اليمن الجديد: من ركام الحرب إلى قوة إقليمية صاعدة
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
لم يكن امتلاك زمام المبادرة في الصراع الإقليمي والدولي حلماً طموحاً فحسب، بل أصبح واقعاً حاضراً صنعه شعب يمني أبيّ، وقيادة ثورية عرفت كيف تستثمر التحديات لصياغة مستقبل مغاير.
رغم أن العدوان التي قادته دول نفطية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، استهدفت اليمن لعزل قراره السياسي وكسر إرادته الوطنية، وإعادته لكبير الطاعة الأمريكي، فإن سبع سنوات من العدوان كانت كافية لتحوّله من ضحية إلى فاعل إقليمي لا يُستهان به.
فبينما كانت الطائرات تُلقي بحممها على المدن والقرى، كانت هناك معركة أخرى تُخاض في الكواليس: معركة بناء جيش وطني قوي، متماسك، وذو عقيدة قتالية وطنية خالصة.
جيش العقيدة والسيادة:
القيادة الثورية اليمنية لم تنتظر الدعم الدولي، ولم ترتهن لقرارات الخارج، بل شرعت في بناء مؤسسة عسكرية حديثة بروح مقاومة، تمكنت خلال سنوات قليلة من تحقيق توازن ردع ميداني واستراتيجي.
هذا الجيش، الذي خرج من رحم المعاناة، أصبح اليوم قادراً ليس فقط على حماية التراب الوطني، بل وعلى لعب دور إقليمي فاعل، يلبّي طموحات الأمة العربية في الحرية والاستقلال والتحرر من التبعية.
المعركة مع أمريكا والتحول المفصلي:
النقلة النوعية الأبرز في المشهد اليمني كانت الاشتباك المباشر مع الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر. مواجهة لم يتخيلها الكثيرون، لكن اليمن خاضها بثقة المقاتل المؤمن بقضيته، حتى أجبرت أمريكا على التراجع والانسحاب، في لحظة فارقة أسقطت الهيبة المفترضة لأكبر قوة عسكرية في العالم.
هذا التحول لم يكن معزولاً عن السياق الأوسع، بل أتى كترجمة مباشرة لإرادة سياسية متحررة من الهيمنة، ترى في المقاومة أداة مشروعة لحماية السيادة وفرض المعادلات الجديدة.
الحصار على إسرائيل وإعادة صياغة الدور العربي:
ثم جاء قرار فرض الحصار البحري على إسرائيل، في ذروة عدوانها على غزة، ليكشف حجم التحول في موقع اليمن الإقليمي.
فالدولة التي كانت توصف يوماً بـ”المنهكة” أصبحت تفرض واقعاً جديداً، وتشارك عملياً في معركة الأمة، ليس بالشعارات، بل بالقوة البحرية التي بات لها منطقة نفوذ في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ولها فيها الكلمة العليا.
اليمن الجديد لم يعد تابعاً ولا معزولاً، بل أصبح رقماً صعباً في معادلة المنطقة، يفرض شروطه ويصيغ معادلته الخاصة، ويعيد الاعتبار لمفهوم الردع والسيادة في زمن تخلت فيه الكثير من الأنظمة عن دورها التاريخي.
الخاتمة: اليمن في قلب المعادلة الدولية
اليوم، ونحن نشهد إعادة تشكيل خارطة النفوذ في الشرق الأوسط، يقف اليمن في موقع لم يكن له أن يحلمه قبل سنوات قليلة. بقيادته الثورية، وجيشه المؤمن، وشعبه الصامد، يكتب اليمن فصلاً جديداً في تاريخ المنطقة: فصلاً عنوانه الكرامة والسيادة والموقع الفاعل في معركة تحرير القرار العربي.
وفي عالم مضطرب تحكمه لغة القوة، أثبت اليمن الجديد أن الإرادة السياسية الحرة، إذا اقترنت بعقيدة شعبية راسخة، يمكنها أن تقلب موازين القوى وتعيد تشكيل
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
مغردون يتهمون إسرائيل بسرقة ركام المنازل من غزة
بعيدا عن أعين الإعلام وضجيج الأخبار العاجلة، تتكشف في قطاع غزة مأساة صامتة تتجاوز مشاهد الدمار الظاهري، ففي المناطق التي اجتاحتها القوات الإسرائيلية، لم يقتصر الأمر على هدم المنازل وتشريد السكان، بل تعداه إلى نقل ما تبقى من أنقاض البنى التحتية، من حجارة الأسمنت والحديد، تحت مسمى "إزالة الأنقاض".
وبحسب نشطاء تتم هذه العمليات من خلال نقل كميات ضخمة من ركام المنازل إلى داخل إسرائيل عبر شاحنات وجرافات إسرائيلية، حيث يعاد تدويرها وبيعها لاحقا لشركات المقاولات الإسرائيلية، لتتحول آثار بيوت الفلسطينيين إلى مصدر ربح اقتصادي، لجيش الاحتلال.
في السياق نفسه، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن كل مقاول خاص يستعين به الجيش الإسرائيلي يتقاضى مبلغ 5 آلاف شيكل (نحو 1474 دولارا) عن كل منزل يهدمه في قطاع غزة.
#عاجل | هآرتس عن ضباط وجنود: مقاولون يتلقون 5 آلاف شيكل لهدم كل منزل في غزة وكل دقيقة تمر بلا هدم يعتبرونها خسارة
– المقاولون يهدمون منازل في أي مكان حتى خارج المنطقة المحددة للهدم pic.twitter.com/oBxSOankjB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 27, 2025
ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود الإسرائيليين بالقطاع، قوله: إن "كل مقاول خاص يعمل في غزة باستخدام معدات هندسية، يتقاضى 5 آلاف شيكل عن كل بيت يهدمه. إنهم يجنون الكثير من المال".
وأشار الجندي، ضمن تقرير موسع للصحيفة، قبل أيام، إلى أن "كل وقت لا يهدمون (المقاولون) فيه بيوتًا هو خسارة مالية، والقوات (الإسرائيلية) يجب أن تؤمّن أعمالهم".
إخفاء الجريمة وتأخير الإعماروقد أثار هذا التقرير جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي بين مغردين فلسطينيين، اتهموا إسرائيل بأنها اعترفت من خلال هذا التقرير بجزء بسيط مما يحدث لمنازل سكان قطاع غزة.
واتهم المغردون جيش الاحتلال بتجميع الركام ونقله بشاحنات إلى الداخل المحتل، من أجل إعادة تدويره وبيعه لشركات المقاولات الإسرائيلية بهدف تحقيق الربح.
انا ابن الحي الذي يتم نقله الى الداخل المحتل في الايام الاخيرة ..
شهادات من أخر من خرج من هناك.
صورة الاقمار الصناعية تظهر اختفاء للركام pic.twitter.com/swLWjyfHn8
— Tamer | تامر (@tamerqdh) July 1, 2025
إعلانوأشار آخرون إلى أن هذه الممارسة تهدف في الوقت نفسه إلى تأخير أي عملية إعمار مستقبلية في غزة، من خلال التحكم الكامل بما يدخل القطاع ومنع أي تدوير داخلي.
وأكد مغردون أن هذه الانتهاكات حدثت في رفح وشمال القطاع وشرق خان يونس، في إطار سياسة ممنهجة لإخفاء معالم الدمار قبل أن تُفتح غزة على العالم.
السرقة تجري في دمائهم
إسرائيل تسرق الركام من قطاع غزة، حيث تقوم بتجميعه ونقله بشاحنات إلى الداخل المحتل، من أجل إعادة تدويره وبيعه لشركات المقاولات الإسرائيلية، بهدف تحقيق الربح
وحسب صحيفة “هآرتس” العبرية يتلقى جنود الاحتلال مبالغ كبيرة تقدر بـ ١٥٠٠ دولار عن كل مبنى يُهدم!! pic.twitter.com/KxquDDdCaJ
— موسئ|SAIeh???????????????????? (@m_sa_711) July 1, 2025
واعتبر البعض أن هذا السلوك يمثل شكلا من أشكال إخفاء الجريمة، تماما كما أخفت إسرائيل سابقا كثيرا من القرى الفلسطينية التي دُمرت وهجر أهلها في الداخل المحتل.
إسرائيل تسرق الركام من قطاع غزة، حيث تقوم بتجميعه ونقله بشاحنات إلى الداخل المحتل
منقول
Israel is stealing rubble from the Gaza Strip, collecting it and transporting it in trucks to the occupied territories
Copied#غزة_تنزف#SaveGaza pic.twitter.com/49EvNUSKpq
— ياسر عوني (@YasserAwny2) July 1, 2025
وأوضح عدد من المغردين أن صورا التقطتها الأقمار الصناعية أظهرت اختفاء الركام من عدة مناطق في مدينة رفح وشمال قطاع غزة.
أرض مكشوفة وسرقة مقصودةورأى نشطاء أن هذا جزء من تطهير الأرض لبناء المستوطنات بسرعة، ومن أجل تمديد أمد الحرب وتعرية غزة بالكامل لتسهيل السيطرة الميدانية للجيش.
وكتب أحد النشطاء "أنا ابن الحي الذي يتم نقله إلى الداخل المحتل في الأيام الأخيرة… شهادات من آخر من خرج من هناك".
وأضاف ناشط آخر "سارقة وطن بأكمله… لن تتوقف عند سرقة الركام".
كما اعتقد مدونون أن الركام يساعد المقاومين على التخفي، عبر نصب الكمائن والتمركز للقناصة وغيرها من الأساليب التي تتسبب في إيقاع خسائر بصفوف الجنود الإسرائيليين، ولذلك يصر الجيش على إزالته لتكون الأرض سطحية تسهّل عليهم المراقبة من مسافات بعيدة.
وأشار آخرون إلى أن إسرائيل لم تكتفِ بسرقة الأرض والركام، بل وصلت إلى نبش المقابر وأخذ الجثث، معتبرين أن هذا ليس غريبًا على كيان يسعى لمحو كل أثر للحياة الفلسطينية.
واعتبر بعض المدونين أن الجيش الإسرائيلي يقوم بهذه العمليات أيضًا لمنع الوصول إلى الجثث التي لا يعلم عنها أحد، حتى لا ترتفع الإحصاءات الرسمية للضحايا إلى أرقام فلكية.
تدمير ممنهج وتجارة بالموتوأشار ناشطون إلى أن هذه ليست حربًا، بل سياسة خراب متعمدة ينفذها مقاولو التدمير ووحشية الخراب الممنهج.
وقالوا إن جباليا تقدّم الصورة الأوضح من كل تقرير، إذ ما يجري هناك هو تدمير ممنهج وتهجير قسري للمدنيين دون تمييز أو إنذار، بل بشهية مفتوحة نحو الخراب.
???? مقاولو التدمير… ووحشية الخراب الممنهج في جباليا
???? هآرتس العبرية تكشف:
أكد جنود وضباط في جيش الاحتلال لصحيفة هآرتس أن مقاولين مدنيين يتقاضون 5,000 شيكل عن كل منزل يُهدم في غزة، وأن كل دقيقة تمر دون تنفيذ هدم تُعد "خسارة مالية".
لم يعد الهدم إجراءً عسكريًا فقط، بل تحول إلى…
— Dr.Muneer Alboursh د.منيرالبرش (@Dr_Muneer1) June 27, 2025
إعلانوأوضحوا أن جنود الاحتلال لا يكتفون بتنفيذ الأوامر، بل يجدون متعة في إشعال الحطام ونثر الخراب، مدفوعين بمنظومة تدفع لهم مقابل كل منزل يُسوّى بالأرض.
وأكدوا أن هذه ليست حربًا، بل سياسة خراب متعمدة، وحين تُسعَّر البيوت وتُهدم بالمزاد، تتحول الجريمة إلى منظومة اقتصادية، ويصبح الاحتلال مستثمرًا في التدمير لا مجرد معتدٍ.
وقال أحدهم: "جباليا نموذج… وغزة كلها ضحية".
وأشار آخرون إلى أن 5 آلاف شيكل يدفعها جيش الاحتلال للمقاولين عن كل بيت يسوّى بالأرض، بالإضافة إلى "مكافآت إضافية" لقتل المجوعين عند نقاط توزيع المساعدات. وقالوا "هكذا يموَّل الدمار، ويراد للجريمة أن تكون تجارة".