ضربة الشمس.. العدو الخفي في الصيف الذي يهدد حياتك
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
تُعد ضربة الشمس من أخطر الحالات الطبية الطارئة التي تزداد شيوعًا في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وتشير دراسات طبية عالمية إلى أن هذه الحالة تنجم عن فشل الجسم في تنظيم حرارته بسبب التعرض المباشر والمطول لأشعة الشمس أو الحرارة الشديدة.
ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، تسبب ضربة الشمس ارتفاع حرارة الجسم إلى أكثر من 40 درجة مئوية، ما يؤدي إلى أضرار جسيمة للأعضاء الحيوية، وقد تنتهي بالموت إذا لم يُتخذ إجراء فوري.
ما هي آلية حدوث ضربة الشمس؟
توضح الدكتورة أولغا تشيستيك، أخصائية الأمراض الباطنية، أن ضربة الشمس تبدأ عند تعرّض الرأس مباشرة لأشعة الشمس دون حماية مثل القبعة، حيث تسبب الحرارة الشديدة ارتفاعًا حادًا في درجة حرارة فروة الرأس، هذا الارتفاع ينتقل إلى الأنسجة العميقة، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة واضطراب الدورة الدموية الدماغية، وخللاً في الوظائف العصبية.
وتشير دراسة نشرت في “مجلة طب الطوارئ” عام 2023 إلى أن هذا الارتفاع المفاجئ في الحرارة قد يسبب تورم أغشية الدماغ، وهو ما يفسر ظهور الأعراض العصبية الحادة وخطر الدخول في غيبوبة في الحالات المتقدمة.
الأعراض التحذيرية لضربة الشمس
تبدأ ضربة الشمس بأعراض غير واضحة في البداية، مما يزيد خطر تفاقم الحالة، وتبرز الدراسات الطبية أن العلامات الأولى قد تشمل: صداع شديد ومستمر، دوار وإرهاق عام، غثيان وقيء، تسارع في ضربات القلب والتنفس، اضطرابات بصرية مثل ضبابية الرؤية، تغيرات نفسية مثل التهيج أو الارتباك.
وأظهرت دراسة إكلينيكية في مستشفيات الطوارئ الأمريكية أن الأعراض قد تتأخر من 6 إلى 10 ساعات بعد التعرض للشمس، ما يجعل تشخيص الحالة في بدايتها أمرًا صعبًا، خصوصًا مع الخلط بينها وبين أعراض التعب أو نزلات البرد.
الفرق بين ضربة الشمس وضربة الحر
من الضروري التمييز بين ضربة الشمس وضربة الحر، حيث تؤكد الأبحاث أن ضربة الشمس مرتبطة بالتعرض المباشر لأشعة الشمس وتأثيرها العصبي المباشر على الدماغ، في المقابل، تحدث ضربة الحر بسبب فقدان الجسم للسوائل والأملاح في بيئات حارة ورطبة، مثل الغرف المغلقة، دون الحاجة لتعرض مباشر للشمس، وتبدأ ضربة الحر بأعراض عامة تشمل التعب، التعرق الشديد، والضعف، وقد تتطور دون أعراض عصبية واضحة كما في ضربة الشمس.
الإسعافات الأولية.. خطوات تنقذ الحياة
تشير دراسات طبية متخصصة إلى أن سرعة التدخل في حالات ضربة الشمس تؤثر بشكل مباشر على نتائج الشفاء وتقليل المضاعفات. تُوصي الدكتورة تشيستيك بنقل المصاب فورًا إلى مكان بارد ومظلل، مع وضعه مستلقيًا ورفع ساقيه لتسهيل دوران الدم.
وينصح بتبريد الجسم تدريجيًا باستخدام منشفة مبللة ومروحة، مع التركيز على مؤخرة الرأس والرقبة والإبطين والفخذين، وتحذر الأبحاث من استخدام الثلج أو الماء شديد البرودة مباشرة، لما قد يسببه ذلك من تشنجات وعائية تؤدي إلى مضاعفات، ويجب فك الملابس الضيقة أو خلعها، مع تقديم رشفات صغيرة من الماء أو الشاي إذا كان المصاب واعيًا، مع مراقبة التحسن.
علامات تستوجب استدعاء الطوارئ فورًا
ينصح الخبراء بطلب المساعدة الطبية العاجلة في الحالات التي يظهر فيها: فقدان الوعي أو تشنجات، ارتفاع حرارة الجسم فوق 39-40 درجة مئوية، صعوبة في التنفس، ارتباك شديد أو تغير في مستوى الوعي، وتحذر الأبحاث الحديثة من أن تأخير العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل نزيف الدماغ، نوبات قلبية، تلف الأعضاء الداخلية، وحتى الوفاة.
من هم الفئات الأكثر عرضة؟
تؤكد الأبحاث أن الأطفال، كبار السن، النساء الحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، هم أكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس، بسبب ضعف قدرة أجسامهم على تنظيم الحرارة، كما يُعَد العاملون في الخارج، والذين يتناولون أدوية تؤثر على تنظيم حرارة الجسم، في خطر متزايد، وفقًا لتقرير مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC).
الوقاية هي الدرع الأول
تشدد الدراسات على أهمية الوقاية كأفضل وسيلة لحماية الأفراد من ضربة الشمس، وتوصي باتباع الإجراءات التالية: تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس في ساعات الذروة من 10 صباحًا حتى 4 مساءً، ارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة وأغطية رأس، شرب كميات كبيرة من الماء للحفاظ على الترطيب، تقليل النشاط البدني في الطقس الحار والرطب، هذه الخطوات الوقائية أثبتت فعاليتها في تقليل نسب الإصابة في عدة دول ذات مناخ حار، حسب دراسات حديثة من جامعة هارفارد للطب الوقائي.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أشعة الشمس الشمس حروق الشمس ضربة شمس ضوء الشمس لأشعة الشمس ضربة الشمس ضربة الحر
إقرأ أيضاً:
الجارديان: الحر الشديد هو مستقبل أوروبا بلا مفر
بينما تجاوزت درجات الحرارة في باريس الأسبوع الماضي حاجز الـ38 درجة مئوية، وجدت صحيفة الجارديان البريطانية نفسها تتخيل القفز في مياه "قناة سان مارتان" كما يفعل السكان في نهر الليمات الصافي في زيورخ.
الحرارة الشديدة لم تعد استثناءً، بل أصبحت ملامح مستقبل المدن الأوروبية، التي تتحول خلال موجات الحر إلى "نقاط الصفر" في مواجهة آثار أزمة المناخ.
في باريس، التي تعاني من نقص حاد في المساحات الخضراء وتحتل المرتبة الأخيرة في مؤشر "المنظر الأخضر" لمعهد إم آي تي، بات السؤال الملح: كيف يمكن جعل الحياة في المدينة أكثر احتمالاً في ظل شوارع متعرقة وإسفلت يغلي تحت الأقدام؟.
حلول صغيرة في مواجهة أزمة كبيرةفي مواجهة هذه التحديات، لا تملك المدن سوى "التكيف". فالمبادرات المحلية، وإن بدت رمزية، أصبحت أدوات حيوية لمواجهة الواقع المناخي القاسي. من بين هذه المبادرات في باريس: جدران خضراء بجانب محطات المترو، تحويل مواقف سيارات إلى أحواض من الزهور والأعشاب، ومشاريع الغابات الحضرية كالغابة المزروعة أمام بلدية باريس.
ويوم الأحد الماضي، دشنت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالجو، مشروعها الطموح لجعل نهر السين صالحاً للسباحة لأول مرة منذ قرن. قد يبدو الأمر للبعض مجرد "عرض دعائي"، لكن الباريسيين المتحمسين للنزول إلى النهر يرونه علامة على تحول ثقافي ومناخي.
في أحد تقاطعات باريس، تحول المشهد: الإسفلت الأسود الذي يمتص الحرارة استبدل بحجارة فاتحة اللون تعكس أشعة الشمس، ونصف المساحة السابقة رصع بالنباتات. “التحول البصري لا يمكن إنكاره” وما كان جزيرة حرارية خانقة، سيغدو خلال سنوات واحة أكثر برودة.
رغم الانتقادات الموجهة لهيدالجو، فإن تحولات مثل تحويل ضفاف السين لمناطق مشاة وانتشار مسارات الدراجات تعكس شجاعة سياسية نادرة. فوفقاً للناشط لوك بيرمان من شبكة "الدراجات والمشي"، ارتفعت نسبة الرحلات بالدراجات في باريس من 2% إلى 12% خلال عشر سنوات، بينما تراجعت السيارات من 12% إلى 4%. ويعلق بيرمان قائلاً: "لا توجد مدينة بهذا الحجم تحركت بهذه السرعة.. إنها مثال على ما يمكن للسياسة المحلية أن تحققه".
ورغم هذه التغيرات، تبقى الحرارة قاسية. فحتى الغرف المظللة لم تنج من ليالٍ لاهبة بلا نوم. في المقابل، تحاول أحزاب اليمين المتطرف كـ"التجمع الوطني" بقيادة مارين لوبان استثمار المطالب بتكييف الهواء كقضية انتخابية، دون تقديم حلول جذرية لأزمة المناخ.
وفي حين أن تكييف دور رعاية المسنين والمدارس ومترو الأنفاق أمر ضروري، فإن الحقيقة المرة أن عمارات باريس القديمة من القرن التاسع عشر ليست مؤهلة لتعميم أنظمة التكييف.
المستقبل القريب يبدو أكثر سخونة. وربما يكون كلام عالم البيئة الكندي ديفيد سوزوكي بأن "الأوان قد فات" قاسياً، لكنه يعكس الشعور المتزايد بالعجز. نعم، لا يزال بإمكاننا الحد من تفاقم الأزمة، لكن الضرر الذي لحق بالحاضر والمستقبل أصبح ملموساً.