العبث بالكهرباء في عدن .. عقاب جماعي للشعب!
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
يمانيون – متابعات
تشهدُ المحافظاتُ الجنوبية الواقعةُ تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ أياماً قاسيةً؛ جراء المخطّطات الإجرامية التي تستهدف تدمير كُـلّ شيء.
وأمام الواقع المخيف تمضي دول العدوان والاحتلال في النهب المنظم للثروات، وخلق واقع مأساوي للسكان الذين باتوا يعانون بشكل غير مسبوق من التجويع والإفقار، وكذلك من حرب الخدمات التي لا تقل خطراً عن الحروب المألوفة وإن كانت بعيدة عن أصوات المدافع والطائرات والتدمير والتهجير والقتل، والاستهداف المتعمد لما تبقى في تلك المحافظات من بنية تحتية متهالكة مرتبطة بحياة الناس اليومية من كهرباء ومياه وصحة وتعليم.
ويعاني المواطنون يوميًّا من أزمات مدمّـرة، وفي مقدمتها التدهور المتواصل للعملة المزيفة، وما ينتج عنها من ارتفاع خيالي في الأسعار، والتزامات متزايدة، وخدمات سيئة في مجالات الحياة الضرورية، وتأتي الكهرباء في طليعة الأزمات التي يعاني منها المواطنون في عموم المحافظات المحتلّة ومنها عدن التي تغرق في الظلام لساعات طويلة، بعد أن عرفت الكهرباء عام 1926م، وتحترق بحرارة الصيف التي تجاوزت 42 درجة مئوية؛ بسَببِ انقطاع الكهرباء، وكذلك محافظات شبوة وأبين ولحج تعاني هي الأُخرى من انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار وانهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وخلال السنوات الماضية، حرص العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته، على فرض نفوذه على المحافظات الجنوبية المحتلّة، وعلى ممارسة السياسة التدميرية لكل المؤسّسات والقطاعات الخدمية التي تعرضت للتدمير، وهذا ما جعل المواطنين في معاناة مُستمرّة حتى اليوم؛ ولهذا فَــإنَّ تدهور الخدمات في تلك المحافظات -وفق سياسيين- هي حرب مفتعلة وسياسات يتبناها العدوان وينفذها المرتزِقة، لأغراض سياسية على حساب المواطن المغلوب على أمره الذي لم يعد قادراً على تحمل تبعات هذا الصراع السياسي والسياسة التدميرية التي يمارسها الاحتلال ومرتزِقته في تلك المحافظات، منها محافظة عدن المحتلّة التي اشتدت الحرب المفتعلة فيها وأصبحت واضحة من خلال تعطيل كافة المؤسّسات والخدمات المرتبطة بحياة الناس الذين أصبحت معاناتهم اليومية مريرة وهم يبحثون عن شربة المياه فلم يجدوها إلا بشق الأنفس ويبحثون عن الكهرباء فلم يجدوها إلا منقطعة ومعطلة وخارجة الجاهزية وذلك في ظل صيف شديد الحرارة لم تشهد عدن مثيلاً له في السنوات السابقة.
مخطّط تدميري:
وتؤكّـد دراسة حديثة أن “مجلس المرتزِق العليمي وحكومة الخونة لهم الدور الأبرز في تدمير المؤسّسات الخدمية السيادية في المحافظات المحتلّة، حَيثُ يعتبر المرتزِق العليمي أحد قيادات نظام الخيانة السابق الذي دمّـر المؤسّسات الخدمية الجنوبية، وأحد رجال الدولة العميقة التابعين للجنة الخَاصَّة السعوديّة التي يديرها الأمريكيون والبريطانيون؛ ولهذا تم تمكينه مؤخّراً للمخطّط التدميري للجنوب المحتلّ من قبل العدوان السعوديّ”، موضحة أن “تلك الدولة وذلك النظام وبشراكة المرتزِق الزبيدي ومجلسه الخائن لا تزال تمارس عبثها وفسادها وتدميرها للمؤسّسات الخدمية والاقتصادية حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم”.
وما حدث ويحدث اليوم لتلك المؤسّسات الخدمية من كهرباء وغيرها ما هو إلَّا تشتيت للمواطن واستمرار للاحتلال الأمريكي البريطاني وأدواته السعوديّ والإماراتي ومرتزِقته، ومن أجل ذلك أصبح الوضع الذي يعيشه المواطنون في المحافظات المحتلّة كارثياً للغاية، وأن العدوان والمرتزِقة هم وراء كُـلّ ما يحدث في المحافظات المحتلّة؛ بهَدفِ الإذلال المهين للمواطنين والانتقاص من كرامتهم.
وتؤكّـد المعلومات أن الخدمات في المحافظات المحتلّة ومنها الكهرباء والمياه، والصرف الصحي، هي ملف سياسي بامتيَاز لا تريد دول العدوان وحكومة المرتزِقة أن يتم معالجتها في الوقت الراهن، حَيثُ يستخدم هذا الملف كنوع جديد من أنواع الحروب لتركيع شعوب ودول؛ مِن أجل الحصول على الثروات، فالكهرباء ومثلها المياه والصرف الصحي وبقية أنواع الخدمات العامة تمثّل بلغة الحروب سلاحاً خطيرًا وضعت أسسه دول العدوان السعوديّ الإماراتي، قبل تسع سنوات بذريعة إعادة ما تسمى الشرعية، إن جاز التعبير، وبدأت مسلسل الترهيب والترغيب في ملف حرب الخدمات على مدى السنوات الماضية والتي اشتدت معاناة المواطنين من هذا الملف وتعددت أسبابه، وكلها واهية وغير منطقية، وما يحدث في مدينة عدن التي تعد أول مدينة تدخل فيها الكهرباء على مستوى الجزيرة العربية، التي كانت الكهرباء لا تنقطع إلا نادراً خير دليل، ولهذا فَــإنَّ ما يجري في عدن والمحافظات الأُخرى هو مشروع سعوديّ إماراتي وبضوء أخضر أمريكي بريطاني لتفكيك تلك المحافظات إلى دول صغيرة يرعى تنفيذه المرتزِق العليمي، الذي بارك خلال زيارته الأخيرة لمحافظة حضرموت تشكيل ما يسمى مجلس حضرموت الوطني، الذي تم تشكيلة في الرياض، ويأتي التوظيف السياسي لملف الخدمات وسط تبادل الاتّهامات البينية بين قيادات المرتزِقة ومسؤولي الخيانة الانتقالي حول انهيار الكهرباء.
وعن ملف الكهرباء بشكل خاص والمشلول تحت أعذار مُنظّمة تارة نقص الوقود وأُخرى عدم إيفاء حكومة المرتزِقة بالتزاماتها بدفع ما عليها للشركات الخَاصَّة أَو خروجها عن العمل فجأة أَو تحت مبرّر الصيانة، تؤكّـد المعلومات أن ملف الكهرباء يعد واحداً من الملفات التي تم تقاسمها بين قيادات حكومة المرتزِقة وما يسمى الانتقالي، حَيثُ يدر ملايين الدولارات الموزعة بين هذه الأطراف المتشاركة في الاستفادة من هذه الأموال للصالح الشخصي وتحويل الخدمة إلى سلعة تجارية ربحية.
وعلى الرغم من العداء العقائدي والسياسي بين تلك الأطراف، إلا أن المصلحة المادية تجمعهم عند نقاط التقاء تختفي فيها تفاصيل الاختلاف وتحضر فقط عناوين المصلحة والتفاهمات السرية، ومن غير المستغرب أن يجد المواطن في عدن أَو بقية المحافظات المحتلّة أن من يراه الانتقالي عدوّاً لدوداً له هو نفسه شريك معه في الباطن.
وللتأكيد على ذلك ووفق المعلومات فَــإنَّ حكومة المرتزِقة تنفذ مخطّط العدوان، من وقت سابق، حَيثُ سعت منذ عام 2012م حكومة مرتزِقة الإصلاح، حين تولى الأخير قيادة وزارة الكهرباء ومؤسّساتها وقام بتنفيذ مخطّطات العدوان والتي وصلت مؤخّراً إلى التآمر على تعذيب المواطنين في المحافظات المحتلّة، وعلى إفقار مؤسّسة الكهرباء في عدن حتى لا يستقر الحال ويخرج الناس يطالبون بتوفير الخدمات حسب كلام المرتزِق حميد الأحمر سابقًا وكلام المرتزِقة عبدالملك المخلافي وعبدالعزيز جباري لاحقاً؛ ولهذا قرّرت قيادات تلك الحكومة نفسها في السنوات الأخيرة من الحرب مواصلة التدمير، وأن تعمل حَـلًّا مؤقتًا ومنهكًا لمطالبات الناس بالكهرباء، وذلك عبر الطاقة المشتراة التي أنهكت كهرباء عدن كَثيراً بل وَأفقرتها وجعلتها تهمل حتى في الصيانة البسيطة للكثير من محطاتها الحكومية، وكانت الضربة الموجعة عقود شركات الطاقة التي تحمله كهرباء عدن، وتوفير الديزل لها، مع العلم أن المرتزِق معين شريك أَسَاسي مع مرتزِقة الإمارات الانتقالي في تدمير كهرباء عدن وصفقة الطاقة المشتراة.
احتيالٌ ومؤامرة:
وعن دور مرتزِقة الانتقالي الموالي للإمارات، والذي كان يتقمص دور المعارضة، ويتخذ من معاناة الشعب الإنسانية وانعدام حاجاته الحياتية اليومية وعلى رأسها الكهرباء عناوينَ لفرض سيطرته بقوة السلاح في المحافظات الجنوبية المحتلّة، وأبرزها عدن، أصبح هو من يستغل وجوده لتحقيق مكاسبَ وثروات على حساب المواطنين بعد أن وصل إلى السلطة وفق اتّفاق الرياض، وقام على الفور بممارسة ما كان يمارسه مرتزِقة حكومات الخيانة السابقة من عمليات نصب وسمسرة واحتيال على الأنظمة والقوانين واستغلال المناصب؛ مِن أجل تحقيق مصالحَ شخصية وبناء استثمارات وتكوين ثروات على حساب المواطنين البسطاء المعدمين أَسَاساً.
حيث قام ما يسمى محافظ عدن، لملس، بعقد صفقات مشبوهة لشراء الطاقة الكهربائية عبر شركات يملكها أشخاص مقربون منه؛ وهذا لأَنَّه لم يقم بالإعلان عن مناقصات لشراء الطاقة وإتاحة المجال لكل الشركات للتنافس وتقديم أفضل خدمة بأقل سعر وفق القوانين والأنظمة المعمول بها، بل ذهب إلى التعاقد مع هذه الشركات بشكل مباشر وبمقابل ذلك حصل المرتزِق لملس على عمولات مالية من الشركات لقاء تعاقده بصفته مسؤولاً في الدولة معها دون غيرها وبموافقة المرتزِق معين ما يسمى رئيس الحكومة التابعة للعدوان.
ولهذا فَــإنَّ توقيف وتعطيل محطات توليد الكهرباء والتعاقد مع الشركات الخَاصَّة التابعة لقيادات المرتزِقة والعملاء، ما هي إلَّا عمليات احتيال ومؤامرة ضد أبناء المحافظات الجنوبية واستغلال المرتزِقة والخونة لمعانتهم؛ وهذا ما يراه ويلمسه المواطنون في عدن والمحافظات المحتلّة، من انقطاع الكهرباء وتدهور جميع الخدمات.
وتأتي عمليةُ التعاقد مع شركات الطاقة المشتراة الخَاصَّة رغم وجدود أكثر من 13 محطة توليد كهرباء مخصصة لتغذية كُـلٍّ من: “عدن وأبين ولحج وشبوة” بالطاقة الكهربائية، غير أن هذه المحطات معظمها تم تدميرها وتوقيفها عن العمل، مقابل استئجار محطات توليد الكهرباء ومن ثم شرائها.
وكون المحافظات المحتلّة غنيةً بالثروات النفطية فَــإنَّ العدوان السعوديّ وحكومة المرتزِقة تمنعُ من استخدام هذه الثروة في تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية من الوقود المحلي؛ فمحطات توليد الطاقة الحكومية تحتاج إلى النفط الخام، والديزل، والمازوت: فأما النفط الخام فيتم إنتاجه في شبوة وفي مأرب وفي حضرموت، أما الديزل والمازوت فيمكن استخراجه من النفط الخام عبر مصافي تكرير النفط الخام، الموجودة في صافر بمأرب ومصافي عدن، التي تم تدميرها وإيقافها من قبل المرتزِقة والخونة وتحويلها إلى مخازن فقط لمشتقات النفط التي يستوردها المرتزِق وهامور النفط أحمد العيسي، مقابل إتاحة المجال لدخول القطاع الخاص لتقديم الحل البديل عن مصافي عدن القادرة على تكرير النفط الخام المستخرج من شبوة أَو مأرب أَو حضرموت وإنتاج الكميات اللازمة من الديزل والمازوت اللازم لتشغيل محطات توليد الطاقة بدلاً من انتظار ما تقدمة دول العدوان من كميات وقود مغشوشة لحكومة المرتزِقة وبقيمة مضاعفة؛ وذلك لتدمير ما تبقى من محطات الكهرباء وإغراق عدن في دوامة الأزمات والتي تصب في صالح هوامير الفساد.
احتجاجاتٌ شعبيّة:
ومع استمرار انقطاع الكهرباء لساعات طويلة خلال اليوم الواحد، في عدن والمحافظات المحتلّة، اندلعت احتجاجات شعبيّة غاضبة في عدن المحتلّة، مؤخّراً، عمّت مختلف مديريات المحافظة، ضد دول العدوان وحكومة المرتزِقة، معتبرين حرب الخدمات والكهرباء في عدن عقاباً جماعياً أَدَّى إلى وفاةِ العشرات من المرضى وكبار السنّ المصابين بأمراض مزمنة، على مدى الشهرين الماضيين.
في المقابل، قامت مليشيات الانتقالي بالانتشارِ في المدينة واستخدمت القوةَ ضدّ المحتجّين الذين أُصيب عددٌ منهم بالرصاص الحيّ، فيما اعتُقل آخرون؛ ردّاً على تنديدِ المحتجّين بسياسته، واتّهامهم إيّاه بالمشاركة في تدمير عدن وإعادة المدينة 100 عام إلى الوراء.
وتعصفُ بالمحافظات المحتلّة أزمةُ الكهرباء؛ إذ وصلت إلى حَــدٍّ كارثي، حَيثُ تغرق المحافظاتُ في الظلام الدامس بعد توقف محطات الكهرباء، وانهيار الخدمات التي امتدت إلى المحافظات النفطية، خلال الأسبوع الماضي في ظل ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وتزامناً مع ارتفاع وتيرة المعاناة المعيشية في عدن ولحج وبقية المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلّة في ظل ارتفاع درجة الحرارة، حَيثُ شهدت عدنُ انقطاعاً كلياً للتيار الكهرباء؛ لتعيش المحافظة ظلاماً دامساً جراء هذا الانقطاع، بل إن أحياء عدة في مدينة عدن لم يصلها التيار الكهربائي منذ أَيَّـام، كما شهدت المكلا ولحج وأبين انقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي في ظل الحر الشديد وغير المسبوق للمناطق الساحلية، وتأتي مشكلة الكهرباء؛ باعتبارها واحدةً من أكبر الأزمات التي يعاني منها المواطنون في ظل حكم وسيطرة دول العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته، حَيثُ يشكو أبناء عدن من فسادٍ كارثي يمارسُه مرتزِقةُ العدوان في قطاع الكهرباء وسرقة المليارات ونهب الثروات في كافة المحافظات المحتلّة، التي شهدت منذ منتصف سبتمبر 2021م، صعوداً في المظاهرات الشعبيّة الغاضبة، احتجاجاً على انهيار العملة وارتفاع الأسعار وانقطاع الطاقة الكهربية، وكرد فعل على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية؛ ولهذا فَــإنَّ أزمة الكهرباء ما هي إلَّا نتيجة سياسة ممنهجة تمارسها دول العدوان مرتزِقتها ضد المواطنين في محاولةٍ لإذلالهم وتركيعهم لتمرير أجندتهم ومخطّطاتهم.
وعلى الرغم من أن دول العدوان والاحتلال السعوديّ الإماراتي تسيطرُ منذ تسع سنوات على المحافظات الجنوبية والشرقية ومناطق في الساحل الغربي وبعض مناطق تعز ومحافظة مأرب وشبوة، إلَّا أن تلك المحافظات ومنذ ذلك الحين تشهد أوضاعاً اقتصادية وأمنية متدهورة للغاية، رغم الوعود التي كانت تطلقها بأن تحول المحافظات المحتلّة إلى نسخ مشابهة لدبي وأبو ظبي، لكن عدن التي اجتاحها العدوان في بداية الحرب تعيش اليوم أشدَّ الظروف والأوضاع المعيشية ضراوة، وتشهد انهيارات أمنية واقتصادية وخدمية كبيرة.
ممارسات الاحتلال السعوديّ الأمريكي الإماراتي وفصائله العميلة وتنظيماته الإرهابية، وسيطرتهم على مفاصل الحياة والخدمات الأَسَاسية، أَدَّت إلى فقدان الطعام والشراب والأدوية والمستلزمات الطبية، وبالتالي انتشار العديد من الأمراض وسوء التغذية، بالإضافة إلى معدلات الوفيات، خُصُوصاً بين الأطفال والنساء، ناهيك عن عمليات الخطف والقتل والاغتيالات وانقطاع الكهرباء في تلك المحافظات المحتلّة والتي تتضاعف فيها معاناة المواطنين الذين ما زالوا يعيشون أسوأ حالات الفقر والحرمان وعدم الاستقرار، ويعانون من التداعيات السلبية التي سبَّبتها دول العدوان ومرتزِقتهم، في الجانبِ الخدمي الاقتصادي؛ الأمر الذي اعتبره كثيرون عقابًا جماعيًّا.
المسيرة| عباس القاعدي:
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المحافظات الجنوبیة انقطاع الکهرباء العدوان السعودی المواطنون فی دول العدوان النفط الخام الکهرباء فی محطات تولید ة الکهرباء المؤس سات ما یسمى فی عدن ة التی
إقرأ أيضاً:
خسائر اقتصادية واستياء شعبي جراء أزمة الكهرباء في إيران
طهران – تحوّلت أزمة انقطاع الكهرباء في إيران إلى كابوس يطارد المواطنين يوميا، لا سيما مع تسجيل درجات حرارة قياسية تجاوزت 50 درجة مئوية في بعض المحافظات الإيرانية، كما تتكبد القطاعات الصناعية خسائر جسيمة، وسط تساؤلات عن الأسباب وجدوی الحلول المطروحة.
ولدى إيران ثاني أكبر احتياطي غاز على مستوى العالم بعد روسيا، لكنها تعاني عجزا للاستهلاك المنزلي خلال فصل الشتاء، ما يدفع محطات الطاقة لاستخدام المازوت وينعكس سلبا على تلوث الجو، حتى اضطرت الحكومة إلى خفض إنتاجها لحماية البيئة، لكن القرار عمّق أزمة الكهرباء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصين تعتزم فتح أسواق السلع الأساسية لجذب الاستثماراتlist 2 of 2بغداد تقاضي "كردستان العراق" بشأن عقود غاز مع شركتين أميركيتينend of listقررت الحكومة، في بادئ الأمر، إغلاق المدارس والجامعات وتقليص ساعات العمل في القطاع الإداري مؤقتا بحثًا عن حل لأزمة عجز الطاقة، وذلك قبل الإعلان عن خطتها لترشيد استهلاك الكهرباء في ربوع البلاد مدّة ساعتين يوميا.
ومع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على الطاقة، يأخذ مسار انقطاعات الكهرباء منحى تصاعديا في بعض المناطق، ما تسبب في تزايد الامتعاض الشعبي لتداعياته على الحالة الصحية لشريحة كبار السن والمرضى والرضع، فضلا عن عرقلته دوران عجلة الصناعات، في حين يحذر مراقبون من احتدام الأزمة خلال الفترة المقبلة.
يعتقد الباحث الاقتصادي علي كرطلائي أنه بالنظر إلى مسار انقطاعات الكهرباء في السنوات الأخيرة، ثمة مشكلة عجز الكهرباء في طريقها لتتحول بسرعة من مشكلة قابلة للحل إلى أزمة شاملة.
إعلانوفي مقال بعنوان "انفجار أزمة الانقطاعات على الأبواب" نشره بصحيفة "دنياي اقتصاد"، يسلط الكاتب الضوء على سبب أزمة الطاقة في البلاد ويرى أن تزايد الطلب على الكهرباء نتيجة طبيعية لنمو السكان وتطور التكنولوجيا وانتشار الصناعات الخفيفة والثقيلة في البلاد، لكنه يحذر من مغبة استمرار وتيرة اتساع الفجوة بين تراجع العرض وزيادة الطلب.
ويشير كرطلائي إلى أن وحدات إمداد الكهرباء ومنها محطات الإنتاج ومعدات النقل أمست بالية بسبب انعدام الاستثمارات خلال السنوات الماضية، متوقعًا أن يؤدي استمرار الوضع الحالي ليس فقط إلى اتساع نطاق الانقطاعات وإلحاق أضرار جسيمة بالصناعات الإنتاجية في البلاد، بل إحداث حالة استياء اجتماعي عميقة قابلة للتحول إلى أزمة.
خسائر ومعاناةيتسبب انقطاع التيار الكهربائي بمجموعة من المشكلات الأخرى في القطاع المنزلي، منها انقطاع خدمة الصرف الصحي، والاتصالات وشبكة الإنترنت بسبب الاعتماد على الكهرباء في تشغيل هذه المرافق وغيرها، حتى تحول الحديث عن المعاناة اليومية الناتجة عن أزمة الكهرباء إلى جزء ثابت في منصات التواصل الإيرانية.
ونظرًا إلى التداعيات السلبية لقطع الكهرباء على قطاع الإنتاج أثارت الأزمة الراهنة جدلًا في ما إذا كان القطاع الصناعي له الأولوية في سياسات تقنين الطاقة لمواجهة عدم التوازن، وهل يشكل إغلاق المصانع حلا مناسبا لسد عجز الكهرباء في الظروف الاقتصادية المتدهورة في البلاد؟.
في غضون ذلك، يلقي رئيس لجنة الصناعات والمناجم في البرلمان الإيراني رضا علي زاده، الكرة في ملعب الحكومة بالقول، إن "وعود المجلس الوزاري بعدم شمول المصانع بتقنين الطاقة وقطع الكهرباء لم تتحقق بعد"، معتبرا أن استمرار الوضع الراهن يشكل أحد أخطر التهديدات للاقتصاد الوطني لما يترتب عليه توقف خطوط الإنتاج.
ونقلت صحيفة "جام جم" الناطقة بالفارسية عن علي زاده قوله، إن قطع الكهرباء عن القطاع الصناعي يؤدي إلى إيقاف عجلة الإنتاج، وتقليص فرص العمل، وتراجع الصادرات، وخسارة الأسواق الخارجية وزيادة عجز الموازنة.
إعلان خسائر اقتصاديةمن ناحيته، ينتقد ممثل اتحاد أصحاب العمل في المجلس الوطني الأعلى للعمل، علي أصغر آهني تأثر القطاع الصناعي بالسياسات الحكومية لتقنين الطاقة، موضحا أن العديد من قطع الغيار تُتلف أثناء انقطاع الكهرباء، في حين لا توجد بدائل محلية لها بسبب الاعتماد على الاستيراد، ما يُفاقم معاناة العمال وأصحاب العمل.
ونقلت وكالة أنباء تسنيم عن آهني قوله، إن انقطاع الكهرباء تسبب في تعطيل 50% من طاقة المصانع في المدن والبلدات الصناعية المنتشرة في ربوع البلاد في الوقت الراهن، في حين أن أصحاب العمل يتحملون تكاليف تعادل 5 أشهر من الرواتب خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الإيراني، التي تزامنت وتقنين الكهرباء، بسبب ضرورة دفع المكافآت والرواتب وغيرها.
وفي ظل تضارب التقارير عن حجم الأضرار جراء أزمة الكهرباء، وضع الرئيس مسعود بزشكيان حدا للتقديرات بشأن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني، مؤكدا أنها تجاوزت 3000 تريليون ريال إيراني (3.65 مليارات دولار) خلال العام الإيراني الماضي (انتهی في 21 مارس/آذار 2025).
وفي كلمته في المؤتمر الدولي التاسع للطاقات المتجددة، أوضح الرئيس الإيراني السبت الماضي، أن تركيز الحكومة ينصب على الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والنووية، موضحا أن التوجه المستقبلي هو الاعتماد على الكهرباء بدلا من الغاز للتدفئة والتبريد في المنازل.
وبينما تحدث بزشكيان عن ضرورة تطوير الألواح الشمسية ومعدات تخزين الطاقة، لأن هذه الطاقة لا تنضب ولا تسبب تلوثا، كشف أنه وفق البيانات الرسمية "نستهلك الكهرباء أكثر من 6 أضعاف الدول الأوروبية ويمكننا تصحيح هذا المسار إذا تعاون المواطنون معنا".
وفي ظل معاناة القطاعين المنزلي والصناعي جراء انقطاع الكهرباء، أدت الخطة الحكومية لمعالجة الأزمة إلى انقسام في الأوساط الإيرانية بين من يعتبر أن "الحديث عن استبدال الغاز بالكهرباء في الوضع الراهن ضرب من الخيال!" وآخر يرى في الخطة حلا جذريا للمشكلة.
إعلان خطة للحلمن جانبها، انتقدت صحيفة جوان المقربة من الحرس الثوري، الخطاب الحكومي في إلقاء اللوم على الشعب بسبب "استهلاكه المفرط للكهرباء"، موضحة أنه في ظل العجز الحاد للطاقة -كهرباء وغاز- وترسُّخ أنماط استهلاكية خاطئة، وتكرار انقطاع التيار عن المنازل والصناعات، فإن الحديث عن الاعتماد الكلي على الكهرباء بديلا يبدو غير منطقي في هذه المرحلة.
وكتبت الصحيفة، إن ما يحتاجه الناس اليوم، هو حلول عملية قائمة على معطيات الواقع الراهن، وليس اجترار مقاربات قديمة، ربما كانت مجدية في السابق، لكنها اليوم عاجزة عن حل المشكلة بل قد تكون عبئا إضافيا.
في المقابل، يدافع الخطاب الحكومي عن الفكرة انطلاقا من تفاقم أزمة تلوث الجو في فصل الشتاء بسبب استخدام الطاقة الأحفورية وتمتع البلاد بإمكانات هائلة لإنتاج الطاقة من ضوء الشمس والرياح فضلا عن أن توجيه الغاز إلی محطات إنتاج الكهرباء سيؤدي إلى رفع الإنتاجية وتصدير الفائض.
وبين هذا وذاك يستنتج الأكاديمي هاشم أورعي، أن فكرة استبدال الغاز بالكهرباء صحيحة من الناحية النظرية، لكنها غير عملية في الظروف الحالية بسبب غياب البنية التحتية والتكاليف الباهضة التي يتطلبها المشروع.
وفي تعليق نشره في صحيفة "ستاره صبح" يشير أورعي إلی أنه تم استثمار مليارات الدولارات في شبكة الغاز المنزلي خلال السنوات الماضية، وأن استبدال الأجهزة المنزلية التي تعمل بالغاز يتطلب استثمارات ضخمة ووقتا طويلا موضحا، أنه إذا تحول الاستهلاك المنزلي من الغاز إلى الكهرباء وقمنا بتصدير الغاز أو استخدامه لإنتاج الكهرباء، فسنحقق كفاءة أعلى عموما، لكن هذا غير قابل للتطبيق عمليا.