أعرف عدوك جيدًا وثِق بقدراتك
تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT
سالم البادي (أبومعن)
يُعد حق الدول في الدفاع عن النفس حجر الزاوية في القانون الدولي، وهو مبدأ أساسي يسمح للدول بحماية سيادتها وسلامة أراضيها وشعبها من الهجمات المسلحة، ويهدف هذا الحق إلى الحفاظ على السلام والأمن الدوليين من خلال ردع العدوان وضمان قدرة الدول على الدفاع عن نفسها.
ويستند حق الدفاع عن النفس إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن النفس إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة".
وعلى الرغم من أهمية حق الدفاع عن النفس، إلا أنه ليس مطلقًا، ويخضع لشروط وقيود معينة.
يجب أن يكون الرد على الهجوم المسلح ضروريًا ومتناسبًا، وهذا يعني أن استخدام القوة يجب أن يكون هو الملاذ الأخير، وأن يكون الرد متناسبًا مع حجم الهجوم، ولا يتجاوز الهدف المتمثل في صد العدوان. إضافة إلى ذلك، يجب على الدول التي تمارس حق الدفاع عن النفس أن تبلغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجراءات التي تتخذها، وذلك لضمان المساءلة والشفافية.
ويواجه حق الدفاع عن النفس تحديات وجدلًا مستمرين في القانون الدولي. وأحد هذه التحديات هو تحديد ما يشكل "هجومًا مسلحًا"، والذي يبرر ممارسة هذا الحق.
وهناك خلاف حول ما إذا كان الهجمات السيبرانية أو الهجمات غير المباشرة، مثل دعم الجماعات المسلحة، يمكن أن يُعتبر بمثابة هجوم مسلح. وهناك جدل حول نطاق حق الدفاع عن النفس الوقائي، أي ما إذا كان للدول الحق في استخدام القوة لمنع هجوم مسلح وشيك، حتى قبل وقوعه.
يمثل حق الدول في الدفاع عن النفس مبدأ أساسيًا في القانون الدولي، ويهدف إلى حماية سيادة الدول وضمان الأمن والسلم الدوليين.
والنصر هدف تسعى إليه جميع أطراف النزاع، إنه شعور بالانتصار والنجاح، ولكنه ليس مجرد حظ أو صدفة.
وهناك أسباب وعوامل أساسية يجب أن تتوافر لتحقيق النصر ومنها:
أولًا: يجب تحديد الأهداف بوضوح ودقة متناهية ومحددة، وتضافر كل الجهود وتكون مركزة وغير مشتتة.
ثانيًا: العمل الجاد والمثابرة والجد والاجتهاد، لأن النصر لا يأتي بسهولة ويحتاج إلى بذل جهود كبيرة وتضحيات عظيمة. ومواجهة العقبات والتحديات، وتجاوزها بأسرع وقت وعدم التسليم أو الاستسلام من أول مرحلة، النهوض والمحاولة مرة أخرى وإعادة الحسابات وتجاوز الصعاب يمنح الإيجابية ولذة النصر.
ثالثًا: يجب الإيمان بالنفس وبالقدرات؛ فالثقة بالنفس هي مفتاح النجاح، وهي سبب في القدرة على مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف.
وفي خضم الحياة، نواجه تحديات وصراعات لا تحصى، سواء كانت صراعات شخصية، أو مهنية، أو حتى عالمية، فإنَّ القدرة على فهم هذه الصراعات هي المفتاح لتحقيق النصر.
من الحكمة أن تتعلم الدول من استراتيجيات القادة العسكريين القدماء والخبراء الاستراتيجيين وكذلك الحكماء، الذين أدركوا أهمية معرفة العدو.
"أعرف عدوك" ليست مجرد عبارة، بل هي دعوة للتحليل والبحث والتفكر العميق، إنها تتطلب النظر إلى ما وراء السطح، وفهم دوافع العدو، ونقاط قوته وضعفه، وتكتيكاته.
وفي الوقت نفسه، يجب أن ندرك أهمية الثقة بالنفس، وأن "ثق بقدراتك" هي رسالة قوية تدعو إلى الإيمان بالنفس وقدراتها. إنها تعني الايمان بالقدرات والموارد والمهارات اللازمة المتوفرة، وذلك للتغلب على التحديات.
الثقة بالنفس ليست غرورًا، بل هي إدراك للذات، إنها تنبع من فهم نقاط القوة، والقدرة على التعلم والتكيف، والايمان بالقدرات على تحقيق الاهداف.
عندما نجمع بين معرفة العدو والثقة بالنفس، فإننا نضع الأساس للنجاح، من خلال فهم العدو، يمكن توقع تحركاته، وتجنب مكره وخداعه، والتخطيط لاستراتيجيات فعالة.
ومن خلال الثقة بالقدرات المتوفرة، يمكن مواجه التحديات بشجاعة وعزيمة، والتغلب على العقبات بثقة تامة. هذه هي المعادلة السرية للنصر، سواء في ساحة المعركة أو في معترك الحياة.
النصر الحقيقي ليس مجرد انتصار عسكري أو سياسي، بل هو انتصار للقيم والمبادئ التي نؤمن بها، إنه الانتصار الذي يأتي ونحن أعزة، نحمل في قلوبنا الإيمان والثقة بالنفس، وننظر إلى المستقبل بأمل وتفاؤل.
عندما ننتصر ونحن أعزة، فإننا نحقق السلام الحقيقي، السلام الذي يعتمد على العدالة والمساواة والاحترام المتبادل.
هذا السلام هو الذي يضمن لنا وللأجيال القادمة حياة كريمة، مليئة بالازدهار والتقدم.
لذا، دعونا نسعى دائمًا إلى تحقيق النصر الذي يأتي ونحن أعزة ولسنا أذله، وقد قال الله تعالى في الآية 54 من سورة المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".
هذا هو النصر الذي يجعلنا أعزة ويرفع من شأننا ويجعلنا فخرًا لأنفسنا ولعقيدتنا ولأوطاننا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما الذي تعانيه منظومة التربية من تحديات؟
يبرز في السنوات الأخيرة اهتمام موسع على المستوى الوطني بموضوع تصويب منظومة تربية الأبناء – مدعومًا بخطاب أعلى من القيادة السياسية – وذلك نظير ما يعتري هذه المنظومة من تحديات ومتغيرات؛ بعضها نابعٌ من ذات المجتمع في حركته وتبدلاته وتغير المفاهيم والتفاعلات بين أجياله وأفراده، وبعضها الآخر نابعٌ من خارجه ويتأتى من سياق عولمة الثقافة وأدوات التربية ومصادرها من إعلام ومضامين تربوية. ورغم تسليط الضوء على مستوى الحوار العام (إعلام، مؤسسات ثقافية، مؤسسات مجتمع مدني، مؤسسات أكاديمية، حوارات عمومية) على هذه القضية إلا أن النقاش حولها – في تقديرنا – يعتريه بعض أوجه الخلل التي تضعف مخرجاته ونتائجه، ومنها: أن هذا النقاش ينبغي أن يكون مؤصلًا على مخرجات جهد علمي وأكاديمي من دراسات وبحوث موسعة، لا تدور في ذات فلك القضايا، بل تتحول إلى محاولة فهم شمولي لما يعتري منظومة التربية ككل من متغيرات، وما مرت به من تحولات، وصولًا إلى نتائج يمكن أن ينطلق منها في النقاش وتطوير المعالجات. وثاني أوجه الخلل أن الحوار تقوده النخب، سواء الأكاديمية أو الرسمية ويفتقد فيه إلى صوت المجتمع (المربين أنفسهم)، من خلال هواجسهم، وتجاربهم، ورؤاهم، والتحديات الواقعية التي تعترض ممارساتهم التربوية، وهو ما يميل بهذا الحوار إلى أن يكون أحادي النظرة، تنظيري في غالبه. ومن أوجه الخلل التي نعتقد بها كذلك أنه ليس هناك تشخيصًا دقيقًا ومحددًا لتحديات منظومة التربية ينطلق منه فعلًا ويتوافق عليه ويصار إلى تقصيه وبحث معالجاته وفق سردية وطنية ومؤسسية جامعة.
ولعلنا في هذه المقالة نسلط الضوء على هذا الوجه تحديدًا، في محاولة للإجابة على سؤال: ما الذي يواجه منظومة التربية حقًا من تحديات؟ وفي محاولة الإجابة على هذا السؤال لعلنا نستعين ببعض الرؤى التي تمدنا بها مسوحات ودراسات المنظومة التربوية من ناحية، ومنهجية العقد من ناحية أخرى (كيف يسبب تحديًا غير منظور تحديات كبرى للمجتمع على المدى المتوسط والبعيد). ونرى بتقسيم هذه التحديات إلى ثلاث مجموعات أساسية؛ تحديات مباشرة ومرئية يمكن أن نلحظها وتأثيراتها بشكل مباشر، ومنها ضعف التحكم في أوقات التربية المباشرة، لصالح الأوقات التي تقضى على المنصات الرقمية عمومًا، وضعف التحكم في المحتوى المتلقى من قبل الأبناء في هذه المنصات، وصعوبة التمييز لاحقًا بين مصداقية/ شرعية/ أخلاقية ما يتم تلقيه عبر المنصات الرقمية من ناحية وما يتم تلقيه عبر أدوات التربية التقليدية من ناحية أخرى، وضمن هذا النوع من التحديات كذلك الضعف في وجود محتويات تربوية مصممة بطريقة تفاعلية وقائمة على المفاهيم والقيم والموجهات المحلية يمكن للأبناء تلقيها والتفاعل معها عبر المنصات الرقمية. هناك انحسار واضح كذلك لأدوار بعض مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالمساجد ومساحات الأقران الفاعلة وهو ما يشكل اختلالًا في أركان مهمة في دور المنظومة. وهناك نوع آخر من التحديات؛ وهي تحدياتٌ غير مرئية بطريقة مباشرة ولكنها على المدى البعيد تشكل أزمة لمنظومة التربية عمومًا، ومنها تباين الممارسات واختلافها في منظومة تربية الطفولة المبكرة؛ نظير تباين المؤسسات والتوجهات التي ينخرط فيها الطفل في السنوات الأولى، وعدم وجود مرجعية واضحة ومحددة لسمات هذه المرحلة وموجهاتها، وكذلك ممارسة بعض الأسر الضغط المعرفي والتعليمي واعتبار قيمة التحصيل الدراسي القيمة والموجهة الأعلى خلال السنوات الممتدة من عمر (7 – 18) سنة وربما ما بعدها، دون اعتبار للموجهات الأخرى مثل النمو الاجتماعي والنفسي والعاطفي للأبناء. ومن التحديات كذلك تحديات الإعالة والتي ترتبط في جزء كبير منها بالظروف الاقتصادية للمجتمع من ناحية، وبثقافة تأسيس الأسرة لدى المربين من ناحية أخرى، ومن التحديات كذلك ضعف سعي بعض المربين لتطوير معارفهم ومحصلتهم الثقافية حول المتغيرات والأدوات التربوية الحديثة، مما ينشئ أزمة صراع مفاهيمي بينهم وبين الأبناء. أما النوع الثالث من التحديات؛ فهي تحديات تظهر إشاراتها الأولى ولا نجزم حقًا في كونها ترقى إلى تحديات بنيوية، ولكن استمرارها بنفس الوتيرة ينذر بتحولها إلى مشكلات تربوية، ومنها: اكتفاء الأسرة بدور الإعالة الاقتصادية وترك الأدوار التربوية الأخرى لصالح أطراف أخرى مستجدة في منظومة التربوية كـ(المربيات ومدبرات المنازل)، والانفصال عن الأسر الممتدة التي تشكل مصدرًا فاعلًا لنقل القيم والأخلاق وامتداد المقبول من العرف عبر الأجيال، وكذلك عدم توجيه منظومة (اللعب والترفيه) للأبناء وفق موجهات تتوافق مع الحالة القيمية والعمرية والمعرفية وحاجيات النمو الحقيقية والمتزنة للأبناء، عوضًا عن بعض الظواهر الناشئة مثل الحماية المفرطة، والاعتماد المطلق على المؤسسات في أوقات فراغ الأبناء، وعدم وجود خارطة نمو واضحة ومحددة لدى الأسرة لمسار الأبناء عبر فترات زمنية متتابعة ومحددة بأهداف واضحة لمتابعة هذا النمو.
لا ندعي أن ما ذكر أعلاه يمثل كافة التحديات التي تعتري منظومة التربية؛ ولكن هي دعوة لتوسيع الأفق في مناقشة هذه القضية، والذهاب إلى رؤى أكثر منهجية في تناولها، وعلى الجانب الآخر فإن منظومة التربية المعاصرة في حاجة اليوم إلى عدة تحولات جادة وحقيقية لعل من بينها: تسويق القدوات التربوية المطلوبة والمرغوبة، وتعزيز ثقافة الصحة النفسية والعقلية لدى المربين والأبناء، والاهتمام بإعادة هيكلة منظومة الطفولة المبكرة، وإيجاد التدخلات التي تساعد الأسر على النظر إلى رحلة نمو الأبناء من منظورات متعددة، وليس فقط منظور التحصيل الدراسي والعلمي، والاهتمام بظاهرة أثر المربيات ومدبرات المنازل، عوضًا عن مضاعفة المحتوى التربوي المحلي المصمم بطريقة فائقة ومنتقاة عبر المنصات الرقمية، والاهتمام بمنظومة إعلام الطفل وتوسيع المنصات الإعلامية الموجهة لأغراض التربية ونمو الأطفال.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان