إبراهيم شقلاوي يكتب: مشارف العودة إلى الاتحاد الإفريقي
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
بعد أكثر من ثلاث سنوات من التجميد، يبدو أن السودان بات على مشارف العودة إلى الاتحاد الإفريقي، مدفوعًا بجملة من التحولات السياسية والدبلوماسية التي بدأت تثمر مواقف أكثر تفهمًا من قبل المجتمع القاري تجاه الأزمة السودانية. هذه العودة لا تنفصل عن سياقات إقليمية ودولية، كما أنها تعكس صراعًا محتدمًا بين مساعي تثبيت الدولة الوطنية و محاولات الالتفاف عليها.
خلال الأشهر الأخيرة بات السودان على وشك العودة إلى الاتحاد الإفريقي، بعد أكثر من ثلاث سنوات من تعليق عضويته إثر إجراءات 25 أكتوبر 2021. وتُقرأ هذه العودة المحتملة في سياق انعكاس لتحولات داخل المشهد السياسي السوداني، وتفاعل مختلف المؤشرات والمعطيات الإقليمية والدولية المحيطة.
في 19 مايو 2025، أقدم الرئيس البرهان على تعيين الدكتور كامل الطيب إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء، في خطوة وُصفت في عدد من التصريحات الدولية بأنها إشارة إيجابية نحو استعادة المسار الدستوري. فقد رحّب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، بهذا التعيين واعتبره خطوة نحو حكومة قد تسهم في تهيئة البيئة السياسية للانتقال المدني الشامل، وفقًا لما ورد في بيان رسمي صادر عن المفوضية نُشر عبر وسائل إعلام دولية، منها وكالة “رويترز”.
وقد جاء هذا التطور في سياق دبلوماسي حافل بالتحركات السودانية الهادفة إلى إعادة بناء جسور الثقة مع الاتحاد الإفريقي، وهو ما برز بوضوح الأسبوع الماضي من خلال المشاركة الرسمية للسودان في فعالية “يوم إفريقيا” بمقر الاتحاد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقد ضمّت المشاركة جناحًا ثقافيًا سودانيًا لافتًا، وكانت الأولى منذ قرار التجميد في أكتوبر 2021، وحظيت باهتمام واضح من قيادات إفريقية، أبرزهم رئيس مفوضية الاتحاد ووزير الخارجية الإثيوبي، كما أكدت تغطيات إعلامية لشبكة “BBC Africa”.
كذلك تبنّت قمة إحياء السلم والأمن لجمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة، والتي انعقدت في مدينة عنتيبي الأوغندية مؤخرًا، بندًا خاصًا تحت عنوان “التضامن مع السودان” في بيانها الختامي. وجاء في البيان دعم لخارطة طريق الحكومة السودانية، وتأكيد على سيادة السودان ورفض الحلول المفروضة من الخارج، وهي صيغة تحمل إدانة مبطنة لأي تدخلات إقليمية مباشرة، خاصة تلك التي تمارسها بعض الدول في دعم الميليشيا .
وقد نقلت وسائل إعلام رسمية، مثل “الشرق”، تصريحات من الوفد السوداني المشارك برئاسة مالك عقار، اتهم فيها دولة الإمارات العربية المتحدة بدعم ميليشيا الدعم السريع المتمردة، وطالبها بوقف الدعم الذي تقدّمه.
لكن التحول الأبرز في العلاقة مع المنظمة تمثل في زيارة وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى بورتسودان في أكتوبر 2024 ، برئاسة السفير محمد جاد، سفير مصر لدى الاتحاد. وقد اعتُبرت هذه الزيارة، وفق مراقبين، أبرز محطة في مسار تطبيع العلاقات بين السودان والمنظمة القارية. وتأتي أهمية هذه الزيارة من كونها الأولى منذ اندلاع الحرب، وكونها أيضًا مثّلت اعترافًا ضمنيًا من الاتحاد بضرورة مراجعة مواقفه السابقة تجاه السودان، خاصة بعد أن عبّر الرئيس البرهان عن موقف حازم من توصيف الاتحاد لما جرى في أكتوبر 2021، معتبرًا أن السودان يواجه استعمارًا بالوكالة عبر ميليشيا متمردة مدعومة إقليميًا.
وفي هذا اللقاء، أشار البرهان إلى أن جزءً من البلاد “يقبع تحت احتلال ميليشيا متمردة مدعومة بمرتزقة أجانب”، وهو توصيف وجد طريقه إلى النقاشات الداخلية للمجلس، بحسب تسريبات صحيفة Jeune Afrique في تغطيتها بتاريخ 26 مايو 2025.
وأشار السفير محمد جاد حينها، في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام دولية، من بينها قناة “الحدث”، إلى أن الوفد لمس خلال زيارته تفاهُمًا واسعًا لضرورة استعادة السودان لعضويته، باعتبار ذلك شرطًا أساسيًا لدعم جهود السلام وفتح قنوات التعاون، مؤكدًا أن الزيارة تؤسس لـ”خارطة طريق جديدة” لعودة السودان إلى المنظومة الإفريقية.
وتتزامن هذه التحولات مع استمرار انتهاكات جسيمة ترتكبها ميليشيا الدعم السريع، بحسب ما أكدته منظمات حقوقية ودولية، أبرزها “هيومن رايتس ووتش”، التي وثّقت في تقارير حديثة ارتكاب هذه القوات جرائم حرب في ولايات دارفور وكردفان. وآخر الإدانات صدرت أمس من الخارجية الأمريكية، نتيجة قصف الميليشيا منشأة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في دارفور، كما سبق أن فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على قائدها محمد حمدان دقلو، وسبع من شركاته التي تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقرًا لها.
هذا، وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة، فإن استعادة السودان لمقعده في الاتحاد الإفريقي ستكون تتويجًا لتحول سياسي ودبلوماسي كبير، ونجاحًا حقيقيًا للاتحاد الإفريقي في مغادرة موقع “المراقب السلبي” والتحول إلى شريك حقيقي في استعادة الأمن والسلام في السودان. عليه، فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد طبيعة العلاقة بين السودان والاتحاد الإفريقي. وحال تحقق ذلك، ستكون الخرطوم قد قطعت شوطًا مهمًا نحو استعادة موقعها كدولة محورية في القارة الإفريقية.
إبراهيم شقلاوي
الأحد 1 يونيو 2025م. Shglawi55@gmail.com
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الاتحاد الإفریقی
إقرأ أيضاً:
الشاعر السوداني أزهري محمد علي يشارك في لجنة تحكيم مهرجان الأغنية العربية
شارك الأستاذ ازهري محمد علي في لجنة تحكيم مهرجان الأغنية العربية، الذي أقيم في تونس في يوليو من هذا العام. واختير ازهري من قبل اتحاد الإذاعات العربية للمشاركة في لجنة التحكيم، التي ضمت عددًا من الشخصيات الفنية البارزة من مختلف الدول العربية.
تونس: التغيير
تألفت لجنة التحكيم من عدد من الفنانين والشخصيات الفنية البارزة، وهم: الفنان المصري محمد الحلو، الفنان التونسي شكري الحنوشي، الفنانة المغربية سميرة القادري، الشاعرة الكويتية دلال عبدالعزيز، والشاعر أزهري محمد علي من السودان.
وتمت عملية التحكيم في الفترة من 27 مايو إلى 30 مايو في تونس، حيث قامت اللجنة باختيار الأغاني الفائزة في المهرجان.
عبر ازهري عن سعادته بالمشاركة في لجنة التحكيم، مؤكدًا على شكره وتقديره لاتحاد الإذاعات العربية على الدعوة الكريمة والاختيار. كما أعرب عن سعادته بالرفقة مع الأعضاء الآخرين في اللجنة، الذين يمثلون مختلف الدول العربية.
حزن على غياب صوت السودانفي الوقت نفسه، أعرب ازهري محمد علي عن حزنه على غياب صوت السودان وعدم المشاركة في المنافسة، بسبب الظروف الحالية في البلاد. وتمنى ازهري أن تنتهي الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها في السودان.
و قدم ازهري شكره وتقديره لاتحاد الإذاعات العربية على الحفاوة وحسن الضيافة والتكريم، كما قدم شكره لتونس الخضراء على استضافة المهرجان.
وأعلن اتحاد إذاعات الدول والعربية الثلاثاء عن تتويج الأردن وسلطنة عمان ومصر بجوائز الدورة 15 من المسابقة العربية للموسيقى والغناء، التي يُنظمها الاتحاد مرة كل سنتين. وشهدت هذه المسابقة مشاركة واسعة من الهيئات الإذاعية العربية، بما في ذلك إذاعات عامة وخاصة، حيث بلغ عدد الأغاني المشاركة 11 عملاً غنائيًا و8 مقطوعات موسيقية من عدة دول عربية.
موضوع المسابقةنُظمت الدورة الحالية تحت عنوان يحمل طابعًا وجدانيا عميقًا، حيث اختير موضوع “الوطنية” ليكون محور الأعمال الغنائية المشاركة، بتوزيع أوركسترالي يتوافق مع جمالية اللحن وعمق المعنى. وأكد الاتحاد أن اللجنة المنظمة اشترطت أن تعبر الأغاني عن معاني الانتماء والتضحية والفداء، وأن تُقدم بلغة مفهومة تعلي من القيم الوطنية الجامعة.
واشترطت اللجنة أيضًا في تقديم المقطوعات الموسيقية أن تكون مؤلفة وفق المقامات العربية وتقديمها في توزيع أوركسترالي كامل. وأشار الاتحاد إلى أن الأعمال المقدمة تنوعت في الأسلوب والطرح، لكنها التقت جميعًا حول جوهر واحد هو حب الوطن والاعتزاز بالهوية العربية.
أسندت الجائزة الأولى إلى الفنان الأردني نبيل سمور عن أغنية “كأن الدار ترثيني نوافذها”، فيما حصل على الجائزة الثانية الفنان العماني عبد الحميد الكيومي عن أغنية “موطن الجلال”، وذهبت الجائزة الثالثة إلى الفنان المصري إيهاب عبد السلام عن أغنية “موسيقى النضال”.
تتويج الفائزينسيتم تتويج أصحاب الجائزة الأولى في مسابقة الأغنية ومسابقة المقطوعة ضمن فعاليات الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، المزمع عقده في الفترة من 23 إلى 26 يونيو الجاري في تونس. كما ستقوم الإدارة العامة للاتحاد ببث جميع الأعمال المشاركة عبر منصات التبادل الإذاعي، إلى جانب تخصيص رابط خاص على موقع الاتحاد الإلكتروني لعرض هذه الأعمال أمام جمهور أوسع من المهنيين والمهتمين.
الوسومالأغنية العربية الشاعر أزهري محمد علي