في الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية المباركة، لا نحتفل بمناسبة عابرة، بل نُجدد العهد للحرية، ونُحيي في قلوبنا جذوة الثورة، ونرفع راية الوطن عالياً، بمناسبة هذه الذكرى نبارك لقائد الأمة، السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله)، ولرئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، ولأبطال القوات المسلحة اليمنية المجاهدة، ولشعبنا اليمني العظيم الذي لم تنحنِ هامته رغم جراحه، ولم تنطفئ في عروقه جذوة النضال رغم التضحيات.


اليوم، ونحن نستذكر الوحدة اليمنية التي تحقق فيها الحلم العظيم للشعب اليمني، نجد أنفسنا أمام تحديات كبرى تُهدّد هذا المنجز التاريخي. في الوقت الذي يخوض فيه اليمنيون أعظم معركة ضد قوى الشر العالمية ، وتحت وطأة العدوان الأمريكي والصهيوني، نجد أنفسنا نواجه مخططات تسعى لتفتيت الوطن وتجزئته إلى دويلات ضعيفة، تتنازعها قوى الهيمنة الخارجية. هذه المخططات لن تجد لها مكاناً في اليمن، ولن نقبل بأن تؤول أرضنا إلى أيدي أعداء الأمة.
في الذكرى ال ٣٥ للوحدة اليمنية، تهبّ العواصف من كل صوب، تتكالب المؤامرات، ويشتد الحصار السياسي والاجتماعي عليها، فيما ترتفع أصوات مشبوهة، ممولة من عروش التبعية، تنادي بانفصال الجنوب عن الشمال، وكأنها تُعلن حرباً على هوية شعبٍ واحد، وتاريخٍ مجيد، ومصيرٍ مشترك. هذه الدعوات الانفصالية لا تنبع من ضمير وطني، بل من أروقة العمالة والارتهان، متكئة على مليشيات وفصائل مشوهة الولاء، مستوردة القرار، مدفوعة الثمن.
وبما تسمى حكومة الفنادق، كعادتها، عاجزة، صامتة، لا تملك أمر نفسها، فكيف لها أن توقف زحف المشاريع التمزيقية المدعومة من قوى الخارج؟ وكيف لها أن تصمد أمام محاولات طمس المعالم الوطنية، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتفتيت ما تبقى من كيان الدولة؟
إننا، إذ لا نُغفل خطورة هذه التحركات، نحمل أنظمة تحالف العدوان كامل المسؤولية عن محاولة إحياء مشاريع التشطير وإذكاء الفتن المناطقية، ونرى في دعم بعض الأنظمة الإقليمية لفصائل جنوبية مشبوهة، محاولةً صريحة لتوسيع دائرة الاحتلال، ونهب الثروات، وإدامة حالة الفوضى في المحافظات الجنوبية والشرقية.
لقد قدّمت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م نموذجاً فريداً لوطنٍ جمعته الإرادة الحرة، ووحّدته الهوية الإيمانية، وباركته الشعوب الحرة، فكانت الوحدة ثمرة نضال طويل، وليست هدية عابرة، وكانت تجسيداً لعراقة التاريخ، لا صنيعة طارئة في دفتر الجغرافيا.
لكن مخالب الاستعمار الحديث لم تنسَ هذا الإنجاز، فعادت بقناع النفط وأدوات الوصاية، لتزرع الفتن وتبعثر الحلم، فانطلقت آلة العدوان السعودي الإماراتي ومعها الرعاية الأمريكية الصهيونية، تحاول تمزيق النسيج اليمني، وتقسيم الجسد الوطني إلى كانتونات تابعة، ومناطق نفوذ مرهونة بإرادة المحتل.
إن وحدة اليمن لم تكن منّةً من أحد، ولا لحظة عابرة في عمر التاريخ، بل كانت ثمرة نضال ووعي وتاريخ طويل من التضحيات. لقد أرادها الأحرار مصيراً ومشروعاً، وأرادها العملاء والمحتلون هدفاً للتفكيك والتمزيق، فشتّان بين من يصون الأرض والعرض، وبين من يبيعها على موائد العمالة.
اليوم، وأمام المؤامرات المتجددة التي ينسجها العدوان الأمريكي-الصهيوني بأياديه السعودية والإماراتية، نُدرك أن معركتنا لم تكن يوماً لأجل حدود، بل لأجل هوية ووطن، لأجل شعب أبيّ لا يقبل القسمة، ولا ينكسر أمام الغزاة. مشاريع التجزئة والتفتيت لم تعد خافية على أحد، بل أصبحت مكشوفة بوقاحة في جنوب الوطن المحتل، حيث تُنهب الثروات جهاراً، وتُدار المحافظات بقبضة أجنبية، فيما يُراد لأبناء تلك الأرض أن يتحولوا إلى حراس مصالح الغزاة في أرضهم!
لكن يقظة الأحرار ووعي أبناء الجنوب المقاومين لهذه الهيمنة، قلبت المعادلة. خرجت المسيرات واشتعلت المظاهرات، وهتف الأحرار: “لا للاحتلال، لا للتمزيق، نعم للوحدة، نعم لليمن الحر العزيز”. وهذه المواقف الصلبة ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لروح وطنية نمت وتغذت على المعاناة، فأنبتت رجالاً لا يبيعون أرضهم ولا يتاجرون بدماء شعبهم.
إن مخططات قوى الشر العالمية المعتدية، التي تهدف إلى تمزيق وحدة الوطن، ستفشل بفضل الله أولاً، ثم بفضل وعي أحرار الشعب اليمني من كل بقاعه، الذين يرفضون الاستكانة ويسعون لتحقيق العدالة والاستقلال. الوحدة اليمنية ليست مجرد خيار سياسي، بل هي تجسيد لإرادة شعبية من جميع أطياف المجتمع اليمني، وهي شرف وتاريخ لا يمكن التفريط فيه.
وبالتالي تتجلى اليوم وقائع غليان شعبي غير مسبوق في المحافظات الجنوبية المحتلة.
منذ أكثر من عام، تترجمه المظاهرات والمسيرات الشعبية التي تعبر عن رفض اليمنيين للتواجد الأجنبي، وتأكيدهم على موقفهم الثابت في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المقاوم. هذه الصحوة الوطنية لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة للمعاناة المستمرة، حيث تكالبت قوى العدوان على نهب ثروات اليمن وتدمير بنيته التحتية، والهيمنة على المنافذ البرية والبحرية. ومع ذلك، يبقى الشعب اليمني بكل مكوناته، شمالاً وجنوباً، متمسكاً بوحدته، رافضاً مشاريع الاحتلال والتقسيم.
ورغم انشغالنا الكبير اليوم باسناد وبنصرة إخواننا في فلسطين، ومواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، إلا أن أعيننا لا تغفل عن تحركات قوى الغزو وأذنابها، وسنحاسب كل من تورط في إذلال وتجويع شعبنا، وكل من مد يده للعدو وخان الأرض والعرض.
إن اليمن اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى الالتفاف حول مشروع الوحدة، الذي يعد إنجازاً وطنياً وتاريخياً لمَّ شمل اليمنيين تحت راية واحدة، في مواجهة كل محاولات الاحتلال والتمزيق. مخططات الاحتلال ومشاريعه أصبحت واضحة في أذهان أحرار الجنوب الذين يعون تماماً التحديات التي تواجههم، ويقفوا بكل شجاعة ضد محاولات التقسيم ونهب الثروات وتوسع الاحتلال.
لقد أكد السيد القائد في أكثر من موقف، أن وحدة اليمن خط أحمر لا يُمكن التفريط به، وأن السيادة لا تتجزأ، ولا مستقبل لأي مشروع تمزيقي ما دام في هذا الشعب عرق ينبض بالإيمان، وقلب يخفق بالعزة. وكذا فعلت القيادة السياسية في صنعاء، حين أعلنت بصوت عالٍ أن اليمن الكبير لن يُقسم، ولن يُسلّم للمحتلين، مهما اشتدت المؤامرات.
إننا اليوم، في لحظة تاريخية فارقة، نواجه عدواً يتظاهر بالحرص على الجنوب بينما يغرس خناجره في خاصرته. فلا خيار أمام شعبنا إلا أن يستمر في مسيرة التحرير، حتى تُطهر الأرض من دنس المحتل، وتُستعاد السيادة الكاملة، وتُبنى دولة واحدة قوية، يحكمها أبناؤها، وتُصان فيها كرامة كل مواطن.
وبالتالي نُشيد بوعي أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة ومواقفهم الوطنية الشريفة، نُدرك أن معركة الوعي هي أساس معركة التحرير. وإن وحدة اليمن، بما تحمله من رمزية سياسية وتاريخية، لم تكن مجرّد اتفاق، بل كانت صرخة وجود، وميلاد أمة أرادت أن تنهض وتكسر القيود، وها هي اليوم تثبت أنها عصية على الانكسار، محصّنة بإيمانها، ومحمية برجالها.
ونشد على أيدي أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة، الذين أثبتوا وعيهم الكبير بمخاطر مشاريع الاحتلال التدميرية، ورفضهم المطلق لكل ما يسعى للنيل من وحدة وتماسك أبناء اليمن، سواء في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب. إن الشعب اليمني لا يزال واحداً، وأبناءه جميعاً سيظلون يقاومون المؤامرات الهادفة إلى تفتيته، وسيبقى اليمن واحداً، قوياً، موحداً تحت راية الحرية والكرامة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

حماس حاولت الوصول لقاعدة الوحدة 8200 بعد 3 أشهر من بدء الحرب

#سواليف

تتكشف يوماً بعد يوم معطيات جديدة تؤكد اتساع قدرات حركة #حماس الاستخباراتية ومدى نجاحها في الوصول إلى معلومات حساسة تتعلق بجيش #الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته الأمنية.

وكشفت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، اليوم الأحد، عن محاولة استثنائية جديدة قامت بها الحركة، استهدفت هذه المرة #قاعدة 8200 التابعة لشعبة #الاستخبارات_العسكرية في جيش الاحتلال، التي تعد الذراع التكنولوجي والاستخباري الأهم في المنظومة الأمنية للاحتلال.

وبحسب الصحيفة، فإنه بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء عملية #طوفان_الأقصى في 7 أكتوبر، رصدت حماس مناقصة علنية نُشرت على الإنترنت في ديسمبر 2023، تتعلق بخدمات التنظيف لأحد مقرات وحدة 8200.

مقالات ذات صلة الإعدام شنقا لقاتل شقيقته / تفاصيل الجريمة 2025/07/06

وتشير المعلومات إلى أن الحركة حاولت استغلال هذه المناقصة كنافذة لاختراق القاعدة ذات الحساسية الأمنية العالية. وقد دفع هذا الكشف قيادة جيش الاحتلال إلى وقف المناقصة فورًا، وإصدار تعليمات مشددة تقضي بتقييد نشر أي معلومات ذات طابع أمني حساس عبر الشبكة، بما في ذلك المناقصات المرتبطة بالمنظومة العسكرية، لتفادي تكرار مثل هذه المحاولات مستقبلاً.

ولم تكن هذه المحاولة المعزولة الدليل الوحيد على تطور أداء حماس الاستخباراتي. فقد سبق أن كشفت القناة 12 العبرية في فبراير 2025 أن تحقيقات جيش الاحتلال في اقتحام قاعدة ناحل عوز خلال هجوم 7 أكتوبر أظهرت أن مقاتلي حماس كانوا يمتلكون معرفة دقيقة بكل تفصيل داخل القاعدة.

وأوضح التقرير أن مقاتلي حماس كانوا يعرفون مواقع الغرف ونقاط الحراسة، وصولاً إلى أوقات وأماكن وجود الجنود، ما مكّنهم من تنفيذ الهجوم في توقيت تراجع فيه عدد القوات داخل الموقع، وأسفر عن مقتل 53 جنديًا وأسر 10 آخرين.

وفي تقرير آخر نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” في مارس 2024، تبين أن الاحتلال اكتشف خلال عملياته في غزة بنية تحتية استخباراتية متطورة لحماس، تمثلت في خوادم ضخمة أقامتها الحركة تحت الأرض، وأجهزة حاسوب مرتبطة بها تحتوي على كم هائل من المعلومات.

وأكد التقرير أن حماس نجحت في اختراق العديد من الكاميرات الأمنية، بينها كاميرات داخل الكيبوتسات المتاخمة للقطاع، إضافة إلى محاولات متكررة لاختراق هواتف الجنود، ما مكنها من الحصول على بيانات ثمينة وظفتها في التخطيط لعملياتها، وعلى رأسها عملية طوفان الأقصى.

وتشير التقديرات داخل جيش الاحتلال، بحسب ما أوردته التقارير، إلى أن هذه القدرات تتجاوز بكثير التصورات المسبقة لدى أجهزة الأمن التابعة للاحتلال، التي اعتادت التقليل من شأن إمكانيات الحركة في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • فلسطين تطالب بإنقاذ القدس من مخططات الاحتلال
  • في ذكرى عاشوراء .. المرأة اليمنية تجدد العهد في ميادين الوعي والمقاومة
  • حماس حاولت الوصول لقاعدة الوحدة 8200 بعد 3 أشهر من بدء الحرب
  • السلطة المحلية والتعبئة في محافظة البيضاء تحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • المندلاوي في ذكرى عاشوراء يصرخ “هيهات منا الذلة”!
  • في ذكرى رحيلها.. رجاء الجداوي أيقونة الأناقة التي خطفت القلوب على الشاشة والمسرح
  • قوات الأمن المركزي بمحافظة البيضاء يحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • رسالة تحذيرية من الساحات اليمنية .. سنواجه أي تصعيد مهما كان حجمه (تفاصيل)
  • من الدعم إلى التأثير .. الأبعاد الاستراتيجية لاستمرارية الموقف اليمني في مواجهة العدو الصهيوني
  • اليمنية تعلن تدشين رحلات جديدة إلى 3 دول تمر عبر 3 مطارات في اليمن