رحلة الحاج (من العناء إلى الراحة)
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
الله عز وجل عندما أمر إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة عظم البيت الحرام وجعله مقصداً من كل أنحاء الأرض ثم أمره بالأذان بالحج من كل فج عميق.
ومع تعاقب الأنبياء والأزمان كانت خدمة بيت الله وقاصديه من القربات العظيمة عند البشر والكل يتسابق ليقدم ولو الشيء البسيط وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
إن الأعمال التي تقربك من الله عز وجل لها طعم وطمأنينة وروحانية وسعادة لا يشعر بها إلا من وفقه الله لتلك الأعمال الصالحة.
ومملكتنا العربية السعودية منذ بزوغ فجرها على يد مؤسسها الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- وهي تقدم الغالي والنفيس لخدمة ضيوف الرحمن بأعلى جودة وتسخر القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية لتذليل الصعاب في تلك الرحلة العظيمة التي قد ينفق الحاج ماله كله لأجل زيارة بيت الله إما لعمرة أو حج.
ولذلك استفادت مملكتنا من كل الإمكانات التقنية الحديثة لتذليل الصعوبات فنجد استخدام الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الذكية والتوجيه الإلكتروني واستخدام المنصات الافتراضية والأسوار الذكية وغيرها من الخدمات التي جعلت من الحج رحلة ممتعة، بل وسخرت الإمكانات البشرية وهيأت البنية التحتية فنجد الذين يتعاملون مع الحجاج ويستقبلونهم ويتحدثون معهم بلغة الحاج وييسرون له الأمر ويرشدونه وقد هيأت لهم الطرقات بأعلى معايير الجودة والسلامة.
إن من يصطفيه الله لخدمة ضيوفه لهو موفق ويغبط على ذلك العمل العظيم فالذين يعملون في القطاع العسكري والصحي والنقل والإعلام والحج وغير الربحي والمتطوعون والكشافيون وغيرهم من الجنود لهم في شرف عظيم أن تعين حاجاً أو تقضي حاجته أو ترشده أو تسعى في تنظيم حجه أو تيسر له طعامه أو وسيلة نقله، هذا هو منتهى السعادة لا تشعر بها إلا إذا عدت لبيتك بعد انتهاء الموسم تجد أنك قدمت أمراً عظيماً وتشعر بالرضا النفسي ويهون التعب والنصب.
تعتري تلك الرحلة التحديات والصعوبات والمشقة والزحام ولكن سبحان ميسر الأمور يجتمع الملايين في بقعة لا تتجاوز الكيلومترات وبتوفيق من الله ثم بجهود ولاة أمرنا وأبنائهم في مملكتنا العربية السعودية يصبح الحج يسيراً ورحلة ممتعة ومقصداً لكل من أراد الحج وزيارة بيت الله الحرام، في زمن مضى كانت الناس تحج بالخيل والبعير ومشياً على الأقدام وتمضي الشهور لكي تصل إلى بيت الله الحرام وقد لا تصل، واليوم يسر الله الوصول بكل وسائل النقل الحديثة وفي ساعات نصل لبيت الله الحرام ونؤدي الركن الخامس من أركان الإسلام حج بيت الله ثم يعود كل لبلده وهو في صحة وعافية.
فجزيل الشكر والامتنان لولاة أمرنا على اهتمامهم الأعظم ببيت الله الحرام وقاصديه والشكر موصول لأبناء وبنات وطننا من الموظفين والمتطوعين على تفانيهم وتقديمهم أروع القصص لخدمة ضيوف الرحمن فنحمد الله على ما منَّا به علينا ونسأل الله أن يديم علينا الأمن والأمان.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: بیت الله الحرام
إقرأ أيضاً:
امام وخطيب المسجد الحرام: وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته في السر والنجوى.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “تشهد البشرية في عصرنا قفزة حضارية، وطفرة نوعية في مجالات التقنية والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الرقمية، تيسرت فيها الاتصالات، وطويت المسافات، واختصرت الأوقات، وأنجزت المهمات، وطورت الخدمات، وأتيح العلم عبر المنصات، فأصبحت التقنية جزءًا لا ينفك عن حياتنا”.
وأضاف قائلًا: “لئن كانت الأمم تتسابق في مضمار التقنية، فإن مملكتنا المباركة قد تميزت برؤيتها، وسارت بخطى ثابتة، وكانت رائدة في هذا الميدان، تستثمر التقنية وتوظفها في خدمة المجتمع والإنسان، حتى صارت نموذجًا يشار إليه ويحتذى به في صورة مشرقة تثبت مكانتها العالمية في مجالات التقنيات المتقدمة، وبرهنت أن التقدم لا يتنافى مع القيم، ولا يتعارض مع المبادئ، بل ينهض بها، ويستند إليها، فارتقت دون أن تنفصل عن جذورها، وتقدمت دون أن تفرط بثوابتها”.
وحذر فضيلته من غياب الوعي في استخدام التقنية قائلًا: “فحينها تصبح الرسائل مزالق، ومن هنا برز داء ابتلي به بعض الناس على اختلاف الأعمار والثقافات والأجناس، إنه داء الإدمان المرضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والانغماس في عالم رقمي لا ينتهي، وتحوّل الهواتف عند البعض من أدوات للتواصل، إلى وسائل للعزلة والانفصال، فترى المرء بين الناس جسدًا بلا قلب، وحسًا بلا روح، يتنقل بين المنصات، ويتصفح التطبيقات، تتقاذفه المواقع، وتتكاثر عليه المقاطع، فلا يدري ما يريد، ولا يحصد إلا القليل”.
ولفت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة، وموطنًا للمقارنات الجائرة، فدبَّ إلى البعض داء الحسد والبغضاء، وتمكنت من قلوبهم الضغائن والشحناء، وقلَّ الحمد والشكر على النعم والآلاء، مبينًا أنه من الآفات تلك الحسابات المزيفة الخبيثة التي تنفث سمومها في المجتمعات، وتنشر الفتن والاختلافات، وتذكي الضغائن والإشاعات، وتلقي على ألسنة العلماء فتاوى مكذوبة، في حملات مجحفة، وتشويهات متعمدة، لا تراعي دينًا ولا خلقًا.
وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن من أعظم النعم أن يدرك الإنسان خلله قبل فوات الأوان، وأن يعالج قلبه قبل أن يستحكم عليه الداء، فكم نحن بحاجة في هذا العالم الرقمي، والضجيج التكنولوجي، إلى دواء لهذا الإدمان المرضي، وذلك بعزلة قصيرة، لإطفاء صخب الأجهزة، لا لعتزال الحياة، وإعادة التوازن لما اختل من حياتنا.
وأكّد أن التقنية نعمة عظيمة، إذا وُجهت إلى الخير، وقُيدت بقيود الشرع والحكمة، فهي ليست شرًا محضًا، وليست مذمومة في أصلها، بل هي سيف ذو حدين، ويجب استخدامها خادمًا لا سيدًا، وجسرًا إلى الطاعة لا هاوية إلى المعصية، ولتكن وسيلة للعلم والفهم، لاأداة للهوى والجهل.