حسن يحيى: الإسلام ليس طقوسًا فردية بل منهجا شاملا ينظم حياة الإنسان
تاريخ النشر: 21st, May 2025 GMT
أكد الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن الإسلام دين شامل، لم يأتِ لتنظيم علاقة الإنسان بربه فقط، وإنما جاء بمنهج متكامل يغطي جميع أطوار حياة الإنسان ومناحيها، من الميلاد إلى الوفاة، بل ومنذ كان الإنسان في "عالم الذر" إلى أن يُبعث يوم القيامة.
. الأحكام والشروط
وأوضح الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، خلال تصريح، اليوم الثلاثاء، إن الشريعة الإسلامية تصوغ الحياة البشرية بصبغتها الربانية، وتوجهها وجهتها الأخلاقية، وتضع لها الإطار الذي يحفظها من الانحراف أو التشتت، مستشهدًا بقوله تعالى:
"وما أُمِروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة"، مؤكدًا أن مفهوم "العبودية" في الإسلام مفهوم شامل، يتعدى العبادات الشعائرية ليشمل كل شؤون الحياة.
وأوضح أن الإسلام تدخل في تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والوجدانية وحتى النفسية، فأرشد إلى الأخلاق، وضبط السلوك، ووجّه إلى ما يضمن استقرار المجتمع وسلامه،لافتا إلى أن الإسلام لا يترك أمرًا في حياة الإنسان بلا توجيه أو تقويم، بل هو نظام إلهي مُحكم يرعى مصالح الإنسان في الدنيا والآخرة.
وفي جانب الحياة الاجتماعية، أشار إلى أن الإسلام وضع أسسًا واضحة في العلاقة بين الرجل والمرأة، قبل الزواج وبعده، وفي حال الخلاف أو الطلاق، واهتم بأدق التفاصيل التي تضمن استقرار الأسرة، من الخطبة إلى التربية.
وأضاف: "نجد في الحديث الشريف أن المرأة تُنكح لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، ثم يأتي التوجيه النبوي: فاظفر بذات الدين تربت يداك، وعلى الجانب الآخر، يقول ﷺ: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه... كل ذلك يبيّن كيف أن الإسلام يعتني بتأسيس البيت من منطلق قيمي متين".
وتابع: "بل حتى في مرحلة الخطبة، يُنظّم الإسلام المسألة بقوله: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه. وبعد الزواج، يتدخل في أحكام الولادة، والرضاعة، والتنشئة، والتعليم، وكل ما يخص بناء الإنسان منذ صغره".
أما عن الحياة الاقتصادية، فقد أوضح الأمين العام المساعد أن الإسلام وضع قواعد واضحة لضبط المعاملات المالية، مستشهدًا بقوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرّم الربا"، وهي قاعدة تضبط الأسواق وتحفظ الحقوق وتمنع الاستغلال، وتوازن بين الربح والمصلحة العامة.
وأكد أن هذه الشواهد وغيرها كثير، ما هي إلا دلائل قاطعة على أن الإسلام لم يكن يومًا دين عزلة أو شعائر فردية، بل هو دين بناء ونهضة، يهتم بالمجتمع والاقتصاد، ويرعى الحقوق وينظم الواجبات، ويجعل من الإنسان خليفة في الأرض مسؤولاً عن إعمارها بمنهج الله.
وتابع: "من يتأمل في القرآن الكريم والسنة النبوية يجد عشرات، بل مئات، من الشواهد التي تدل على دور الإسلام الحضاري والتنظيمي في حياة الفرد والمجتمع، وهذا ما يجعل الإسلام صالحًا لكل زمان ومكان، لا يقف عند حدود الماضي، بل يدفع نحو المستقبل برؤية ربانية متوازنة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور حسن يحيى البحوث الإسلامية الإسلام الشريعة الإسلامية الحياة البشرية الحياة الاقتصادية القرآن أن الإسلام
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة يهنئ الأمة الإسلامية بمناسبة ميلاد الزهراء - نص البيان
وفي بيان صادر عنه بهذه المناسبة، أكد قائد الثورة أن إحياء ذكرى مولد الزهراء يمثل محطة روحية وتربوية تستعيد فيها الأمة سيرة سيدة نساء العالمين، بما تحمله من قيم الإيمان والسمو الأخلاقي، وما تمثله من قدوة راسخة للمرأة المسلمة عبر العصور.
وأشار إلى أن النصوص النبوية المتواترة لدى مختلف المذاهب الإسلامية تؤكد مكانة الزهراء الرفيعة وعلو شأنها الإيماني.
وأوضح أن استحضار هذا النموذج الإيماني ضرورة ملحّة في ظل ما تواجهه الأمة من حرب ناعمة تستهدف هويتها وقيمها، وتسعى إلى صناعة ثقافات دخيلة تُبعد المرأة والرجل معًا عن نهج الإسلام الأصيل.
وشدد قائد الثورة، على أهمية تعزيز الوعي لدى المرأة المسلمة لحماية انتمائها الإيماني من محاولات التضليل والانحراف.
وفيما يلي نص البيان:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْم
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}[الكوثر:1-3]
صدق الله العلي العظيم
بمناسبة ذكرى مولد الصدِّيقة الطاهرة سيِّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله وخاتم أنبيائه محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، وفي اليوم العالمي للمرأة المسلمة، أتوجَّه بأطيب التهاني والتبريك لأمّتنا الإسلامية، وعلى وجه الخصوص لشقائقنا المسلمات في كلِّ أنحاء العالم.
إنَّ هذه المناسبة المباركة هي احتفاء بقرَّة عين رسول الله صلى الله عليه وآله سيّدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء المؤمنين كما في النصوص النبوية المعروفة والمروية للأمّة الإسلامية بمختلف مذاهبها، وبما تدلّ عليه من كمالها الإيماني العظيم، وارتقائها الأخلاقي والإنساني إلى المراتب العليا، وموقعها في القدوة الحسنة والنموذج الملهم لكل النساء المسلمات، وهذا مِنْ أهم ما ينبغي ترسيخه لدى المرأة المسلمة في هذا العصر، الذي تواجه فيه أمتنا الإسلامية جمعاء برجالها ونسائها وكبارها وصغارها أعتى وأشدّ حرب شيطانية ناعمة مضلة مفسدة، تستهدف هويّتها الإيمانية، وترمي إلى صنع ثقافات وولاءات تنحرف بها عن نهج الإسلام العظيم، وتربطها بالمضلّين والمغضوب عليهم من الله رب العالمين، الذين هم أعداؤها الذين حذّرها الله منهم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100] ، وفي قوله جلَّ شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة:51]، وقال تعالى: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، وقال تعالى: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[المائدة:64].
إنَّ أمّتنا الإسلامية تضرّرت بالحرب الناعمة المفسدة المضلّة أكثر من الحرب الصلبة، وما حالة التيه، والشتات، والحالة المخزية، والذلة، والمسكنة، والتبعية العمياء للأعداء، التي نرى عليها معظم أمة الملياري مسلم، إلَّا شاهد على ذلك، حيث نجح الأعداء بذلك بتطويع معظم الأنظمة وأكثر الشعوب وإخضاعها لإملاءاتهم، وحوّلوا ثرواتها إلى مأكلة لهم، وأوطانها إلى قواعد عسكرية، وقوّتها البشرية إلى أدوات طيِّعة مسخَّرة مستعبدة لهم، وفرَّغوها من محتواها الإنساني والأخلاقي والإسلامي إلى مستوى فظيع، وكان من أبرز تجلّيات هذه الحالة- ولا يزال- موقف معظم أمة الملياري مسلم تجاه ما يقوم به العدو اليهودي الصهيوني، وشريكه الأمريكي، وداعموه من صهاينة الغرب من إبادة جماعية للشعب الفلسطيني، وممارسة أبشع وأفظع الجرائم الرهيبة بحقه، بما في ذلك: إعدام وقتل الأطفال الخدَّج في حضانات الأطفال، والأطفال الرضّع الذين قتل منهم الآلاف بالقنابل والسلاح الناري، وبالتجويع ومنع الحليب عنهم، وقتل بعضهم عقب ولادة أمّهاتهم لهم، وكذلك قتل الآلاف من النساء المسلمات من كل الفئات العمرية وفي مختلف الأحوال، بما في ذلك النساء الحوامل، والمسنّات، والصغيرات، والكبيرات، إضافة إلى امتهان كرامتهن الإنسانية، وارتكاب جرائم الاغتصاب لانتهاك حرمة البعض منهن... وغير ذلك من الممارسات الإجرامية الفظيعة، التي يندى لها جبين الإنسانية، والتي لهولها وفظاعتها تحرّكت شعوب في أقصى الأرض بدافع الضمير الإنساني، وخرجت في مظاهرات كثيرة ومستمرّة، وعبَّرت عن سخطها الشديد تجاه العدوّ الصهيوني وجرائمه، وتحرّكت قوى حيّة في مختلف أنحاء الأرض لأنشطة متنوعة لنصرة الشعب الفلسطيني، بينما كانت الحالة المختلفة تماماً هي في معظم البلدان العربية والإسلامية التي لم تتخذ أي موقف، ولم يصدر منها أي تحرك.
بل والأسوأ من ذلك: ما فعلته بعض الأنظمة العربية من تقديم العون الاقتصادي، والمالي، والإعلامي، والاستخباراتي للعدوّ الإسرائيلي، إضافة إلى الإسهام في تكبيل الأمّة عن أي تحرك فاعل لنصرة الشعب الفلسطيني، إنَّ هذا من أكبر وأوضح التجلّيات للخلل الرهيب في واقع الأمة، والانحدار الرهيب على المستوى الإنساني والأخلاقي، وعلى مستوى الرؤية والبصيرة والوعي، فمعظم المسلمين في أنحاء الأرض يعيشون أزمة حقيقية، وإفلاس على مستوى الوعي، وعلى مستوى الأخلاق والقيم، وهذا هو السرّ الحقيقي الذي جعل من هذه الأمة الكبرى: أمّة الملياري مسلم، التي تمتلك الإمكانات الهائلة، والعدد الملياري، والجغرافيا الواسعة، فاقدة لقيمة كل تلك العوامل والعناصر المهمّة للقوة، وتحوّلت إلى غثاء كغثاء السيل كما في الحديث النبوي الشريف؛ ولهذا تجرَّأ عليها عدوّها اللدود اليهودي الصهيوني إلى درجة أنَّه يسعى بكل طمع لفرض معادلة الاستباحة لها في الدم، والعرض، والأرض، والمقدّسات، والدين، والدنيا، ويسعى إلى إرغامها لتقبل بذلك، ويشاركه الأمريكي لفرض ذلك على الأمّة، وأصبحت كثير من الأنظمة العربية ومعها كثير من النخب قابلة بذلك، وتوجّه لومها إلى من لا يقبل بذلك من أحرار الأمّة، ممّن بقي لهم كرامة إنسانية، وعزّة إيمانية.
إنَّ الحالة التي عليها المنافقون من أبناء الأمّة الإسلامية في ولائهم للصهاينة، ومعاداتهم للمؤمنين والمجاهدين في سبيل الله من أبناء الأمة؛ هي الحالة التي عبَّر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}[البقرة:18]؛ لأن البراهين من الوقائع الكبرى والأحداث اليومية تشهد وتدلّ بشكل قاطع على بطلان خيارهم ومسارهم في النفاق والخنوع للأعداء، والولاء لهم، والقبول بالعبودية لهم تحت عنوان: [السَّلام]، الذي حرَّفوه عن معناه الحقيقي، وجعلوا محتواه الاستسلام، والقبول بالاستباحة التامّة، والعبودية المطلقة المذلّة لأجرم وأحقد وأقبح وأسوأ عدوّ للأمة، وهو العدوّ الإسرائيلي، والقبول بسيطرته على المنطقة بكلها تحت عنوان: [تغيير الشرق الأوسط]، والارتباط به في كل شيء، والتخلّي عن الدين، والكرامة، والحرية، والعزّة، وبيع كل القيم من أجله.
إنَّ نموذجاً واحداً من نماذج الخيار النفاقي والاستسلامي، والتعبير عن الولاء لأمريكا، والارتماء في الحضن الصهيوني، والنتيجة لذلك هو كاف في إيضاح الحقيقة لكل إنسان بقي له أدنى مستوى من الفهم والإدراك الإنساني، وذلك النموذج هو الجماعات المسيطرة على سوريا، فهي واضحة وصريحة في خيارها وارتباطها وتوجهاتها التي تعلن فيها ولاءها للأمريكي، وأنّها لا تعادي إسرائيل، وأنّها تسعى لعلاقة معها، وأنّها تعادي من يعاديها، وهي بالفعل كذلك، ومع كلِّ ذلك بلغ عدد الغارات الجوية المدمِّرة أكثر من ألف غارة، والاحتلال لمساحة ثمانمائة كيلو متر، والتوغّلات العسكرية الإسرائيلية إلى ريف دمشق، على بعد كيلوهات من العاصمة دمشق، والاختطافات يومية لأبناء الشعب السوري... وغير ذلك من أشكال الاستباحة التامة، كما أنَّ من الشواهد الجليّة لحقيقة العدوانية والإجرام الصهيوني: الانتهاكات المستمرّة للاتفاقات الدولية التي عليها ضمناء، كما هو الحال في غزة ولبنان.
إنَّ انعدام البصيرة والوعي، وموت الضمير الإنساني لدى معظم أنظمة ونخب وشعوب العالم الإسلامي إلَّا القليل، هي نتاج للحرب الشيطانية المفسدة المضلّة؛ ولذلك فإنَّ من المهم جدًا الاستفادة من هذه الذكرى المباركة، والمناسبة العزيزة: ذكرى مولد الزهراء عليها السلام، وسائر المناسبات الإسلامية في إحياء الروح الإسلامية، والإضاءة بنور الهدى لتصحيح المفاهيم، وكشف الظلمات المتراكمة، وإزاحة الغشاوة التي أعمت قلوب الكثير والله المستعان.
إنَّ الإسلام العظيم بقرآنه ورسوله هو النور الأسمى، الذي يتحقق من خلال الارتباط الوثيق به تحقيق الارتقاء والكمال الإنساني إلى أعلى المراتب، كما هو في النموذج الأسمى والأعلى للمرأة المسلمة: فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، وكما نماذجه الراقية من رجال ونساء ممن ينبغي أن تستلهم الأمّة منهم أسمى الروحية، وأرقى الوعي، وأعظم التأثير، لتستعيد الأمّة بذلك كرامتها الإنسانية، وعزّتها الإيمانية، وحضورها العالمي، ودورها المفترض بها في حمل الرسالة الإلهية، وإرث الأنبياء، والسعي لإقامة القسط، وإنقاذ المستضعفين والمظلومين والمحرومين، وكسر شوكة الطغاة والمجرمين والظالمين، والإضاءة بنور الله للعالمين، بدلاً من التبعيّة والعبودية والخنوع للمستكبرين والشياطين والمفسدين.
وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
وَالسَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛