إلغاء ضريبة القيمة المضافة على السياح.. خطوة لدعم تنافسية السياحة
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي
يأتي قطاع السياحة في مُقدمة القطاعات الاقتصادية الواعدة، مدعومًا بما تزخر به سلطنة عُمان من مقومات طبيعية، وتاريخ عريق، وتراث غني وفي ظل التوجه الاستراتيجي لسلطنة عُمان نحو تنويع مصادر الدخل، ومن أجل دعم هذا القطاع الحيوي وتعزيز جاذبية سلطنة عُمان كوجهة سياحية إقليمية ودولية، نطرح اليوم موضوعاً بالغ الأهمية: وهو مقترح إلغاء ضريبة القيمة المضافة (VAT) على السياح وإيجاد آليات لاستردادها.
الأثر الاقتصادي لضريبة القيمة المضافة على السياحة
مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة في سلطنة عُمان منذ عام 2021 بنسبة 5%، شملت الضريبة مجموعة واسعة من السلع والخدمات التي يستهلكها السياح، مثل الإقامة الفندقية، المأكولات، التذاكر، والمشتريات وغيره من الخدمات المباشرة وغير المباشرة ورغم أهمية الضريبة كمورد مالي لمالية سلطنة عُمان، إلا أنَّ أثرها المباشر على إنفاق السياح وسلوكهم الاستهلاكي لا يمكن تجاهله أبدًا، خصوصًا عند مقارنة سلطنة عُمان بدول أخرى تطبق إعفاءات أو نظم استرداد ضريبي جذابة منذ عقود طويلة.
العديد من الدول سواء الآسيوية أو الغربية أو العربية سبقت سلطنة عُمان في تطبيق أنظمة استرداد ضريبة القيمة المضافة للسياح، حيث يُمكن للسياح وكذلك الزوار استرداد جزء من الضريبة على المشتريات عند مغادرة سلطنة عُمان. كذلك تقدم دول مثل تركيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا ودول جنوب شرق آسيا ومنها تايلند تجارب مشابهة، أثبتت فعاليتها وقدرتها في زيادة التسوق السياحي وتحفيز الاقتصاد المحلي.
إن إلغاء أو تخفيف ضريبة القيمة المضافة عن السياح سيُحقق مكاسب متعددة منها على سبيل المثال:
- زيادة الإنفاق السياحي: من خلال تحفيز السياح للتسوق واقتناء المنتجات المحلية التقليدية الشعبية.
- رفع التنافسية الإقليمية: ستتميز سلطنة عُمان بين وجهات المنطقة كوجهة أكثر جذبًا للسياح الباحثين عن قيمة أفضل مقابل أموالهم.
- دعم الصناعات والحرف التقليدية والأسر المنتجة: عبر زيادة الطلب على المنتجات التراثية في الأسواق التقليدية مثل سوق نزوى ومطرح وبهلاء وأسواق محافظة ظفار المتنوعة أثناء موسم الخريف.
- رفع رضا الزوار وتحسين تجربتهم السياحية وتحفيزهم لإعادة الزيارة مرة أخرى واستكشاف معالم سياحية مختلفة داخل سلطنة عُمان.
وفيما يلي المقترحات الممكنة لتنفيذ آلية استرداد ضريبة القيمة المضافة:
إطلاق مبادرات موسمية لإلغاء الضريبة خلال الفعاليات السياحية الكبرى أو المهرجانات والاحتفالات المختلفة. التدرج في إعفاء بعض الخدمات السياحية من الضريبة مثل الإقامة والأنشطة الثقافية ولاحقاً بقية القطاعات. تطبيق نظام استرداد ضريبة القيمة المضافة للسياح عبر منافذ المغادرة المتنوعة في سلطنة عُمان.وفي ضوء ما ذكر فإن مقترح إعادة النظر في سياسة ضريبة القيمة المضافة تجاه السياح يُعد خطوة استراتيجية لتعزيز موقع سلطنة عُمان السياحي، ودعم أهداف رؤية "عُمان 2040".
ويمكن أن تبدأ سلطنة عُمان بتطبيق نظام استرداد تدريجي، مدعوم بحملات توعوية وتنظيمية، بالتعاون بين الجهات المعنية كوزارة التراث والسياحة، ووزارة المالية، وجهاز الضرائب، والمطارات وشركات الطيران.
وأخيرًا.. إنَّ رفع العبء الضريبي عن السياح خيار تنموي ذكي وليس ترفًا اقتصاديًا، ويتماشى مع مستهدفات التنافسية العالمية والنمو السياحي المستدام وهو من أساسيات القطاع السياحي في سلطنة عُمان.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تراجع كندي عن الضريبة بعد تهديدات ترامب.. الدوافع والتحديات
ألبرتا – بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف المفاوضات التجارية، وفرض رسوم جمركية مشددة على كندا إذا لم تسحب ضريبة الخدمات الرقمية التي فرضتها قبل أيام على شركات التكنولوجيا الأميركية، تراجعت كندا مساء الأحد عن قرارها بتطبيق الضريبة، التي كان من المزمع بدء تحصيلها أمس الاثنين، في محاولة لتهدئة التوترات الاقتصادية وتجنب تصاعد الأزمة بين البلدين.
وقال وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان، إن ترامب ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني "اتفقا على استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى صفقة بحلول 21 يوليو/تموز 2025″، مضيفا أن كندا ستلغي ضريبة الخدمات الرقمية بالتوصل لاتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة يعود بالنفع المتبادل.
وعلق وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك في منشور على موقع إكس قائلا "شكرا لكندا على إلغاء ضريبة الخدمات الرقمية التي كانت تهدف إلى خنق الابتكار الأميركي، وكانت ستُعيق أي صفقة تجارية مع أميركا".
وكان ترامب، قد أعلن الجمعة، تعليقًا فوريًّا لكل المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا، ردا على تطبيق كندا لضريبة الخدمات الرقمية واصفا موقف الحكومة الكندية بأنه "استفزازي وغير قابل للتفاوض"، ورد رئيس الحكومة الكندية، قائلا: "سنواصل الانخراط في مفاوضات معقدة، بما يخدم مصالح العمال والشركات الكندية، ولكن ليس تحت التهديد أو الإكراه".
علاقة تجارية كبيرة
وتشكل العلاقة التجارية بين كندا والولايات المتحدة واحدة من أكبر العلاقات التجارية في العالم، ففي عام 2024 تجاوزت القيمة الإجمالية لواردات وصادرات كندا من السلع المتداولة مع الولايات المتحدة تريليون دولار كندي (762 مليار دولار) للعام الثالث على التوالي، وفقا لمنصة "ستاتيستك كندا".
وفي عام 2024 كانت الولايات المتحدة هي الوجهة لـ75.9% من إجمالي صادرات كندا، وكانت مصدرا لـ62.2% من إجمالي وارداتها، حيث شكلت صادرات منتجات الطاقة عنصرا أساسيا في فائض التجارة السلعية لكندا مع الولايات المتحدة، ففي عام 2024 صدّرت كندا منتجات طاقة بقيمة 176.2 مليار دولار إلى دول أخرى، وكانت الأغلبية العظمى من هذه الصادرات موجهة إلى الولايات المتحدة.
إعلانوبلغ إجمالي واردات كندا من منتجات الطاقة 39 مليار دولار في عام 2024، وكانت الأغلبية العظمى منها أيضا من الولايات المتحدة، وعند الجمع بين التجارة في السلع والخدمات سجلت كندا فائضا تجاريا إجماليا قدره 94.4 مليار دولار مع الولايات المتحدة في عام 2023.
وفي قطاع السيارات، استوردت كندا في عام 2023 مركبات وقطع غيار من الولايات المتحدة، بقيمة 84.9 مليار دولار، بينما صدرت ما قيمته 83.2 مليار دولار إلى الولايات المتحدة، مما يعكس التكامل العالي بين اقتصادي البلدين في هذا القطاع، وفق تقرير هيئة الإذاعة الكندية.
وعن التداعيات المحتملة على الاقتصاد والمستهلكين، يتوقع الخبير الاقتصادي الدكتور زياد الغزالي، أن تؤدي الرسوم الجمركية الأميركية إلى إضعاف تنافسية السلع الكندية في السوق الأميركي، مما يهدد الصادرات وأرباح الشركات ويبطئ النمو الاقتصادي.
ويضيف الغزالي في حديثه للجزيرة نت، أن المواطن الكندي سيواجه انخفاضا في فرص العمل، وتراجع الدخل، وزيادة أسعار السلع المستوردة إذا ردت كندا برسوم مضادة، مما يزيد الضغط على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
من جانبه، يتفق الخبير المالي مدين سلمان، مع ما ذهب إليه الغزالي، قائلا إن الصادرات الكندية إلى أميركا سوف تتأثر بالتأكيد، وتتعرض لارتفاع أسعارها مما يجعلها أقل تنافسية، وبالتالي الشركات الأميركية ستبدأ في البحث عن بدائل أقل تكلفة، إضافة إلى انعكاس سلبي على قيمة الدولار الكندي.
ويضيف سلمان للجزيرة نت، أن تداعيات التعريفات الجمركية ستلقي بظلالها على المستهلكين في كلا البلدين، موضحًا أن التاجر الأميركي عندما يستورد السلع الكندية مع زيادة التعرفة الجمركية عليها، تصبح التكلفة أعلى ومن ثم يرتفع سعرها أمام المستهلك الأميركي، وكذلك الأمر أمام المستهلك الكندي، "النتيجة ضرر مشترك وارتفاع أسعار وتضخم في البلدين".
القطاعات المتأثرةالقطاعات الأكثر عرضة للضرر في حال فرضت الرسوم الجمركية على كندا، تشمل:
قطاع النفط والغاز قطاع الصلب والألمنيوم السيارات الزراعة الأخشاب المنتجات الاستهلاكية قطاع التكنولوجيا.حيث سيؤدي فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى ارتفاع التكاليف للمصنعين والمصدرين الكنديين، ويقلل الطلب على السوق الكندي، ويؤثر على الإيرادات وبالتالي تباطؤ الاستثمارات وخسائر محتملة في الوظائف، نتيجة تراجع الطلب الأميركي.
وكانت كندا والاتحاد الأوروبي، قد وقعوا قبل أيام، اتفاقية شراكة أمنية ودفاعية خلال قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، في خطوة وصفها مراقبون أنها بداية لتنفيذ طموح أوتاوا لتقليص هيمنة واشنطن على تجارتها وأمنها، وسط علاقات متوترة مع إدارة الرئيس الأميركي، قد تعيد تشكيل السياسة الخارجية الكندية، ومحاولة الخروج من عباءة الجارة الجنوبية.
خيارات الحكومةوعن خيارات الحكومة الكندية وبدائل تلافي الخسائر المحتملة، يقول الغزالي، إن على الحكومة الكندية فرض رسوم جمركية مضادة على الصادرات الأميركية إذا استمرت أميركا في عنادها، وتقديم دعم مباشر للقطاعات المتضررة، وحوافز للشركات المحلية، وتنويع الشركاء التجاريين، وجذب الاستثمارات الخارجية.
إعلانوحث الغزالي، الحكومة الكندية إن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، على اللجوء إلى القضاء، واستخدام آليات تسوية النزاعات، لمخالفة الولايات المتحدة اتفاقية "يو إس إم سي إيه"، موضحا أن هذا الجانب يأخذ وقتا طويلا جدا في المحاكم، لكنه سلاح بيد الحكومة من الممكن ممارسة الضغط من خلاله ويتيح الحصول على تعويضات.
أما الخبير المالي مدين سلمان، فرأى أن الحكومة ليس أمامها إلا خيار البحث عن أسواق وحلفاء جدد، مؤكدًا أن هذا الخيار أصبح أمرا واقعيا لا مفر منه، لكن سلمان متفائل ويعتقد أن بإمكانية حل الأزمة عبر الحوار، نظرا للضرر المشترك على البلدين.
تواجه العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة لحظات مفصلية قد تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي بين البلدين، مع تصاعد التوترات بين الحين والآخر، ويترقب المستثمرون والمستهلكون تداعيات قد تعرقل سلاسل الإمداد وتؤثر على الإنفاق في القطاعات الحيوية، إذ يتطلب احتواء الأزمة حوارا دبلوماسيا، لتجنب خسائر اقتصادية طويلة الأمد على كلا البلدين، مع ضرورة تحرك كندا بحكمة لتنويع شراكاتها وحماية مصالحها الاقتصادية، نظرا لاعتمادها لعقود طويلة على الجار الجنوبي.