روسيا وأوكرانيا تلتقيان في اسطنبول .. وسط شكوك بتحقيق اختراق لإنهاء الحرب
تاريخ النشر: 16th, May 2025 GMT
اسطنبول موسكو "أ ف ب" "د ب أ": أجرى الوفدان الأوكراني والروسي اليوم في اسطنبول أول مفاوضات مباشرة بينهما منذ ربيع العام 2022، بهدف التوصل إلى حلّ للحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف، في وقت ندّدت كييف بمطالب "غير مقبولة" من جانب موسكو.
وأفاد مصدر أوكراني وكالة فرانس برس بأنّ جولة جديدة من المباحثات "ممكنة" الجمعة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنّها "ليست مقررة" بعد.
ويحدّ عدم حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من التوقعات بإمكان تحقيق اختراق.
ودعا زيلينسكي إلى "ردّ فعل قويّ" من الأسرة الدولية، في حال فشلت المباحثات، مندّدا بتغيّب بوتين عنها.
وجاء ذلك فيما قال مسؤول أوكراني لفرانس برس، إنّ روسيا طالبت أوكرانيا بالتنازل عن أراضٍ جديدة، واصفا هذه المطالب بأنها "غير مقبولة" وتهدف إلى إفشال المفاوضات.
ووسط هذه الجهود الدبلوماسية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الخميس أنّه مستعد للقاء الرئيس الروسي "بمجرد أن نتمكن من ترتيب ذلك". وقال على هامش زيارته الخليجية "لا أعتقد أن أي شيء سيحدث، أعجبكم الأمر أم لا، حتى نلتقي أنا وهو".
على الجهة الأوكرانية، أكد أندري يرماك كبير معاوني الرئيس فولوديمير زيلينسكي عبر تطبيق تلغرام، أنّ أولوية كييف في المحادثات مع الروس هي "وقف إطلاق نار غير مشروط".
كذلك، أفاد مصدر دبلوماسي أوكراني في اسطنبول فرانس برس، بأنّ وفد كييف يعتزم أن يناقش مع الروس عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي.
وأشار المصدر إلى أنّ من بين المطالب الأوكرانية الأخرى، عودة الأطفال الأوكرانيين "الذي تمّ ترحيلهم" إلى روسيا، الأمر الذي تؤكده كييف وتنفيه موسكو، وإجراء تبادل كبير لأسرى الحرب.
"امتداد" لمفاوضات 2022
أرسلت موسكو وفدا يتقدمه المستشار الرئاسي الروسي فلاديمير ميدينسكي المعروف بمواقفه القومية المتشددة، والذي سبق له أن قاد مباحثات ربيع 2022.
ورأى الرئيس الأوكراني أنّ الوفد الذي أرسلته موسكو "صوري"، لتردّ عليه الأخيرة بوصفه بـ"المهرّج" و"الفاشل".
ورغم أنّ ميدينسكي أكد الخميس الاستعداد لـ"تسويات محتملة"، إلا أنّ الكرملين يحافظ على مطالب يصعب تحقيقها، تتمثل في عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، والاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي ضمّتها، الأمر الذي تعتبره كييف شروطا غير مقبولة.
والخميس، قال ميدينسكي إنّ المحادثات الجديدة تشكّل "امتدادا" للمفاوضات الثنائية المتعثّرة التي جرت في العام 2022، والتي تمسّك خلالها الروس بمواقف متطرّفة وغير مقبولة بالنسبة إلى كييف وحلفائها.
"وقف القتل"
قبيل بدء المحادثات، اتهمت كييف موسكو بمنع مشاركة واشنطن في المفاوضات. وقال مسؤول أوكراني رفيع المستوى لفرانس برس، "يحاول الروس التخلص من الأميركيين بشتى الطرق الممكنة"، مؤكدا "ربما لا يريدون أن يشهد طرف آخر على تعطيل عملية التفاوض".
وجاء ذلك فيما دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى "وقف القتل" في أوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس، إن روبيو ناقش خلال لقاء مع نظيريه الأوكراني أندريه سيبيغا والتركي هاكان فيدان في اسطنبول "أهمية التوصل إلى نهاية سلمية للحرب بين روسيا وأوكرانيا".
ووفق مصادر تركية، تبادل الأتراك والروس والأوكرانيون والأمريكيون وجهات النظر لمدّة ساعة تقريبا، قبل المفاوضات الروسية الأوكرانية، وذلك على هامش محادثات بين مسؤولين أمنيين أوكرانيين وأوروبيين، بحضور المبعثوث الأمريكي لأوكرانيا كيث كيلوغ.
وكان بوتين دعا في نهاية الأسبوع المنصرم إلى مباحثات مباشرة مع الجانب الأوكراني في تركيا، وحدد له موعدا في 15 مايو. وأبدى زيلينسكي تجاوبا، لكنه طلب من بوتين أن يحضر "شخصيا" إلى إسطنبول للقائه.
"زيادة الضغوط"
طالب الأوروبيون وكييف بوقف لإطلاق النار قبل أي مناقشات بين الأوكرانيين والروس، الأمر الذي رفضه بوتين على اعتبار أنّ هدنة طويلة الأمد من شأنها أن تسمح للجيش الأوكراني بتعزيز صفوفه من خلال تلقي أسلحة غربية، في وقت يُحرز الجيش الروسي تقدّما على الجبهة.
وشدّد فيدان الجمعة، على الحاجة لـ"وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن".
أمّا الصين، الشريك الوثيق لروسيا، فقد أكدت رغبتها في التوصل إلى اتفاق سلام "عادل" و"دائم".
على الأرض، تتواصل الأعمال القتالية بين الطرفين. وأفادت السلطات الأوكرانية بمقتل امرأة في قصف روسي على خيرسون (جنوب)، حسبما أفادت السلطات البلدية الجمعة.
أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الجمعة، أن اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب ضروري، وذلك بهدف مناقشة القضايا الدولية بما في ذلك الأزمة الأوكرانية.
قال بيسكوف، ردا على سؤال حول تصريح ترامب بشأن لقاء محتمل مع بوتين: "مثل هذا اللقاء ضروري بالتأكيد. ضروري في المقام الأول، من منظور العلاقات الثنائية الروسية الأمريكية، ومن منظور إجراء محادثات جادة على أعلى مستوى حول الشؤون الدولية والعمليات الإقليمية، بما في ذلك، بالطبع، الأزمة المحيطة بأوكرانيا"، وفقا لوكالة سبوتنيك الروسية.
وكان ترامب قد صرح أثناء وجوده في أبو ظبي، ردا على أسئلة الصحفيين حول موعد اجتماعه مع الرئيس الروسي، قائلا: "سيتم بمجرد أن نتمكن من ترتيبه".
وأضاف ترامب: "سنحل هذا الأمر... أستطيع أن أقول لكم إن العالم أصبح أكثر أمانا الآن، وأعتقد أنه خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع سنجعله أكثر أمانا (بعد اللقاء مع بوتين)، وسنتعامل مع مواقف عدة".
وفي وقت سابق، صرح ترامب، بأنه لا يمكن حل الصراع الأوكراني دون أن يجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشكل شخصي. وقال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية: "لن يحدث شيء حتى نلتقي أنا وبوتين. من الواضح أنه كان سيذهب (إلى تركيا)، فقد ظن أنني سأكون هناك. لكن إذا لم أكن هناك، فلن يذهب".
وأضاف الرئيس ترامب أن الصراع الأوكراني يجب أن يحل في أقرب وقت ممكن، وأردف قائلا: "الكثير من الناس يموتون".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الروسی فلادیمیر الرئیس الروسی فی اسطنبول غیر مقبولة
إقرأ أيضاً:
لا تقدم في الأفق بشأن عملية السلام بين روسيا وأوكرانيا بعد رفض بوتين لقاء زيلينسكي في تركيا
إسطنبول "رويترز": تراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم عن الذهاب إلى تركيا للقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأرسل بوتين مجموعة من المستشارين ونواب الوزراء لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا في إسطنبول، بينما قوّض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال جولته في الخليج، فرص تحقيق تقدم كبير عندما قال إنه لن يكون هناك تحرك في محادثات السلام إذا لم يجتمع هو مع بوتين.
وقال زيلينسكي إن قرار بوتين عدم الحضور وإرساله فريقا وصفه بأنه "شكلي" يظهر عدم جدية الرئيس الروسي في إنهاء الحرب.
وأضاف أنه لن يذهب بنفسه إلى إسطنبول وسيرسل فريقا برئاسة وزير الدفاع سيكون مكلفا بمناقشة وقف إطلاق النار. ولم يتضح بعد موعد بدء المحادثات فعليا.
وذكر زيلينسكي بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة أنه "لا يُمكننا أن نجوب العالم بحثا عن بوتين".
ويؤيد زيلينسكي وقف إطلاق نار فوريا وغير مشروط لمدة 30 يوما، لكن بوتين قال إنه يريد أولا بدء محادثات لمناقشة تفاصيل هذه الهدنة.
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحرب تتمتع روسيا بالتفوق في ساحة المعركة وتقول إن أوكرانيا قد تستغل وقف الحرب في استدعاء قوات إضافية والحصول على أسلحة أخرى من الغرب.
ويقول ترامب وبوتين منذ شهور إنهما حريصان على لقاء بعضهما البعض لكن لم يتحدد أي موعد للقائهما بعد.
وبعد ممارسة ضغوط شديدة على أوكرانيا ومشادة كلامية مع زيلينسكي في اجتماع بالمكتب البيضاوي في فبراير أبدى ترامب استياءه بشكل متزايد تجاه موقف بوتين في الأسابيع القليلة الماضية وهدد بفرض عقوبات إضافية على التجارة الروسية.
وقال ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية قبل هبوطها في دبي "لن يحدث شيء حتى نجتمع أنا وبوتين". ويبدو أن تعليقه قوّض بشكل أكبر إمكانية تحقيق تقدم دبلوماسي في تركيا.
ارتباك دبلوماسي
يُعد الارتباك الدبلوماسي دليلا على شدة العداء بين الطرفين المتحاربين وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب، الذي أثار تدخله منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير استياء أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين بشدة.
وفي الوقت الذي كان فيه زيلينسكي ينتظر بوتين في أنقرة دون جدوى، لم يجد فريق التفاوض الروسي في إسطنبول أي شخص يتواصل معه من الجانب الأوكراني. وتجمع نحو 200 صحفي بالقرب من قصر دولمة بهجة على مضيق البوسفور، وهو المكان الذي حدده الروس لحضور المحادثات.
ويتنازع الطرفان المتحاربان منذ أشهر على لوجستيات وقف إطلاق النار ومحادثات السلام، ويحاول كلاهما أن يظهر لترامب الجدية بشأن تحقيق السلام وإنهاء ما يصفه "بالحرب الحمقاء".
وسقط مئات الآلاف من الجانبين ما بين قتيل وجريح في أعنف صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وهددت الولايات المتحدة مرارا بالانسحاب من المحادثات ما لم يتم إحراز تقدم واضح.
وقال الرئيس الأمريكي اليوم إنه سيتوجه إلى المحادثات في تركيا اليوم إذا كان ذلك "مناسبا".
وأضاف "آمل فقط أن تتمكن روسيا وأوكرانيا من فعل شيء ما. يجب أن يتوقف هذا".
واتهمت روسيا أوكرانيا "بمحاولة عمل استعراض" حول المحادثات. وقال كبير المفاوضين الروس إن موسكو مستعدة لبدء العمل الجاد ومناقشة التسويات الممكنة.
وعندما سُئل عما إذا كان بوتين سينضم إلى المحادثات في وقت لاحق، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف "من السابق لأوانه الآن معرفة نوع المشاركة المطلوبة وعلى أي مستوى ستكون... الوفد الروسي جاهز، وينتظر في إسطنبول".
وأعلنت روسيا اليوم أن قواتها سيطرت على بلدتين جديدتين في منطقة دونيتسك الأوكرانية. وذكّرت المتحدثة باسم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الصحفيين بتصريحه العام الماضي بأن أوكرانيا "تتقلص" في غياب اتفاق لوقف القتال.
أول محادثات منذ ثلاث سنوات
إذا مضت المحادثات قدما، فسيتعين عليها معالجة الهوة بين الجانبين بشأن مجموعة من القضايا.
ويرأس الوفد الروسي المستشار الرئاسي فلاديمير ميدينسكي وزير الثقافة السابق الذي أشرف على إعادة صياغة كتب التاريخ المدرسية لتعكس رواية موسكو للحرب. ويضم الوفد نائب وزير الدفاع، ونائب وزير الخارجية، ورئيس المخابرات العسكرية.
وشارك أعضاء رئيسيون من الفريق، بما في ذلك ميدينسكي، في محادثات بإسطنبول في مارس عام 2022، وهو ما يشير إلى أن موسكو تريد المتابعة من حيث ما انتهت إليه المحادثات السابقة.
لكن الشروط التي كانت قيد المناقشة آنذاك، حينما كانت أوكرانيا لا تزال تعاني من آثار الغزو الروسي في بدايته، لم تكن في صالح كييف. وشملت هذه الشروط مطلبا روسيا بخفض كبير في قوام الجيش الأوكراني.
وبعد سيطرة القوات الروسية الآن على ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا، تمسك بوتين بمطالبه القديمة لكييف بالتنازل عن بعض الأراضي، والتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والتحول إلى دولة محايدة.
وترفض أوكرانيا هذه الشروط باعتبارها ترقى إلى الاستسلام، وتسعى للحصول على ضمانات لأمنها المستقبلي من القوى العالمية، ولا سيما من الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن زيلينسكي أظهر حسن نيته بزيارة تركيا، لكن هناك "كرسيا فارغا" كان ينبغي أن يجلس عليه بوتين.
وأضاف "يماطل بوتين ومن الواضح أنه لا يرغب في الدخول في مفاوضات السلام هذه، حتى عندما عبر الرئيس ترامب عن استعداده ورغبته في تسهيل هذه المفاوضات".
وفي تسليط للضوء على مستوى التوتر بين روسيا والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، قالت إستونيا إن موسكو أرسلت لفترة وجيزة طائرة عسكرية إلى المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي فوق بحر البلطيق خلال محاولة البحرية الإستونية إيقاف ناقلة نفط متجهة إلى روسيا يعتقد أنها جزء من "أسطول ظل" يتحدى العقوبات الغربية على موسكو.
سلام طويل الأمد
قال فلاديمير ميدينسكي، رئيس الوفد الروسي في محادثات السلام مع أوكرانيا في تركيا،اليوم إن موسكو تسعى لتحقيق سلام طويل الأمد مع كييف من خلال البحث عن أرضية مشتركة وإزالة أسباب الصراع.
وأضاف ميدينسكي، الذي ساعد في قيادة محادثات جرت في 2022، أن روسيا تعتبر المحادثات في إسطنبول استمرارا لمحادثات 2022 التي باءت بالفشل.
ومضى قائلا للصحفيين في إسطنبول "نعتبر هذه المفاوضات استمرارا لعملية السلام في إسطنبول، التي أوقفها الجانب الأوكراني، للأسف، قبل ثلاث سنوات".
وتقول كييف إن الشروط التي عرضتها روسيا عليها في عام 2022 غير مقبولة، وتعتبر بمثابة استسلام.
وقال ميدينسكي "الوفد عازم على أن يكون (له موقف) بناء، وأن يبحث عن حلول ممكنة وأرضية مشتركة. مهمة المفاوضات المباشرة مع الجانب الأوكراني هي تحقيق سلام دائم، عاجلا أو آجلا، من خلال القضاء على الأسباب الجذرية للصراع".
وبعد أيام من إرسال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا في فبراير شباط 2022، بدأت روسيا وأوكرانيا محادثات في روسيا البيضاء انتقلت لاحقا إلى إسطنبول. وعُرف مشروع جرت مناقشته هناك ووضع إطارا لتسوية محتملة باسم (بيان إسطنبول).
وانتهت محادثات عام 2022 في مايو أيار لكن المسؤولين الروس لطالما أشاروا إلى إمكانية التوصل إلى تسوية على غرار بيان إسطنبول. كما أشار ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى مسودة عام 2022 كدليل محتمل نحو السلام في المستقبل.