تسعى سلطنة عُمان للريادة عالميا في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وترتبط هذه الطموحات بشكل وثيق مع العديد من مستهدفات الاستدامة والتنويع الاقتصادي في رؤية عمان المستقبلية 2040. وإضافة إلى مساهمتها الفاعلة في جهود العالم لاحتواء التغيرات المناخية وتسريع الوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2040، تتحول مشروعات الطاقة المتجددة في سلطنة عُمان بشكل متزايد إلى ركيزة للاستدامة المالية وزيادة مصادر الإيرادات، ودعم استدامة النمو الاقتصادي وخفض الاعتماد على النفط والغاز وتعزيز توجهات التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمارات النوعية وفقا لمستهدفات رؤية عمان.

وتتوسع سلطنة عُمان في مشروعات الطاقة المتجددة بمختلف مصادرها والتي تشمل الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وبشكل خاص تمثل مشروعات الطاقة الشمسية أحد طموحات التنويع والاستدامة التي تحولت إلى واقع فعلي على مدار سنوات الماضية من رؤية عمان، وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الطاقة والمعادن عن الاستعداد خلال العام الجاري لبدء تنفيذ حزمة جديدة تضم ما يتراوح بين 5-6 من مشروعات إنتاج الطاقة المتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ومن المتوقع أن تدخل حيز الإنتاج بنهاية عام 2027 لتنتج أكثر من 2000 ميجاواط، لتشهد سعة الإنتاج من هذا المصدر المتجدد للطاقة زيادة جديدة وملموسة تضاف لسعة الإنتاج الحالية من خلال عدد من مشروعات إنتاج الطاقة الشمسية التي تم تشغيلها خلال تنفيذ رؤية عمان، وكان من بينها مشروع عبري 1 الذي بدأ الإنتاج في عام 2022، وكان الأول من نوعه في سلطنة عُمان، وتلاه مشروع عبري 2، وخلال العام الجاري تم افتتاح مشروعي منح 1 ومنح 2 في ولاية منح بمحافظة الداخلية، كأكبر محطات الطاقة الشمسية في سلطنة عُمان بسعة إنتاجية تبلغ 1,000 ميجاواط، وعلى مساحة 14.5 مليون متر مربع تضم مليوني لوح شمسي كهروضوئي ثنائي الوجه لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية، مما يعزز توليد الطاقة النظيفة ورفع نسبة إنتاج الطاقة المتجددة في سلطنة عُمان من 6.6 بالمائة إلى 11 بالمائة، إلى جانب خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 1.4 مليون طن سنويا ودعم هدف الحياد الصفري، فضلا عن تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بتوليد الطاقة الكهربائية الكافية لما يقرب من 120 ألف منزل.

وفي إطار تحقيق مستهدفات الاستدامة المالية وتشجيع جذب الاستثمارات النوعية التي تعزز توسع قطاعات التنويع، نجحت مشروعات الطاقة المتجددة حتى الآن في اجتذاب حجم كبير من الاستثمارات حيث يبلغ حجم الاستثمارات نحو 49 مليار دولار في قطاع الهيدروجين الأخضر، كما عززت مشروعات الطاقة المتجددة الشراكة الاستثمارية بين القطاعين العام والخاص، وقد بلغ حجم الاستثمار في مشروعي منح 1 ومنح 2 حوالي 800 مليون دولار أمريكي، وتواصل المشروعات الجديدة رفع حجم الاستثمار في هذا القطاع. وكان أحد التطورات المهمة لزيادة جاذبية الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة تطوير سلطنة عُمان للإطار التنظيمي لقطاع الطاقة المتجددة بإصدار "سياسة استخدام الطاقة المتجددة للتوليد الذاتي والبيع المباشر"، التي تهدف إلى المساهمة في تحرير سوق الكهرباء وتعزيز استغلال مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء وتنظيم عمليات التوليد الذاتي والبيع المباشر، وتشجيع الاستثمار في الطاقة النظيفة بما يدعم الجهود الوطنية لتطوير قطاع الطاقة المتجددة، واستمرار التقدم في مستهدف سلطنة عُمان لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج إنتاج الكهرباء بما يصل إلى 30 بالمائة بحلول عام 2030 ورفع المساهمة إلى ما يتراوح بين 60 بالمائة و70 بالمائة بحلول عام 2040، وصولًا إلى الاعتماد الكامل في الإنتاج من الطاقة المتجددة بنسبة 100 بالمائة بحلول عام 2050، كما تضمنت التطورات الخاصة بتشجيع الاستثمار وتسهيل تمويل المشروعات توقيع ‏ اتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولية لتنويع سلسلة توريد الطاقة الشمسية، وتوقيع 3 اتفاقيات بين مؤسسة التمويل الدولية وعدد من مؤسسات القطاع الخاص العماني لاستكشاف المزيد من فرص الاستثمار والتمويل المستدامة في سلطنة عُمان وتطوير إنتاج ألواح الطاقة الشمسية.

وفي سياق متصل بتعزيز الاستدامة المالية والاقتصادية في سلطنة عُمان، يعد الغاز الطبيعي من مصادر الدخل الأساسية لسلطنة عُمان، وقد عززت صادرات الغاز ارتفاع الإيرادات العامة بنسبة 16 بالمائة لتبلغ 12 مليارًا و781 مليون ريال عُماني خلال العام الماضي، حيث سجل صافي إيرادات الغاز ارتفاعًا بنسبة 16 بالمائة بنهاية عام 2024 ليبلغ نحو 1.8 مليار ريال عُماني نظرا لارتفاع متوسط سعر بيع الغاز الطبيعي المسال. ويتيح التوسع المتواصل في إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة تعزيز الاستخدامات الصناعية المحلية للغاز الطبيعي وإمكانية زيادة الصادرات وحجم العائدات العامة من الغاز.

وتشير الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن إجمالي الإنتاج المحلي والاستيراد من الغاز الطبيعي تخطى 56 مليار متر مكعب خلال العام الماضي بزيادة نحو 5 بالمائة مقارنة مع عام 2023، وضمن الاستخدامات المحلية للغاز، يتوجه 12 مليار متر مكعب للإنتاج في حقول الغاز، و15 مليار متر مكعب لقطاع توليد الطاقة، بينما تستحوذ المشاريع والمناطق الصناعية على أكثر من 29 مليار متر مكعب، ومع التقدم المتواصل في زيادة إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة يعزز ذلك أمن الطاقة وتوفير إمدادات كافية من الغاز تلبي متطلبات النمو في الأنشطة الصناعية التي تقود زخم النمو والتنويع في سلطنة عُمان وتستحوذ حاليا على أكثر من 50 بالمائة من استخدامات الغاز في سلطنة عُمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مشروعات الطاقة المتجددة قطاع الطاقة المتجددة الطاقة المتجددة فی الطاقة الشمسیة إنتاج الکهرباء ملیار متر مکعب الاستثمار فی خلال العام رؤیة عمان بحلول عام

إقرأ أيضاً:

رئيس «كاكست» يؤكد التزام المملكة بتوسيع حلول الطاقة النظيفة والاستثمار في التقنيات العميقة لتحقيق الاستدامة

أكّد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية "كاكست" الدكتور منير بن محمود الدسوقي، التزام المملكة بتحقيق الحياد الصفري بحلول 2060 من خلال إستراتيجية ابتكار وطنية تركز على توسيع حلول الطاقة النظيفة، والاستثمار في التقنيات العميقة التي تمثل 40% من خفض الانبعاثات المستقبلية؛ لتحقيق الاستدامة ضمن مستهدفات رؤية 2030.

جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية بعنوان "الطريق إلى الاستدامة نحو مجتمع خالٍ من الكربون" ضمن أعمال منتدى العلوم والتقنية في المجتمع (STS) الذي يناقش قضايا التقدم العلمي والتقني وتأثيرها على حاضر ومستقبل البشرية، ويُعقد سنويًا في مدينة كيوتو اليابانية؛ بحضور إمبراطور اليابان ناروهيتو، ورئيس الوزراء الياباني الرئيس الفخري للمنتدى شيغيرو إيشيبا، ونخبة من قادة مؤسسات البحث والابتكار، وقادة القطاع الصناعي، وممثلي المنظمات الدولية.

وقال: "إن المملكة تتبنى نهج الاقتصاد الدائري للكربون إطارًا عمليًا وشاملًا لتحقيق مستهدفاتها الوطنية ضمن رؤية المملكة 2030، حيث تسعى للوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2060 من خلال مبادرات نوعية تشمل خفض 278 مليون طن سنويًا من الانبعاثات الكربونية وزراعة 10 مليارات شجرة ضمن مبادرة السعودية الخضراء، إضافة إلى التقاط 44 مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون بحلول 2035، وتحقيق مزيج طاقة نظيف بنسبة 50% بحلول 2030.

وأوضح الدكتور الدسوقي أن المملكة أطلقت عددًا من المشروعات الرائدة مثل: مركز التقاط الكربون في أرامكو، وأنظمة كبرى لتخزين البطاريات في بيشة، ومنشآت للهيدروجين الأخضر والأمونيا في نيوم، التي تسهم جميعها في تعزيز أمن الطاقة والتنافسية الصناعية، منوهًا بالشراكات الدولية مع جامعة كاليفورنيا بيركلي في أبحاث الطاقة النظيفة وتحلية المياه والتقاط الكربون، ودعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المحلية في موسم الحج لتعزيز المراقبة اللحظية واتخاذ القرار بكفاءة أعلى.

وبين أن البحث والتطوير يشكلان المحرك الرئيس لتحقيق الاستدامة، إذ تقود "كاكست" بوصفها المختبر الوطني وواحات للابتكار برامج بحثية لتحويل النفايات الكربونية إلى وقود هيدروجيني، وتطوير تقنيات لاستخلاص المياه من البيئات الصحراوية، وزيادة كفاءة الألواح الشمسية في المناخ الصحراوي، إلى جانب تبني تقنيات المستقبل في مجالات أشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي، والأقمار الصناعية، لمراقبة التصحر والانبعاثات وإدارة المياه.

أخبار السعوديةالطاقة النظيفةكاكستأخر أخبار السعوديةالاستثمار في التقنيات العميقةدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنيةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • رئيس «كاكست» يؤكد التزام المملكة بتوسيع حلول الطاقة النظيفة والاستثمار في التقنيات العميقة لتحقيق الاستدامة
  • ارتفاع السيولة المحلية في سلطنة عُمان بنسبة 5.2%
  • إنتاج الطاقة المتجددة في العالم يتجاوز الفحم لأول مرة
  • شركة تونسية تستخرج الغاز الطبيعي من مصر في الصحراء الغربية
  • مدبولي: نستهدف رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 60% بحلول عام 2040
  • العراق يرفع إنتاج الكهرباء وقت الذروة
  • لجنة مشتركة بين النفط والكهرباء والبريقة والطاقات المتجددة تمهّد لخيار الغاز والشمس
  • الطاقة المتجددة تسجل 2.4 تيراواط للساعة في سلطنة عُمان عام 2024
  • الناتج الإجمالي الخليجي يسجل 588.1 مليار دولار بنهاية الربع الأول من 2025
  • 3.55 مليار ريال فائضًا تجاريًا بنسبة تراجع 34.6% مع انخفاض صادرات النفط والغاز