سلطان بن سالم العيسائي **

sultan52053@gmail.com

في خضم تصاعد الأزمات الجيوسياسية في المنطقة، برزت سلطنة عُمان كأنموذج فريد في تبني نهج الحياد الإيجابي والدبلوماسية الهادئة، الذي مكنها من الحفاظ على توازن استراتيجي في علاقاتها مع مختلف الأطراف المتنازعة إقليميا ودوليا. ولقد شكل هذا النهج حجر الزاوية في السياسة الخارجية العُمانية منذ عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد- رحمه الله- واستمر بقوة وثبات في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.

وسلطنة عُمان لم تكن يومًا دولة هامشية في محيطها؛ بل أدت دورًا مركزياً في التهدئة والوساطة، كما في الأزمة اليمنية، حيث احتضنت السلطنة محادثات غير مُعلنة بين أطراف الصراع، وأسهمت في توفير أرضية للحوار السياسي البعيد عن التصعيد الإعلامي. وفي الملف الإيراني الخليجي، احتفظت مسقط بعلاقات متوازنة مع طهران ودول مجلس التعاون على حد سواء، مما منحها مساحة موثوقة للتحرك الدبلوماسي عند الأزمات.

وتتمثل قوة هذا الحياد الإيجابي في أنه ليس موقفا سلبيا أو انسحابا من التأثير، بل هو اختيار استراتيجي واع، يُعزز من مكانة السلطنة كوسيط نزيه وشريك موثوق. كما إن هذا النهج اكتسب أهمية متزايدة مع تزايد الاستقطاب بين القوى الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة، والصين، وروسيا؛ حيث حافظت عُمان على استقلالية قرارها الخارجي دون الانخراط في تحالفات حادة أو اصطفافات أيديولوجية.

ورغم ما يفرضه المحيط المضطرب من تحديات؛ فإنَّ الحياد العُماني يظل أحد الضمانات الأساسية للاستقرار الداخلي والإقليمي، خاصة في ملفات حساسة كأمن الطاقة، والملاحة الدولية، والتنمية المستدامة. ومع تسارع التحولات الإقليمية، تبرز الحاجة لتأطير هذا النهج ضمن سياسة خارجية أكثر مرونة وقدرة على التكيف، توازن بين المبادئ والسيادة، وبين البراغماتية والحكمة التاريخية.

وكذلك، أمام صعود قوى دولية جديدة كالصين، وتزايد التوترات البحرية في مضيق هرمز والبحر الأحمر، فإن استمرار السلطنة في تبني الحياد الإيجابي يمنحها القدرة على لعب أدوار استراتيجية دون المخاطرة برصيدها السياسي أو الاقتصادي. وقد أثبتت التجارب أن الدول التي تنتهج الدبلوماسية الهادئة تضمن موقعها كوسيط، لا كطرف، وهو ما يتسق مع المبادئ الثابتة للسياسة العُمانية.

وعليه.. فإن قراءة الدور العُماني ليست فقط تأريخًا لمواقف مُتزنة؛ بل دعوة لإعادة فَهْم "الحياد" كقوة ناعمة قادرة على صناعة التوازن، في زمن تتراجع فيه مساحات العقلانية السياسية.

** رئيس قسم التعلم مدى الحياة بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الأجواء الهادئة تسيطر على أداء لجان الشهادة الإعدادية بالدقهلية وسط متابعة ميدانية مشددة

تواصلت اليوم الأحد متابعات أعمال امتحانات شهادة إتمام الدراسة لمرحلة التعليم الأساسي بمحافظة الدقهلية في اليوم الثاني للامتحانات وذلك تنفيذًا لتوجيهات الوزير محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني واللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية

أدى الطلاب امتحاناتهم في مادتي الجبر والإحصاء 
والدراسات الاجتماعية وسط أجواء هادئة وانضباط ملحوظ داخل اللجان وتحت إشراف ميداني مكثف من قيادات التعليم على مستوى المديرية والإدارات التعليمية

وتابع سير الامتحانات فريق غرفة العمليات الرئيسة بمديرية التربية والتعليم بالتنسيق مع غرف العمليات الفرعية بالإدارات التعليمية لرصد أي ملاحظات أو تجاوزات والتعامل الفوري معها

وقد تم رصد بعض محاولات الغش بإدارات
 السنبلاوين -  أجا -  ميت غمر  - نبروه -  المنزلة 
ويجري اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من قبل إدارتي المتابعة والشئون القانونية

يُذكر أن عدد الطلاب المتقدمين للامتحانات هذا العام بلغ 126344 طالبا وطالبة موزعين على 590 لجنة امتحانية بمختلف أنحاء المحافظة 
بالإضافة إلى 2370 طالبا وطالبة من طلاب الإعدادية المهنية يؤدون امتحاناتهم داخل 16 لجنة

وتستمر المتابعة اليومية على مدار فترة الامتحانات بهدف دعم الانضباط وتوفير أجواء مناسبة تساعد الطلاب على أداء الامتحانات في ظروف مستقرة ومريحة

مقالات مشابهة

  • الأجواء الهادئة تسيطر على أداء لجان الشهادة الإعدادية بالدقهلية وسط متابعة ميدانية مشددة
  • تفعيل صناديق دعم الزواج بمحافظات السلطنة قبل نهاية يونيو
  • استعراض الفرص الاستثمارية بين السلطنة وكازاخستان
  • سر إصرار الهند على شرط تجميد "التعمين"!
  • مؤتمر الحياد الكربوني يوصي بإطلاق صندوق تمويل أخضر لدعم المشروعات الصديقة للبيئة
  • التربية الهادئة..هل هي الحل الأمثل لنشأة طفل متوازن عاطفيًا؟