عملية الأسد الصاعد وشعار ترامب أميركا أولاً
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
في وقت مبكر من صباح الجمعة، شنّت إسرائيل ضربات غير مسبوقة على إيران، ما أسفر عن مقتل مدنيين إلى جانب مسؤولين عسكريين كبار وعلماء، واضعةً الحكومة الإيرانية فعليًا في موقف لا بد أن تردّ فيه، وكأن ما يجري في الشرق الأوسط ليس كافيًا، لا سيما مع الإبادة الجماعية المستمرة التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
أصبحت إسرائيل تعيش على الفوضى الدائمة والقتل الجماعي، بينما تواصل تصوير نفسها كضحية لأولئك الذين تذبحهم وتستفزهم بانتظام. وكما هو متوقع، صوّرت إسرائيل إيران الآن على أنها المعتدية، مدعية أن أسلحة إيران النووية- غير الموجودة- تشكل "تهديدًا لبقاء إسرائيل نفسه"، كما صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيانه الذي أعلن فيه عن إطلاق "عملية الأسد الصاعد".
وعلى عكس إيران، تمتلك إسرائيل بالفعل أسلحة نووية، ما يجعل الوضع أكثر قابلية للاشتعال. لكن بالنسبة لنتنياهو، فإن إبقاء المنطقة مشتعلة هو وسيلة لإنقاذ نفسه من المعارضة الداخلية وتورطه في تهم فساد متعددة.
أما الولايات المتحدة، فقد نفت من جهتها أي تعاون في الهجمات الإسرائيلية، رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال بالأمس القريب: إن "ضربة إسرائيلية لإيران قد تحدث فعلًا".
إعلانوكان ترامب قد تفاخر في مارس/ آذار بأنه "يرسل إلى إسرائيل كل ما تحتاجه لإنهاء المهمة" في غزة، لكنه أثار مؤخرًا غضب نتنياهو بدعوته إلى حل دبلوماسي مع إيران، إلى جانب خطوات أخرى رآها نتنياهو غير عدائية بما فيه الكفاية.
وبإطلاقها ما يسمى "ضربة استباقية" على إيران، تكون إسرائيل قد أجهضت فعليًا إمكانية التوصل إلى أي حل سلمي لمسألة ما إذا كان يجب السماح للإيرانيين بمواصلة برنامجهم لتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية.
وكان ترامب قد أكّد، يوم الأربعاء، أن الطاقم الدبلوماسي والعسكري الأميركي يُنقل من بعض مناطق الشرق الأوسط "لأنها قد تصبح خطرة، وسنرى ما سيحدث".
ومع تحوّل المنطقة إلى مكان أكثر خطورة بالفعل، حدد البيت الأبيض موعدًا لاجتماع مجلس الأمن القومي في واشنطن- بحضور ترامب- عند الساعة 11 صباحًا بتوقيت واشنطن (15:00 بتوقيت غرينتش). وبعبارة أخرى، لا يبدو أن هناك استعجالًا في التعامل مع نهاية العالم المحتملة، ما دام بإمكان المسؤولين الأميركيين تناول فَطورهم بهدوء أولًا.
أما وزير الخارجية في إدارة ترامب، ماركو روبيو، فقد علّق بالفعل على التطورات، قائلًا: "لسنا مشاركين في الهجمات على إيران، وأولويتنا القصوى هي حماية القوات الأميركية في المنطقة".
وأضاف روبيو محذرًا: "دعوني أكون واضحًا: على إيران ألا تستهدف المصالح أو الأفراد الأميركيين".
لكن الولايات المتحدة ليست غريبة على استهداف المصالح والأفراد الإيرانيين. نتذكر جميعًا عملية اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، التي نفذتها الولايات المتحدة بطائرة مسيّرة في يناير/ كانون الثاني 2020، والتي لم تكن سوى ترسيخ إضافي للمعايير المزدوجة للإمبراطورية.
وقعت عملية الاغتيال في بغداد خلال الولاية الأولى لترامب، وشكّلت انتهاكًا للقانون الدولي، وهو ما ليس استثناءً في السياسة الخارجية الأميركية.
إعلانوقد كانت العملية مثيرة للغاية بالنسبة لأعضاء الإعلام الليبرالي في الولايات المتحدة، حتى إن صحيفة نيويورك تايمز نشرت بسرعة مقالًا لرئيس قسم الشؤون الخارجية لديها يقول فيه إنّه "ربما يطلق اسم ترامب على أحد شوارع طهران يومًا ما".
ذلك اليوم لم يأتِ بعد، رغم أن ترامب كان سيُنظر إليه ربما بأقل قدر من العداء في طهران لو أنه التزم بسياسة "أميركا أولًا" التي تُعد حجر الأساس لإدارته الثانية. وكما يوحي اسمها، فإنّ هذه السياسة تدّعي التركيز على المواطنين الأميركيين واحتياجاتهم، بدلًا من قصف الناس في بلدان أخرى.
ومع ذلك، فإن التأييد- ولو الضمني- الذي أبداه ترامب لهجمات صباح الجمعة على إيران، يثير تساؤلات حول أولويات الولايات المتحدة، ويثير احتمال أن تكون الولايات المتحدة تضع "إسرائيل أولًا".
والواقع أن هذه ليست المرة الأولى التي يُتّهم فيها البيت الأبيض بتقديم أهداف السياسة الإسرائيلية على حساب مصالحه الخاصة. فالمليارات التي منحتها الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء لإسرائيل كمساعدات فتاكة، لا يمكن القول بأنها تفيد المواطن الأميركي العادي، الذي سيكون أفضل حالًا لو أنفقت تلك المليارات في الإسكان الميسّر، أو الرعاية الصحية في الولايات المتحدة نفسها.
ومن الطبيعي أن تؤدي هذه الترتيبات المالية إلى إطلاق شائعات بأن إسرائيل هي من تملي الأوامر في واشنطن. لكن في نهاية المطاف، تستفيد قطاعات رئيسية من الرأسمالية الأميركية من وحشية إسرائيل في المنطقة؛ فلن تسمع، مثلًا، من صناعة الأسلحة الأميركية شكوى بأن الهجوم على إيران لا يضع أميركا أولًا.
وقد نقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية قوله إن "إسرائيل وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة ستدفعان ثمنًا باهظًا" للهجوم، متهمًا واشنطن بتقديم الدعم للعملية.
إعلانومهما كان ذلك الثمن، فسيجد الحليف الرئيسي لإسرائيل، بلا شك، في نهاية المطاف أن الأمر كان يستحق العناء.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج الولایات المتحدة على إیران
إقرأ أيضاً:
عاجل| الاحتلال الإسرائيلي يشن هجوماً جوياً واسعاً على طهران ويعلن بدء عملية الأسد الصاعد
شنّ الطيران الحربي التابع للاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الخميس غارات جوية مكثفة استهدفت مواقع داخل العاصمة الإيرانية طهران، في تصعيد عسكري مفاجئ أعلنت سلطات الاحتلال أنه يأتي ضمن عملية عسكرية واسعة أطلقت عليها اسم "الأسد الصاعد".
وذكر مراسل الجزيرة أن دوي انفجارات عنيفة سُمع في مناطق متفرقة من طهران، بينما نقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مصدر عسكري قوله إن الغارات استهدفت حياً يقيم فيه عدد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني.
وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي أن العملية بدأت بضربة جوية افتتاحية نفذتها عشرات الطائرات داخل الأراضي الإيرانية، وأن هذه الضربة تمثل المرحلة الأولى من سلسلة هجمات متوقعة.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصدر في سلطات الاحتلال قوله إن العملية ليست ضربة ليوم واحد، بل تشمل جولات متعددة، مضيفاً أن الحكومة الإسرائيلية رأت أن الظروف السياسية والعسكرية ملائمة لتنفيذ هذا الهجوم.
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن الاحتلال يستعد لأيام عدة من القتال، بينما أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى أن من أهداف العملية تصفية مسؤولين إيرانيين بارزين. كما ذكرت القناة 12 أن مسؤولين كباراً في حكومة الاحتلال نُقلوا إلى أماكن آمنة تحسباً لرد إيراني محتمل، وأكدت أن الهجوم يستهدف "إزالة التهديد النووي الإيراني".
وفي أول تعليق رسمي، وصف رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو العملية بأنها لحظة حاسمة في تاريخ كيانه، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي هو ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
من جهته، أعلن وزير الدفاع في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس حالة الطوارئ وأمر بإغلاق المجال الجوي، محذراً من أن كيان الاحتلال قد يتعرض لهجمات صاروخية وهجمات بطائرات مسيّرة رداً على ما وصفه بـ"الهجوم الوقائي" داخل إيران.
ونقل موقع "أكسيوس" عن مصادر أن سلاح الجو التابع للاحتلال شن غارات على أهداف غير محددة في إيران، في حين دوت صفارات الإنذار في مناطق متفرقة داخل الأراضي المحتلة، تزامناً مع اجتماع طارئ للمجلس الوزاري المصغر.
وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" نقلاً عن مسؤولين في الاحتلال أن إيران كانت قريبة من تحقيق "اختراق نووي خلال أيام قليلة"، وهو ما اعتبرته سلطات الاحتلال مبرراً لتنفيذ الهجوم.
وفي واشنطن، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن بلاده لم تشارك في الهجوم، وأن أولويتها حماية القوات الأميركية في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن حكومة الاحتلال أبلغت إدارة الرئيس دونالد ترامب مسبقاً باعتزامها شن الهجوم "دفاعاً عن نفسها".
وأكد مسؤولان أميركيان لقناة الجزيرة أن الولايات المتحدة لم تقدم أي دعم عسكري أو لوجستي للاحتلال الإسرائيلي في هذه العملية.
من جهته، علّق السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على الهجوم قائلاً: "اللعبة بدأت... نصلي من أجل إسرائيل"، بحسب تعبيره. فيما أفادت شبكة "سي إن إن" بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستعد لعقد اجتماع وزاري طارئ في البيت الأبيض لمتابعة تطورات التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اقرأ ايضاًاشترك الآن