وثائق أممية تكشف: الحوثيون يرفضون ميناء عدن ويُفضلون التهريب عبر عمان
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
كشفت وثائق أممية صادرة عن محضر الاجتماع التنسيقي للمجموعة اللوجستية في اليمن، والمنعقد بتاريخ 30 أبريل 2025، عن استمرار القيود السياسية التي تفرضها مليشيا الحوثي الإرهابية على مسارات دخول المساعدات الإنسانية، بما يخدم أجندة إقليمية ويعزز نفوذهم السياسي، على حساب المعاناة الإنسانية المتفاقمة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وشارك في الاجتماع نحو 20 منظمة أممية ودولية وعدد من المنظمات المحلية، حيث استفسر أحد الشركاء عن قيام بعض المنظمات الدولية غير الحكومية (INGOs) بنقل المساعدات إلى شمال اليمن عبر منفذي شحن والوديعة، رغم إعلان الحوثيين حظر دخول الشحنات عبر المنافذ الجنوبية، مطالبًا بتوضيح هوية هذه المنظمات وكيفية تعاملها مع هذا الحظر.
وفي الاجتماع اللاحق المنعقد بتاريخ 28 مايو 2025، ورد في محضر الجلسة توجيه صادر عن رئاسة الجمهورية (المجلس السياسي الأعلى بصنعاء الخاضع للحوثيين) إلى رئيس الوزراء، ينص على السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر الجنوب فقط عن طريق سلطنة عمان، لحين استئناف عمل خطوط الشحن إلى ميناء الحديدة.
ورغم أن ميناء عدن -الواقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليًا- يبعد عن العاصمة المختطفة صنعاء حوالي 380 كيلومترًا فقط، إلا أن الحوثيين يرفضون مرور المساعدات عبره، ويصرون على إدخالها برًا من سلطنة عمان، عبر مسافة تتجاوز 1400 كيلومتر وتشمل مناطق خصومهم السياسيين والعسكريين.
يرى الناشط وائل البدري أن إصرار الحوثيين على إدخال المساعدات الإنسانية عبر سلطنة عُمان، ورفضهم استخدام الموانئ الواقعة تحت إدارة الحكومة المعترف بها دوليًا، لا يستند إلى منطق إنساني أو اعتبارات لوجستية، بل يعكس بحسب وصفه "خيارًا استراتيجيًا ذا أبعاد سياسية"، يهدف إلى توظيف الوضع الإنساني كورقة تفاوض تخدم مصالح الجماعة وتعزز نفوذها الإقليمي.
وأوضح البدري أن هذا الموقف الحوثي يُمكن قراءته من خلال أربعة أبعاد متداخلة، أولها رفض التعامل مع الحكومة الشرعية، حيث ترفض الجماعة دخول المساعدات عبر ميناء عدن كونه يخضع لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ما يعتبره الحوثيون -بحسب البدري- "اعترافًا ضمنيًا بشرعية خصومهم السياسيين"، حتى وإن أدى ذلك إلى تفاقم معاناة المدنيين وحرمانهم من الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
وأضاف أن البعد الثاني يتمثل في استخدام المساعدات كورقة ضغط تفاوضية، حيث تلجأ الجماعة إلى تعطيل أو توجيه قنوات المساعدات الإنسانية بهدف الضغط على المجتمع الدولي، وابتزاز مواقف سياسية تصب في صالحها، من بينها رفع العقوبات أو تخفيف القيود على موانئ الحديدة الواقعة تحت سيطرتها.
وأردف البدري، أن البعد الثالث يتعلق بتعزيز الدور العُماني في الملف اليمني، حيث تسعى مليشيا الحوثي إلى ترسيخ الحضور السياسي لسلطنة عمان كوسيط إقليمي موثوق، كونها تمثل نافذتها الوحيدة إلى العالم الخارجي، في انسجام واضح مع النهج الإيراني الذي يفضل مسقط وسيطًا في الملفات الإقليمية، كما حدث مؤخرًا في مفاوضات طهران مع واشنطن.
أما البعد الرابع، فبيّن البدري أنه يرتبط بالبُعد الأمني واللوجستي للتهريب، مشيرًا إلى أن المنافذ البرية القادمة من سلطنة عمان تحظى بأهمية استراتيجية لدى الحوثيين، ليس فقط كطريق إغاثة، بل كممر يُستخدم - وفق تقارير أمنية - لتهريب الأسلحة إلى مناطق سيطرة المليشيا، حيث تم بالفعل ضبط شحنات عسكرية في عدة مناسبات كانت في طريقها من عمان إلى الداخل اليمني.
واختتم البدري تحليله بالتأكيد على أن هذه الممارسات تُجسد حالة من "الابتزاز الإنساني"، تمارسها الجماعة لتحقيق مكاسب سياسية، في تجاهل صريح لمعاناة ملايين المحتاجين الذين تُحتجز حقوقهم الإنسانية رهينة لحسابات إقليمية وأمنية ضيقة.
يكشف هذا السلوك الحوثي -كما يراه البدري- عن سياسة منهجية في توظيف المأساة الإنسانية لتحقيق أهداف سياسية، وإعادة تشكيل ميزان القوى في اليمن عبر أدوات غير تقليدية، يكون فيها الغذاء والدواء وسيلة للابتزاز وليس للنجاة.
وفي ظل استمرار هذا الوضع، تظل ملايين الأسر اليمنية رهينة حسابات سياسية ضيقة، تدفع ثمنها من صحة أطفالها وكرامة جوعاها، في انتظار شحنة قد لا تصل، أو طريق قد يُغلق.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
جهود مصرية مكثفة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
قال أحمد عبد الرازق مراسل قناة إكسترا نيوز من معبر رفح، إنّ الاستعدادات على معبر رفح البري الحدودي بين مصر وقطاع غزة تجري على قدم وساق لاستقبال المساعدات الإنسانية، في ظل المفاوضات المكثفة التي تجريها مصر مع الأطراف المعنية بالأزمة.
وأضاف عبد الرازق، في تصريحات عبر قناة إكسترا نيوز، أنّ المعبر لم يغلق منذ بداية الحرب، وظل مفتوحاً لاستقبال الشاحنات والمرضى والجرحى الذين يخرجون للعلاج في مصر.
وتابع، أنّ الوضع تغير حين اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الجانب الفلسطيني من معبر رفح واحتلت مرافقه، مما أدى إلى إغلاق المعبر من الجانب الفلسطيني وتحويل محيطه إلى ميدان قتال. وأشار عبد الرازق إلى أن هذا الإغلاق حال دون دخول المساعدات وخروج المرضى، رغم بقاء المعبر مفتوحاً من الجانب المصري.
وأوضح، أنه مع بدء الهدنة في فبراير 2024، عاد دخول المساعدات إلى قطاع غزة لكن بنسبة ضئيلة جداً، إذ كان المعبر يعمل فقط ثلاثة إلى أربعة أيام في الأسبوع، وكان عدد الشاحنات الداخلة لا يتجاوز 20 إلى 30 شاحنة يومياً، رغم حاجة القطاع إلى 500-600 شاحنة يومياً وفق تقارير أممية.
وتابع، أن الهدنة لم تدم أكثر من 48 يوماً، إذ انتهت بعد اقتحام الاحتلال في مارس 2024، ما أدى إلى مذبحة دامية.
وشدد، على أنّ المعبر من الجانب المصري مفتوح على مدار الساعة، وأن الدولة المصرية مستمرة في جهودها اللوجستية والسياسية لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، داعياً إلى الضغط على الجانب الفلسطيني لفتح المعبر من جهته والسماح بدخول المساعدات، متممًا، بأن الدور المصري التاريخي في هذه الأزمة لا يمكن إنكاره، وأن المعبر ظل شاهداً على هذه الجهود طوال فترة الحرب.