مواكب المتهافتين على باب السلطان..!
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
يبدو أن ذاكرة بعض الشعوب فعلا ضعيفة، أتردد أحيانا أن أقول ذلك من باب التعميم، لأنه لعل وعسى ثمّة فروق بين الشعوب في قوة الذاكرة او ضعفها، وعلى أي حال فإني استطيع القول إن ذاكرة الشعب الليبي أثبت الواقع أنها ضعيفة، ولا تكاد تصمد أمام توالي السنوات التي صرنا نحسها تمر بسرعة، خُيّل لنا أنها غير مسبوقة، وإسقاطا على وضعنا الليبي استحضر تلك المواكب التي كانت تتهافت على خيمة القذافي، من ما يسمون قيادات وفعاليات شعبية للقبائل والعشائر والمدن والقرى، عندما كانت تشدّ رحالها صوب القائد في مناسبات عديدة، يأتون ليجددوا كما يدّعون مواثيق العهد والوفاء ويتفنّنون في دبج الكلمات شعرا ونثرا مرسلا، وتصدح حناجرهم بالهتافات المكرّرة التي كانت فاكهة كلّ لقاء في حضرة السلطان.
لقد صارت مواكب الزائرين إلى خيمة القذافي عادةً وتقليداً، التصق بالعقل الجمعي لدى تلك النفوس، التي كانت تربط ذلك بتحقيق مصالح دونيّة، متستّرة بعباءة رثة للقبيلة أو المدينة، يوهمون أنفسهم ومن يصدّقهم بأنهم يعملون الواجب حفاظا على مكانة القبيلة لدى الحاكم، خوفا من غضبه أو زعله، وما قد يترتب عنه من عواقب كالمزيد من احتقارهم وتهميشهم في شخوصهم، كي لا يحرمون من مزايا يرونها كبيرة ونراها تافهة وحقيرة، وهم قد جُبلوا على حبٍّ مزيّف للسلطان، حتى صار إرضائه سنّةً عرفيّةً يتداولونها جيلا بعد جيل، وعندما تفجّرت انتفاضة فبراير، ظهرت حاجة الحاكم لشعبه، فاستدعيت على عجل مواكب تلك القيادات الاجتماعية التي ثبت أنها مجرد فقاقيع إعلامية، شكّلت صورة باهتة ممجوجة للنفاق الاجتماعي فعجزوا عن مؤازرته وهو يهوى أمامهم مطلع كل يوم جديد.
اليوم ها هو المشهد يتكرر من جديد مع “الدبيّبة” الذي إنصافا -لا وجه للمقارنة به مع القذافي- فهو لا قائد ولا رئيس، إنما مجرد هيكل خشبي لسلطان مزيّف رمت به الصدفة مدفوعاً بسطوة المال المستباح من ثروة الليبيين المنهوبة، فبعد أن انتفضت الجماهير في العاصمة ضده مطالبة برحيله، اعمته بهرجة السلطان ونزوة المال، فتمسّك بتلابيب هيكل عرشٍ تتهاوى أركانه، بعد أن نخر سوس الفساد أعمدته، وأكلت “الأرضة” خشبه وقماشه وزرابيه، ها هو يجعل من مكتبه في طريق السكة قبلةً تهفو إليها جموع الطامعين المتزلّفين ممن يسمّون أنفسهم شيوخا وأعيانا لقبائل كرتونية وأجسام وهميّة.
ها هي مواكب المتهافتين تتوالى، لتعلن عن ولائها للسلطان دون الوطن الذي يستصرخ ليل نهار، ها هم يقدّمون مواثيق العهد المزيفة، ويعلنون أنهم مع الحكومة ويؤيدونها ولا يحيدون عنها من أجل ماذا؟! من أجل مصالح شخصيّة في شكل “صريرات مالية” أو وعود بمناصب ومواقع تمنح لهم جزاءً على تناديهم ودعمهم، وهم يعلمون لكن يتجاهلون أن السلطان لا يدوم، وأن التغيير قادم لا محالة، وأن التاريخ يسجّل عثرات الطامعين المتربصين، بما قد يتحصلون عليه من غنائم مغتصبة من مال الشعب الذي هو محرم عليهم، ويودّون أن يأكلوه في بطونهم سحتا مقيتا وزقوما.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
جامعة السلطان قابوس و"آرا للبترول" توقّعان عقدًا بحثيًا مشتركًا
مسقط- الرؤية
وقعت جامعة السلطان قابوس وشركة آرا للبترول، عقدا بحثيا مشتركا، ضمن مخرجات المنصة الإلكترونية "إيجاد" التابعة للوزارة.
ويهدف هذا المشروع البحثي إلى استكشاف حلول مبتكرة لتحويل المياه المالحة المُنتجة من عمليات استخراج النفط والغاز إلى منتجات ثانوية مستدامة تشمل الهيدروجين الحيوي والفحم الحيوي، بما يسهم في دعم جهود التحول نحو مصادر طاقة صديقة للبيئة.
وقّع العقد من جانب الجامعة الأستاذ الدكتور عامر بن سيف الهنائي، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، فيما مثّل شركة آرا للبترول الدكتور عمر بن سالم الجعيدي، نائب رئيس الشركة، بحضور عدد من المعنيين من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وذلك بالمركز الثقافي بجامعة السلطان قابوس.
ويُجسّد هذا التعاون البحثي الشراكة الفاعلة بين باحثي الجامعة وطلبة الدراسات العليا، ومهندسي البحث والتطوير في شركة آرا للبترول، لتوظيف المعرفة العلمية والتقنية في خدمة الابتكار والاستدامة، وستتولى الشركة تمويل المشروع وتوفير الدعم الفني، بما يضمن تكامل الخبرات الأكاديمية والصناعية لتحقيق نتائج عملية ومؤثرة.
وتتجاوز أهمية المشروع حدود إعادة استخدام المياه المالحة باعتبارها من النواتج الثانوية المهمة في قطاع النفط، لتنسجم أيضًا مع الجهود الوطنية الهادفة إلى تعزيز الإدارة البيئية، وتحقيق التوازن بين التنمية والموارد الطبيعية في سلطنة عُمان.
ويُعد هذا المشروع أنموذجًا عمليًا للتكامل بين القطاعين العام والخاص في معالجة التحديات البيئية المعقدة، كما يأتي متناغمًا مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040" الرامية إلى بناء اقتصاد معرفي متنوع، قائم على الابتكار والاستدامة.