يمن مونيتور/ قسم الأخبار

كشفت ورقة تحليلية صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، أن زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى العاصمة الروسية موسكو أواخر مايو الماضي، شكّلت تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في خطاب الشرعية اليمنية، وتجاوزت في مضمونها الطابع البروتوكولي إلى توجيه رسائل سياسية وأمنية واقتصادية متعددة الأبعاد.

وأوضحت الورقة الصادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، أن الزيارة، التي شملت لقاءات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدد من كبار المسؤولين الروس، تميزت بتشكيلة الوفد المرافق للعليمي، والذي ضم مستشارين في ملفات الدفاع والإعمار والثقافة، في إشارة واضحة إلى رغبة يمنية في توسيع دائرة التعاون مع موسكو لتشمل الأمن، والاقتصاد، والثقافة، إلى جانب الشأن السياسي.

وعدّت الورقة أن وجود الفريق محمود الصبيحي، مستشار الرئيس لشؤون الدفاع، يحمل دلالات على بحث الشرعية عن دعم عسكري روسي، لاسيما في مجال الدفاعات الجوية، في ظل تراجع الدعم الإقليمي من بعض الحلفاء التقليديين.

كما أن مشاركة مستشار الإعمار والتنمية، المهندس عمر العمودي، تعكس اهتمامًا بإحياء الدور الروسي في مشاريع إعادة الإعمار، استنادًا إلى العلاقات التاريخية التي تعود إلى مرحلة ما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962.

على صعيد الخطاب السياسي، أبرزت الورقة أن ظهور العليمي في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم” شكّل نقلة نوعية في خطاب الشرعية، الذي تحوّل من موقع الدفاع إلى الهجوم، إذ وصف جماعة الحوثي بأنها “جماعة نازية”، في محاولة للتأثير على الوجدان الروسي، الذي يتسم بحساسية تاريخية تجاه النازية. وقد رأت الورقة أن هذا التوصيف يحمل بُعدًا دعائيًا مدروسًا يتماشى مع سياق الخطاب الروسي الرسمي المناهض لأي تيارات توصف بالنازية.

وتأتي هذه الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، مع تصاعد إشارات التقارب بين جماعة الحوثي ودوائر روسية، وازدياد اللقاءات بين قيادات حوثية ومسؤولين روس. ووفقًا لمصادر دبلوماسية مطلعة، فقد سعت الزيارة إلى تصحيح السردية التي يحاول الحوثيون ترسيخها في الأوساط السياسية الروسية، عبر تقديم الرواية الرسمية للشرعية بشأن مجريات النزاع.

وفي مقابلته مع القناة الروسية، شدد العليمي على حاجة اليمن الماسة إلى منظومات دفاع جوي متطورة، مطالبًا بدعم روسي مباشر، ومؤكدًا في الوقت نفسه التزام الحكومة الشرعية بالمرجعيات الدولية للسلام، في مواجهة جماعة وصفها بأنها “لا تؤمن بالسلام”.

كما شملت زيارة العليمي لقاءات مع رئيس مجلس الدوما الروسي، وممثلين عن مراكز أبحاث، ودبلوماسيين، في محاولة لتعزيز موقف موسكو الرسمي كداعم للشرعية، واستثمار هذا الدعم لدفع روسيا نحو دور أكثر فاعلية في كبح تصاعد نفوذ الحوثيين.

لكن رغم هذا الحراك الدبلوماسي، حذّرت الورقة التحليلية من بعض التصريحات التي وردت على لسان العليمي، مثل قوله إن “اليمن تحت الفصل السابع”، معتبرة أن مثل هذه العبارات قد تفتقر إلى الدقة، وتؤدي إلى سوء فهم قانوني أو سياسي، خصوصًا أن العقوبات الأممية تستهدف الحوثيين وليس الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.

وتذهب الورقة إلى أن هذه الزيارة تمثل محاولة يمنية لإعادة التموضع الجيوسياسي عبر البوابة الروسية، لكن تحقيق أهدافها سيبقى مرهونًا بقدرة الشرعية على متابعة مخرجات الزيارة، وتفعيل ما تم الاتفاق عليه، وترجمته إلى دعم ملموس في مجالات الأمن، والإعمار، والسيادة الوطنية.

ويرى مركز المخا أن زيارة العليمي تشير إلى تحول في سياسة الشرعية نحو خطاب سياسي أوضح، مع تعزيز السردية الوطنية، في وقت تسعى فيه روسيا إلى المحافظة على توازن علاقاتها مع كافة الأطراف الفاعلة في اليمن، بما في ذلك إيران، التي تجمعها مصالح استراتيجية بموسكو.

وفي حين أن الزيارة قد تفتح الباب أمام دعم روسي أكبر للحكومة اليمنية، لا سيما في ملفات الطاقة والبنية التحتية، إلا أن الورقة خلصت إلى أن الموقف الروسي – وإن بدا داعمًا للشرعية في مظهره، سيظل خاضعًا لحسابات موسكو ومصالحها المعقدة في الإقليم.

واختتمت الورقة التحليلية بالتأكيد على أن نجاح الزيارة مرهون بقدرة السلطة اليمنية على البناء عليها، من خلال تشكيل لجان مشتركة، ومتابعة تنفيذ الاتفاقات، وتحويل التعهدات الروسية إلى خطوات عملية تعزز الحضور اليمني في السياسة الخارجية الروسية وتدعم موقع الشرعية على الساحة الدولية.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الشرعية اليمنية اليمن زيارة العليمي موسكو

إقرأ أيضاً:

يلقي أول خطاب أممي لرئيس سوري منذ ستة عقود.. زيارة تاريخية مرتقبة للشرع إلى أمريكا

البلاد – دمشق
أفادت مصادر إعلامية مطلعة، أن الرئيس السوري أحمد الشرع يعتزم القيام بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة في شهر سبتمبر المقبل، في خطوة تاريخية من المتوقع أن تمثل تحولًا نوعيًا في العلاقات السورية الأميركية، وتعيد دمشق إلى الواجهة السياسية الدولية بعد عقود من العزلة.
ووفقًا للمصادر -نقلًا عن قناة “سوريا تي في”- فإن الشرع سيلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال زيارته، ليكون بذلك أول رئيس سوري يخاطب الهيئة الأممية منذ ستين عامًا، في مؤشر على عودة تدريجية لسوريا إلى المسرح الدبلوماسي الدولي بعد سنوات من العقوبات والعزلة السياسية.
وتأتي هذه الزيارة المرتقبة بعد أسابيع من اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره الأمريكي دونالد ترمب في العاصمة السعودية الرياض، في 14 مايو الماضي. ووصِف اللقاء، الذي يعد الأول من نوعه بين زعيمي البلدين منذ ربع قرن، بأنه مقدمة لتفاهمات أوسع قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وخلال الاجتماع، أعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستبدأ رفع العقوبات التي فرضتها على دمشق منذ عقود، إبان حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، واستمرّت خلال عهد ابنه بشار الأسد.
وبعد اللقاء، اتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة من الإجراءات اللافتة، كان أبرزها إصدار وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصًا عامًا يسمح بتنفيذ معاملات اقتصادية كانت محظورة سابقًا مع كيانات سورية. وشملت قائمة المؤسسات التي رُفعت عنها العقوبات كلاً من شركة “الطيران السورية”، وشركة النفط “سيترول”، والمصرف المركزي السوري، وعددًا من شركات النفط والغاز وهيئات اقتصادية أخرى.
وفي السياق ذاته، وقّع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، وثيقةً رسمية تعلّق العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 180 يومًا، بهدف “تهيئة الأجواء لاستعادة الاستقرار وإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والدولي”.
من جانبه، أكد الرئيس أحمد الشرع في تصريحات سابقة أن “سوريا ستبقى دائمًا منفتحة على أشقائها العرب”، مشددًا على أهمية الانفتاح السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة. وتُفهم هذه التصريحات في سياق تحركات دمشق لإعادة ترميم علاقاتها العربية والدولية، بعد أن بدأت بعض العواصم الخليجية والعربية بإعادة فتح سفاراتها في دمشق خلال العامين الماضيين.
ويرى مراقبون أن خطاب الشرع في الأمم المتحدة، إذا تم بالفعل، سيشكل علامة فارقة في السياسة السورية، ويعزز من موقع الرئيس الجديد كواجهة لإعادة سوريا إلى النظام الدولي، وسط تحديات إقليمية ودولية متشابكة. كما قد يمهّد الطريق أمام تسويات سياسية واقتصادية أوسع تشمل إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وإعادة دمج سوريا في مؤسسات العمل العربي المشترك.

مقالات مشابهة

  • زيارة العليمي لروسيا.. تناقض وازدواجية وانتهازية على حساب الأخلاق (ترجمة خاصة)
  • “مركز الأرصاد” ينفذ دراسات بحثية متخصصة في منى وعرفات
  • قراءة في زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى روسيا
  • الوزير خطاب: مئات الآلاف ذاقوا سابقاً الويلات في سجون النظام البائد ونعمل على تحويل السجون إلى مراكز لإعادة تأهيل المحكومين ودمجهم بالمجتمع
  • الوزير خطاب: تنظيم داعش من أخطر التحديات التي نواجهها اليوم واستطعنا إحباط عدة عمليات له
  • يلقي أول خطاب أممي لرئيس سوري منذ ستة عقود.. زيارة تاريخية مرتقبة للشرع إلى الولايات المتحدة
  • سيد غنيم: زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة محاولة لإعادة التوازن بالمنطقة
  • يلقي أول خطاب أممي لرئيس سوري منذ ستة عقود.. زيارة تاريخية مرتقبة للشرع إلى أمريكا
  • واشنطن تجدد تهديداتها لسفن الوقود التي تصل مناطق الحوثيين بـ "عقوبات قاسية"