معركة الوعي والتعبير بين هارفارد وأخواتها
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
التعليم عنصر رئيس ومبتغى حيوي للمؤسسات الحكومية والخاصة، العالمية والمحلية، وحتى الأفراد حين يتصاعد الحديث حول تشكيل الوعي أو توجيهه في بلاد ما، أو حتى في العالم أجمع، لا سيما مع ما يعيش العالم اليوم من انفتاح وتسارع يجعل مهمة تشكيل الوعي مهمة مفتوحة تفاعلية بين الأنا والآخر.
ومع التركيز على التعليم كانت مؤسسات التعليم العالي هدفا للتأثير والتأثر بين ما لا يمكن تجاهله، وما لا ينبغي تداوله، لكن السؤال اليوم هو ذاته سؤال الدوائر المغلقة قديما عن مجتمعات معزولة، أو جماعات متفرقة، فهل يمكن عزل المؤسسة الأكاديمية -خاصة الجامعات- عما يحدث سياسيا أو اقتصاديا أو حتى مجتمعيا؟ ثم هل هذا العزل والإقصاء في مصلحة الجامعات ومنتسبيها؟ ليس هذا الطرح بالمبحث الجديد؛ فطالما تدخلت الجامعات بأساتذتها وطلابها لتغيير مجرى الأحداث الكبرى مجتمعيا بتشكيل جبهة لصنع الرأي، وتجييش الجهود وصولا لهدف أراده الساعون مرآة لمستوى وعي المنتسبين لهذه الجامعات.
وما هذا السجال بين الجامعات الغربية، وحكوماتها اليوم إلا انعكاس لضفتي التأثير والتأثر بين جامعات متحققة واثقة بمستوى الوعي، والقدرة على التأثير والتغيير معا، وحكومات همها تنفيذ أجنداتها السياسية والاقتصادية دون تشويش الجامعات ومنتسبيها على هذه الخطط، وكأنها تضع الجامعات في مربع التلقي والتلقين وحسب، بعيدا عن خطابات التعبير عن الرأي، أو قرارات المؤسسة التعليمية التي قد تتعارض والسياسات الحكومية. ولو كان نقاشا حول جامعات غير معروفة لكان الأمر هينا مسكوتا عنه، لكن كيف لجامعة لها ثقلها في التصنيف العالمي الركون للصمت، والاستسلام للدعة، بل واختيار التعامي عما يحدث من كوارث وحروب صنعتها حكومات يحركها النزاع على السلطة والتوسع والاحتكار؟!
منذ بدأت أحداث غزة الأخيرة وبعض الجامعات الغربية تنهض بدورها في احترام حرية الرأي والتعبير، فيما استسلم بعضها الآخر لضغوطات التهديد بوقف الدعم وتقليص الإنفاق، وبين هذه وتلك دفع الكثير من منتسبي الجامعات ضريبة رأيهم السلبي أو الإيجابي بين استهجان العامة والمقاطعة المجتمعية، أو تحمل العقوبات الإدارية من تقييد أنشطة وتهميش، وحتى الفصل وإنهاء الخدمات. لكن المؤسسة ذاتها تعرضت للأمرين بين نشاط بلغ الإصرار على الضغط على الجامعات وشركائها لقطع علاقاتها مع إسرائيل، وردود فعل حكومية بلغت قطع أو تقليص ميزانية هذه الجامعات؛ عقابا على موقفها المخالف للحكومة.
وخلال هذه الأيام تعود هذه المواجهة بين الطرفين؛ إذ توافد -على مدار 24 ساعة متواصلة -عشرات من الطلاب والأكاديميين والنشطاء إلى ساحة جامعة هارفارد الأمريكية في وقفة حداد قرأوا خلالها أسماء قرابة 12 ألف طفل فلسطيني قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، في مشهد مهيب يعكس فداحة المأساة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من 600 يوم من الحرب والحصار، بالتزامن مع إعلان منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن نحو 50 ألف طفل فلسطيني استشهدوا أو جُرحوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن القطاع أصبح «أخطر مكان في العالم على الأطفال».
أتت هذه الوقفة بعد إعلان السلطات الأمريكية إعادة النظر في التمويل الممنوح لجامعة هارفارد البالغ 9 مليارات دولارعلى خلفية اتهامات بـ«معاداة السامية» في الحرم الجامعي، وذلك بعد سحب ملايين الدولارات من جامعة كولومبيا التي شهدت احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتجريد هذه الجامعات من التمويل الفيدرالي لموقفها من حرب إسرائيل على غزة في 7 أكتوبر 2023. كما طلب من مسؤولي الهجرة ترحيل الطلاب الأجانب المتظاهرين لاسيما حاملي بطاقات الإقامة. وسينظر المسؤولون في عقود بقيمة 255.6 مليون دولار بين هارفارد والحكومة بالإضافة إلى 8.7 مليار دولار من التزامات المنح متعددة السنوات للمؤسسة المرموقة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». ويرى منتقدون أن حملة إدارة ترامب انتقامية، وسيكون لها تأثير مخيف على حرية التعبير، بينما يصر مؤيدوها على أنها ضرورية لإرساء النظام في الجامعات، وحماية الطلاب اليهود.
ثم تأتي مواجهة جديدة للتصعيد بعد صخب الحرب الاقتصادية بين حكومة ترامب والصين؛ فقد أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستبدأ إلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين ضمن حملة أوسع تستهدف الطلاب الأجانب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن القرار لا يقتصر على هارفارد وحدها؛ إلا أنه يزيد من حالة القلق وعدم اليقين في الحرم الجامعي، كما يقول أستاذ العلوم الحكومية في هارفارد ستيف ليفيتسكي: «إن اتهامات الإدارة ما هي إلا مبررات سياسية، ما نشهده هو محاولة منهجية لإضعاف استقلال التعليم الأكاديمي.
تتجاوز هذه التداعيات حدود حرم الجامعة في هارفارد»؛ إذ يُسهم الطلاب الأجانب بما يُقدّر بــ 40 مليار دولار سنويا في الاقتصاد الأمريكي، وفي الجامعة يشكلون حوالي 25 بالمائة من إجمالي الطلاب، وتزيد النسبة في بعض البرامج الدراسية العليا. كما أشار إلى أن الأمر لا يتعلق بهارفارد فقط، بل بمستقبل التعليم والديمقراطية في أمريكا محذرا من أن السماح للحكومة بمعاقبة الجامعات لأسباب سياسية يعد سابقة خطيرة.
ختاما؛ جدير بالمتعلمين والمثقفين اختيار الحق خيارا أبديا، فلا يمكن لمراكز التعليم والتعلم إلا تصدر صناعة الوعي، ونشر القيم في احترام الأرض والإنسان، والسعي لسلام العالم، وتنمية المجتمعات، وأمان مواطنيها. وما هذه المعارك التصادمية، وهذه المواجهات المفصلية إلا اختبار ثباتها في تأسيس المعارف، ونشر العلوم، وقياس قدرتها ومنتسبيها على تمثل الوعي سبيلا لخدمة الإنسان وتنمية الأوطان. وفي هذه المعارك تبقى الكلمة الفصل للوعي الحقيقي، والقيم النبيلة ثوابت لا تتغير، ويبقى الساسة وسباقاتهم ومصالحهم متغيرات يبدلها الوقت، وتغيرها المراحل.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شروط قبول الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والمكفوفين بالجامعات 2025
تزامنًا مع تنسيق الجامعات 2025، يزداد البحث من طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور حول تسهيلات القبول لذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة مع تأكيد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمجلس الأعلى للجامعات على دعم تكافؤ الفرص وضمان حق التعليم للجميع.
وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص تنسيق الجامعات 2025، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.
قبول مباشر لطلاب الاحتياجات الخاصة في الجامعاتأوضح مكتب التنسيق أنه يمكن قبول الطلاب المصريين من ذوي الاحتياجات الخاصة (ثانوية عامة مصرية أو ما يعادلها من الشهادات العربية والأجنبية) عن طريق الجامعة مباشرة، مع استثنائهم من شرط المجموع الكلي، بشرط الحصول على 50% على الأقل بالشهادة الثانوية.
ويُقبل الطلاب من ذوي الإعاقة الحركية بكليات (الآداب، التجارة، الحقوق)، بشرط أن تكون الإعاقة تمنع الطالب من الحركة أو تدوين المحاضرات إلا بمساعدة.
كليات مخصصة للمكفوفينوتُتاح للطلاب المكفوفين كليات (الآداب، دار العلوم، الألسن، الحقوق، الخدمة الاجتماعية)، ويتم القبول بعد تقديم تقرير طبي معتمد.
كليات للصم وضعاف السمعويمكن للصم وضعاف السمع الالتحاق بكليات (التربية النوعية، الاقتصاد المنزلي) بشرط استيفاء الشروط الطبية اللازمة.
كليات لطلاب الدمج بالتنسيق الجامعيويُسمح لطلاب الدمج المُدرجين بشهادات الثانوية العامة المصرية بالالتحاق بكليات (الآداب، الحقوق، التجارة، دار العلوم، الألسن، الخدمة الاجتماعية)، وفق تقييم اللجنة الطبية.
القبول عبر التنسيق الإلكترونيويمكن للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة التقديم عبر موقع التنسيق الإلكتروني: https://tansik.digital.gov.eg، وفقًا لقواعد الترشيح المعلنة، بشرط اجتياز اختبارات القدرات أو المقابلات الشخصية، حسب متطلبات الكلية.
ضوابط التوزيع الجغرافي بالتنسيق 2025وحددت وزارة التعليم العالي 3 مجموعات جغرافية:
- المجموعة (أ): الجامعات الأقرب للإدارة التعليمية.
- المجموعة (ب): جامعات قريبة تالية للمجموعة (أ).
- المجموعة (ج): باقي الجامعات المتاحة على مستوى الجمهورية.
اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة 2025ويجب على الطلاب الراغبين في الالتحاق بكليات تتطلب اختبارات قدرات التسجيل على موقع التنسيق الإلكتروني حتى 30 يوليو 2025.
وتشمل الكليات: الفنون الجميلة، الفنون التطبيقية، التربية الموسيقية، التربية الفنية، علوم الرياضة.
تعليمات مهمة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة- تقديم تقرير طبي معتمد من اللجنة الطبية العليا.
- التسجيل المبكر لتفادي الضغط على الموقع.
- استخدام معامل الحاسب بالجامعات مجانًا.
- استشارة إدارة الجامعة لتحديد الكلية الأنسب.
اقرأ أيضاًتعرف على أماكن معامل تنسيق 2025 في الجامعات الحكومية.. المرحلة الأولى بدأت
تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. موعد بدء التقديم والمؤشرات الأولية
تنسيق الجامعات.. مؤشرات القبول بكليات المرحلة الأولى 2025