قد يتساءل البعض: لماذا بنى المصريون القدماء الأهرامات؟ وفى معرض الإجابة نقول: إن بناء الأهرامات فى مصر القديمة لم يكن عملا عشوائيا بلا مغزى، كما لم يكن مجرد رغبة فى تشييد مقابر حجرية ضخمة تخليدا لمجد الملوك، بل كان مشروعا إنسانيا وروحيا وفلسفيا متكامل الأركان عبّر فيه المصرى القديم عن فكره الديني، وإيمانه العميق بالحياة والخلود فى العالم الآخر بعد موته، فكان الهدف بذلك متجاوزا للبعد المعماري، ويمس عمق العقيدة الدينية، وفكره الفلسفي المعقد والمترابط عند المصريين القدماء.
لقد جسدت تلك الصروح المعمارية الهرمية معابد روحية للبعث والاتحاد بالآلهة، وحشدت فى شكلها الهندسي تأملا فلسفيا لنظام كوني تأسس على التوازن والتناغم بين الأرض والسماء والمادة والروح، ولهذا حرص المصرى قديما على حشد كل ما يضمن له تمتعه بحياة أبدية وهو لا يزال على الأرض. ووجد الإنسان فى فكرة تشييد مقابر هرمية حصينة للملك تعلو حجرة دفن فى باطن الأرض بداخلها تابوت حجرى تحفظ فيه مومياء الملك بعناية فائقة لضمان أبدى لاستمرار رحلته فى العالم الآخر.
شغل موضوع الاهرامات والسبب وراء اهتمام المصريين ببنائها تفكير الكثيرين على مدى قرون عديدة، وهو ما دفعهم إلى الخروج عن إطار المنطق فى كثير من الأحيان فأحاطوا الأهرامات المصرية، لا سيما هرم " خوفو" بوصفه أكبر الأهرامات على وجه الأرض، بفيض من القصص والأساطيرالمثيرة عن طريقة البناء ودورها الوظيفي إلى حد تشكيك البعض فى هوية من قام ببنائه، وإلى غير ذلك من القصص التى لا تستند إلى أسس تاريخية أو علمية. وفى مسعى للإجابة عن تساؤلات حول: لماذا لجأ المصريون القدماء إلى الشكل الهرمى لحفظ أجساد الملوك؟ وما الدلالة الدينية والفلسفية لبناء هذه الكتل الحجرية الضخمة التى تجاوزت حدود هندستها المعمارية؟ وهل استخدمت الأهرامات كمقابر فقط أم كان لها وظائف جنائزية أخرى أوسع نطاقا؟ وهل أسهم فى بنائها أجناس أخرى غير المصريين؟ وهل بنيت من خلال تسخير العمال وتعذيبهم كما روج البعض؟
يطرح دوما السؤال: لماذا أراد ملوك مصر القديمة تشييد مقابرهم على شكل هرم؟ وفى معرض الإجابة نقول: لأنهم رأوا فى هذا الشكل المعماري تحديدا أنه يمثل أصدق تعبير عن إيمانهم بعقيدة الشمس، وهى التى كانت جوهر العقيدة الدينية فى مصر القديمة، ورأوا فى الشكل عموما، وفى القمة الهرمية خصوصا، والتى كانت تسمى فى اللغة المصرية القديمة " بن بن" تجسيدا لأشعة الشمس الهابطة نحو الأرض، وأرادوا دفن ملوكهم فى مقابر تتخذ شكل أشعة الشمس التي كانوا يأملون فى الصعود إليها عندما يحين موعد البعث من جديد بحسب الديانة المصرية القديمة.
اعتبر ملك مصر فى عصر الدولة القديمة ( 3150 ــ 2117 ) قبل الميلاد بمثابة إله، فالملك بصفته كائنا مقدسا يستأثر بطبيعة الحال بكل السلطة فى يده، حيث إن النظام الملكى فى مصر القديمة كان يحتل قسما خاصا ومميزا داخل حدود الديانة نفسها، وهي حقيقة تؤكدها الأشكال المعمارية للأهرامات لهذه الفترة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر القدیمة
إقرأ أيضاً:
زيارة ترامب كلمة السر في القصف الإسرائيلي ضد الحوثيين | تفاصيل
شن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة هجمات على 3 موانئ يمينة يسيطر عليها الحوثيين، وألحق بهم خسائر كبيرة.
زيارة ترامب وقصف الحوثيينوكشف مصدر أمني لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن تل أبيب انتظرت انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط قبل مهاجمة اليمن.
وأفادت قناة سكاي نيوز بالعربية نقلاً عن مصدر إسرائيلي أن إسرائيل تسعى إلى فرض حصار بحري على الحوثيين.
وخلال الأسبوع الماضي، أطلق الحوثيون أربعة صواريخ، سقط أحدها في السعودية.
وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عبر حسابه على إكس، بأن جيش الاحتلال "ألحق أضرارًا بالغة" بالموانئ التي هاجمها في اليمن.
وأضاف كاتس: "كما قلنا إذا استمر الحوثيون في إطلاق الصواريخ باتجاه دولة إسرائيل، فسيتلقون ضربات موجعة، وسنستهدف أيضًا قادة الإرهاب كما فعلنا مع الضيف والسنوار في غزة، ونصر الله في بيروت، وهنية في طهران وسنلاحق ونقضي على عبد الملك الحوثي في اليمن أيضًا".
واختتم كاتس حديثه قائلاً: "سندافع عن أنفسنا بقوتنا ضد أي عدو".