أكد عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي السابق، مراجع غيث، أن الإصلاحات الاقتصادية المنتظرة ينبغي أن تتركز على السياسة المالية أكثر من السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن المسؤولية الأساسية في تقديم حزمة الإصلاحات تقع على عاتق السلطة التنفيذية، أي الحكومة، وليس على المصرف المركزي.

وفي تصريحات نقلتها منصة “فواصل”، أوضح غيث أن على الحكومة العمل على تقليص النفقات وخفضها بشكل فعّال، في حين يمكن للمصرف المركزي أن يلعب دورًا داعمًا فقط في هذه العملية.

وأشار إلى خلل واضح في النظام الضريبي الحالي، مبينًا أن قانون الضرائب يُعفي المرتبات المدفوعة من الخزانة العامة من ضريبة الدخل، بينما تُفرض هذه الضريبة على العاملين في القطاع الخاص، وهو ما وصفه بأنه يفتقر إلى العدالة الضريبية.

وأضاف أن فرض الضريبة يجب أن يكون بناءً على نوعية الدخل وقيمته، وليس على الجهة التي تصرفه، مشددًا على أن منطق العدالة الضريبية يقتضي تصاعد قيمة الضريبة مع ارتفاع قيمة الدخل، دون تمييز بين مصدره.

وانتقد غيث سلوك المصرف المركزي إذا ما اختار مجاراة الحكومة في سياساتها الإنفاقية، مؤكدًا أن على المركزي الحفاظ على استقلاليته وعدم الانخراط في سياسات إنفاق لا تتماشى مع المعايير الاقتصادية الرشيدة.

ودعا الحكومة إلى تنويع مصادر الإيرادات من خلال الضرائب، والرسوم، والموارد الأخرى، مع التشديد على أهمية الحد من الإنفاق العام، كشرط أساسي لتحقيق الاستقرار المالي.

واختتم غيث بالتأكيد على أن معظم دول العالم، خلال فترات الأزمات المالية، تلجأ إلى سياسات تقشفية، تشمل خفض أو إلغاء العديد من الالتزامات والمصاريف الحكومية، داعيًا إلى السير في هذا الاتجاه من أجل ضبط الأداء المالي العام في ليبيا.

المصدر: صحيفة الساعة 24

إقرأ أيضاً:

المركزي الليبي وتحدي نقص السيولة

أزمة السيولة ممتدة منذ نحو عقد من الزمان، ومنحناها شهد تعرجا، إلا إنها ما تلبث أن تعود بعد فترة تعافي قصيرة.

ظهور أزمة السيولة اقترن بالاضطراب المالي الذي ظهر مع تفجر أزمة الحقول النفطية العام 2013م، وذلك مع تصاعد النزوع الجهوي والضغوط التي مارسها أنصار الفدرالية والتي انتهت إلى غلق الحقول والموانئ في وسط وشرق البلاد، وكان لهذا السلوك صداه حتى في الحقول النفطية الواقعة في جنوب غرب البلاد.

الأثر المباشر لهذا الإغلاق كان تراجع الإيرادات العامة بشكل كبير، فالإيرادات العامة تعتمد بنسبة تزيد عن 95% على النفط، والذي تراجع سقف إنتاجه من نحو 1.5 مليون برميل مطلع العام 2013 إلى أقل من 200 ألف برميل في بعض شهور العام 2017م.

الأزمة كان لها مظاهرها وآثارها العديدة،  من ذلك الطوابير الطويلة على المصارف وتدني مستوى العيش لشريحة واسعة من الليبيين الذين يعتمدون على المرتب كمصدر رزق رئيسي ووحيد، وقد ساء وضع هؤلاء وهم الفئة الأكبر في المجتمع، بسبب التداعيات المصاحبة لتراجع الإيرادات العامة وتخفيض الإنفاق العام ومنها تدني قيمة الدينار الليبي أمام الدولار وارتفاع اسعار السلع والخدمات.

المصارف التي عجزت عن توفير الطلب على الكاش للمواطنين والتجار وغيرهم فقدت ثقة الفئة المتحكمة في النقد خارج المصارف، وما يخرج من عملة محلية من المصارف لا يعود منها إلا النزر اليسير، ولأن آلية دفع المرتبات لموظفي الدولة الذين يشكلون نحو 80% من القوى العاملة الليبية، هي الحوافظ المحالة إلى المصارف، صار عسيرا على أصحاب المرتبات تسييلها، حتى أصبح شح السيولة المعضلة الأكبر لصناع القرار.

مربط الفرس هو في كيفية تسريح قنوات التدفق النقدي داخل الاقتصاد الوطني، ودفع المختزنين للدينار الليبي خارج المصارف من رجال أعمال وتجار وحتى مواطنين يعتمدون على المرتب الحكومي إلى تحويل مدخراتهم إلى الجهاز المصرفي وعدم المضاربة بها على الدولار حتى صارت الهوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار كبيرة. فكان أن اعتمدت خطة للإصلاح الاقتصادي العام 2018م، والتي استحدثت آلية هي فرض رسوم على بيع الدولار بنسبة 183%، وبالفعل تدفقت الأموال المخزنة إلى المصارف طلبا للنقد الأجنبي وشهدت أزمة السيولة انفراجة كبيرة.مربط الفرس هو في كيفية تسريح قنوات التدفق النقدي داخل الاقتصاد الوطني، ودفع المختزنين للدينار الليبي خارج المصارف من رجال أعمال وتجار وحتى مواطنين يعتمدون على المرتب الحكومي إلى تحويل مدخراتهم إلى الجهاز المصرفي وعدم المضاربة بها على الدولار حتى صارت الهوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار كبيرة. فكان أن اعتمدت خطة للإصلاح الاقتصادي العام 2018م، والتي استحدثت آلية هي فرض رسوم على بيع الدولار بنسبة 183%، وبالفعل تدفقت الأموال المخزنة إلى المصارف طلبا للنقد الأجنبي وشهدت أزمة السيولة انفراجة كبيرة.

إغلاق الحقول بين الفينة والأخرى، والزيادة الكبيرة في الإنفاق العام، وتلكأ المصرفي في تبني إجراءات تحد من أزمة السيولة وجسر الهوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي للعملات الصعبة، هذا بالإضافة إلى تزوير العملة المحلية بكميات كبيرة من قبل سلطات الشرق، وأضطرار المصرف المركزي إلى سحب الفئات التي تم تزويرها، كل ذلك أسهم في عودة أزمة السيولة، وإن بشكل اقل حدة مما كانت عليه الأعوام 2015  و2016 م.

الإدارة الجديدة للممصرف المركزي التي تبني حزمة من السياسات والإجراءات لمعالجة الوضع النقدي المأزوم نجحت في التخفيف من حدة أزمة السيولة من خلال تنشيط الدفع الإلكتروني الذي تضاعف بنسبة كبيرة جدا خلال العامين الماضيين، ونجحت في انعاش الدينار الليبي أمام الدولار في السوق الموازي مؤخرا، ارتبكت في توفير البديل عن الفئات التي تم سحبها من التداول والتي بلغ إجماليها نحو 20 مليار دينار ليبي، إذا لم يزد ما تم طرحه من فئة العشرين دينار الجديدة عن 3 مليار دينار،  والمركزي يدرك أن المرتبات الشهرية تقترب من 6 مليار دينار،  أي أن المتاح الآن بالكاد يغطي 50% من مرتبات شهر واحد.

المركزي يتجه إلى سحب البساط من تحت أقدام السوق الموازي للعملات، باعتباره أحد مسببات نقص السيولة،  من خلال توفير النقد الأجنبي لمن يطلبه، واستبدال دكاكين بيع العملة بشركات الصرافة، وفرض رسوم على سحب الكاش من المصارف وطرح كميات إضافية من الفئة الجديدة من العملة المحلية، لكنه لم يقدم ضمانات لعدم احتكار النقد الأجنبي وعرضه للمضاربة من خلال آليات وأدوات رقابة صارمة، ولم يتبن وسائل تعيد تنظيم وتفعيل وتسريع أداء المصارف التي يناط بها تنفيذ عمليات بيع النقد الأجنبي لأجل الاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية،  بحيث تصبح المصارف مقصد رجال الأعمال والتجار والأشخاص العاديين للحصول على الدولار ، فيتراجع الاعتماد على السوق الموازي وتتراكم الأموال في المصارف فيتم القضاء على أزمة السيولة.

هذه حلول المدى القصير، وهي غير كافية لفرض استقرار اقتصادي، مالي ونقدي، مستدام،  إلا أن تقع معالجات جذرية واصلاحات شاملة تكون هي الضمانة لعدم تكرار مظاهر التأزيم الراهنة والتي في مقدمتها النقص الحاد في السيولة.

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي يفتتح فعاليات المؤتمر السنوي للجمعية المصرية للمتداولين في الأسواق المالية
  • رفع التصنيف الائتماني.. مستشار البنك الدولي: السياسة النقدية في مصر بدأت تؤتي ثمارها
  • البنك المركزي: 2.6 مليار دولار صادرات مصر من البترول و9.83 مليار دولار واردات خلال 6 أشهر
  • وزير المالية: مؤسسات التصنيف العالمية بدأت ترفع تقييماتها للاقتصاد المصري
  • وزير المالية: الإصلاحات الاقتصادية أصبحت محل اهتمام المستثمرين والمؤسسات الدولية
  • المركزي الليبي وتحدي نقص السيولة
  • مباحثات بين ممثلي الحكومة والقطاع الخاص حول القرارات النقدية وآليات التجارة الدولية
  • شبكة ليبيا للتجارة تحذّر من تداعيات شح السيولة النقدية وتطالب المركزي بتوفيرها العاجل
  • المؤشرات المالية.. تحسن متواصل رغم تقلبات النفط
  • رئيس الدولة يُصدر مرسوماً بقانون اتحادي بشأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية