، وتعزيز جودة النمو وشموليته، وتمكين مصر من التعامل مع بيئة اقتصادية عالمية متزايدة التعقيد، مضيفةً أنه في صميم ذلك التحول، فإن مصر تتحول نحو نموذج نمو جديد يتجه نحو اقتصاد أكثر تنافسية وتنوعًا وتوجهًا نحو التصدير، مؤكدة أهمية التحول الاستراتيجي لتحقيق مكاسب مستمرة في الإنتاجية، وتوسيع الوصول إلى الأسواق العالمية، وتوليد فرص عمل ذات جودة أعلى.
وتطرقت إلى السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التي يجري إعدادها حاليًا من قبل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في إطار رؤية مصر 2030، والتي تعمل على تفعيل تلك الرؤية، موضحة أن السردية تهدف إلى تمكين القطاع الخاص، وتعزيز النمو المستدام والشامل، وبناء هيكل اقتصادي أكثر تنافسية ومرونة من خلال الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين بيئة الأعمال، ودعم القطاعات التنافسية، وتطوير الصناعة، والاستثمار في رأس المال البشري وبناء القدرات.
وأشارت «المشاط»، إلى برنامج الإصلاح الهيكلي الوطني والذي يقوم على ثلاث ركائز رئيسية، تتمثل في تعزيز المرونة والاستقرار الاقتصادي الكلي، تحسين التنافسية وبيئة الأعمال، دعم التنوع الاقتصادي والتحول الأخضر، حيث تشكل تلك الركائز الأساس لتحقيق تنمية مستدامة ونمو نوعي، مع تركيز قوي على العدالة الاجتماعية والشمول.
وأوضحت أن تعزيز مشاركة القطاع الخاص تمثل مكونًا أساسيًا في أجندة الإصلاح في مصر، حيث يتم تحويل الاعتماد على النمو من الدولة إلى القطاع الخاص في الصناعات الرئيسية، مؤكدة ضرورة هذا التحول الاستراتيجي لدفع النمو المستدام والشمولي، مضيفه أن الحكومة تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، مستهدفة حصة 65٪ خلال السنوات الثلاث المقبلة، مشيرةً إلى أنه نتيجة لتلك الإصلاحات المحلية، شهد عام 2024 أول سنة تتجاوز فيها التمويلات الميسرة الموجهة للقطاع الخاص تلك المخصصة للحكومة، مما يمثل علامة فارقة في التحول الاقتصادي لمصر.
وتحدثت عن الشراكة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، لتمكين القطاع الخاص، وتحسين حوكمة الشراكات بين القطاعين العام والخاص وإعداد مشروعات قابلة للتمويل عبر قطاعات مختلفة، مشيرة كذلك إلى منصة مصر الوطنية «نُوفّي»، حيث يعد البنك الأوروبي شريك رئيسي لقطاع الطاقة، وقد تم من خلال الجهود المشتركة حشد 3.9 مليار دولار في العامين الماضيين لقطاع الطاقة لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة.
كما أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى دور البنك الأوروبي لدعم مصر في تعزيز ريادتها كمركز للصناعة والطاقة الخضراء يربط بين الأسواق الأفريقية والعربية والأوروبية ويدعم القطاعات ذات إمكانات التصدير الأخضر العالية، كالهيدروجين الأخضر، والمنسوجات المستدامة، والزراعة الذكية والمراعية للمناخ.
وأضافت أنه نتيجة لنهج متوازن من الانضباط المالي، والإصلاحات الهيكلية، فمن المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي إلى 4٪ للعام المالي 2024/2025، حيث تعمل السياسات المستهدفة وآليات التمويل، كذلك على تسريع جهود التنمية، موضحة أن معدل النمو الاقتصادي بدأ في الارتفاع ليسجل 4.3٪ في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، مرتفعًا من 2.3٪ في الربع المقابل من العام المالي الماضي.
وأوضحت «المشاط»، أن القطاعات الرئيسية أظهرت أداءً قوياً حيث نما قطاع السياحة بنسبة 18٪ مع أكثر من 4.41 مليون زائر، فضلًا عن توسع قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بنسبة 10.4٪، مؤكدة استمرار التزام مصر بالإصلاح الاقتصادي، مع إعطاء الأولوية لتنمية القطاع الخاص، والانضباط المالي، والتحول الهيكلي.
وأكدت أن مصر تثمن شراكتها القوية مع البنك الأوروبي، والقائمة على التزام مشترك بالتنمية الاقتصادية، والتكامل الإقليمي، والتعاون بين دول الجنوب، لافتة إلى دعم مصر توسع البنك في أفريقيا جنوب الصحراء والعراق باعتبارها خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي والتنمية.
وأوضحت أن الإصلاحات الجارية في البنك الأوروبي قادرة على تعزيز المرونة المالية للبنك ومواءمته مع الاستراتيجيات المتعددة الأطراف المتطورة، كما ستمكن من إتاحة تمويل ميسر أكثر فعالية، ومشاركة أكبر للقطاع الخاص، وخلق نموذج تنموي أقوى وأكثر استجابة، مشيرة إلى دعم مصر للإطار الاستراتيجي والرأسمالي (SCF) الذي يركز على النوع الاجتماعي، والتحول الأخضر، والحوكمة، مع إشراك القطاع الخاص والتحول الرقمي كعوامل تمكين رئيسية، وهو ما يتسق مع الاستراتيجية المشتركة بين مصر والبنك.
واختتمت كلمة مصر بضرورة تعميق التركيز على تأثير التحول، والمرونة، والابتكار في الدورة الاستراتيجية التالية للبنك الأوروبي، مؤكدة استعداد مصر لدعم البنك في توسيع نطاق عملياته الإقليمية والاستفادة من المنصات مثل المبادرة العالمية (Global Gateway) ومبادرات التحول العادل لتعظيم تأثيره.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية المملكة المتحدة الاقتصاد المصري الأوروبی لإعادة الإعمار الدکتورة رانیا المشاط البنک الأوروبی القطاع الخاص تهدف إلى
إقرأ أيضاً:
من الكارثة إلى البناء.. التعليم في درنة الليبية مؤشر للتعافي الاقتصادي
بعد عامين من إعصار "دانيال" الذي اجتاح مدينة درنة شرقي ليبيا في 11 سبتمبر/أيلول 2023، تعيش المدينة تحوّلًا ملحوظًا من مشهد الدمار إلى مرحلة التعافي، وتبدو عودة المدارس هذا العام دون تأجيل علامة بارزة على هذا التحول.
فعودة الطلاب إلى مقاعدهم الدراسية لم تكن مجرد استئناف للعملية التربوية، بل تحوّلت إلى مؤشرٍ واضح على انتعاش البنية التحتية وتحرك الدورة الاقتصادية في المدينة المنكوبة.
التعليم بوابة التعافيفي سبتمبر/أيلول 2025، فتحت معظم مدارس درنة أبوابها في مختلف الأحياء بعد عمليات إعادة تأهيل شملت إصلاح البنية التحتية وتجهيز المرافق التعليمية والخدمية.
وقال مدير قسم الإعلام والاتصال في مراقبة التربية والتعليم بدرنة عبد الله أبو النجا، في تصريح خاص للجزيرة نت، إن نحو 95% من المؤسسات التعليمية عادت إلى العمل بشكل كامل، بعدما كانت نسبة العودة العام الماضي لا تتجاوز 60%.
وأوضح أن الحياة الدراسية "عادت بشكل جميل جدا، وهو أمر انعكس إيجابيا على المدينة بأكملها"، مضيفا أن "عودة المؤسسات التعليمية أعادت معها الحركة إلى مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، لأن التعليم هو الأساس في أي مدينة".
ويشير أبو النجا إلى أن العام الدراسي الجديد بدأ وفق الخطة العامة للدولة، بخلاف العام الماضي الذي شهد تأخيرًا بسبب نقص المرافق. ويرى أن انتظام الدراسة "أعاد الثقة والأمل إلى المواطنين، ومثّل نقطة تحوّل في عودة النشاط الاقتصادي إلى المدينة".
قبل الإعصار، كانت درنة -الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي لليبيا- تعاني ضعفا في الاستثمارات العامة وتدهورا تدريجيا في البنية التحتية التعليمية والصحية.
وكان السدان الرئيسيان اللذان يحميان المدينة من الفيضانات (سد البلاد وسد بومنصور) قد شهدا إهمالًا مزمنًا قبل الكارثة، ما أدى إلى انهيارهما عندما ضرب إعصار "دانيال" المنطقة، فتدفقت السيول المدمرة واجتاحت الأحياء السكنية والمدارس والمرافق العامة.
إعلانووفقًا لتقرير مشترك صادر في 24 يناير/كانون الثاني 2024 عن البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بلغت احتياجات إعادة الإعمار في المناطق المتضررة، وعلى رأسها درنة، نحو 1.8 مليار دولار، في حين قُدّرت الخسائر الإجمالية بأكثر من 1.65 مليار دولار.
في 28 سبتمبر/أيلول 2023، أُنشئ صندوق إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة بقرار من مجلس النواب، ليكون الجهة المسؤولة عن تنسيق مشاريع الإعمار.
وخلال عام 2024، بدأ الصندوق في تنفيذ مشاريع حيوية، من أبرزها صيانة جسر البكور وتطوير المرافق التعليمية والمستشفيات وشبكات الكهرباء والمياه.
وبحسب تقرير (رحلة درنة من الخراب إلى التجديد)، تم بناء أكثر من 2000 وحدة سكنية حديثة وتجهيز مرافق عامة كالمدارس والحدائق، إلى جانب مشاريع للربط المروري والجسور.
ومع ذلك، ما زالت بعض التقارير الدولية -ومنها تقرير هيومن رايتس ووتش- تشير إلى تحديات تتعلق بالشفافية والحوكمة في إدارة أموال الإعمار وتوزيع الموارد.
التعليم محرّكا اقتصاديايرى المحلل الاقتصادي مدحت الغدامسي أن "التعافي الاقتصادي لا يتحقق إلا بعد استقرار اجتماعي، وعودة المدارس في درنة تمثل انعكاسًا لحالة اجتماعية إيجابية بعد مأساة إعصار (دانيال) وما خلّفه من خسائر بشرية ومادية جسيمة".
وأوضح الغدامسي، في حديث للجزيرة نت، أن "عودة الدراسة مؤشر على تحسّن البنية التحتية وتوافر الإمكانات البشرية والموارد اللازمة، ما ينعكس على العرض والطلب وحركة الأسواق وسلاسل التوريد المرتبطة بالمستلزمات التعليمية والخدمات الاجتماعية".
وأضاف أن "الاستدامة الاقتصادية تتطلب تكاملا بين مسارات الإعمار والبنية التحتية والخدمات العامة -كالتعليم والصحة والطاقة والبلديات- مع تفعيل القطاعات الإنتاجية الأخرى مثل الموانئ والمواصلات والتجارة والصناعة والزراعة والسياحة والخدمات المالية"، معتبرًا أن هذا التكامل "يخلق حلقة اقتصادية مستدامة تشجع الاستثمار وتوظيف التقنيات الحديثة".
من جانبها، قالت إيمان عيسى، وهي مواطنة من درنة، في تصريحٍ خاص للجزيرة نت، إن "العودة إلى المدارس هذا العام أفضل بكثير من العام الماضي، رغم بعض العراقيل مثل تأخر وصول الكتاب المدرسي واكتظاظ أكثر من مدرسة في مبنى واحد".
وأضافت أن المدينة "أصبحت أكثر حداثة وتنظيمًا، مع إدخال تحسينات خدمية ومعيشية واضحة تُسهِّل حياة المواطن وتخدم احتياجاته اليومية".
وأشارت إلى أن "الحياة في درنة بدأت تعود تدريجيا إلى طبيعتها، وأن جودة المرافق الجديدة خففت كثيرًا من معاناة السكان بعد الكارثة"، مؤكدةً أن "الأهالي يشعرون بارتياح كبير لعودة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة دون تأخير".
وختمت بالقول: "أكثر ما يبعث الأمل هو ما نراه من مشاريع إعمار تُنفّذ بأحدث التقنيات وجودة لم نعهدها من قبل، وهذا ما يجعلنا نشعر فعلا بأن درنة تتعافى".
تحديات لا تزال قائمةرغم التحسن الملحوظ، تواجه المدينة عددًا من التحديات الاقتصادية والإدارية. فبحسب عبد الله أبو النجا، لا يزال نحو 1500 معلم في درنة ينتظرون الإفراج عن مرتباتهم، بعد أن عمل العديد منهم لأكثر من عامين دون أجر، محذرًا من أن "توقفهم عن العمل قد يسبب أزمة تعليمية حقيقية".
إعلانويؤكد أن "الركود الاقتصادي الذي شهدته المدينة في بداية العام الدراسي بسبب تأخر صرف المرتبات بدأ يتراجع بعد تحسن السيولة، ما أنعش الحركة التجارية خصوصًا في محلات القرطاسيات والملابس".
رغم أن نسبة التعافي في درنة تُقدّر اليوم بنحو 80% وفق تصريحات عبد الله أبو النجا وتحديثات صندوق الإعمار، فإن المدينة تحولت من مرحلة من الإغاثة إلى التنمية.
فمشاريع إعادة بناء الجسور والطرق والمساكن أعادت ملامح الحياة إلى مناطق كانت شبه مدمّرة مثل جسر البلاد والوادي، في حين يعكف صندوق الإعمار على استكمال البنية الخدمية الأساسية.
بهذه الصورة تبدو عودة التعليم في درنة ليست فحسب حدثا تربويا، بل مؤشرا اقتصاديا واجتماعيا يعكس بداية مرحلة جديدة في مسار التعافي.
فبينما لا تزال التحديات قائمة، فإن إرادة الإعمار، ومشاركة المجتمع المحلي، واستمرار دعم القطاعات الخدمية، قد تجعل من درنة نموذجًا ليبيًّا فريدًا في إعادة البناء على أسس تنموية مستدامة.