محللون: الاعتداءات الإسرائيلية على إيران تصعيد سافر يهدد الأمن بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 13th, June 2025 GMT
في تصعيد خطير يُنذر بتداعيات إقليمية واسعة، شنت إسرائيل ضربة عسكرية استهدفت مواقع داخل العمق الإيراني؛ ما اعتبره مراقبون تحولاً نوعيًا في طبيعة الاشتباك بين الطرفين، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط حالة من الترقب والقلق.
واعتبر محللون سياسيون عرب - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن تداعيات هذه الضربة ستضع مجمل منظومة الأمن الإقليمي أمام اختبار حقيقي، كما ستتسع فجوة الثقة بين أطراف النزاع، في وقت تتراجع فيه فاعلية المبادرات الدبلوماسية وتغيب أفق التهدئة الشاملة.
وأعرب المحللون السياسيون عن خشيتهم من أن تؤدي هذه الضربة إلى انزلاق المنطقة نحو موجة جديدة من عدم الاستقرار، قد تشمل مواجهات أوسع في أكثر من ساحة، وسط مخاوف من تعقيد جهود إحياء الاتفاق النووي، وزيادة فرص التصعيد المباشر بين دولتين تملكان قدرات عسكرية متقدمة وتاريخاً من العداء المتجذر.
وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة تمارا حداد أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي الفلسطينية إن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت عدة أهداف إيرانية؛ أهمها اغتيال قيادات الصف الأول من هيئة الأركان والحرس الثوري وعدد من العلماء الإيرانيين وضرب مواقع التخصيب النووي مثل موقع "نطنز"، تشكل تهديدا صريحا ومباشرا للسلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وتعد تصعيدًا خطيرًا في التوترات الإقليمية بالإقليم الذي يعاني أصلاً من أزمات مزمنة وصراعات متشابكة.
وأضافت أن المنطقة تعيش على صفيح ساخن وغير مستعدة لأي تطور تحديدا بعد أحداث السابع من أكتوبر وبقاء المشهد السياسي والأمني دون أي تهدئة، لا في غزة ولا في جنوب لبنان ولا سوريا ولا اليمن.
وذكرت أن إسرائيل تسعى لإشعال المنطقة بتصرفها غير المسئول بضرب إيران خاصة بعد انتهاء مهلة الستين يوما التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران لمحاولة التوصل لاتفاق نووي يتلاءم مع الشروط الأمريكية الإسرائيلية، وهو ما لم يحدث.
ولفتت إلى أنه من منظور القانون الدولي؛ فإن أي هجوم خارج الحدود ما لم يكن دفاعًا مشروعًا عن النفس، يُعد انتهاكًا صارخًا لسادة الدول ويُهدد بفتح أبواب مواجهة أوسع قد تمتد إلى دول أخرى في الإقليم.
وأشارت الأكاديمية الفلسطينية إلى أن إسرائيل تبرر ضرباتها الموجهة نحو أهداف داخل إيران سواء كانت عسكرية أو مرتبطة بالبرنامج النووي بأنها لردع "التهديد الإيراني" و"الوقاية من التسلح النووي"، إلا أن هذه التبريرات لا تلقى قبولاً دوليًا واسعًا، خاصة في ظل غياب التفويض الأممي أو التنسيق الدولي الحقيقي.
ولفتت إلى أن مثل هذه الهجمات ستؤدي إلى تصعيد عبر "ردود إيرانية" من خلال تحركات مباشرة، مما ينذر بتحول المنطقة إلى ساحة مفتوحة ضمن مواجهة مباشرة بين دولتين تملكان قدرات عسكرية كبيرة.
وشددت على أن تداعيات هذه الهجمات على المنطقة سلبية للغاية، وستعرض الملاحة البحرية في الخليج العربي إلى تهديد؛ ما ينعكس على ارتفاع أسعار النفط، فضلا عن زيادة التوترات الإقليمية بعد تعزيز الاستقطابات بين معسكرات سياسية وعسكرية متناحرة مثل محور المقاومة مقابل محور التحالفات الغربية، إلى جانب تقويض الجهد السياسي والدبلوماسي لاحتواء البرنامج النووي وهذا يعني بقاء المنطقة ضمن توتر مستمر وتصاعد احتمالات اندلاع نزاع شامل.
وخلصت الدكتورة تمارا حداد إلى أن الهجمات الإسرائيلية على إيران تلعب دورًا سلبيًا متزايدًا في زعزعة الاستقرار، وتُظهر عجز النظام الدولي عن كبح جماح الانتهاكات أحادية الجانب، مما يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى في منطقة تُعد من أكثر مناطق العالم حساسية جيوسياسية.
من ناحيته قال الدكتور عمرو حسين الباحث في العلاقات الدولية، إن العالم يتابع - بقلق بالغ - التطورات الأخيرة المتمثلة في الضربات العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد أهداف داخل إيران، والتي تمثل تصعيدًا جديدًا وخطيرًا، من شأنه أن يهدد الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، بل وينذر بانعكاسات سلبية تتجاوز الحدود الجغرافية للصراع.
وأضاف أن هذه العمليات العسكرية، مهما كانت مبرراتها الأمنية والسياسية، تؤكد من جديد إخفاق الأطراف المعنية في احتواء التوترات عبر المسارات الدبلوماسية والحوارات البنّاءة، وتكرس منطق القوة على حساب الشرعية الدولية وحق الشعوب في الاستقرار والتنمية.
وتابع: "لقد أثبتت تجارب العقود الماضية في المنطقة أن الحلول العسكرية لا تجلب سوى مزيد من الدمار والمعاناة، ولا تنتج حلولًا مستدامة، بل تعمّق الأزمات وتخلق أزمات جديدة أكثر تعقيدًا.
ولفت إلى أن المنطقة اليوم لا تحتمل مزيدًا من التصعيد العسكري، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية الحادة، وتداعيات النزاعات القائمة في بؤر متعددة، فضلًا عن التحديات المرتبطة بأسواق الطاقة العالمية والتي تتأثر مباشرةً بأي اضطرابات أمنية في الشرق الأوسط؛ وهو ما يحمّل المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة للعمل على وقف هذا النهج التصادمي، وتهيئة بيئة مناسبة للحوار وإيجاد تسويات سياسية عادلة لكل القضايا العالقة.
ونوه بأن الملف النووي الإيراني يظل إحدى القضايا الأكثر حساسية وخطورة، ولا يمكن التعامل معه بسياسة الضربات المتفرقة أو فرض الأمر الواقع بالقوة، بل يحتاج إلى إطار تفاوضي متكامل يراعي هواجس جميع الأطراف ويضمن التزامًا مشتركًا بالاتفاقات الدولية، مع رقابة شفافة تحقق التوازن بين متطلبات الأمن الإقليمي وحقوق الدول السيادية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وخلص إلى أن استمرار الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية من شأنه أن يدفع الأطراف الأخرى إلى ردود فعل مماثلة، مما يفتح المجال أمام اندلاع مواجهة عسكرية واسعة قد تمتد إلى دول الجوار، وهو ما سيزيد من نزيف الدماء، ويُهدد حياة المدنيين الأبرياء، ويُغذي موجات نزوح جديدة، ويُعيق برامج التنمية التي تسعى إليها شعوب المنطقة منذ عقود طويلة.
وحذر من تداعيات هذا التصعيد، داعيا الأمم المتحدة ومجلس الأمن والقوى الفاعلة دوليًا وإقليميًا إلى التحرك العاجل لوقف العمليات العسكرية، والدفع باتجاه استئناف مفاوضات جادة وشاملة تعالج القضايا الأمنية والسياسية برؤية استراتيجية بعيدة عن منطق الانتقام ورد الفعل.
وجدد الدكتور عمرو حسين التأكيد على أن الطريق إلى استقرار الشرق الأوسط لا يمر عبر القنابل والصواريخ، بل عبر موائد التفاوض والالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي، وبناء الثقة المتبادلة بين الأطراف. إن شعوب المنطقة تستحق حياة آمنة ومستقبلًا مزدهرًا بعيدًا عن دوامة العنف التي لم تجلب سوى الفقر والتشريد والدمار.
وفي السياق، قالت الدكتورة أريج جبر أستاذة العلوم السياسية الأردنية إن ما تشهده المنطقة، في هذه الآونة على وجه التحديد، يعكس حالة من الهلع السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية، بل وعودة إلى “شريعة الغاب”.
وأكدت أن إسرائيل لا تسعى إلا إلى إشعال المنطقة وتحويل المشهد من مواجهات ثنائية إلى حرب إقليمية شاملة، حيث تجلى ذلك بوضوح في تصرفها غير المسؤول باستهداف عدد من المنشآت العسكرية الإيرانية، كما يترافق مع إدراك حقيقي لتعطش إسرائيل لإشاعة المزيد من الفوضى والدمار، ونسف حالتي السلم والأمن الدوليين، ومعارضة كل ما يتصل بقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وذكرت أن إسرائيل تسعى لإثبات أنها فوق كل الشرائع والقوانين والمؤسسات الأممية والدولية، من خلال تعزيز مساعيها لتحقيق رؤيتها القائمة على استغلال اللحظة.
ورأت أن الضربة الإسرائيلية على إيران شكّلت درسًا تصعيديًا محدودًا – لا مفتوحًا – لإيران، هدفه الضغط عليها لإجبارها على الانخراط في المفاوضات، سواء الجارية حاليًا أو التي يُتوقع أن تُعقد بوساطة عُمانية ضمن الجولة السادسة المزمع عقدها الأحد المقبل.
وتابعت إن الهدف من هذه الضغوط، وفق المقاربة الأمريكية، هو التوصل إلى اتفاق نووي أمريكي–إيراني "تحت النار"، يحقق شروط واشنطن، وتحديدًا ما صاغه ويتكوف، المبعوث الأمريكي المختص بهذا الملف.. إذ تسعى الولايات المتحدة إلى دفع إيران للتراجع خطوات إلى الوراء، والرضوخ لشروطها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وتفويت الفرصة عليها في الوصول إلى امتلاك قنبلة نووية أو رؤوس نووية مستقبلًا.
وخلصت إلى أن غاية إسرائيل هي إشعال فوضى شرق أوسطية بما يؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو موجة جديدة من عدم الاستقرار، وسط مخاوف من زيادة فرص التصعيد المباشر بين قوى المنطقة.
من جانبها، قالت الدكتورة شيماء المرسي الخبيرة في الشئون الإيرانية ومديرة وحدة الرصد والمتابعة في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية إن إيران تشهد اختراقًا أمنيًا غير مسبوق، بعد العدوان الإسرائيلي الصارخ على منشآتها النووية واغتيال عدد من قيادات الجيش والحرس الثوري، إلى جانب علماء نوويين وأساتذة في الكليات التقنية.
وقالت إنه لا شك أن طهران تعرضت لخداع أمريكي، تمثل في جولات المفاوضات غير المباشرة، والتي منحت طهران ضمانات بعدم تنفيذ إسرائيل أي ضربات عسكرية على منشآتها النووية.
وأبرزت أن الضربات الإسرائيلية على أهداف داخل إيران تمثل تحولًا خطيرًا في طبيعة الاشتباك الإقليمي، وتُهدد بتقويض ما تبقى من التوازن الهش في الشرق الأوسط.. فالهجوم لا يقتصر على بعده العسكري فحسب، بل يحمل أبعادًا سياسية وأمنية تعزز مناخ عدم الثقة وتوسع دائرة الصراع، بما يفتح الباب أمام ردود أفعال متبادلة يصعب التحكم في تداعياتها.
ونوهت إلى أن هذا التصعيد يُنذر بإعادة خلط الأوراق في المنطقة، ما قد يؤدي إلى انفجار شامل يهدد السلم الإقليمي.. وهنا تبدو الحاجة ملحة اليوم لتحرك دبلوماسي حقيقي يضع حدًا لهذا المنحى التصعيدي، ويعيد إحياء قنوات الحوار، قبل أن تتوسع دائرة المواجهة لتشمل أطرافًا دولية وتتحول إلى نزاع مفتوح.
ولفتت إلى أن ما يزيد من خطورة هذا التصعيد أن الضربات جاءت في سياق إقليمي متوتر أصلًا، حيث تتشابك الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية في عدد من دول المنطقة، مما يجعل الشرق الأوسط أرضًا خصبة لاشتعال نزاعات جديدة.. كما أن غياب آليات الردع الإقليمي الفعّالة، وفشل المجتمع الدولي في فرض حلول مستدامة، يمنح مثل هذه الضربات تأثيرًا مضاعفًا على الاستقرار.
ورجحت الدكتورة شيماء المرسي أن تتجه إيران إلى رد عسكري قوي وغير تقليدي ضد إسرائيل، قد يتجاوز استهداف المواقع العسكرية إلى ضرب المنشآت النووية الإسرائيلية.
وخلصت إلى أن انسياق إدارة ترامب وراء ضغوط نتنياهو للانسحاب من الاتفاق النووي؛ أسفر عن انفلات استراتيجي حاد، وأعاد المنطقة إلى لحظة حرجة، باتت فيها ساحةً لتصفية الحسابات وإعادة تموضع القوى الإقليمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاعتداءات الإسرائيلية على إيران الامن الشرق الأوسط الإسرائیلیة على إیران الشرق الأوسط أن إسرائیل تصعید ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
خطة إعادة احتلال غزة.. تصعيد إسرائيلي يهدد بكارثة إنسانية وتحرك عربي لإفشال المخطط
في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد قطاع غزة، فجرت موافقة المجلس الوزاري المصغر في تل أبيب على خطة لإعادة احتلال ما تبقى من القطاع موجة غضب دولية وعربية واسعة، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية على الأمن الإقليمي والوضع الإنساني.
الخطة، التي تعد إعادة تدوير لمحاولات سابقة فشلت في تحقيق أهدافها، توضح مسعى إسرائيل للتصعيد وفرض وقائع جديدة على الأرض، رغم ما تحمله من مخاطر إنسانية وأمنية ، واحتمال اندلاع مواجهات طويلة الأمد.
في المقابل، تتحرك الدول العربية على عدة مسارات لاحتواء الموقف ومنع تنفيذ المخطط، بالتوازي مع جهود أممية وإقليمية لفرض التهدئة وضمان وصول المساعدات إلى السكان.
أحمد فؤاد أنور: خطة الاحتلال الإسرائيلية لغزة إعادة تدوير لأفكار فاشلة.. والدول العربية تتصدى للمخططأكد الدكتور أحمد فؤاد أنور الخبير في الشأن الإسرائيلي أن الخطة الإسرائيلية الرامية لاحتلال ما تبقى من قطاع غزة أي نحو 25% من مساحته ليست إلا إعادة تدوير لأفكار قديمة فشلت سابقًا، مضيفًا أن حكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفها بـ”حكومة الخراب”، لا تقدم جديدًا سوى “التخريب والدمار والتجويع” تحت مسمى “الضغط العسكري”.
وأوضح أن هذا “الضغط العسكري” لم يحقق أي من أهداف الحرب المعلنة أو غير المعلنة، وفي مقدمتها التهجير، الذي أصبح بعيد المنال بفضل تصدي الدول العربية، وعلى رأسها مصر، لهذا المخطط، من خلال رفض التهجير والإصرار على إدخال المساعدات الإنسانية لتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه.
وأشار إلى وجود تنسيق مصري قطري، ومواقف داعمة من المملكة العربية السعودية، إلى جانب تحركات سياسية على مستوى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية للحد من العدوان الإسرائيلي، معتبرًا أن هذه الجهود قادرة على تقويض المخطط الإسرائيلي.
وأضاف أن هذه الخطوة ستلقى مصير محاولات إسرائيلية فاشلة سابقة، مشيرًا إلى أن رئيس الأركان الجديد سيواجه نفس مصير سلفه، خاصة في ظل الانقسام الداخلي بإسرائيل والتباين بين القيادة العسكرية والسياسية، وهو ما يهدد استقرار الحكومة الإسرائيلية.
وحذر أحمد فؤاد أنور من أن نتنياهو يقود إسرائيل نحو مصير مشابه لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لافتًا إلى أن دولًا صديقة لإسرائيل مثل بريطانيا وفرنسا والبرتغال وكندا من المتوقع أن تدعم لأول مرة إعلان دولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال سبتمبر المقبل.
وختم بالتأكيد على أن استمرار هذه السياسات يضر باستقرار المنطقة ككل، وبالمصالح الإسرائيلية ذاتها، داعيًا الداخل الإسرائيلي إلى اليقظة وممارسة ضغط حقيقي لوقف هذه “المخططات الوهمية”.
سعيد الزغبي: الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة ستخلق أزمات إنسانية وأمنية.. والدول العربية قادرة على إفشالها إذا تحركت سريعًا وبصوت موحدوقال أستاذ العلوم السياسية سعيد الزغبي، في تصريحات خاصة لصدى البلد، إن موافقة القيادة الإسرائيلية على خطة للسيطرة العسكرية على مدينة غزة أثارت رفضًا دوليًا واسعًا، إلى جانب توتر داخلي بين الحكومة والجيش الإسرائيلي، بسبب المخاطر الكبيرة التي تهدد الرهائن والعبء العسكري والإنساني المترتب على تنفيذ الخطة.
وأضاف أن التقارير الدولية حذرت من تفاقم كارثة إنسانية حال تنفيذ الخطة، مشيرًا إلى أن هذه العملية، التي هندس لها جيش الاحتلال، ستؤدي إلى تصعيد إنساني هائل، وتعزيز عزلة إسرائيل دبلوماسيًا، وقد تحقق مكاسب أمنية قصيرة المدى عبر ضرب قدرات حركة حماس، لكنها في المقابل ستخلق بيئة خصبة لصراعات مقاومة طويلة الأمد.
وأوضح الزغبي أن الدول العربية تمتلك أدوات ضغط متعددة يمكن توظيفها للتأثير على مجريات الأحداث، منها النفوذ الدبلوماسي والاقتصادي والإعلامي، وقدرة توجيه المعونات، مشددًا على أن فعالية هذه الأدوات تعتمد على سرعة التحرك والتوافق الإقليمي والتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وأشار إلى أن أبرز هذه الأدوات تشمل الضغوط الدبلوماسية الفورية والمنسقة، والوساطة من خلال دول مثل مصر وقطر التي تحتفظ بعلاقات مع طرفي النزاع، لفتح قنوات تفاوض وتأمين الإفراج عن رهائن، إضافة إلى الضغط الاقتصادي وربط العلاقات التجارية بالمواقف السياسية، والعمل الإنساني المتمثل في بناء تحالفات إقليمية دولية لتأمين ممرات إنسانية ومخيمات طوارئ ودعم منظومات الغذاء والدواء، فضلًا عن تفعيل القنوات القانونية الدولية لدعم التحقيقات ومساءلة إسرائيل.
واستعرض الزغبي أربعة سيناريوهات محتملة للخطة الإسرائيلية ودور الدول العربية في كل منها:
• الانسحاب أو وقف التنفيذ: بفعل ضغوط دولية وداخلية، وعلى الدول العربية دعم المفاوضات وتأمين هدنة إنسانية وحوار حول تسوية طويلة الأمد.
• الاحتلال الجزئي: عبر عملية عسكرية كبيرة ونزوح واسع، مع ضرورة فتح ممرات إنسانية تحت رقابة دولية، وتفعيل مفاوضات لتبادل الأسرى.
• التصعيد الإقليمي: بامتداد المواجهات للضفة أو حدود دول الجوار، ما يستدعي تحركًا دبلوماسيًا عاجلًا وتنبيهًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا ضد التصعيد.
• الاحتلال طويل الأمد: بإدارة مدنية إسرائيلية وتغيير ديموغرافي وقانوني، ما يتطلب دعمًا قانونيًا وحقوقيًا للفلسطينيين، وإجراءات تحد من الآثار الاجتماعية والإنسانية.
وشدد الزغبي على ضرورة إطلاق مبادرة عربية فورية تشمل بيانًا موحدًا، وطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن، ووساطة مصرية قطرية لوقف العمليات في المناطق المدنية، مع تشكيل خلية تنسيق إقليمي دولي بين مصر وقطر والأردن والسعودية والأمم المتحدة لإدارة المساعدات وحماية المدنيين.
واختتم الزغبي تصريحه بالتأكيد على أن نجاح الدول العربية في مواجهة هذه الخطة مرهون بالتحرك السريع والموحد، وبالمزج بين الضغط الدبلوماسي والوساطة الإنسانية والاستعداد العملي لاحتواء تداعياتها.
«ريان»: خطة إعادة احتلال غزة تحدٍ صارخ للشرعية الدولية ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية
قال كمال ريان، مسؤول الشؤون البرلمانية والرئاسية، في تصريحات خاصة لموقع "صدى البلد"، إن موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر على خطة إعادة احتلال قطاع غزة تمثل تحديًا صارخًا وخطيرًا للشرعية الدولية ولقرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وهي خطوة تكشف بوضوح سعي حكومة نتنياهو للتصعيد وجرّ المنطقة إلى دوامة لا تنتهي من العنف.
نتنياهو يهرب من أزماته الداخلية
وأضاف أن نتنياهو يحاول الهروب من أزماته الداخلية مستغلًا دعم حكومته المتطرفة، رغم المعارضة الواسعة داخل إسرائيل، سواء من الرأي العام أو القيادات العسكرية، بما في ذلك رئيس الأركان الإسرائيلي الذي رفض هذه الخطة.
الاحتلال لن يكون نزهة
وأشار ريان إلى أن الاحتلال لن يكون نزهة، بل ستواجه إسرائيل حرب عصابات ستكبدها خسائر بشرية واقتصادية فادحة، خاصة مع تطبيق خطة "هانيبال" التي تعني التضحية بجنودها لتحقيق انتصارات وهمية.
وأوضح أن هذا الموقف المتعنت يزيد من عزلة إسرائيل الدولية، في وقت تتصاعد فيه ردود الأفعال الغاضبة من عائلات الأسرى والمختطفين الإسرائيليين، ومن المجتمع الدولي الذي بدأ يفرض عقوبات اقتصادية ويوقف تصدير الأسلحة.
وأكد ريان أن الموقف المصري والعربي كان واضحًا وحاسمًا في رفض هذه الخطة والتحذير من عواقبها، مع استمرار التنسيق بين مصر والدول العربية والإسلامية ودول العالم لردع إسرائيل عن هذه الجريمة، التي تمثل إعادة احتلال وجريمة حرب ضد الشعب الفلسطيني.
واختتم قائلًا: هناك تحرك دبلوماسي واسع، من دعوة لاجتماع مجلس الأمن، إلى لقاءات رفيعة المستوى بين وزراء الخارجية العرب، وإعلان أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه.